الْمَعْرُوفَةُ لِلْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ أَبِي عَمْرٍو وَنَافِعٍ وَابْنِ كَثِيرٍ وَعَامِرٍ وَعَاصِمٍ وَحَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ (مُتَوَاتِرَةٌ) مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَيْنَا أَيْ نَقَلَهَا عَنْهُ جَمْعٌ يَمْتَنِعُ عَادَةً تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ لِمِثْلِهِمْ وَهَلُمَّ (قِيلَ) يَعْنِي قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ (فِيمَا لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْأَدَاءِ) أَيْ فَمَا هُوَ مِنْ قَبِيلِهِ بِأَنْ كَانَ هَيْئَةً لِلَّفْظِ يَتَحَقَّقُ بِدُونِهَا فَلَيْسَ بِمُتَوَاتِرٍ وَذَلِكَ (كَالْمَدِّ) الَّذِي زِيدَ فِيهِ مُتَّصِلًا وَمُنْفَصِلًا عَلَى أَصْلِهِ حَتَّى بَلَغَ قَدْرَ أَلِفَيْنِ فِي نَحْوِ جَاءَ وَمَا أَنْزَلَ وَوَاوَيْنِ فِي نَحْوِ: السُّوءُ، وَقَالُوا: أَنُؤْمِنُ، وَيَاءَيْنِ فِي نَحْو: جِيءَ وَفِي أَنْفُسِكُمْ، أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ بِنِصْفٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ بِنِصْفٍ أَوْ وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ طُرُقٌ لِلْقُرَّاءِ (وَالْإِمَالَةُ) الَّتِي هِيَ خِلَافُ الْأَصْلِ مَعَ الْفَتْحِ مَحْضَةٌ أَوْ بَيْنَ بَيْنَ بِأَنْ يُنَحِّيَ بِالْفَتْحَةِ فِيمَا يُمَالُ كَالْغَارِ نَحْوَ الْكَسْرَةِ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبِ مِنْهَا أَوْ مِنْ الْفَتْحَةِ.

(وَتَخْفِيفُ الْهَمْزَةِ) الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ مِنْ التَّحْقِيقِ نَقْلًا نَحْوَ {قَدْ أَفْلَحَ} [المؤمنون: 1] وَإِبْدَالًا نَحْوَ يُؤْمِنُونَ وَتَسْهِيلًا نَحْوَ أَيِنَّكُمْ وَإِسْقَاطًا نَحْو {جَاءَ أَجَلُهُمْ} [النحل: 61] (قَالَ أَبُو شَامَةَ وَالْأَلْفَاظُ الْمُخْتَلَفُ فِيهَا بَيْنَ الْقُرَّاءِ) أَيْ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي أَدَاءِ الْكَلِمَةِ يَعْنِي غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ كَأَلْفَاظِهِمْ فِيمَا فِيهِ حَرْفٌ مُشَدَّدٌ نَحْوَ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: 5] بِزِيَادَةٍ عَلَى أَقَلِّ التَّشْدِيدِ مِنْ مُبَالَغَةٍ أَوْ تَوَسُّطٍ وَغَيْرُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَأَبِي شَامَةَ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِمَا قَالَاهُ وَالْمُصَنِّفُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَجَوَابُهُ أَنَّا نَمْنَعُ التَّعَارُضَ؛ لِأَنَّ مَنْ قَرَأَ بِإِحْدَى الْقِرَاءَتَيْنِ لَا يُنْكِرُ الْأُخْرَى وَلَا يَتَأَتَّى التَّعَارُضُ إلَّا لَوْ نَفَى قِرَاءَةَ غَيْرِهِ وَشُهْرَتُهُ بِرِوَايَتِهِ وَاعْتِنَاؤُهُ بِهَا لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَنْفِي غَيْرَهَا كَأَرْبَابِ الْمَذَاهِبِ.

(قَوْلُهُ: الْمَعْرُوفَةُ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ أَلْ لِلْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ.

(قَوْلُهُ: يَمْتَنِعُ عَادَةً) أَيْ يُحِيلُ الْعَقْلُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ تَوَافُقُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ كَانَ التَّوَافُقُ قَصْدًا أَوْ عَلَى سَبِيلِ الِاتِّفَاقِ.

