فالصور أربعة. مثال ما تعجل فيه الأقل على كل الأكثر: أن يبيع السلعة بعشرة لأجل ثم يشتريها منه بثمانية أربعة نقداً وأربعة لدون الأجل، فآل أمره إلى أنه دفع ثمانية أخذ عنها عند الأجل عشرة ومثال ما تعجل فيه الأقل على بعض الأكثر: أن يبيعها بعشرة لأجل ثم يشتريها باثني عشر خمسة نقداً والسبعة لأجل أبعد، فآل الأمر إلى أن البائع الأول تعجل الأقل وهي العشرة عند أجلها خمسة منها في نظير الخمسة التي نقدها وخمسة يدفع عنها سبعة عند أجلها وصدق عليه أنه تعجل الأقل على بعض الأكثر. ومثال ما تعجل فيه بعض الأقل على جميع الأكثر: أن يبيعها بالعشرة إلى أجل ثم يشتريها بثمانية، أربعة منها نقداً وأربعة للأجل نفسه، فآل الأمر إلى أنه عند الأجل تقع المقاصة في أربعة، ويأخذ عن الأربعة التي نقدها ستة ومثال ما عجل فيه بعض الأقل على بعض الأكثر أن يشتريها في الفرض المذكور بثمانية، أربعة نقداً وأربعة لأبعد من الأجل، فرجع الحال إلى أن المشتري الأول دفع عشرة عند أجلها، ستة منها في نظير الأربعة، والأربعة الأخرى يأخذ عنها أربعة عند أجلها.

ولما كان قد يعرض المنع للجائز في الأصل، والجواز للممتنع؛ نبه على ذلك -مشبهاً في المنع- قوله: (كتساوي الأجلين) فإنه يمتنع (إن شرطا) عند الشراء (نفي المقاصة) وسواء كان الثمن الثاني مساوياً للأول أو أكثر أو أقل (للدين بالدين): أي لابتداء الدين بالدين لأن كل واحد منهما قد أشغل ذمة صاحبه بما له عليه. ومفهومه أنهما لو شرطاها أو سكتا جاز وهو ما تقدم.

(ولذا): أي ولأن للشرط المتعلق بالمقاصة تأثيراً ثبوتاً أو نفياً (صح) البيع (في أكثر) من الثمن الأول (لأبعد) من الأجل الأول (إذا شرطاها) للسلامة من دفع قليل في كثير، فلو سكتا عن شرطهما بقي المنع على أصله.

(ومنع) البيع (بذهب) مؤجل (و) شراؤها (بفضة) وعكسه في الصور الاثني عشر [¬1]- تقدمت الفضة على الذهب أو تأخرت - فقد صارت أربعة [¬2] وعشرين صورة (للصرف المؤخر): أي تهمة ذلك.

(ولذا) أي ولأجل أن تهمة الصرف المؤخر توجب المنع لو انتفت التهمة كما (لو عجل) من أحد النقدين (أكثر من قيمة المتأخر جداً) بأن تبلغ الكثرة النصف فأكثر كبيع ثوب بدينار أو دينارين لشهر ثم اشتراه بستين درهماً نقداً وصرف الدينار عشرة. (جاز) لنفي التهمة إذ العاقل لا يعجل ستين ليأخذ ما قيمته عشرة أو عشرون إلا لقصد المعروف. وكذا إذا باعه بثلاثين درهماً لشهر ثم اشتراه بستة دنانير نقداً فأكثر.

(و) منع البيع والشراء (بسكتين إلى أجل) فيهما، وسواء اتفق الأجل أو اختلف كبيعه بعشرة يزيدية لشهر ثم اشتراه بمحمدية لذلك الشهر أو دونه أو أبعد منه (للدين بالدين) تساوى العدد أو اختلف. ولا يمكن هنا شرط المقاصة إذ شرطها تساوي الدينين قدراً وصفة، ومفهوم الأجل جواز صور النقد مطلقاً.

