(فَمُرَكَّبٌ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ جُزْؤُهُ عَلَى جُزْءِ مَعْنَاهُ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ جُزْءٌ كَهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ أَنْ يَكُونَ لَهُ جُزْءٌ غَيْرُ دَالٍ عَلَى مَعْنًى كَزَيْدٍ أَوْ دَالٍ عَلَى مَعْنًى غَيْرِ جُزْءِ مَعْنَاهُ كَعَبْدِ اللَّهِ عَلَمًا (فَمُفْرَدٌ وَدَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى مَعْنَاهُ مُطَابِقَةٌ)

ـــــــــــــــــــــــــــــQإطْلَاقِهِ عَلَى الْإِنْسَانِ وَأَبًّا مَا كَانَ يُنْتَقَضُ التَّعْرِيفَانِ طَرْدًا وَعَكْسًا اهـ.

وَأَوْرَدَ النَّاصِرُ أَيْضًا بُطْلَانَ التَّعْرِيفَيْنِ بِصِدْقِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي عَلَى الْمُضَارِعِ، فَإِنَّ حُرُوفَ الْمُضَارَعَةِ جُزْءٌ مِنْهُ وَهِيَ تَدُلُّ فِيهِ عَلَى مَعْنًى هُوَ الزَّمَانُ، وَالْمَادَّةُ تَدُلُّ عَلَى الْحَدَثِ وَكِلَاهُمَا مُفْرَدَةٌ عِنْدَ النُّحَاةِ وَالْأُصُولِيِّينَ، وَإِنَّ قَالَ الْمَنْطِقِيُّونَ: إنَّهُ مُرَكَّبٌ وَعَلَى أَسْمَاءِ الْفَاعِلِينَ وَالْمَفْعُولِينَ وَالصِّفَاتِ الْمُشَبَّهَةِ كَضَارِبٍ وَمُخْرَجٍ وَعَطْشَانَ، فَإِنَّ الْهَيْئَةَ فِيهَا جُزْءٌ مِنْهَا وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى مَعْنًى زَائِدٍ عَلَى الْحَدَثِ وَهِيَ مُفْرَدَةٌ اتِّفَاقًا وَلَا يُجَابُ عَنْ غَيْرِ الْمُضَارِعِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَجْزَاءِ أَلْفَاظٌ مُرَتَّبَةٌ مَسْمُوعَةُ وَالْهَيْئَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ قَالَ الْعَضُدُ: إنَّهُ تَمَحَّلَ وَلَا يُشْعِرُ بِهِ الْحَدُّ فَيَفْسُدُ اهـ.

وَأَقُولُ: أَمَّا دَلَالَةُ أَحْرُفِ الْمُضَارَعَةِ عَلَى تِلْكَ الْمَعَانِي فَلَيْسَ بِالِاسْتِقْلَالِ بَلْ الدَّالُّ هُوَ الْفِعْلُ بِسَبَبِ اقْتِرَانِهَا بِهِ لِأَنَّهَا لَمْ تُوضَعْ لِتِلْكَ الْمَعَانِي وَإِنَّمَا جُعِلَتْ عَلَامَاتٍ لِاعْتِبَارِ مَعْنًى فِي الْفِعْلِ وَهُوَ دَلَالَتُهُ عَلَى التَّكَلُّمِ وَالْخِطَابِ وَالْغَيْبَةِ وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ السِّينُ مَعَ الْفِعْلِ.

وَأَمَّا الْفِعْلُ وَبَقِيَّةُ الْمُشْتَقَّاتِ فَلَيْسَ لِلْهَيْئَةِ اسْتِقْلَالٌ فِيهَا بِالدَّلَالَةِ وَكَذَلِكَ الْمَادَّةُ بَلْ الدَّالُّ الْمَجْمُوعُ كَمَا فِي شَرْحِ الشَّمْسِيَّةِ وَمُرَادُهُ وَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْفَتْحِ فِي حَاشِيَةِ الدَّوَانِيِّ عَلَى التَّهْذِيبِ أَيْضًا فَقَالَ لَا يَذْهَبُ عَلَيْك أَنَّ الْقَوْلَ بِاسْتِقْلَالِ هَيْئَةِ الْكَلِمَةِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الزَّمَانِ يُبْنَى عَلَى مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ بَعْضُهُمْ فِي إثْبَاتِهِ مِنْ الدَّوْرَانِ وَأَنْتَ تَعْلَمُ بَعْدَ التَّأَمُّلِ فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ شَاهِدًا عَدْلًا بَلْ الْعُدُولُ عِنْدَ عَدْلٍ بِأَنْ يُقَالَ: الدَّالُّ عَلَى أَحَدِ الْأَزْمِنَةِ الثَّلَاثَةِ فِي الْكَلِمَةِ هُوَ مَجْمُوعُ الْمَادَّةِ وَالْهَيْئَةِ اهـ.

