لَا فِي مَحَلِّ النُّطْقِ) مِنْ حُكْمٍ وَمَحَلُّهُ كَتَحْرِيمِ كَذَا كَمَا سَيَأْتِي (فَإِنْ وَافَقَ حُكْمُهُ) الْمُشْتَمِلُ هُوَ عَلَيْهِ (الْمَنْطُوقَ) أَيْ الْحُكْمَ الْمَنْطُوقَ بِهِ (فَمُوَافَقَةُ) وَيُسَمَّى مَفْهُومَ مُوَافَقَةٍ أَيْضًا ثُمَّ هُوَ (فَحْوَى الْخِطَابِ) أَيْ يُسَمَّى ذَلِكَ (إنْ كَانَ أَوْلَى) مِنْ الْمَنْطُوقِ (وَلَحْنِهِ) أَيْ لَحْنِ الْخِطَابِ أَيْ يُسَمَّى بِذَلِكَ (إنْ كَانَ مُسَاوِيًا) لِلْمَنْطُوقِ مِثَالُ الْمَفْهُومِ الْأُولَى تَحْرِيمُ ضَرْبِ الْوَالِدَيْنِ الدَّالِّ عَلَيْهِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى قَوْله تَعَالَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] فَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَحْرِيمِ التَّأْفِيفِ الْمَنْطُوقِ لَا شِدِّيَّةَ الضَّرْبِ مِنْ التَّأْفِيفِ فِي الْإِيذَاءِ وَمِثَالُ الْمُسَاوِي تَحْرِيمُ إحْرَاقِ مَالِ الْيَتِيمِ الدَّالِّ عَلَيْهِ نَظَرًا لِمَعْنَى آيَةِ {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: 10] فَهُوَ مُسَاوٍ لِتَحْرِيمِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمُتَحَقِّقٌ مَوْجُودٌ وَأَنَّ الْفَاعِلَ حِينَئِذٍ فَاعِلٌ فِي اللَّيْلِ وَلَوْ أُرِيدَ بِهِ الْحَمْلُ كَمَا هُوَ مَبْنَى السُّؤَالِ لَعُدِّيَ بِعَلَى وَلَك أَنْ تَقُولَ وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ اللَّيْلَ حَقِيقَتُهُ الْوَقْتُ الْمُمْتَدُّ فَلَا مَانِعَ مِنْ اعْتِبَارِ تَجْزِئَتِهِ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ} [المزمل: 20] .
وَقَدْ اعْتَبَرَ الْفُقَهَاءُ تَجْزِئَتَهُ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ وَالشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَدْ تَقَدَّمَ لَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْأَكْثَرِ أَنَّ جَمِيعَ وَقْتِ الظُّهْرِ إلَخْ التَّصْرِيحُ بِمِثْلِ مَا قُلْنَا وَإِنَّمَا لِشَغَفِهِ بِالِاعْتِرَاضِ يُمَهِّدُ أُصُولًا ضَعِيفَةً يَبْنِي عَلَيْهَا مَا هُوَ أَضْعَفُ مِنْهَا وَقَوْلُ سم أَنَّ هَذِهِ الْمُنَاقَشَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الصَّادِقَ وَصْفُ اللَّيْلِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ وَصْفًا لِجِمَاعِهِنَّ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُسَامَحَةُ فِي قَوْلِهِ بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ اهـ.
صَرْفٌ لِلْكَلَامِ عَمَّا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ إلَى مَعْنًى بَعِيدٍ مُتَكَلَّفٍ مِنْ غَيْرِ دَاعٍ إلَى ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: لَا فِي مَحَلِّ النُّطْقِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الدَّلَالَةَ فِي الْمَفْهُومِ لَيْسَتْ وَضْعِيَّةً بَلْ انْتِقَالِيَّةً، فَإِنَّ الذِّهْنَ يَنْتَقِلُ مِنْ فَهْمِ الْقَلِيلِ إلَى فَهْمِ الْكَثِيرِ بِطَرِيقِ التَّنْبِيهِ بِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ قَالَهُ زَكَرِيَّا وَمِثْلُهُ يُقَالُ هُنَا أَنَّ الذِّهْنَ يَنْتَقِلُ مِنْ حُرْمَةِ التَّأْفِيفِ إلَى حُرْمَةِ الضَّرْبِ وَمِنْ حُرْمَةِ أَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ لِحُرْمَةِ إحْرَاقِهِ مَثَلًا
(قَوْلُهُ: مِنْ حُكْمٍ) وَمَحَلُّهُ بَيَانٌ لِمَا وَالْوَاوُ بِمَعْنَى مَعَ فَالْمَفْهُومُ اسْمٌ لِلْمَجْمُوعِ الْمُرَكَّبِ مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ أَحَدُ إطْلَاقَاتِهِ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْحُكْمِ وَحْدَهُ وَعَلَى مَحَلِّهِ أَيْضًا وَإِطْلَاقُهُ عَلَى الْمَجْمُوعِ قَلِيلٌ وَإِنَّمَا حَمَلَهُ الشَّارِحُ عَلَيْهِ لِلْإِضَافَةِ فِي قَوْلِهِ، فَإِنْ وَافَقَ حُكْمَهُ إلَخْ لِئَلَّا يَلْزَمَ إضَافَةُ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ وَلَا يَصِحُّ الْجَوَابُ عَنْهُ بِجَعْلِ الْإِضَافَةِ بَيَانِيَّةً لِمُنَافَاتِهِ لِقَوْلِ الْمُشْتَمِلِ هُوَ عَلَيْهِ وَلَوْ حَمَلَهُ عَلَى الْمَحَلِّ لَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا بَعْدُ وَيُطْلَقُ الْمَفْهُومُ عَلَى مَحَلِّ الْحُكْمِ