(قَوْلُهُ: فَلَيْسَ بِمُتَوَاتِرٍ) لِأَنَّ الْهَيْئَةَ لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهَا مِنْ قِرَاءَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلُ الْكُورَانِيِّ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ لَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّ نَقْلَةَ الْمُدُودِ هُمْ نَقَلَةُ الْقُرْآنِ وَلَوْ كَانَ الْمَدُّ وَنَحْوُهُ غَيْرَ مُتَوَاتِرٍ لَزِمَ أَنَّ الْقُرْآنَ غَيْرُ مُتَوَاتِرٍ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْمُتَوَاتِرَ أَصْلُ الْمَدِّ وَاَلَّذِي قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِعَدَمِ تَوَاتُرِهِ مَا يَتَحَقَّقُ اللَّفْظُ بِدُونِهِ وَهُوَ مَا زِيدَ فِي الْمَدِّ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ الَّذِي زِيدَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِنِصْفِ إلَخْ) فَيَكُونُ ثَلَاثُ حَرَكَاتٍ.

(قَوْلُهُ: أَوْ اثْنَيْنِ) فَيَكُونُ ثَمَانِيَةَ حَرَكَاتٍ.

(قَوْلُهُ: الَّتِي هِيَ خِلَافُ الْأَصْلِ) ، وَأَمَّا أَصْلُ الْإِمَالَةِ فَمُتَوَاتِرٌ.

(قَوْلُهُ: مِنْ الْفَتْحِ) بَيَانٌ لِلْأَصْلِ وَقَوْلُهُ: نَفْلًا إلَخْ حَالٌ مِنْ التَّخْفِيفِ.

(قَوْلُهُ: قَالَ أَبُو شَامَةَ وَالْأَلْفَاظِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَالْمَدِّ.

(قَوْلُهُ: أَيْ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي مَنْعِ الْمَوَانِعِ.

(قَوْلُهُ: يَعْنِي غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ عَنْ ابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ الْأَمْثِلَةِ وَسَيَظْهَرُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَجْهُ الْعِنَايَةِ.

(قَوْلُهُ: كَأَلْفَاظِهِمْ) أَيْ تَلَفُّظِهِمْ وَنُطْقِهِمْ فَصَحَّتْ الظَّرْفِيَّةُ.

(قَوْلُهُ: بِزِيَادَةِ) حَالٌ مِنْ الْأَلْفَاظِ وَالْيَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى أَقَلِّ التَّشْدِيدِ) الَّذِي هُوَ مُتَوَاتِرٌ.

(قَوْلُهُ: هِيَ مُبَالَغَةٌ أَوْ تَوَسُّطٌ) بَيَانٌ لِلزِّيَادَةِ.

(قَوْلُهُ: وَغَيْرُ ابْنِ الْحَاجِبِ إلَخْ) فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى وَجْهِ ضَعْفِهِ وَأَنَّهُ قَوْلٌ لَا سَلَفَ لَهُمَا فِيهِ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْجَزَرِيِّ فِي أَوَّلِ النَّشْرِ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا تَقَدَّمَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ نَصَّ أَئِمَّةُ الْأُصُولِ عَلَى تَوَاتُرِ ذَلِكَ كُلِّهِ كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ فِي كِتَابِهِ الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: وَافَقَ) أَيْ فِي مَنْعِ الْمَوَانِعِ، وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا ضَعَّفَ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ حَيْثُ عُمُومُ مَفْهُومِ قَوْلِهِ مَا لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْأَدَاءِ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي نَفْيَ تَوَاتُرِ كُلٍّ مَا هُوَ مِنْ قِبَلِ الْأَدَاءِ مَعَ أَنَّ بَعْضَهُ مُتَوَاتِرٌ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ إمَّا جَزْمًا أَوْ تَرَدُّدًا.

(قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ) هُوَ الْمَدُّ وَالثَّانِي الْإِمَالَةُ وَالثَّالِثُ التَّخْفِيفُ وَالرَّابِعُ الْأَلْفَاظُ الْمُخْتَلَفُ فِيهَا بَيْنَ الْقُرَّاءِ.

(قَوْلُهُ: وَمَقْصُودُهُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: تِلْكَ الزِّيَادَةُ، وَقَدْ يُقَالُ يُغْنِي عَنْ هَذَا الْعِنَايَةُ السَّابِقَةُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015