وكلها جائزة لعدم شغل الذمتين، فمجموع الصور أربعة [¬1] وعشرون، كصور الصرف. إلا أن صوره كلها ممنوعة للصرف المؤخر كما تقدم.

(وإن اشتراه بعرض مخالف) لما باعه به في الجنس كما لو باعه بدينار أو ثوب ثم اشتراه بشاة أو ثوب من غير جنس الأول (جازت) من الاثني [¬2] عشرة (ثلاثة النقد فقط) وهو أن يكون العرض المنقود قيمته قدر قيمة السلعة التي باع بها أو أقل أو أكثر (ومنعت التسعة) الباقية (للدين بالدين ولو اشترى) ما باعه (بأقل) مما باعه به (للأجل) نفسه (أو لأبعد) منه وقلنا بالجواز (ثم رضي) المشتري الثاني (بالتعجيل) أي تعجيل الأقل الذي اشترى به (فالأرجح) من القولين (المنع) نظراً لما آل إليه الأمر من أنه دفع قليلاً عاد إليه كثيراً، وقيل بالجواز نظراً إلى حال العقد.

(والمثلي) من مكيل كبرٍّ أو موزون كسمن ونحاس، أو معدود كبيض الموافق لما باعه لأجل كشهر (صفة وقدراً كعينه): أي كعين ما باعه. فمن باع إردب قمح أو قنطارين بعشرة لشهر ثم اشترى من المشتري مثله ففيه اثنتا عشرة صورة؛ لأنه كأنه اشترى عين ما باعه، فإما نقداً أو لأجل أو لأقل أو أكثر بمثل الثمن أو أقل أو أكثر (فيمنع) منها الصور الثلاث وهي:

(ما عجل فيه الأقل) بأن اشتراه بثمانية نقداً أو لأجل أقرب أو اشتراه بأكثر مما باع به لأبعد كما تقدم.

(وإن غاب مشتريه) أي مشتري المثلي الأول (به) غيبة يمكنه الانتفاع به (منع أيضاً) صورتان بقية صور الأقل وهو ما إذا اشتراه (بأقل) مما باع به (لأجله أو لأبعد) لأن الغيبة على المثلي تعد سلفاً لكونه لا يعلم بعينه فكأنه تسلف ورده لربه وأعطاه عند الأجل درهمين في نظير تسلفه والثمانية في نظير الثمانية، فعلم أنه إذا باع مثلياً وغاب عليه المشتري فاشتراه منه يمتنع خمس صور: أربع صور الأقل، وما إذا اشتراه بأكثر لأبعد.

(و) أما (إن باع مقوماً) كثوب أو شاة أو أرض واشترى مثله (فمثله كغيره) فتجوز الصور كلها.

(كتغيرها): أي السلعة التي باعها تغيراً (كثيراً) عند مشتريها منه ثم اشتراها بائعها منه فتجوز الصور كلها. وكل ما تقدم إذا اشترى كل ما باع.

(وإن اشترى بعض ما باع) كما لو باع ثوبين بعشرين لشهر فاشترى أحدهما بثمن (لأبعد) من الأجل الأول (مطلقاً) بمثل الثمن الأول أو أقل أو أكثر (أو بأقل) من الثمن الأول (نقداً، أو لدون الأجل، امتنع) في الخمس صور؛ لما في المساوي والأكثر من سلف جر نفعاً، ولما في الأقل نقداً أو لدون الأجل أو لأبعد

ـــــــــــــــــــــــــــــ

والكثرة باعتبار الذات إنما تتأتى في الجنس الواحد.

قوله: [وكلها جائزة لعدم شغل الذمتين]: إلخ: فيه نظر، بل الجائز منها اثنتان، وهما: ما إذا اشترى بأجود أكثر أو مساوياً. والأربعة ممنوعة وهي: ما إذا اشترى بأدنى أكثر، أو مساوياً، أو أقل، أو بأجود أقل؛ لأنه - وإن انتفى فيه عمارة الذمتين - لكن وجد فيه علة سلف جر نفعاً. فإن قلت: إذا كان المنقود أدنى وهو مساوٍ للمؤجل في القدر كيف يمنع مع أنه تقدم جواز قضاء القرض بالأفضل صفة؟ والجواب: أن محل جوازه فيما تقدم إن لم يكن مدخولاً عليه وإلا فيمنع وما هنا مدخول عليه فليتأمل.

قوله: [إن اشتراه بعرض مخالف]: المراد بالعرض: ما قابل العين، فيشمل الطعام والحيوان. وقوله مخالف لما باعه به في الجنس، المراد بالجنس الصنف. ومفهوم قوله مخالف: أنه لو اشتراه بموافق له في الصنف كما لو باع سلعة بثوب لشهر ثم اشتراه بثوب من صنفها فالشراء إما نقداً أو لدون الأجل أو للأجل لأبعد، وفي كل: إما أن تكون قيمة الثوب الثاني مساوية لقيمة الأول أو أقل أو أكثر، فهذه اثنتا عشرة صورة يمنع منها ما عجل فيه الأقل وهو ثلاث صور كما تقدم أول الباب

قوله: [ومنعت التسعة الباقية]: أي وهي ما أجل فيه الثمنان سواء كان أجل الثاني مساوياً للأول أو أقل أو أبعد، كانت قيمة العرض المشترى به قدر قيمة الأول أو أقل أو أكثر. قوله: [للدين بالدين]: أي لابتداء الدين بالدين، ولا يتأتى هنا اشتراط المقاصة لاختلاف الدينين وشرطها اتحادهما جنساً وصفة كما تقدم.

قوله: [فالأرجح من القولين المنع]: قال ابن وهب: وينبغي أن يكون المنع هو الراجح لعلته المذكورة، وكذلك الخلاف إذا اشترى بأكثر للأجل ثم تراضيا على التأخير أو اشترى بأكثر نقداً أو لدون الأجل ثم رضي بالتأخير لأبعد، فالمدار في المسألة على كونه وقع جائزاً ثم آل للمنع فهل يجوز نظراً للعقد أو يمنع نظراً لما آل إليه الأمر قولان. ويجري هذان القولان فيمن باع سلعة بعشرة إلى أجل ثم أتلفها على المشتري وكانت قيمتها حين الإتلاف ثمانية وغرمها للمشتري حالاً، فإذا جاء الأجل هل يمكن البائع من أخذه من المشتري ما زاده الثمن على القيمة وهو الدرهمان فيأخذ العشرة بتمامها أو لا يمكن، وإنما يأخذ الثمانية التي دفعها ويسقط عن المشتري الدرهمان؟ والظاهر منهما الأول لبعد التهمة.

قوله: [أو قنطارين]: أي فلا فرق في المثلي بين أن يكون ربوياً كإردب قمح أو غيره كقنطارين.

قوله: [لأن الغيبة على المثلي تعد سلفاً]: أي والمسلف في جميع الصور الممنوعة المشتري إلا فيما اشتراه بأكثر لأبعد فإن المسلف المشتري الأول يدفع ثمانية مثلاً عن الأجل يأخذ بعد شهر عشرة.

قوله: [لما في المساوي والأكثر من سلف جر نفعاً]:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015