لِنُزُولِهَا بِالْقِتَالِ الَّذِي لَا تُنَاسِبُهُ الْبَسْمَلَةُ الْمُنَاسِبَةُ لِلرَّحْمَةِ وَالرِّفْقِ (لَا مَا نُقِلَ آحَادًا) قُرْآنًا كَإِيمَانِهِمَا فِي قِرَاءَةِ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا إيمَانَهُمَا فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْقُرْآنِ (عَلَى الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ لِإِعْجَازِهِ النَّاسَ عَنْ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِ أَقْصَرِ سُورَةٍ تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَفْسِهِ تَوَاتُرًا وَقِيلَ: إنَّهُ مِنْ الْقُرْآنِ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُتَوَاتِرًا فِي الْعَصْرِ الْأَوَّلِ لِعَدَالَةِ نَاقِلِهِ وَيَكْفِي التَّوَاتُرُ فِيهِ.

(وَ) الْقِرَاءَاتُ السَّبْعُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مَنْ تَرَكَهَا أَيْ الْبَسْمَلَةَ فَقَدْ تَرَكَ مِائَةً وَأَرْبَعَةَ عَشْرَةَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ هَذِهِ الْعَادَةِ وَذَكَرَ بِتَأْوِيلِهَا بِالِاعْتِيَادِ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إلَخْ) دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ لِلْفَصْلِ، وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: لَا يُعْرَفُ إلَخْ) فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَتَى بِهَا لِلْفَصْلِ، وَهَذَا مُحْتَمَلٌ لِكَوْنِهَا مِمَّا بَعْدَهَا وَلِعَدَمِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ مِنْهُ أَوَّلُ بَرَاءَةٍ) الْمُنَاسِبُ وَلَمْ تُوجَدْ لِإِيهَامِ عِبَارَتِهِ أَنَّهَا وُجِدَتْ أَوَّلُ بَرَاءَةٍ لَكِنْ لَيْسَتْ مِنْهَا مَعَ أَنَّهَا لَمْ تُوجَدْ قَالَ سم وَلَمْ يَقُلْ إجْمَاعًا لَعَلَّهُ لِتَرَدُّدِهِ فِيهِ وَإِلَّا فَقَدْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ نِسْبَةَ الشَّارِحِ لِلتَّرَدُّدِ فِي مِثْلِهِ مِمَّا يَقْدَحُ فِي سَعَةِ اطِّلَاعِهِ وَالْعَجَبُ أَنَّهُ كَثِيرًا مَا يَنْسُبُهُ لِسَعَةِ الِاطِّلَاعِ فِي مَوَاضِعَ يُخَالِفُ فِيهَا الْجَمَّ الْغَفِيرَ مَعَ نِسْبَةِ التَّرَدُّدِ إلَيْهِ فِيمَا هُوَ غَيْرُ خَافٍ عَلَى غَيْرِهِ فَضْلًا عَنْهُ فَالْأَحْسَنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ سَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الْإِجْمَاعِ لِظُهُورِهِ وَلَا غِنَاءَ ذَكَرَهُ قَبْلَهُ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: وَالرِّفْقِ) عَطْفُ مُرَادِفٍ وَالرَّحْمَةُ وَالرِّفْقُ مُنَافِيَانِ لِلْقِتَالِ الَّذِي تَضَمَّنَتْ الْأَمْرَ بِهِ.

(قَوْلُهُ: لَا مَا نُقِلَ آحَادًا) أَيْ غَيْرَ الْبَسْمَلَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا نُقِلَتْ آحَادًا لِيَصِحَّ الْعَطْفُ بِلَا، فَإِنَّ شَرْطَهُ أَنْ لَا يُصَدِّقَ أَحَدُ مُتَعَاطِفَيْهَا عَلَى الْآخَرِ قَالَهُ سم وَفِيهِ مَا قَدْ عَلِمْت.

(قَوْلُهُ: تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي) أَيْ تَكْثُرُ وَضَمِنَهُ مَعْنَى تَجْمَعُ فَعَدَّاهُ بِعَلَى.

