فحاصلها أربعة [¬1] وعشرون صورة ولذا عرفه بقوله: (العينة وهي: بيع من طلبت منه سلعة) للشراء (وليست عنده) أي البائع (لطالبها) المشتري متعلق ببيع (بعد شرائها) لنفسه من آخر (جائزة) بمعنى خلاف الأولى، فأهل العينة قوم نصبوا أنفسهم لطلب شراء السلع منهم وليست عندهم فيذهبون إلى التجار ليشتروها بثمن ليبيعوها للطالب وسواء باعها لطالبها بثمن حال أو مؤجل أو بعضه حال وبعضه مؤجل ولذا قال الشيخ: ولو بمؤجل بعضه. واستثني من الجواز قوله: (إلا أن يقول) الطالب: (اشترها بعشرة نقداً و) أنا (آخذها) منك (باثني عشر لأجل) فيمنع لما فيه من تهمة سلف جر نفعاً؛ لأنه كأنه سلفه عشرة ثمن السلعة يأخذ عنها بعد الأجل اثني عشر.
ثم تارة يقول الطالب: خذها لي وتارة لا يقول: لي، وإليهما أشار بقوله: (ولزمت) السلعة (الطالب) بالعشرة نقداً (إن قال) للمطلوب منه اشترها: (لي) بعشرة إلخ وللمطلوب منه الأقل من جعل مثله ومن الربح.
(وفسخ) البيع (الثاني) وهو الاثني عشر لأجل.
(فإن لم يقل: لي) في الفرض المذكور (مضى) الثاني بالاثني عشر للأجل (على الأرجح) من القولين اللذين ذكرهما الشيخ، لبعد تهمة السلف بمنفعة. (ولزمه الاثنا عشر للأجل) والقول الثاني: الفسخ إلا أن تفوت السلعة بيده فالقيمة وعطف على الاستثناء قبله قوله: (وإلا أن يقول: اشترها لي بعشرة نقداً وآخذها باثني عشر نقداً) فيمنع (إن شرط الطالب النقد على المأمور) بأن قال له: اشترها لي بعشرة بشرط أن تنقدها عني، وأنا أشتريها منك باثني عشر نقداً؛ لأنه حينئذ قد جعل له درهمين في نظير سلفه وتوليته الشراء فهو سلف وإجارة بشرط.
(ولزمته): أي لزمت السلعة الطالب (بالعشرة، وله) أي للمأمور في نظير عمله (الأقل من جعل مثله أو الدرهمين فيهما) أي في هذه، وفي أول قسمي التي قبلها وهي قوله: اشترها لي بعشرة نقداً وآخذها باثني عشر لأجل.
(وجاز) النقد (بغيره) أي بغير شرط من الطالب، بل تطوعاً (وله الدرهمان) وهذا مما زدناه عليه.
(كنقد الآمر) فإنه جائز بأن قال له: اشترها لي بعشرة نقداً -ونقدها له- وأنا آخذها باثني عشر نقداً وله الدرهمان لأنهما أجرة (وإن لم يقل: لي) في هذا الفرض، وهو ما إذا نقد الآمر (كره) وقيل: يجوز أيضاً وهما روايتان عن الإمام.
ثم شبه في الكراهة قوله: (كخذ): أي كقول بائع لمشتر: خذ مني (بمائة ما) أي سلعة (بثمانين) قيمة لما فيه من رائحة الربا ولا سيما إذا قال له المشتري: سلفني ثمانين وأرد لك عنها مائة فقال المأمور: هذا ربا، بل خذ مني بمائة إلخ. (أو) قال شخص لآخر (اشترها و) أنا (أربحك) ولم يعين له قدر الربح، فإنه يكره، فإن عينه منع (وإلا) عطف على الاستثناء المتقدم (أن يقول: اشترها لي بعشرة لأجل و) وأنا اشتريها منك (بثمانية نقداً)، فيمنع لما فيه من السلف بزيادة لأنه سلفه الثمانية المنقودة على أن يشتريها له بعشرة،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أي لأن موضع بيع العينة شامل للأربعة وعشرين صورة كما بينه الشارح.
قوله: [فحاصلها أربع وعشرون]: منها الستة الممنوعة التي يستثنيها المصنف والباقي ثماني عشرة لا منع فيها. قوله: [ولذا عرفه بقوله]: أي لأجل العموم الشامل لجميع الصور، فشارحنا منتصر لأبي عمران. قوله: [بمعنى خلاف الأولى]: أي لما فيه من التحيل على دفع قليل يعود عليه كثير. قوله: [ليبيعوها للطالب]: أي بعد الشراء.
قوله: [ولذا قال الشيخ]: أي فالخلاف إنما هو في بيع المطلوب منه بثمن مؤجل بعضه وبعضه معجل، وأما تعجيل الكل أو تأجيله متفق على جوازه. قوله: [فيمنع]: أي والفسخ وعدمه شيء آخر سيفصله.
قوله: [فإن لم يقل لي] إلخ: حاصله أنه إذا لم يقل لي والفرض أنه أمره بشرائها بعشرة واتفق معه على أن يشتريها منه باثني عشر لأجل ووقع ذلك، فقيل: يفسخ البيع الثاني وهو أخذ الآمر لها باثني عشر لأجل، ثم إن كانت السلعة قائمة بيد الآمر ردت للمأمور بعينها وإن فاتت في يد الآمر بمفوت البيع الفاسد رد قيمتها يوم القبض حالة بالغة ما بلغت، وقيل: إن البيع الثاني يمضي على الأمر باثني عشر للأجل ولا يفسخ كانت السلعة قائمة أو فائتة. وعلى القول بالفسخ ولزوم القيمة عند الفوات يشكل على ما تقدم من أن المختلف في فساده يمضي إذا فات بالثمن، وهذا من المختلف فيه. وأجيب: بأن ما تقدم أكثري. قوله: [أو الدرهمين]: الأولى والدرهمين لأن الأقل من الأمور التي لا تكون إلا بين اثنين.
قوله: [كنقد الآمر فإنه جائز]: أي ولو كان بشرط اشترطه عليه المأمور كما في (عب).
قوله: [وهو ما إذا نقد الآمر]: صوابه وهو ما إذا شرط الطالب النقد على المأمور لأن هذا مقابل قوله، وإلا أن يقول: اشترها لي بعشر نقداً إلخ. قوله: [كره]: هذا هو الراجح. قوله: [كخذ]: أي ولا فرق في هذه المسألة بين كون الفاعل لذلك من أهل العينة أو غيرهم فهي مسألة عامة. قوله: [بل خذ مني بمائة]: أي وأما لو أعطى رب المال لمريد التسلف منه بالربا ثمانين ليشتري بها سلعة على ملك رب المال ثم يبيعها له بمائة لأجل فهو حرام لا مكروه؛ لأنها لما لم تكن عنده السلعة كان المقصود بشرائها ولو على وجه الوكالة صورة إنما هو دفع قليل ليأخذ منه أكثر.
قوله: [ولم يعين له قدر الربح]: حاصله أنه إن عين له قدر