من بيع وسلف وإذا اشتراه بمثل الثمن أو بأكثر منه نقداً فيهما أو لدون الأجل جاز في الصور الأربع كصور الأجل الثلاثة فالجواز في سبع.

(وصح أول من بيوع الآجال فقط) ولزم بالثمن لأجله وفسخ الثاني إن كانت السلعة قائمة عند بائعها الأول وهو المشتري الثاني، فإن فاتت بيده أشار له بقوله: (إلا أن يفوت) البيع (الثاني بيد) المشتري (الثاني) وهو البائع الأول (فيفسخان) معاً لسريان الفساد للأول بالفوات وحينئذ (فلا مطالبة لأحدهما على الآخر بشيء)؛ لأن المبيع رجع لبائعه فضمانه منه وسقط عن المشتري الأول لرجوع السلعة لربها وسقط الثمن الثاني عن الثاني لفساد البيع.

وظاهره مطلقاً سواء كانت قيمة السلعة في البيع الثاني قدر الثمن الأول أو أقل أو أكثر، وهو الذي حكاه اللخمي والمازري عن ابن القاسم، وقال ابن شاس: إنه المشهور. وقيل: إنما يفسخ الأول إن كانت القيمة أقل من الثمن الأول فإن كانت مثله أو أكثر فلا يفسخ الأول وهو قول سحنون، قال ابن الحاجب: وهو الأصح وقال غيره: وهو المشهور فلذا قال الشيخ: خلاف.

(فصل) في بيان حكم بيع العينة ومسائله المتعلقة به

وأصل العينة: عونة، وقعت الواو ساكنة بعد كسرة فقلبت ياء: من العون، كأن البائع أعان المشتري بتحصيل مراده، قال أبو عمران: وهي بيع ما ليس عندك, ابن عرفة مقتضى الروايات أنه أخص مما ذكر، والصواب: أنه البيع المتحيل به على دفع عين في أكثر منها اهـ. والأظهر أنه أعم مما ذكره، لأن الثمنين: إما أن يتساويا، أو يكون الثاني أكثر، أو أقل. وفي كل: إما أن يكونا حالين، أو مؤجلين أو الأول حالاً والثاني مؤجلاً، أو عكسه. وفي كل: إما أن يقول اشتر لي أو لا يقول لي

ـــــــــــــــــــــــــــــ

أي والمسلف فيهما هو المشتري الأول، فالسلعة التي رجعت للبائع الأول كأنها لم تخرج من يده وصار الثمن المدفوع إليه سلفاً يأخذ عنه بعد شهر مثله أو أكثر منه فقد انتفع المشتري الأول بالسلعة التي بقيت عنده فيما إذا عاد إليه مثل دراهمه، أو بها وبالزيادة إن عاد إليه أكثر:

قوله: [من بيع وسلف]: أما إذا كان الشراء نقداً أو لدون الأجل، فلأن البائع الأول يدفع عشرة سلفاً للمشتري فإذا جاء الأجل رد إليه عشرين عشرة في نظير العشرة التي أخذها وهي سلف وعشرة ثمن الثوب، وأما في الأبعد فلأنه عند حلول الأجل يدفع للبائع عشرين عشرة ثمن الثوب وعشرة سلفاً، فإذا جاء الأجل الثاني دفع البائع الأول عشرة بدل العشرة التي أخذها سلفاً.

قوله: [فالجواز في سبع]: هي أن يشتريه بمثل الثمن نقداً أو لدون الأجل أو بأكثر نقداً أو لدون الأجل وبمثل أو أقل أو أكثر للأجل وجوازها لانتفاء علة المنع. قوله: [وصح أول]: بغير تنوين لأنه بمعنى أسبق فهو ممنوع من الصرف للوصفية ووزن الفعل وما ذكره من صحة الأول فقط هو الأصح. وخالف ابن الماجشون فقال: يفسخان معاً، وهذا الخلاف عند قيام السلعة بدليل ما يأتي.

قوله: [إلا أن يفوت]: أي بمفوتات الفاسد. وظاهره: أي مفوت كان، وهو قول سحنون. والذي صححه ابن رشد: أنه لا يفوت هنا إلا العيوب المفسدة. ونص ابن رشد في البيان: واختلف بما تفوت به السلع فقيل: إنها تفوت بحوالة الأسواق وهو مذهب سحنون والصحيح أنها لا تفوت إلا بالعيوب المفسدة إذ ليس هو بيع فاسد ولا مثمن وإنما فسخ لأنهما تطرقا به إلى استباحة الربا كذا في (بن).

قوله: [إن كانت القيمة أقل]: أي لأننا لو لم نفسخ الأول حينئذ يلزم دفع القيمة معجلاً وهي أقل ويأخذ عنها عند الأجل أكثر وهو عين الفساد الذي منعنا منه ابتداء، بخلاف ما إذا فات وكانت القيمة مساوية للثمن الأول أو أكثر منه، فإنا -إذا فسخنا الثانية ودفعنا القيمة عشرة أو اثني عشر وبقيت الأولى على حالها - فلا محظور فيه لأننا ندفع عشرة أو اثني عشر ونأخذ عشرة على كل حال.

فصل: في بيان حكم بيع العينة

وجه مناسبته لبيوع الآجال وجود التحيل في كل حيث يدفع قليلاً يأخذ كثيراً. قوله: [كأن البائع] إلخ: أراد بالبائع المطلوب منه سلعة وبالمشتري الطالب لها وحينئذ فتسميته بائعاً باعتبار المآل؛ لأنه حين طلبت منه السلعة لم يكن بائعاً بل مطلوب منه فقط. وقال بعضهم: الأحسن أن يقال إنما سميت عينة لإعانة أهلها للمضطر على تحصيل مطلوبه على وجه التحليل لدفع قليل في كثير.

قوله: [أعان المشتري]: أي على تحصيل مطلوبه. وقوله: [بتحصيل مراده]: الباء للتعليل. ومراده: هو الربح الذي يحصل له من التوسط. قوله: [ما ليس عندك]: أي حين الطلب لا حين البيع وإلا ففي وقت البيع تكون عنده. قوله: [أخص مما ذكر]: أي لأن قوله بيع ما ليس عندك عام يشمل البيع بنماء وغير نماء مع أن مقتضى الروايات التخصيص وهو كونه بنماء فلذلك قال: والصواب إلخ. قوله: [والأظهر أنه أعم مما ذكره]:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015