فلا تفوت بتغير سوقه كالمثلي ويرد بعينه. (وبطول زمان حيوان) عند المشتري بعد قبضه ولو لم يتغير سوقه ولا ذاته. والطول (كشهر) كما في المدونة وفيها في محل آخر ما يفيد أن الثلاثة لا تفيت، وحمل على حيوان شأنه عدم التغير في الشهر والشهرين والثلاثة، والشهر فيما شأنه التغير؛ فلا خلاف في المعنى.
(و) يحصل الفوات (بالنقل): أي بنقل المبيع فاسداً من محل (لمحل) آخر (بكلفة) في الواقع وإن لم يكن على ناقله كلفة كحمله على دوابه بعبيده أو في سفينة. وقول الشيخ: "لبلد" ليس بلازم. إذ المدار على نقله لمحل فيه مشقة وبعد، يلزم على رده بعينه المشقة، فيلزمه قيمة المقوم ومثل المثلي في المحل الذي نقل منه لا البلد المنقول إليه. فإن لم يكن في نقله كلفة ولو لبلد آخر لم يفت: كالعبد والحيوان فيرد بعينه إلا أن تكون الطريق مخوفة (و) يحصل الفوات (بتغير الذات) للمبيع فاسداً بعيب كعور وعرج أو غيره كصبغ وطحن وخبز بل (وإن بسمن) لدابة (أو هزال) لدابة وغيرها كعبد وأمة، فيلزمه قيمة المقوم ومثل المثلي. وما ذكرناه من أن اللازم في الفوات هو قيمة المقوم ومثل المثلي هو طريقة ابن يونس وابن بشير وابن الحاجب والشيخ، ولابن رشد واللخمي والمازري طريقة أخرى: وهي أن اللازم في الفوات القيمة مطلقاً في المقوم والمثلي، وأن المشهور أن المثلي لا يلحقه فوات في تغير سوق ولا ذات ولا نقل بمشقة لأن مثله يقوم مقامه إذ اللازم في هذه الأحوال المثل على الراجح. ومقابله يقول بفواتها بأحد هذه الأحوال واللازم القيمة كالمقوم.
(وبالوطء) لأمة ولو ثيباً وخشاً إذا كان من بالغ أو من صبي افتض بكراً لأنه من تغير الذات.
(وبالخروج عن اليد): أي يد مشتريها فاسداً (بكبيع صحيح) لا فاسد فلا يفيت. وبيع بعض ما لا ينقسم ولو قل، كبيع الكل كأكثر ما ينقسم وإلا فات منه ما بيع فقط وأدخلت الكاف الهبة والصدقة والحبس.
(وتعلق حق) بالمبيع فاسداً لغير مشتريه (كرهن) له في دين (وإجارة) لازمة بأن كانت وجيبة، أو نقد كراء أيام معلومة.
(و) يحصل الفوات (بحفر بئر أو) حفر (عين بأرض) بيعت بيعاً فاسداً (وبغرس) الشجر [¬1] فيها (وبناء) الواو بمعنى: أو (عظيمي المؤنة) ومثلهما: القلع والهدم لأنهما من تغير الذات. ومفهوم: "عظيمي المؤنة" أنهما لو كانا خفيفين كشجرة أو شجرتين ونحوهما، وكحائط خفيف لم تفت بهما الأرض، وهو كذلك؛ فترد الأرض لبائعها، وللمشتري والباني أو الغارس قيمة ما بناه أو ما غرسه قائماً على التأبيد لأنه فعله بوجه شبهة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
على غير معين واستغله عالماً بوقفيته فإنه يلزمه رد الغلة لمستحقها وكذا إن كان موقوفاً على معين وعلم بوقفيته عليه ولم يرض ذلك المعين ببيعه بخلاف ما إذا ظهر أنه وقف على معين. وهو راض ببيعه فإن المشتري يفوز بالغلة ولو علم بالوقفية وإنما يعتبر رضا الرشيد دون غيره.
قوله: [فلا يفوت بتغير سوقه]: أي لأن غالب ما يراد له العقار القنية فلا ينظر فيه لكثرة الثمن ولا لقلته.
قوله: [وفيها في محل آخر]: حاصله أن الإمام - رضي الله عنه - رأى مرة أن بعض الحيوانات يفيته الشهر لمظنة تغيره فيه لصغر ونحوه فحكم بأن الشهر فيه طول، ورأى مرة أن بعض الحيوانات لا يفيته الشهران والثلاثة لعدم مظنة تغيره في ذلك فحكم فيه بأنه ليس بطول ومن المعلوم أن الحكمين المختلفين لاختلاف محلهما ليس بينهما خلاف حقيقي، ولذلك قال الشارح فلا خلاف في المعنى.
قوله: [إلا أن تكون الطريق مخوفة]: مثل الخوف على ما ذكر أخذ المكس وأجرة الركوب إن عظمت.
قوله: [وبالوطء]: أفهم أن المقدمات لا تفيت وأما الخلوة بها فإن ادعى وطأها صدق عليه أو وخشاً صدقه البائع أو كذبه فتفوت في هذه الصور وإن أنكر صدق في الوخش صدقه البائع أو كذبه وفي العلية إن صدقه البائع ولكن إذا ردت تستبرأ فإن كذبه فاتت.
قوله: [كأكثر ما ينقسم] المراد بالأكثر ما زاد على النصف.
قوله: [وأدخلت الكاف الهبة] إلخ: أي والعتق بأي وجه من وجوهه. قوله: [كرهن له في دين]: أي ولم يقدر على خلاصه لعسر الراهن فلو قدر لم يكن فوتاً.
قوله: [وإجارة لازمة] إلخ: أي ولم يقدر على فسخها بتراض وإلا لم تكن فوتاً وهذا في رهن وإجارة بعد القبض له وأما قبل قبضه من بائعه ففيه خلاف كما إذا باعه بيعاً صحيحاً قل قبضه فقيل يفوت بذلك وقيل لا يفوت واستظهر (ح) الفوات ومحل القولين ما لم يقصد بما ذكر الإفاتة وإلا فلا يفيته اتفاقاً معاملة له بنقيض قصده في غير العتق.
قوله: [عظيمي المؤنة]: صفة لغرس وبناء ولا يرجع لبئر وعين لأن شأنهما ذلك ويعلم منه أن بئر الماشية ليست مفيتة ما لم يحصل فيها عظم مؤنة بالفعل.
قوله: [ومثلهما القلع والهدم] أي وأما الزرع فلا يفيت بل يرد المبيع؛ ثم إن كان الفسخ والرد في إبان الزراعة فعلى المشتري كراء المثل ولا يقلع زرعه، وإن كان بعد فواته فلا كراء عليه وفاز بذلك الزرع لأنه غلة.