عَلَى النِّعَمِ أَيْ فِي مُقَابَلَتِهَا لَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ وَاجِبٌ وَالثَّانِيَ مَنْدُوبٌ.

وَوَصَفَ النِّعَمَ بِمَا هُوَ شَأْنُهَا بِقَوْلِهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQبِازْدِيَادِهَا، وَقَوْلُ النَّجَّارِيِّ إنَّ " عَلَى " لَيْسَتْ تَعْلِيلِيَّةً لِمَا فِيهِ مِنْ سُوءِ الْأَدَبِ، مَرْدُودٌ بِأَنَّ هَذِهِ عِلَّةٌ بَاعِثَةٌ عَلَى الْحَمْدِ كَمَا أَسْلَفْنَاهُ وَالْبَعْضُ قَالَ فِي جَوَابِهِ إنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مِنْ تَعْلِيلِ حُصُولِ الشَّيْءِ بِعِلَّةِ قَصْرِ حُصُولِهِ عَلَى تِلْكَ الْعِلَّةِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لِلشَّيْءِ أَسْبَابٌ كَثِيرَةٌ وَهُوَ كَلَامٌ لَا مَعْنَى لَهُ.

(قَوْلُهُ: عَلَى النِّعَمِ) لَمْ يَقُلْ عَلَى الْإِنْعَامَاتِ مَعَ أَنَّهَا الْمُرَادَةُ كَمَا أَسْلَفَهُ مُجَارَاةً لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: أَيْ فِي مُقَابَلَتِهَا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمَحْمُودَ عَلَيْهِ مَا كَانَ عِلَّةً لِصُدُورِ الْحَمْدِ (قَوْلُهُ: لَا مُطْلَقًا) اسْتَشْكَلَ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ عَلَّقَ الْحَمْدَ أَوَّلًا بِضَمِيرِ الذَّاتِ الْمُقَدَّسَةِ وَهُوَ الْكَافُ فَيُفِيدُ الْحَمْدَ لِلذَّاتِ لَا فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَدْ حَمِدَ حَمْدًا مُطْلَقًا أَيْضًا فَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ الذَّاتِيِّ أَشَارَ لِمِثْلِ ذَلِكَ التَّفْتَازَانِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِ التَّلْخِيصِ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَنْعَمَ قَالَ سَمِّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ قَوْلَهُ لَا مُطْلَقًا أَيْ مُطْلَقًا وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ حِينَئِذٍ لَمَّا كَانَ الْأَوَّلُ أَيْ الْحَمْدُ عَلَى النِّعَمِ وَاجِبًا وَكَانَ الْوَاجِبُ أَهَمَّ مِنْ الْمَنْدُوبِ، لَمْ يُطْلَقْ الْحَمْدُ عَلَى الْإِطْلَاقِ لِئَلَّا يَخْرُجَ الْأَهَمُّ بَلْ قَيَّدَ بِالنِّعَمِ لِيَحْصُلَ وَإِنْ حَصَلَ غَيْرُهُ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ اهـ.

قَالَ شَيْخُنَا وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ التَّفْتَازَانِيُّ وَتَبِعَهُ الْمُسْتَشْكِلُ نَظَرَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمَحْقِيِّينَ كَالْعِصَامِ فِي أَطْوَالِهِ بِأَوْجُهٍ مِنْهَا أَنَّ إفَادَةَ تَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِشَيْءٍ يُفِيدُ عِلِّيَّةَ ذَلِكَ الشَّيْءِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مُشْتَقًّا بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَالْعَلَمِ وَالضَّمِيرِ فَلَا يَدُلُّ التَّعْلِيقُ بِهِ عَلَى عِلِّيَّةِ الذَّاتِ وَلَئِنْ سُلِّمَتْ فَإِنَّمَا هِيَ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِعِلَّةٍ لِلْحُكْمِ غَيْرِ الذَّاتِ كَمَا فِي حَمْدِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ تَنْظِيرٌ فِي مَحَلِّهِ وَإِنْ تَكَلَّفَ بَعْضُهُمْ الْجَوَابَ عَنْهُ وَحَيْثُ عَلِمْت ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْحَمْدُ الْمُطْلَقُ أَصْلًا وَلَا التَّنْبِيهُ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ الذَّاتِيِّ وَحِينَئِذٍ يَسْقُطُ الْإِشْكَالُ الْمُتَقَدِّمُ اهـ.

