انظر تفصيل المسألة في الأصل مع ما بينه شراحه.

(وارتفع حكم الفوات) وهو لزوم القيمة أو الثمن في المختلف فيه (إن عاد المبيع) فاسداً لأصله؛ بأن رجع للمشتري بعد خروجه من يده ولو اضطراراً، كإرث، أو زال ما به من عيب أو غيره (إلا تغير السوق) إذا فات به ثم رجع لأصله، فلا يرتفع به حكمه ووجب على المشتري ما وجب.

(فصل)

في بيان حكم بيوع الآجال

وهو بيع المشتري ما اشتراه لبائعه أو لوكيله لأجل، وهو بيع ظاهره الجواز، لكنه قد يؤدي إلى ممنوع فيمتنع ولو لم يقصد فيه التوصل إلى الممنوع سداً للذريعة التي هي من قواعد المذهب. والحاصل أن ما أدى إلى الواجب واجب، وما أدى إلى الحرام حرام ولو لم يقصد الحرام، كما أن ما أدى إلى الجائز جائز كما في بعض مسائل هذا الباب ولذا قال: (يمنع) من البيوع (ما أدى لممنوع يكثر قصده): للمتبايعين

ـــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: [انظر تفصيل المسألة في الأصل] إلخ: حاصله أنه إن أحاط البناء والغرس بالأرض كالسور فإن كان عظيمي المؤنة أفاتا الأرض وإلا فلا يفيتان شيئاً وإن عم الأرض كلها أو جلها كنصفها عند ابن عرفة فإنهما يفيتان الأرض بتمامها عظمت مؤنتهما أم لا فإن عم الثلث أو الربع ومثلهما النصف عند أبي الحسن فاتت جهته فقط وإن لم تعظم مؤنتها فإن عم أقل من الربع فلا يفيت شيئاً منها ولو عظمت المؤنة ويعتبر كون الجهة الربع أو أكثر أو أقل بالقيمة يوم القبض لا بالمساحة وإذا لم يكن الغرس أو البناء مفيتاً إما لنقص محلهما عن الربع أو لعدم عظم المؤنة فيما يعتبر فيه العظم فإنه يكون للبائع الأرض وللمشتري قيمة غرسه أو بنائه قائماً على التأبيد على ما للمازري وابن محرز كما ذكره الشارح.

قوله: [إلا تغير السوق]: أي لأن تغير السوق الذي أوجب الفوات ليس من سبب المشتري فلا يتهم على أنه حصله لتفويت السلعة فلذا إذا عاد السوق الأول لم يعد بخلاف نحو البيع والصدقة والنفل فإنه يتهم على فعله ذلك للتفويت فإذا حصل شيء من ذلك حكمنا بالفوات نظراً لظاهر الحال فإذا زال حكمنا بزوال حكمه نظراً للاتهام ولا يقال إن تغير الذات ليس من سببه لأنه يقال قد يحصل منه بتجويع أو تفريط في صونه أو غير ذلك فالغالب كونه من سببه وحمل غير الغالب عليه.

قوله: [ووجب على المشتري ما وجب]: أي في غير المثلي والعقار وهو الحيوان والعروض وأما المثلي والعقار فقد مر أنهما لا يفوتان بتغير الأسواق.

فصل في بيان حكم بيوع الآجال

قوله: [لبائعه]: متعلق ببيع. وقوله: [لأجل]: متعلق باشتراه. قوله: [وهو بيع ظاهره الجواز]: واعتبر الشافعي ذلك، فعنده بيوع الآجال جائزة في جميع الصور. قوله: [سداً للذريعة]: الذريعة بالذال المعجمة: الوسيلة إلى الشيء وأصلها عند العرب ما تألفه الناقة الشاردة من الحيوان لتنضبط به. ثم نقلت إلى البيع الجائز المتحيل به على ما لا يجوز، وكذلك غير البيع على الوجه المذكور، فهي من مجاز المشابهة. والذرائع ثلاثة: ما أجمع على إلغائه كالمنع من زرع العنب لأجل الخمر، وما أجمع على إعماله كالمنع من سب الأصنام عند من يعلم أنه يسب الله عند ذلك، وما اختلف فيه كالنظر للأجنبية والتحدث معها وبيوع الآجال.

ومذهب مالك منعها ابن عرفة: بيوع الآجال يطلق مضافاً ولقباً. الأول: ما أجل ثمنه العين وما أجل ثمنه غيرها سلم. والثاني: لقب لتكرر بيع عاقدي الأول ولو بغير عين قبل انقضائه، وقوله: لتكرر إلخ أخرج به عدم تكرر البيع في العقدة وتكررها من غير عاقد الأول اهـ. خرشي.

قوله: [وما أدى إلى الحرام حرام]: فالحرام كسلف جر نفعاً أو ضمان يجعل أو شرط بيع وسلف أو صرف مؤخر أو بدل مؤخر أو فسخ ما في مؤخر أو غير ذلك من علل المنع الآتية.

قوله: [يكثر قصده]: أي لا ما قل قصده فلا يمنع لضعف التهمة كتهمة ضمان بجعل وتهمة: أسلفني وأسلفك. فمثال الأول: أن يبيعه ثوبين بدينار لشهر ثم يشتري منه عند الأجل أو دونه أحدهما بدينار، فيجوز ولا ينظر لكونه دفع له ثوبين ليضمن له أحدهما وهو الثوب الذي اشتراه مدة بقائه عنده بالآخر لضعف تهمة ذلك ولقلة قصد الناس إلى ذلك، وأما صريح ضمان بجعل فلا خلاف في منعه؛ لأن الشارع جعل الضمان والجاه والقرض لا يفعل إلا لله. ومثال الثاني: أن تبيعه ثوباً بدينارين إلى شهر تشتريه منه بدينار نقداً أو دينار إلى شهرين، فآل أمر البائع إلى أنه دفع الآن ديناراً سلفاً للمشتري ويأخذ عند رأس الشهر دينارين؛ أحدهما عن ديناره، والثاني: سلف منه يدفع له مقابله عند رأس الشهر الثاني، فلا يمنع أيضاً لضعف التهمة. لأن الناس في الغالب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015