(أو كثرة زحام) فإنها مسقطة لوجوب الدعوة (أو إغلاق باب دونه) إذا قدم، (وإن لمشاورة أو) لم يكن (عذر يبيح الجمعة) أي التخلف عنها من كثرة مطر أو وحل أو خوف على مال أو مرض أو تمريض قريب ونحو ذلك.

(وحرم ذهاب غير مدعو و) حرم (أكله) إن ذهب ويسمى الطفيلي (إلا بإذن) من رب الطعام فيجوز أكله.

(وكره نثر اللوز والسكر) ونحوهما في المجلس (للنهبة)، لأنه ليس من فعل الناس وأما وضع ذلك للأكل على العادة فجائز.

(و) كره (الزمارة والبوق) المسمى عندنا بالنفير إذا لم يكثر جداً حتى يلهي كل اللهو، وإلا حرم كآلات الملاهي ذوات الأوتار، والغناء المشتمل على فحش القول أو الهذيان (لا الغربال)، قال ابن عمر: هو المسمى عندنا بالبندير، ويسمى في عرف مصر بالطار، أي فلا يكره إذا لم يكن فيه صراصير، وإلا حرم (والكبر) فلا يكره: وهو الطبل الكبير المدور المُغَشَّى من الجهتين.

فصل في القسم بين الزوجات وما يلحق به

(إنما يجب القسم) على الزوج البالغ العاقل ولو مجبوباً أو مريضاً مرضاً يقدر معه عليه، (للزوجات) لا للإماء، ولا لزوجة مع أمة (في المبيت) لا في غيره

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وهو قول مالك وابن القاسم، غاية الأمر أنه يكره لذي الهيئة أن يحضر اللعب اهـ من حاشية الأصل.

قوله: [أو كثرة زحام]: مثله ما إذا كان الداعي امرأة غير محرم، أو كانت الوليمة لغير مسلم، ولو كان الداعي مسلماً وكذا إن كان في البيت كلب عقور، أو كان في الطعام شبهة كطعام المكاس، أو خص بالدعوة الأغنياء، أو كانت الطريق فيها نساء واقفات يتعرضن للداخل.

قوله: [ونحو ذلك]: أي من باقي أعذار الجمعة المشهورة.

قوله: [إلا بإذن من رب الطعام]: أي في الدخول، والأكل وجواز الأكل حينئذ لا ينافي حرمة الذهاب ابتداء، ومحل حرمة مجيئه بغير إذن ما لم يكن تابعاً لذي قدر معروف بعدم مجيئه وحده، فالظاهر الجواز كما في الحاشية.

قوله: [للنهبة]: أي لأجل الانتهاب، فإن صار أحدهم يأخذ ما بيد صاحبه فحرام.

قوله: [ذوات الأوتار]: أي الخيوط كالربابة والعود والقانون.

قوله: [أي فلا يكره]: أي لقوله - عليه الصلاة والسلام -: «أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالدف» اهـ. وأما غير النكاح كالختان والولادة فالمشهور عدم جواز ضربه، ومقابل المشهور جوازه في كل فرح للمسلمين.

قوله: [وهو الطبل الكبير]: وقيل طبل صغير طويل العنق مجلد من جهة واحدة وهو المعروف بالدربكة، وفي تقرير لشيخ مشايخنا العدوي أن الطبل بجميع أنواعه يجوز في النكاح، فإن كان فيه صراصير ففيه خلاف.

تتمة: قال الإمام عز الدين بن عبد السلام: من كان عنده هوى من مباح كعشق زوجته وأمته فسماعه لا بأس به، ومن قال: لا أجد في نفسي شيئاً فالسماع في حقه ليس بمحرم، وقال السهروردي: المنكر للسماع إما جاهل بالسنن والآثار، وإما مغتر بما حرمه من أحوال الأخيار، وإما جامد الطبع لا ذوق له فيصر على الإنكار. قال بعض العارفين: السماع لما سمع له؛ كماء زمزم لما شرب له.

واعلم أن العلماء اختلفوا في العود وما جرى مجراه من الآلات المعروفة ذوات الأوتار؛ فالمشهور من المذاهب الأربعة أن الضرب به وسماعه حرام، وذهبت طائفة إلى جوازه ونقل سماعه عن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن جعفر، وعبد الله بن الزبير، ومعاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص وغيرهم وعن جملة من التابعين ومن الأئمة المجتهدين، ثم اختلف الذين ذهبوا إلى تحريمه، فقيل: كبيرة وقيل: صغيرة، والأصح الثاني، وحكى المازري عن ابن عبد الحكم أنه قال: إذا كان في عرس أو صنيع فلا ترد به شهادة.

وأما الرقص فاختلف فيه الفقهاء، فذهبت طائفة إلى الكراهة، وطائفة إلى الإباحة، وطائفة إلى التفريق بين أرباب الأحوال وغيرهم فيجوز لأرباب الأحوال، ويكره لغيرهم، وهذا القول هو المرتضى، وعليه أكثر الفقهاء المسوغين لسماع الغناء، وهو مذهب السادة الصوفية، قال الإمام عز الدين بن عبد السلام: من ارتكب أمراً فيه خلاف لا يعزر عليه لقوله - عليه الصلاة والسلام -: «ادرءوا الحدود بالشبهات»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «بعثت بالحنيفية السمحة»، وقال الله تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} [الحج: 78] أي ضيق، وفي هذا القدر كفاية، فإن أردت الزيادة من ذلك فانظر حاشية شيخنا الأمير على (عب) في هذا الموضع، فإن فيها العجب العجاب.

فصل في القسم بين الزوجات

قوله: [وما يلحق به]: أي وهي أحكام النشوز.

قوله: [للزوجات]: هذا هو المحصور فيه، فالمعنى لا يجب القسم لأحد في شيء إلا للزوجات في المبيت على حد لا محبة لي في شيء إلا في الله.

قوله: [لا للإماء] إلخ: أي كما قال ابن شاس لا يجب القسم بين المستولدات وبين الإماء، ولا بينهن وبين المنكوحات. اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015