وَأَقُولُ قَدْ سَلَفَ مِنَّا مَا يُؤَيِّدُ كَلَامَ التَّفْتَازَانِيِّ وَلْنَذْكُرْ هُنَا أَيْضًا مَا يَنْدَفِعُ بِهِ مَا أَوْرَدُوهُ عَلَيْهِ قَالَ الْعَلَّامَةُ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمُطَوَّلِ وَجْهُ دَلَالَةِ التَّعْلِيقِ الْحَمْدُ بِلَفْظِ اللَّهِ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ الذَّاتِيِّ أَنَّهُ لِدَلَالَتِهِ عَلَى جَمِيعِ الصِّفَاتِ جُعِلَ تَعْلِيقُ الْحَمْدِ بِهِ كَتَعْلِيقِهِ بِالْمُشْتَقِّ الدَّالِّ عَلَى مَنْشَئِيَّةِ جَمِيعِ الصِّفَاتِ وَيَكُونُ ذِكْرُ الْإِنْعَامِ كَأَنَّهُ تَخَصَّصَ بَعْدَ التَّعْمِيمِ أَوْ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ ذَاتُ اللَّهِ مُسْتَلْزِمَةً لِلصِّفَاتِ وَمُسْتَتْبِعَةً لَهَا بِنَفْسِهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِعَانَةٍ بِالْغَيْرِ يَجُوزُ أَنْ يُحْكَمَ بِكَوْنِهَا سَبَبًا لِلْحَمْدِ بِخِلَافِ سَائِرِ الذَّوَاتِ وَوَجْهُ دَلَالَةِ تَعْلِيقِ الْحَمْدِ بِلَفْظِ اللَّهِ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ الذَّاتِيِّ بِهَذَا الْمَعْنَى أَنَّهُ لَمَّا قَصَدَ تَعْلِيقَ الْحَمْدِ بِالْإِنْعَامِ فَالْعِبَارَةُ الظَّاهِرَةُ الْحَمْدُ لِلْمُنْعِمِ أَوْ لِمَنْ أَنْعَمَ فَإِذَا عَدَلَ إلَى تَعْلِيقِهِ بِاسْمِ الذَّاتِ ثُمَّ ذَكَرَ الْإِنْعَامَ فَلَا بُدَّ مِنْ نُكْتَةٍ اهـ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ) أَيْ الْحَمْدَ فِي مُقَابَلَةِ النِّعْمَةِ لَفْظًا أَوْ نِيَّةً وَقَوْلُهُ وَاجِبٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَقَعُ وَاجِبًا لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ بِنِعْمَةٍ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْمَدَهُ عَلَيْهَا وَإِلَّا لَاسْتَغْرَقَ جَمِيعَ أَوْقَاتِهِ فِي أَدَاءِ ذَلِكَ الْوَاجِبِ وَلَمْ تَفِ طَاقَتُهُ إذْ نِعَمُهُ تَعَالَى مُتَوَالِيَةٌ عَلَى الْعَبْدِ لَا تَنْقَطِعُ سِيَّمَا عَلَى الْقَوْلِ بِتَجَدُّدِ الْأَعْرَاضِ فَإِنَّهُ إنْعَامٌ بِاسْتِمْرَارِ الْوُجُودِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الشُّكْرَ لَا يَنْحَصِرُ فِي اللِّسَانِ بَلْ يَعُمُّ الْجِنَانَ وَالْأَرْكَانَ فَيُمْكِنُ اسْتِغْرَاقُ عُمُرِهِ فِي الشُّكْرِ بِأَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَوْلَى جَمِيعِ النِّعَمِ مُذْعِنًا بِذَلِكَ وَعُرُوضُ الْغَفْلَةِ لَا يَمْنَعُ اسْتِمْرَارَ الِاعْتِقَادِ كَمَا أَنَّ الْغَفْلَةَ فِي الْإِيمَانِ لَا تُزِيلُهُ.

(قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) أَيْ الْمُطْلَقُ.

(قَوْلُهُ: وَوَصَفَ النِّعَمَ) لَا يَخْفَى أَنَّ الظَّاهِرَ الْمُتَبَادَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّعَمِ الْمَعْنَى لَا اللَّفْظُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015