وَتُسَمَّى دَلَالَةَ مُطَابَقَةٍ أَيْضًا لِمُطَابَقَةِ الدَّالِّ لِلْمَدْلُولِ (وَعَلَى جُزْئِهِ) أَيْ جُزْءِ مَعْنَاهُ (تَضَمُّنٌ) وَتُسَمَّى دَلَالَةَ تَضَمُّنٍ أَيْضًا لِتَضَمُّنِ الْمَعْنَى لِجُزْئِهِ الْمَدْلُولِ (وَلَازِمِهِ) أَيْ لَازِمِ مَعْنَاهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْ الْعَلَمِيَّةِ وَإِلَّا فَقَدْ صَارَ عَبْدٌ كَالزَّايِ مِنْ زَيْدٍ لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى شَيْءٍ أَصْلًا
(قَوْلُهُ: دَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى مَعْنَاهُ) لَمْ يَقُلْ عَلَى تَمَامِ مَعْنَاهُ وَلَا جَمِيعٍ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ قَيْدَ التَّمَامِ لَيْسَ ضَرُورِيًّا فِي التَّعْرِيفِ بَلْ ذُكِرَ لِرِعَايَةِ حُسْنِ التَّقَابُلِ مَعَ الشِّقِّ الثَّانِي وَلَفْظُ جَمِيعٍ مُشْعِرٌ بِالتَّرْكِيبِ فَلَا يَشْمَلُ الْمَعْنَى الْبَسِيطَ كَالنُّقْطَةِ وَالْعَقْلِ وَاللَّفْظُ الْمُشْتَرَكُ دَالٌّ عَلَى كُلِّ مَعْنًى مِنْ مَعَانِيهِ بِاعْتِبَارِ انْفِرَادِهِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي التَّعْرِيفِ لَا إنَّهُ دَالٌّ عَلَى الْمَجْمُوعِ مِنْ حَيْثُ هُوَ قَالَ السَّيِّدُ: إذَا عُلِمَ أَنَّ اللَّفْظَ مَوْضُوعٌ لَمَعَانٍ مُتَعَدِّدَةٍ، فَإِنَّهُ عِنْدَ سَمَاعِهِ لَهُ يَنْتَقِلُ ذِهْنُهُ إلَى مُلَاحَظَةِ تِلْكَ الْمَعَانِي بِأَسْرِهَا فَيَكُونُ دَالًّا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا مُطَابَقَةً، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مُرَادَ الْمُتَكَلِّمِ مَاذَا هُوَ مِنْ تِلْكَ الْمَعَانِي، فَإِنَّ كَوْنَ الْمَعْنَى مُرَادًا لِلْمُتَكَلِّمِ لَيْسَ مُعْتَبَرًا فِي دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَيْهِ اهـ.
وَمُحَصِّلُهُ أَنَّ دَلَالَةَ الْمُشْتَرَكِ عَلَى جَمِيعِ مَعَانِيهِ مُتَحَقِّقَةٌ إنَّمَا الْمُحْتَاجُ إلَى الْقَرِينَةِ أَرَادَ الْمُتَكَلِّمُ بَعْضَهَا لَا يُقَالُ: إذَا أُطْلِقَ الْمُشْتَرَكُ يُفْهَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مَعَانِيهِ عِنْدَ الْعِلْمِ بِأَوْضَاعِهِ وَيُفْهَمُ جَمِيعُ الْمَعَانِي أَيْضًا مَعَ أَنَّ هَذِهِ الدَّلَالَةَ لَيْسَتْ شَيْئًا مِنْ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ فَهْمَ جَمِيعِ الْمَعَانِي مِنْ اللَّفْظِ بَلْ ذَلِكَ لَازِمٌ لِاجْتِمَاعِ فَهْمِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَتُسَمَّى دَلَالَةَ مُطَابَقَةٍ) فَلَهَا اسْمَانِ مُفْرَدٌ وَمُرَكَّبٌ
(قَوْلُهُ: لِمُطَابَقَةِ الدَّالِّ إلَخْ) أَيْ لِكَوْنِهِ بِقَدْرِهِ لَا أَنْقَصَ عَنْهُ كَمَا فِي دَلَالَةِ التَّضَمُّنِ وَلَا أَزِيدَ كَمَا فِي الِالْتِزَامِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى جُزْئِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ: إنَّهُ جُزْءٌ وَكَذَا الْقَوْلُ فِي قَوْلِهِ عَلَى مَعْنَاهُ وَعَلَى لَازِمِهِ فَاللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ لِلْمَعْنَى وَلِجُزْئِهِ وَلِلَازِمِهِ بِطَرِيقِ الِاشْتِرَاكِ إذَا أُطْلِقَ عَلَى الْجُزْءِ مِنْ حَيْثُ هُوَ جُزْءٌ كَانَتْ دَلَالَتُهُ عَلَيْهِ دَلَالَةَ تَضَمُّنٍ أَوْ مِنْ حَيْثُ وَضْعِ اللَّفْظِ لَهُ كَانَتْ مُطَابَقَةً، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي إطْلَاقِهِ عَلَى اللَّازِمِ وَهَاهُنَا بَحْثٌ نَفِيسٌ وَهُوَ أَنَّ لَفْظَ هُمَا إذَا كَانَ رَاجِعًا إلَى الْأُبُوَّةِ وَالْبُنُوَّةِ مَثَلًا فِي قَوْلِك الْأُبُوَّةُ وَالْبُنُوَّةُ هُمَا إضَافِيَّانِ يَدُلُّ عَلَى الْمَجْمُوعِ بِالْمُطَابَقَةِ وَعَلَى الْجُزْأَيْنِ بِالتَّضَمُّنِ وَكُلُّ جُزْءٍ يَسْتَلْزِمُ الْآخَرَ لِامْتِنَاعِ تَعَقُّلِ أَحَدِهِمَا بِدُونِ الْآخَرِ فَاللَّفْظُ يَدُلُّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِوَاسِطَةِ لُزُومِهِ لِلْآخَرِ وَهَذِهِ الدَّلَالَةُ لَيْسَتْ مُطَابَقِيَّةً وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلَا تَضَمُّنِيَّةً لِعَدَمِ اعْتِبَارِ حَيْثِيَّةِ الْجُزْئِيَّةِ وَلَا الْتِزَامِيَّةً لِعَدَمِ الْخُرُوجِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ تَحَقُّقَ الدَّلَالَةِ بِوَاسِطَةِ اللُّزُومِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ تَعَقُّلَ أَحَدِ الْمُتَضَايِفَيْنِ إنَّمَا يَسْتَلْزِمُ تَعَقُّلَ الْآخَرِ إذَا كَانَ مَحْظُورًا بِالْبَالِ وَإِلَّا لَزِمَ تَعَقُّلَاتٌ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمُتَضَايِفَيْنِ عِنْدَ تَعَقُّلِ أَحَدِهِمَا وَهَاهُنَا لَمَّا كَانَ فَهْمُ أَحَدِهِمَا فِي ضِمْنِ فَهْمِ مَجْمُوعِهِمَا الَّذِي هُوَ مَدْلُولٌ مُطَابِقِيٌّ لَمْ يَكُنْ فَهْمُ أَحَدِهِمَا مُسْتَلْزِمًا لِفَهْمِ الْآخَرِ فَلَا تَتَحَقَّقُ الدَّلَالَةُ فَلَا حَاجَةَ فِي جَوَابِهِ إلَى ارْتِكَابِ تَكَلُّفٍ بِأَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ الْخُرُوجُ فِي الْمَدْلُولِ الِالْتِزَامِيِّ أَيْ يَصِيرُ مَدْلُولًا لِلَّفْظِ مِنْ حَيْثِيَّةٍ غَيْرِ حَيْثِيَّةِ الْعَيْنِيَّةِ وَالْجُزْئِيَّةِ
(قَوْلُهُ: لِتَضَمُّنِ الْمَعْنَى) أَيْ الَّذِي وُضِعَ لَهُ اللَّفْظُ وَهُوَ الْمَعْنَى الْمُطَابِقِيُّ وَقَوْلُهُ الْمَدْلُولُ صِفَةٌ لِلَّفْظِ أَيْ الْمَدْلُولُ لَهُ بِدَلَالَةِ التَّضَمُّنِ فَدَلَالَةُ التَّضَمُّنِ هِيَ دَلَالَةُ اللَّفْظِ الْمَوْضُوعِ لِلْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ مِنْ حَيْثُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْكُلِّ وَدَلَالَتُهُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا دَلَالَتُهُ عَلَى الْجُزْءِ مِنْ حَيْثُ هُوَ بِأَنْ اُسْتُعْمِلَ مَا لِلْكُلِّ فِي الْجُزْءِ فَمَجَازٌ.
وَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْحَكِيمِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الشَّمْسِيَّةِ دَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ مُطَابَقَةً عِنْدَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ مَعَ الْقَرِينَةِ مَوْضُوعٌ لِلْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ بِالْوَضْعِ النَّوْعِيِّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ.
وَأَمَّا عِنْدَ الْمَنْطِقِيِّينَ، فَإِنْ تَحَقَّقَ اللُّزُومُ بَيْنَهُمَا بِحَيْثُ