(يُؤْذِنُ الْحَمْدُ) عَلَيْهَا (بِازْدِيَادِهَا) أَيْ يُعْلِمُ بِزِيَادَتِهَا؛ لِأَنَّهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْإِلْهَامِ لَهُ وَالْإِقْدَارِ عَلَيْهِ وَهُمَا مِنْ جُمْلَةِ النِّعَمِ. فَيَقْتَضِيَانِ الْحَمْدَ وَهُوَ مُؤْذِنٌ بِالزِّيَادَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْحَمْدِ أَيْضًا

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ بِمَا هُوَ مُنَاسِبٌ مِنْ شَأْنِهَا وَقَضِيَّةُ هَذَا تَعَيُّنُ ظَرْفِيَّةِ الْبَاءِ فِي بِقَوْلِهِ.

وَأَمَّا مَا جَوَّزَهُ الْكَمَالُ مِنْ إبْدَالِهِ بِقَوْلِهِ مِنْ بِمَا هُوَ شَأْنُهَا فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ جَعَلَ الْمَوْصُوفَ النِّعَمَ الَّتِي هِيَ الْمَعَانِي كَمَا هُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ اقْتَضَى أَنَّهَا مَوْصُوفَةٌ بِالْقَوْلِ الْمَذْكُورِ وَلَا مَعْنَى لِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِحَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ بِمَعْنَى قَوْلِهِ وَفِيهِ تَكَلُّفٌ مُسْتَغْنًى عَنْهُ وَإِنْ جُعِلَ لَفْظُ النِّعَمِ مَذْكُورٌ اقْتَضَى أَنَّ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ شَأْنُ لَفْظِ النِّعَمِ وَفِي صِحَّةِ ذَلِكَ نَظَرٌ اهـ. سَمِّ.

وَقَدْ يُمْنَعُ التَّكَلُّفُ بِأَنَّ حَذْفَ الْمُضَافِ كَثِيرٌ شَائِعٌ فِي كَلَامِهِمْ وَقَوْلُهُ وَفِي صُحْبَةِ ذَلِكَ نَظَرٌ أَيْ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ وَصْفٌ لِلنِّعَمِ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهَا وَلَمْ يُحْكَمْ بِبُطْلَانِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ شَأْنَ لَفْظِ النِّعَمِ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهَا.

(قَوْلُهُ: يُؤْذِنُ الْحَمْدُ عَلَيْهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ الْحَمْدَ مُطْلَقًا يُؤْذِنُ بِالزِّيَادَةِ بِالطَّرِيقِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِقَوْلِهِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْحَمْدِ عَلَيْهَا بِدَلِيلِ نَحْمَدُك اللَّهُمَّ عَلَى نِعَمٍ وَلِيَصِحَّ وَصْفُ النِّعَمِ بِالْجُمْلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا اهـ سَمِّ وَكَتَبَ الْغُنَيْمِيُّ أَقُولُ لَمْ يَظْهَرْ لَنَا وَجْهُهُ اهـ.