وَأَرَادَ بِالدَّوَرَانِ قَوْلَهُمْ بِشَهَادَةِ اخْتِلَافِ الزَّمَانِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْهَيْئَةِ إلَخْ وَأُجِيبَ أَيْضًا بِالْجَوَابِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَجْزَاءِ الْأَلْفَاظُ الْمُتَرَتِّبَةُ إلَخْ وَمِمَّنْ أَجَابَ بِهِ الرَّازِيّ فِي شَرْحِ الشَّمْسِيَّةِ وَقَرَّرَهُ السَّيِّدُ فِي الْحَاشِيَةِ وَأَيَّدَهُ عَبْدُ الْحَكِيمِ بِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ كَوْنِ اللَّفْظِ ذَا أَجْزَاءٍ أَنَّهَا مَسْمُوعَةٌ حَقِيقَةً أَيْ كُلُّ جُزْءٍ مِنْهَا مَسْمُوعٌ لَا أَنَّهَا مَسْمُوعَةٌ مَعًا وَكَفَى بِهَؤُلَاءِ الْمُحَقِّقِينَ سَنَدًا.

وَأَمَّا قَوْلُهُ، وَإِنَّ قَالَ الْمَنْطِقِيُّونَ: إنَّهُ مُرَكَّبٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ سَهْوٌ مِنْ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِلَّا فَمِثْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا تَخْفَى عَلَى صِغَارِ الطَّلَبَةِ فَضْلًا عَنْ الْمُحَقِّقِينَ كَيْفَ وَهِيَ مَنْصُوصَةٌ فِي تَقْسِيمِ مَتْنِ التَّهْذِيبِ وَالشَّمْسِيَّةِ الْمُفْرَدُ إلَى أَدَاةٍ وَكَلِمَةٍ وَاسْمٍ، وَالْكَلِمَةُ عِنْدَهُمْ هِيَ الْفِعْلُ وَبَقِيَ أَنَّهُ يَرِدُ عَلَى التَّعْرِيفِ الْمُعَرَّفُ بِأَلْ وَالْمُنَكَّرُ وَالْمَنْسُوبُ مِنْ حَيْثُ إنَّ أَلْ دَالَّةٌ عَلَى التَّعْيِينِ وَالتَّنْوِينُ عَلَى الْإِبْهَامِ وَنَحْوِهِ وَالْيَاءُ عَلَى النِّسْبَةِ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهَا كَانَتْ مُرَكَّبَاتٌ بِحَسَبِ الْأَصْلِ إلَّا أَنَّهُ لِشِدَّةِ الِارْتِبَاطِ صَارَتْ شَيْئًا وَاحِدًا وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعُ وَنَحْوُهُمَا فَتَأَمَّلْ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْمَبْحَثَ ذُكِرَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ اسْتِطْرَادًا أَوْ عَلَى سَبِيلِ الْمَبْدَئِيَّةِ وَالشَّيْخُ النَّاصِرُ وسم قَدْ أَطَالَا الْكَلَامَ فِيهِ وَلَيْسَ مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ تُصْرَفَ فِيهِ الْعِنَايَةُ، فَإِنَّهُ كَثِيرُ الشُّيُوعِ

(قَوْلُهُ: فَمُرَكَّبٌ) قَدَّمَ الْكَلَامَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى الطَّبْعِ تَقْدِيمُ الْكَلَامِ عَلَى الْمُفْرَدِ لِكَوْنِهِ جُزْءًا لِلْمُرَكَّبِ لِشَرَفِهِ يَكُونُ مَفْهُومُهُ وُجُودِيًّا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ جُزْؤُهُ) أَيْ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ فَلَا يُقَالُ: إنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى الْمُرَكَّبِ إذْ أَجْزَاءُ الْمُرَكَّبِ شَامِلَةٌ لِكُلٍّ مِنْ حُرُوفِهِ الْهِجَائِيَّةِ وَكَلِمَاتِهِ وَلَا دَلَالَةَ لِوَاحِدٍ مِنْ حُرُوفِهِ عَلَى شَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْحُرُوفَ أَجْزَاءٌ ثَانَوِيَّةٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى مَا أَطَالَ بِهِ سم مِنْ التَّكَلُّفَاتِ

(قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ جُزْءٌ) ؛ لِأَنَّ السَّالِبَةَ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ وَهَذَا بِخِلَافِ جُزْءٍ لَمْ يَدُلَّ، فَإِنَّهُ لَا يَصْدُقُ إلَّا بِوُجُودِ الْجُزْءِ؛ لِأَنَّهَا مَعْدُولَةٌ وَلِذَلِكَ عَدَلَ عَنْهُ الشَّارِحُ إلَى قَوْلِهِ: أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ إلَخْ

(قَوْلُهُ: كَزَيْدٍ) ، فَإِنَّ أَجْزَاءَهُ زِهْ يَهِ دِهْ وَلَا دَلَالَةَ لَهَا بِالْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ، وَأَمَّا دَلَالَتُهَا عَلَى حَيَاةِ الْمُتَكَلِّمِ فَعَقْلِيَّةٌ وَدَلَالَتُهَا عَلَى الْعَدَدِ فَلَيْسَتْ مِنْ وَضْعِ اللُّغَةِ بَلْ اصْطِلَاحُ أَهْلِ الْحَرْفِ (قَوْلُهُ: كَعَبْدِ اللَّهِ عَلَمًا) ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْ جُزْأَيْهِ يَدُلُّ عَلَى مَعْنًى لَكِنَّهُ لَيْسَ جُزْءَ الذَّاتِ الْمَوْضُوعَ لَهَا بَلْ الْعُبُودِيَّةُ مِنْ عَوَارِضِهَا وَدَلَالَةُ عَبْدِ اللَّهِ بَعْدَ جَعْلِهِ عَلَمًا إنَّمَا هِيَ بِقَطْعِ النَّظَرِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015