ولو لم يقصد بالفعل (كسلف بمنفعة) أي كبيع أدى إلى ذلك كبيعه سلعة بعشرة لأجل ثم يشتريها بخمس نقداً أو إلى أجل أقل فقد آل الأمر إلى رجوع السلعة لربها وقد دفع قليلاً عاد إليه كثيراً.
(ودين بدين) أي وكبيع أدى إلى ذلك كما لو باعها بعشرة لأجل واشتراها بمثلها للأجل، وشرطا نفي المقاصة؛ فالسلعة رجعت لربها وكل منهما ابتدأ في ذمة صاحبه ديناً. وسيأتي تفصيله.
(وصرف مؤخر) أي وكبيع أدى لذلك، كما لو باعها بعشرة دنانير لأجل واشتراها بمائة درهم حالة أي ولأجل أقل أو أكثر.
وأصل صور هذا الباب اثنتا عشرة صورة يمنع منها ثلاثة ويجوز الباقي. وقد أشار لذلك بقوله: (فمن باع) شيئاً (لأجل ثم اشتراه) هو أو وكيله من المشتري أو وكيله (بجنس ثمنه) الذي باعه به (من عين أو طعام أو عرض) بيان للثمن؛ (فإما) أن يشتريه (نقداً أو للأجل) الأول، (أو أقل) منه (أو أكثر) منه؛ فهذه أربع صور بالنسبة للأجل الأول وفي كل منها؛ إما أن يشتريه (بمثل الثمن) الأول قدراً (أو أقل أو أكثر) فهذه اثنتا عشرة صورة (يمنع منها ثلاث وهي) أي الثلاث: (ما تعجل فيه) الثمن (الأقل) كأن يبيعها بعشرة لرجب ثم يشتريها بثمانية نقداً، أو لدون رجب. أو بأكثر من العشرة لأبعد من رجب كشعبان لما فيه من السلف بمنفعة وتجوز التسعة الباقية. (فيجوز تساوي الأجلين) سواء كان الثمن مساوياً للأول أو أقل أو أكثر (أو) تساوي (الثمنين) سواء اتحد الأجلان أو اختلفا (كاختلافهما) أي الأجلين والثمنين بالقلة أو الكثرة (إذا لم يرجع لليد السابقة بالعطاء أكثر) فإن رجع لها أكثر منع، وهي الثلاثة المتقدمة، وهذا معنى قولهم: إن تساوى الأجلان أو الثمنان فالجواز وإلا فانظر لليد السابقة بالعطاء فإن دفعت قليلاً عاد إليها كثير منع، وإلا فلا.
وهذا إن عجل الثمن الثاني كله أو أجله كله وأما لو نقد بعضه وأجل بعضه فأشار له بقوله: (ولو أجل بعضه) أي الثمن الثاني ونقد بعضه (امتنع) من الصور (ما تعجل فيه الأقل بعضه) أي بعض الأقل وسواء فيهما تعجل على جميع الأكثر أو بعضه؛
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لا يقصدون إلى السلف لا ناجزاً لأبعد مدة كذا في الأصل.
قوله: [ولو لم يقصد بالفعل]: في المواق عن ابن رشد أنه لا إثم على فاعله فيما بينه وبين الله حيث لم يقصد الأمر الممنوع.
قوله: [كسلف بمنفعة]: أدخلت الكاف باقي العلل المحرمة. قوله: [أي كبيع أدى إلى ذلك]: أي ففي الظاهر جائز وباعتبار ما يؤول إليه حرام. قوله: [بخمسة نقداً] إلخ: ومثل ذلك في النهي ما إذا اشتراها بأكثر لأبعد كما يأتي.
قوله: [واشتراها بمثلها للأجل]: لا مفهوم لقوله: "بمثلها" بل لو اختلف الثمن كما يأتي: والمدار في الحرمة على شرط عدم المقاصة سواء كان الثمن الثاني مساوياً للأول أو أقل أو أكثر. قوله: [وصرف مؤخر]: مثله البدل المؤخر كما يأتي.
قوله: [أو لأجل أقل أو أكثر]: لا مفهوم لذلك بل مثلها للأجل نفسه لأن جميع صور الصرف ممنوعة كما يأتي.
قوله: [يمنع منها ثلاثة ويجوز الباقي]: أي عند وجود الشروط الآتية وإلا فتارة يمنع أكثر من ذلك.
قوله: [فمن باع شيئاً لأجل]: تضمنت هذه العبارة شروط بيوع الآجال الخمسة: وهي أن تكون البيعة الأولى لأجل والمشتري ثانياً هو البائع أولاً أو وكيله، والمباع ثانياً هو المباع أولاً، والبائع الثاني هو المشتري أولاً أو وكيله، والثمن الثاني بصفة الثمن الأول، وتعجيل الثمن الثاني كله أو تأجيل كله، بدليل قول المتن الآتي: "ولو عجل بعضه امتنع" إلخ؛ فتكون الشروط ستة. وقوله: [شيئاً]: أي مقوماً. وأما المثلي فله مزيد أحكام ستأتي في قوله: "والمثلي صفة وقدراً كعينه" إلخ. قوله: [ثم اشتراه]: ليس المقصود من ثم التراخي بل لا فرق بين التراخي وغيره وفاعل "اشتراه" هو فاعل "باع" والضمير المنصوب عائد على الشيء المشترى. والمراد اشتراه لنفسه، وأما لو اشتراه لغيره كمحجوره مثلاً فهو مكروه فقط.
قوله: [بجنس ثمنه]: المراد بالجنس الاتحاد معه في الصفة، بدليل ما يأتي من منع البيع بذهب وشرائه بفضة وعكسه في جميع الصور ومنعه بسكتين إلى أجل. وحكم ما إذا اشتراه بعرض مخالف فإن لهذه أحكاماً تخصها غير ما هنا.
قوله: [فهذه اثنتا عشرة صورة]: أي من ضرب أحوال الثمن الثلاثة في أحوال الأجل والنقد وإن شئت قلت: وفي كل من الاثنتي عشرة: إما أن تكون العقدة الثانية في مجلس العقدة الأولى أو لا، وفي كل: إما أن تكون السلعة قد قبضها المشتري الأول أو لا؛ فهذه ثمان وأربعون. وإن شئت قلت: وفي كل إما: أن يكون الثمنان عيناً أو عرضاً. ومرادهم بالعرض: ما يشمل الحيوان وطعاماً؛ فتبلغ الصور مائة وأربعة وأربعين.
قوله: [لما فيه من السلف بمنفعة]: أي والمسلف في الصورتين الأوليين البائع الأول. وفي الثالثة البائع الثاني، ومحل منع الثالثة ما لم يدخلا على المقاصة وإلا فلا تحرم كما يأتي. قوله: [فيجوز تساوي الأجلين]: أي إن لم يشترطا نفي المقاصة وإلا منع كما يأتي. قوله: [سواء اتحد الأجلان]: لا حاجة له لأنها إحدى صور تساوي الأجلين فهو مكرر فيتعين فرض ما هنا في تساوي الثمنين واختلاف الأجلين أو كون الثاني نقداً.
قوله: [كاختلافهما] إلخ: أي وتحته ثلاث صور، وهي: كون الثمن الثاني