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ السِّنْدِيُّ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ قَوْلَهُ يُؤْذِنُ الْحَمْدُ بِازْدِيَادِهَا كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ الْحَمْدَ عَلَيْهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْ يُعْلِمُ) تَفْسِيرٌ لِيُؤْذِنَ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهَا الْأَصْلِيِّ لَكِنَّهُ هُنَا بِمَعْنَى يَدُلُّ دَلَالَةً الْتِزَامِيَّةً كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَقِّفٌ إلَخْ إذْ الْمُتَوَقِّفُ عَلَى شَيْءٍ مُسْتَلْزِمٌ لَهُ فَهُوَ دَالٌّ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ الْتِزَامًا فَالتَّجَوُّزُ فِي الْمُسْنَدِ الَّذِي هُوَ يُؤْذَنُ لَا فِي إسْنَادِهِ إلَى مَرْفُوعِهِ وَقَالَ الْكَمَالُ يُؤْذِنُ أَيْ يُعْلَمُ الْحَمْدُ عَلَيْهَا الَّذِي هُوَ شُكْرٌ إمَّا بِازْدِيَادِهَا؛ لِأَنَّ صِدْقَ الْوَعْدِ فِي قَوْله تَعَالَى {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7] يَقْتَضِي كَوْنَ الشُّكْرِ مَلْزُومًا لِلِازْدِيَادِ فَوُجُودُهُ يُؤْذِنُ بِوُجُودِهِ؛ لِأَنَّ اللَّازِمَ لَا يَتَخَلَّفُ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَوْجِيهٌ حَسَنٌ قَرِيبٌ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: بِزِيَادَتِهَا) لَمْ يُعَبِّرْ بِهِ الْمُصَنِّفُ مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ لِمُزَاوَجَةِ قَوْلِهِ لِرَشَادِهِمَا مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْمُبَالَغَةِ كَمَا فِي الِاكْتِسَابِ وَالْكَسْبِ وَأَصْلُ ازْدِيَادٍ ازْتِيَادٌ أُبْدِلَتْ التَّاءُ دَالًا (قَوْلُهُ: وَهُمَا مِنْ جُمْلَةِ النِّعَمِ) مُجَرَّدُ هَذَا كَافٍ فِي صِدْقِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُؤْذِنُ الْحَمْدُ بِازْدِيَادِهَا فَلَا حَاجَةَ فِيهِ إلَى مَا بَعْدَهُ إلَّا أَنْ أُرِيدَ بِالْحَمْدِ عَلَى النِّعَمِ الْحَمْدُ عَلَى كُلِّ النِّعَمِ الْوَاصِلَةِ إلَيْهِ لِدُخُولِ الْحَمْدِ عَلَى كُلِّ إلْهَامٍ وَإِقْدَارٍ حِينَئِذٍ قَالَهُ سَمِّ.

(قَوْلُهُ: فَيَقْتَضِيَانِ الْحَمْدَ) أَيْ يَسْتَلْزِمَانِهِ وَاعْتَرَضَهُ سَمِّ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ يَقْتَضِيَانِ وُجُودَ الْحَمْدِ فَمَمْنُوعٌ إذْ يُمْكِنُ أَنْ يُوجَدَ أَوْ لَا يُوجَدَ الْحَمْدُ عَلَيْهِمَا بِأَنْ يَحْمَدَ الْإِنْسَانُ مَرَّةً وَاحِدَةً عَلَى النِّعَمِ فَقَدْ وُجِدَا فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ وَلَمْ يُوجَدْ حَمْدٌ عَلَيْهِمَا إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَحْمَدْ بَعْدَ تِلْكَ الْمَرَّةِ وَإِنْ أَرَادَ يَقْتَضِيَانِ طَلَبَ الْحَمْدِ فَمُجَرَّدُ طَلَبِهِ مِنْ غَيْرِ وُجُودِهِ لَا يُؤْذِنُ بِالزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنَّمَا الْمُؤْذِنُ بِهَا وُجُودُهُ وَمُجَرَّدُ طَلَبِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ وُجُودَهُ إذْ امْتِثَالُ الطَّلَبِ غَيْرُ لَازِمٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ مُرَاعًى فِي الِاقْتِضَاءِ مَا هُوَ اللَّائِقُ بِالْعَبْدِ مِنْ امْتِثَالِ الطَّلَبِ وَالْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُ اهـ وَلَا يَخْفَى صَلَاحِيَّةُ الْجَوَابِ عَلَى اخْتِيَارِ كُلٍّ مِنْ الشِّقَّيْنِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ يُحْمَدُ عَلَى جَمِيعِ النِّعَمِ الْمُقَارَنَةِ لِلْحَمْدِ بِحَيْثُ يَشْمَلُ الْإِلْهَامَ وَالْإِقْدَارَ أَيْضًا فَلَا يَحْتَاجُ لِحَمْدٍ آخَرَ وَيُمْكِنُ أَنَّ الْحَمْدَ عَلَى جَمِيعِ النِّعَمِ الْحَالِيَّةِ وَالِاسْتِقْبَالِيَّة إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى أَنَّ الْحَمْدَ لَا يَكُونُ عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015