والحاصل أن صور الأجل كلها ممنوعة - وهي ثمانية عشر [¬3]- لأن الثمن الثاني إما أن يكون لمثل أجل الأول أو أقل أو أكثر، وفي كل: إما أن يساويه في القدر أو أقل أو أكثر، فهذه تسعة وفي كل منها: إما أن يبيع بالجيد ويشتري بالرديء أو عكسه، وصور النقد ستة لأنه: إما مثل المؤجل قدراً، أو أقل، أو أكثر. وفي كل: إما أن يبيع بالجيد ويشتري بالأدنى أو عكسه.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

بأكثر نقداً، أو لدون الأجل، أو بأقل لأبعد من الأجل. فتحصل من تساوي الأجلين ثلاث، ومن تساوي الثمنين مثلها، ومن اختلاف الثمنين والأجلين ست، ثلاث ممنوعة وثلاث جائزة، تضم لصور اتحاد الثمن واتحاد الأجل وأمثلتها واضحة.

قوله: [فالصور أربعة]: أي فالممنوع أربع من تسع لسقوط صور النقد الثلاث من الاثنتي عشرة التي بني الباب عليها، والجائز خمس وهي: أن يشتري السلعة التي باعها لأجل بعشرة مثل الثمن الأول، لكن خمسة منها نقداً، وخمسة لدون الأجل أو للأجل أو لأبعد أو يشتريها باثني عشر خمسة نقداً. وسبع لدون الأجل أو للأجل نفسه. وحاصل هذه الصور التسع أن تقول: إذا كان الثمن الثاني أقل منع مطلقاً كان البعض المؤجل أجله أبعد من الأجل الأول أو مساوياً له أو دونه، وإن كان الثمن الثاني قدر الأول جاز مطلقاً في الأحوال الثلاثة، وإن كان أكثر منعت واحدة وهي ما إذا كان البعض مؤجلاً لأبعد.

قوله: [إن شرطا]: هكذا بالبناء للفاعل مع ضمير يعود على البائع والمشتري، والأولى أن يقول: إن شرط - بالبناء للمجهول - كان الشرط منهما أو من أحدهما. قوله: [صح البيع في أكثر]: لا مفهوم لقوله: "في أكثر" لأبعد إذ باقي الصور الممنوعة كذلك وهي شراؤها ثانياً بأقل نقداً أو لدون الأجل كما في (ح) ومشى عليه في (المج).

قوله: [بقي المنع على أصله]: أي لوجود العلة وهي سلف جر نفعاً، فظهر الفرق بين التي أصلها المنع والتي أصلها الجواز فالتي أصلها الجواز لا يفسدها إلا شرط نفي المقاصة لا السكوت فإن التهمة فيها ضعيفة فإذا شرط نفيها تحققت التهمة، وأما ما أصلها المنع فلا يجوز إلا إذا شرطاها لأن التهمة فيها قوية فإذا شرطاها بعدت والسكوت عنها لا ينفي المنع.

قوله: [في الصور الاثنتي عشرة]: حاصلها أنه إذا باع فضة لأجل ثم اشتراه بذهب فلا يخلو إما أن يكون الذهب قيمة الفضة أو أقل أو أكثر وفي كل إما أن يكون الشراء الثاني نقداً أو لدون الأجل أو له أو لأبعد منه فهذه اثنتا عشرة صورة ومثلها يقال فيما إذا باع أولاً بذهب ثم اشترى بفضة فالصور أربع وعشرون كلها ممنوعة لتهمة الصرف المؤخر، ولذا لو انتفت التهمة جاز كما أفاده بقوله ولذا لو عجل أكثر من قيمة المتأخر جداً جاز.

قوله: [أكثر من قيمة المتأخر]: العبرة بالكثرة باعتبار صرف المثل لا باعتبار الذات لأن القلة والمساواة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015