(قَوْلُهُ: كَتَحْرِيمِ كَذَا) مِثَالٌ لِلْحُكْمِ وَمَحَلُّهُ الْأَوَّلُ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي لِلثَّانِي فَالْحُكْمُ فِي آيَةِ التَّأْفِيفِ تَحْرِيمُ الضَّرْبِ وَنَحْوُهُ وَمَحَلُّهُ الضَّرْبُ وَنَحْوُهُ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ وَافَقَ حُكْمُهُ) إضَافَةَ حُكْمٍ لِلضَّمِيرِ مِنْ إضَافَةِ الْكُلِّ لِلْجُزْءِ وَقَوْلُهُ الْمُشْتَمِلُ نَعْتٌ سَبَبِيٌّ لِلْحُكْمِ فَالصِّفَةُ جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ فَلِذَلِكَ أَبْرَزَ الشَّارِحُ الضَّمِيرَ وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ اشْتِمَالِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ (قَوْلُهُ: الْمَنْطُوقَ) الْمُنَاسِبُ لِمَا تَقَدَّمَ حُكْمَ الْمَنْطُوقِ وَقَدَّرَ الشَّارِحُ لَفْظَهُ بِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ مِنْ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ (قَوْلُهُ: فَمُوَافَقَةٌ) وَأَقْسَامُهُ سِتَّةٌ بِعَدَدِ أَقْسَامِ حُكْمِ الْمَنْطُوقِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ أَوْ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى أَوْ مُبَاحٌ.
وَأَمَّا أَقْسَامُ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ فَثَلَاثُونَ مِنْ ضَرْبِ السِّتَّةِ فِي الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ بَعْدَ إسْقَاطِ الْمُوَافِقِ لِلْمَنْطُوقِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ هُوَ) أَيْ مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مُسَاوِيًا) الْقِسْمَةُ غَيْرُ حَاصِرَةٍ إذْ بَقِيَ عَلَيْهِ الْأَدْوَنُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَيْسَ لَهُمْ مَفْهُومٌ أَدْوَنَ، وَقَدْ يُقَالُ بِهِ فِي نَحْوِ عَدَمِ إجَابَةِ الْوَالِدَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّأْفِيفِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِأَوْلَى وَلَا مُسَاوِيًا وَيُجَابُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ
(قَوْلُهُ: نَظَرًا لِلْمَعْنَى) أَيْ لَا لِمَا وُضِعَ لَهُ اللَّفْظُ وَالْمُرَادُ بِالْمَعْنَى هُنَا مَا عُلِّقَ بِهِ الْحُكْمُ كَالْإِيذَاءِ فِي التَّأْفِيفِ وَالْإِتْلَافِ فِي أَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مِنْ بَابِ الْقِيَاسِ مَعَ أَنَّ الْمَفْهُومَ لَيْسَ مِنْ الْقِيَاسِ الشَّرْعِيِّ، فَإِنَّهُ ثَابِتٌ قَبْلَ مَشْرُوعِيَّةِ الْقِيَاسِ لُغَةً.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ وُجُودَ الْمَعْنَى الْمُشْتَرَكَ شَرْطٌ لِدَلَالَةِ الْمَلْفُوظِ عَلَى كُلِّ مَفْهُومٍ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ قِيَاسًا؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ دَلَّ عَلَى حُكْمِ التَّفَرُّعِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْقُولُ لَا مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ هَذَا الْإِيرَادِ هُنَا لَا مَعْنَى لَهُ، فَإِنَّهُ يَأْتِي الْخِلَافُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ دَلَالَةَ الْمَفْهُومِ قِيَاسِيَّةٌ أَوْ لَفْظِيَّةٌ
(قَوْلُهُ: لَا شِدِّيَّةَ الضَّرْبِ مِنْ التَّأْفِيفِ) الْأَشَدِّيَّةُ مَصْدَرُ أَفْعَلَ تَفْضِيلٍ حَتَّى يُقَالَ: إنَّ مَنْ فِيهِ لَا تُجَامِعُ أَلْ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مُسَاوٍ لِتَحْرِيمِ الْأَكْلِ) فِيهِ أَنَّ التَّحْرِيمَ غَيْرُ