(إلا أن يحلف) في صورة ما يغاب عليه: إنه (ما فرط) في ضياعه فالثمن خاصة إن قل عن القيمة؛ لأنه إذا ساوى القيمة أو كثر عنها لم يتوجه عليه اليمين إذ لا ثمرة لها حينئذ كما هو ظاهر.

(كأن كان الخيار له) أي للمشتري، فإنه يغرم الثمن الذي وقع به البيع ولو كان الخيار لهما غلب جانب البائع فيما يظهر لأن الملك له.

(ولو اشترى) شخص (أحد) سلعتين (كثوبين، وقبضهما) من البائع ليختار واحداً منهما ويرد الآخر (فادعى ضياعهما) معاً (ضمن واحداً منهما فقط)؛ لأنه في الآخر أمين لا ضمان عليه فيه (بالثمن) الذي وقع به البيع سواء (كان فيما يختاره بخيار أو لا) بأن كان فيه على البت وقيل: المسألة مفروضة في الأول، وأما لو كان فيما يختاره على البت -لاشتركا فيهما- ولزمه نصف قيمة أحدهما ونصف ثمن الآخر.

(و) إن ادعى (ضياع واحد) منهما -ولم يكن له بينة بضياعه- (ففي الخيار معه) أي مع الاختيار بأن شرط أنه شرط فيما يختاره بالخيار (ضمن نصفه) لعدم العلم بالضائع، هل هو المبيع بالخيار، أو الثاني؟ فأعملنا الاحتمالين (وله) أي للمشتري في ادعاء ضياع واحد فقط (اختيار الباقي) ورده لربه، إن كان زمن الخيار باقياً وليس له اختيار نصفه لما فيه من ضرر الشركة. فإن قال: كنت اخترت ما ضاع قبل ضياعه، صدق ولزمه ثمنه ولو قال: كنت اخترت هذا الباقي ثم ضاع الآخر وأنا فيه أمين، لم يصدق ويلزمه نصفه.

(وفي الاختيار فقط) أي دون خيار بأن كان فيما يختاره على البت وادعى ضياع أحدهما ولا بينة (لزمه النصف من كل) من التالف والباقي، وليس له اختيار الباقي كما نص عليه ابن يونس؛ لأنه إنما يكون له الخيار إن وقع البيع على الخيار ولم تنقص مدته، وهذا مما يرجح القيل المتقدم في ضياعهما معاً ويضعف التعميم الذي ذكرناه في الأصل فتدبر.

ثم شبه في لزوم النصف من كل قوله:

(كانقضاء مدته) أي الاختيار (بلا ضياع) ولم يختر واحداً منهما، فإنه يلزمه النصف من كل، ويكونان شريكين في كل إذا لم يرضيا بأخذ كل منهما ثوباً ويترك لصاحبه الآخر.

(ولو انقضت) مدة الخيار والاختيار (في) اشتراء أحدهما على (الخيار معه) أي مع الاختيار بأن اشترى أحدهما على أن

ـــــــــــــــــــــــــــــ

والثالثة: ما لا يغاب عليه وظهر كذبه.

قوله: [إلا أن يحلف] إلخ: هذه هي الأولى. قوله: [فالثمن خاصة]: حاصله أن المبيع إذا كان مما يعاب عليه وادعى المشتري ضياعه أو تلفه ولم تقم له بينة فإنه يلزمه الأكثر من الثمن والقيمة كما مر، فإن كان الثمن أكثر أو مساوياً للقيمة غرمه ولا كلام وإن كانت القيمة أكثر وغرمها فلا كلام. وإن أراد أن يغرم الثمن الذي هو أقل منها حلف اليمين والموضوع أن الخيار للبائع.

قوله: [فإنه يغرم الثمن الذي وقع به البيع]: أي لأنه يعد راضياً وسواء كان الثمن أقل من القيمة أو أكثر ما لم يحلف عند أشهب أنه لم يرد الشراء، وإلا كانت عليه القيمة إن كانت أقل.

تنبيهان:

الأول: لو غاب البائع على المبيع بالخيار وادعى التلف والضياع - والخيار لغيره، مشتر أو أجنبي - فإنه يضمن الثمن. ومعنى ضمانه رده للمشتري إن كان قبضه، وإلا فلا شيء له كذا في الأصل.

الثاني: اشتريا دابتين خياراً ادعى كل التلف وقال أهل الموضع: إنما تلفت واحدة، فحكى ابن رشد قولين: براءتهما لصدق أحدهما قطعاً ولا يضمن الثاني بالشك، وضمان كل نصف دابته وصوبه عبد الحق في تهذيبه كما في الـ (مج).

قوله: [ولو اشترى شخص أحد سلعتين]: لما أنهى الكلام على بيع الخيار شرع في الكلام على الاختيار المجامع للخيار والمنفرد عنه فالأقسام ثلاثة: بيع خيار فقط، وقد تقدم، وبيع اختيار فقط، وبيع خيار واختيار، والكلام الآن فيهما. وفي كل منها؛ إن اشترى ثوبين مثلاً: إما أن يدعي ضياعهما معاً أو ضياع أحدهما، أو تمضي المدة مع بقائهما ولم يختر؛ فهذه تسع صور يعلم تفصيلها مما تقدم ومن هنا.

وحاصله: أن الثوبين في بيع الخيار فقط كلاهما مبيع فيضمنهما ضمان الرهان إن ادعى ضياعهما أو ضياع أحدهما. فإن مضت مدة الخيار ولم يختر لزماه معاً؛ فهذه ثلاث، وفي الاختيار فقط إن ادعى ضياعهما معاً أو ادعى ضياع أحدهما أو مضت مدة الاختيار ولم يختر لزمه النصف من كل منهما فيغرم نصف ثمن أحدهما ونصف قيمة الآخر. فهذه ثلاث أيضاً. وفي بيع الخيار والاختيار إن ادعى ضياعهما معاً ضمن واحداً بالثمن وإن ادعى ضياع واحد فقط ضمن نصفه وله اختيار الباقي. وإذا مضت المدة ولم يختر لم يلزمه شيء؛ فهذا ثلاث أيضاً فلتحفظ تلك الصور التسع

قوله: [وقيل المسألة مفروضة]: هذا هو المعتمد لما سيأتي.

قوله: [فأعملنا الاحتمالين]: أي احتمال كون الضائع هو المبيع واحتمال كونه غيره أي ارتكبنا حالة وسطى، لأنه على احتمال كون الضائع هو المبيع يلزمه كله وعلى احتمال كونه غير المبيع لا يلزمه شيء لأنه وديعة عنده فتوسطنا وأخذنا من كل طرفاً.

قوله: [اختيار الباقي]: أي على المشهور وهو قول ابن القاسم.

قوله: [وليس له اختيار نصفه]: أي خلافاً لابن المواز القائل القياس أن له اختيار النصف الباقي لا جميعه، وذلك لأن المبيع ثوب واحد فإذا اختار جميع الباقي لزم كون المبيع ثوباً ونصفاً وهو خلاف فرض المسألة. وأجيب بأن هذا أمر جر إليه الحكم لدفع ضرر الشركة.

قوله: [لأنه إنما يكون له الخيار] إلخ: المناسب الاختيار وهو إظهار في محل الإضمار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015