(قَوْلُهُ: تَوَاتُرًا) فَلَوْ كَانَ مَا نُقِلَ آحَادًا قُرْآنًا لِتَوَاتُرِ نَقْلُهُ.

(قَوْلُهُ: وَيَكْفِي التَّوَاتُرُ فِيهِ) أَيْ الْعَصْرِ الْأَوَّلُ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ قُرْآنًا بِالنِّسْبَةِ لِلْعَصْرِ الْأَوَّلِ غَيْرَ قُرْآنٍ بِالنِّسْبَةِ إلَيْنَا لِانْقِطَاعِ تَوَاتُرِهِ وَالْكَلَامُ فِي الْقُرْآنِ الْمُسْتَمِرَّةُ قُرْآنِيَّتُهُ فِي جَمِيعِ الْأَعْصَارِ وَالْأَزْمَانِ، ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِ التَّوَاتُرِ فِي الْمَنْقُولِ قُرْآنًا وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِالشَّاذِّ

(قَوْلُهُ: وَالْقِرَاءَاتُ السَّبْعُ إلَخْ) هَذَا الْحُكْمُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ إلَّا مَنْ شَذَّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ كَصَاحِبِ الْبَدِيعِ، فَإِنَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهَا مَشْهُورَةٌ وَذَهَبَ الْمُعْتَزِلَةُ إلَى أَنَّهَا آحَادٌ غَيْرُ مُتَوَاتِرَةٍ وَالْمُرَادُ نَفْيُ التَّوَاتُرِ عَنْ قِرَاءَةِ الشَّيْخِ الْمَخْصُوصِ بِتَمَامِهَا كَنَافِعٍ مَثَلًا بَلْ مِنْهَا مَا هُوَ آحَادٌ وَمِنْهَا مَا هُوَ مُتَوَاتِرٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ نَفْيُ التَّوَاتُرِ مِنْ أَصْلِهِ وَالْإِلْزَامُ نَفْيُ التَّوَاتُرِ عَنْ الْقُرْآنِ كُلِّهِ وَالْإِجْمَاعُ خِلَافُهُ وَهُنَا بَحْثَانِ:

الْأَوَّلُ: أَنَّ الْأَسَانِيدَ إلَى الْأَئِمَّةِ السَّبْعَةِ وَأَسَانِيدِهِمْ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَا فِي كُتُبِ الْقِرَاءَةِ آحَادٌ لَا تَبْلُغُ عَدَدَ التَّوَاتُرِ فَمِنْ أَيْنَ جَاءَ التَّوَاتُرُ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ انْحِصَارَ الْأَسَانِيدِ الْمَذْكُورَةِ فِي طَائِفَةِ لَا يَمْنَعُ مَجِيءَ الْقُرْآنِ عَنْ غَيْرِهِمْ وَإِنَّمَا نُسِبَتْ الْقِرَاءَةُ إلَى الْأَئِمَّةِ وَمَنْ ذُكِرَ فِي أَسَانِيدِهِمْ وَالْأَسَانِيدُ إلَيْهِمْ لِتَصَدِّيهِمْ لِضَبْطِ الْحُرُوفِ وَحِفْظِ شُيُوخِهِمْ فِيهَا وَمَعَ كُلٍّ مِنْهُمْ فِي طَبَقَتِهِ مَا يَبْلُغُهَا عَدَدُ التَّوَاتُرِ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ قَدْ تَلَقَّاهُ مِنْ أَهْلِ كُلِّ بَلَدٍ بِقِرَاءَةِ إمَامِهِمْ الْجَمُّ الْغَفِيرُ عَنْ مِثْلِهِمْ، وَكَذَلِكَ دَائِمًا مَعَ تَلَقِّي الْأُمَّةِ لِقِرَاءَةِ كُلٍّ مِنْهُمْ بِالْقَبُولِ الثَّانِي أَنَّ مِنْ الْقَوَاعِدِ أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ قَاطِعَيْنِ، فَلَوْ كَانَتْ الْقِرَاءَةُ السَّبْعُ مُتَوَاتِرَةٌ لَمَا تَعَارَضَتْ مَعَ أَنَّهُ وَقَعَ فِيهَا ذَلِكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015