(والقياس) إذا اختلفوا فأجاز البعض ورد البعض: (رد الجميع): أي جميع ورثة المشتري بالخيار (إن رد بعضهم) فيجبر المجيز على الرد مع من رد لما في التبعيض من ضرر الشركة. فكما أن من ورثوا الخيار عنه ليس له رد بعض السلعة وقبول بعضها للضرر بالبائع، فكذلك هم ليس لبعضهم القبول ولبعضهم الرد إذا لم يرض البائع بذلك لضرر الشركة، فألحق الوارث بالمشتري في عدم جواز التبعيض والجبر على الرد بجامع الضرر في كل وليس للمجيز أخذ مناب من رد إذا لم يرض البائع، وهذا للإمام في المدونة، والاستحسان عنده أيضاً أن للمجيز أخذ جميع السلعة فلا يجبر على الرد إن رد البعض واقتصرنا على القياس لقوله في المدونة: وهذا هو النظر، ثم قال فيها أيضاً: واستحسن لمن أجاز منهم أن يأخذ منهم من لم يجز.
(وهو): أي القياس (في ورثة البائع) الذي له الخيار حيث مات (إجازة الجميع إن أجاز بعضهم) ويجبر من رد البيع على الإجازة مع المجيز، عكس ورثة المشتري. وهل يتعين فيهم القياس ولا يجري فيهم الاستحسان؟ وهو قول ابن أبي زيد، أو يجري فيهم أيضاً؟ وهو قول بعض القرويين. وعليه فللراد منهم أخذ الجميع. والقياس في كل هو المعتمد.
(والملك) للمبيع بالخيار في زمنه سواء كان لأحد المتبايعين أو لأجنبي (للبائع، والضمان منه؛ فالغلة وأرش الجناية) على المبيع بالخيار (له) أي للبائع (بخلاف الولد والصوف) فهما للمشتري إذا تم له الشراء لأنهما كجزء من البيع.
(ولو قبضه المشتري) وادعى ضياعه زمن الخيار (ضمن فيما يغاب [¬1] عليه) كالرهن (إلا لبينة) تشهد بضياعه بلا تفريط من المشتري فلا يضمن (وحلف في غيره) أي في غير ما يغاب عليه -كالحيوان- حيث اتهمه البائع (لقد ضاع وما فرط، إلا أن يظهر كذبه) أي المشتري في دعواه الضياع، كأن يقول: ضاع يوم كذا، فتشهد البينة على رؤيته عنده بعد ذلك اليوم، أو تشهد عليه بأنه أكله أو أتلفه أو باعه فإنه يضمن، ولا يقبل منه يمين وإذا نكل عند توجه اليمين عليه غرم.
ثم بين ما يغرمه للبائع وهو يختلف باختلاف الأحوال فقال: (الأكثر) أي يضمن المشتري للبائع إذا ادعى ضياع ما يغاب عليه أو ما يغاب إذا ظهر كذبه أو نكل الأكثر (من الثمن) الذي وقع به البيع (والقيمة) هذا (إن كان الخيار للبائع) في الصور الثلاث.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: [والقياس]: إلخ قال في جمع الجوامع: وهو حمل معلوم على معلوم لمساواته له في علة حكمه عند الحامل وإن خص بالصحيح حذف الأخير، فقوله: "حمل معلوم" المراد به هنا الوارث وقوله: "على معلوم" المراد به الموروث الذي هو المشتري. والعلة ضرر الشركة والحكم التصرف بالإجارة والرد.
قوله: [والاستحسان]: هو معنى ينقدح في ذهن المجتهد تقصر عنه عبارته والمراد بالمعنى دليل الحكم الذي استحسنه ووجه استحسان أخذ المجيز الجميع أن المجيز حيث أخذ الجميع يدفع جميع الثمن للبائع ويرتفع ضرر الشركة بالتبعيض. قوله: [القياس في كل هو المعتمد]: أي فالمعتمد في ورثة المشتري رد جميع السلعة للبائع إن رد بعضهم وفي ورثة البائع إمضاء الجميع البيع إن أمضى بعضهم.
تنبيهان: الأول ينتقل الخيار الذي كان للمكاتب لسيده حيث عجز في مدة الخيار وقبل الاختيار كان بائعاً أو مشترياً، فالسيد عند عجز المكاتب بمنزلة الوارث أو الغريم إذا مات المورث أو من أحاط الدين بماله قبل الاختيار. الثاني: إذا جن من له الخيار وعلم أنه لا يفيق أو يفيق بعد طول يضر الصبر إليه بالآخر نظر الحاكم الشرعي في الأصلح له من إمضاء أو رد. وأما لو أغمي من له الخيار فإنه ينتظر إفاقته لينظر لنفسه، فإن طال إغماؤه بعد مضي زمنه بما يحصل به الضرر فسخ البيع ولا ينظر له حاكم ولا غيره وقال أشهب: ينظر له. اهـ. من الأصل.
قوله: [والملك للمبيع] إلخ: هذا هو المعتمد، وعليه فالإمضاء نقل للمبيع من ملك البائع لملك المشتري. وقيل: إن الملك للمشتري فالإمضاء تقرير لملك المشتري وأصل ملكه حصل بالعقد، وهذا معنى قولهم: إن بيع الخيار منحل، أي أن المبيع على ملك البائع أو منعقد أي أنه على ملك المشتري لكن ملكه له غير تام لاحتمال رده. ولذلك كان ضمان المبيع من البائع على القولين اتفاقاً. فثمرة الخلاف إنما هي في الغلة الحاصلة في مدة الخيار وما ألحق بها، فهي للبائع على الأول وللمشتري على الثاني. إلا أن كون الغلة للمشتري على القول الثاني مخالف لقاعدة: "الخراج بالضمان" و"من له الغنم عليه الغرم" فإن الغنم هنا للمشتري والغرم الذي هو الضمان على البائع. اهـ من حاشية الأصل.
قوله: [فالغلة وأرش الجناية]: إلخ: مثل الغلة ما يوهب للعبد المبيع بالخيار في زمنه فإنه للبائع إلا أن يستثني المشتري ماله.
قوله: [والصوف]: أي التام أو غيره. وأما الثمرة المؤبرة فكمال العبد لا تكون للمشتري إلا بشرط.
قوله: [ولو قبضه المشتري]: أي المشتري على الخيار لو قبض الشيء المشترى سواء كان البيع صحيحاً أو فاسداً وما تقدم من انتقال ضمان الفاسد بالقبض إنما هو في البيع بالبت. قوله: [وحلف في غيره]: أي متهماً أو لا بخلاف المودع والشريك لا يحلف إلا إذا كان متهماً.
قوله: [إلا أن يظهر كذبه]: استثناء من مقدر أي حلف ولا ضمان عليه إلا أن يظهر كذبه فإنه يضمن وليس استثناء من قوله وحلف في غيره، فلو شهدت بينة بكذبه وشهدت أخرى بصدقه قدمت بينة الكذب على المعتمد كذا في الحاشية.
قوله: [الأكثر]: معمول لقوله ضمن وما بينهما اعتراض. قوله: [والقيمة]: أي وتعتبر يوم قبض المشتري المبيع.
قوله: [في الصور الثلاث]: الأولى: ما إذا كان يغاب عليه وادعى الضياع ولم تقم له بينة. والثانية: ما لا يغاب عليه واتهمه ولم يحلف.