لا يخرجون منه ليلة عرفة ويقولون نحن قطان بيت الله وأهله فلا يقفون بعرفة مع أنها من مشاعر إبراهيم عليه الصلاة والسلام فكانوا كذلك حتى ردّ الله عليهم بقوله: ثم أفيضوا الخ وكان عليه الصلاة والسلام قبل ذلك يقف بعرفات ويخالفهم لأنّ الله وفقه وأوقفه على المشاعر اهـ. فالأوّل هو التفسير المأثور ولذا قذمه المصنف إلا أنّ فيه خفاء من جهة النظم فإنه معطوف على جواب إذا وعليه يصير تقديره فإذا أفضتم من عرفات فأفيضوا من عرفات ولا يخلو من نظر فهو محتاج إلى التأويل.

قوله: (وقيل من مزدلفة منى الخ) إشارة إلى وجه تكون فيه ثم على أصلها ويكون الناص

قريشاً وتعريفه للعهد، وقوله: بعد الإفاضة من عرفة بيان لمحصل المعنى والا فالظاهر بعد الذكر والقراءة المذكورة بكسر السين مع حذف الياء واثباتها والمراد بالناس آدم عليه الصلاة والسلام لقوله في حقه فنسي يعني أمر الشجرة وثم على هذه القراءة لتفاوت الرتبة، وقوله: في تغيير المناسك بناء على التفسير الأوّل والتعميم للإشارة إلى الثاني، وينعم عليه تفسير لرحيم وقوله وفرغتم لأن معنى قضيت الحج أدّيته وأتممته والمناسك جمع منسك وهو النسك أي العبادة، وقوله: فأكثروا الخ الكثرة مستفادة من قوله: {كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ} والأيام عبارة عن الوقائع والحروب كما يقال يوم الفجار ويوم بدر وحيث أطلق يراد به ذلك كما بين في الأمثال وكون ذلك كان عادتهم رواه ابن جرير وغيره والمعنى ذكراً أشد ذكرا على الإسناد المجازي وصفآ للشيء بوصف صاحبه كما يقال: جد جده فجعل الذكر ذاكراً حيث أثبت له ذكراً وكذا إذا جعل منصوبا معطوفا على محل الجار والمجرور كما ذكره ابن جني حتى يكون من هذا القبيل أيضا قال أبو حيان: ووجهه أنّ ذكراً منصوب على التمييز وأفعل إذا ذكر بعده ما ليس من جنسه مما يغايره انتصب كذلك نحو زيد أفضل علماً فإن كان من جنسه ولم يغايره جرّ بالإضافة نحو أفضل عالم فكان المتبادر هنا أشد ذكر بالجرّ فلما انتصب دلّ على أنه غيره وأنه جعل للذكر ذكراً كشعر شاعر وقوله: كذكر أشذ منه منوّن لا مضاف. قوله: (إمّا مجرور معطوف على الذكر الخ) اعترض! على قوله أو على ما أضيف إليه ذكر بأنه عطف على الضمير المجرور بدون إعادة الجارّ وقد منعه كثير وأجيب عنه بوجوه، الأوّل أنه رآه توم جائزاً فلعل المصنف رحمه الله تابعهم وبأنه جوّز العطف على المرفوع المتصل إذا فصل بينهما فاصل فالمجرور مثله وقد فصل بينهما ههنا، وبا! المنع إتما هو إذا كان الجارّ حرف جز لشدة اتصاله ولهذا جاز الفصل بين المضاف والمضاف إليه ولم يجز بين حرف الجرّ ومجروره، وبأنّ المجرور هنا في حكم المنفصل لكونه فاعل المصدر، وبأنّ المراد العطف من حيث المعنى وأمّا بحسب اللفظ فهو على حذف مضاف معطوف على الذكر أي أو ذكر قوم أشد ذكراً، قال النحرير: والكل ضعيف ثم إنّ قوله على المجاز كان الظاهر تأخيره إلى هنا والمجاز هنا النسبة الإضافية. قوله:

) وإمّا منصوب بالعطف على آباءكم الخ) يعني أنّ الأفعال المتعدية إض! افات بين الفاعل والمفعول فالذكر مثلاً من حيث الإضافة إلى الفاعل ذاكرية والى المفعول مذكورية وتحقيقه أنّ المصدر عبارة عن أن والفعل فإمّا أن يقدر أن ذكر أو أن ذكر والمعنى على الأوّل أشدّ ذاكرية، وعلى الثاني أشد مذكورية واعترض عليه ابن الحاجب وصاحب الانتصاف بأن أفعل للمفعول شاذ لا يرجع إليه إلا بثبت فالأظهر أنه من عطف جملتين أي اذكروا ذكراً مثل ذكر آبائكم واذكروا الله حال كونكم أشد ذكراً من ذكر آبائكم وهو غفلة فإن أفعل هو لفظ أشد وما هو إلا للفاعل ولا يلزم من جعل تمييزه مصدراً من المبني للمفعول محذور كما إذا جعل من الألوان والعيوب كأشد بياضا ومن المجهول، كأشدّ مضروبية ونحوه وما ذكره بعيد. قوله: (أو بمضمر دل عليه الخ) وذكر أبو حيان وجها حسنا ارتضاه وهو أن يكون أشد صفة ذكراً قدم عليه فانتصب على الحالط وذكرا معطوف على كذكركم. قوله: (تفصيل للذاكرين الخ) في الكشاف معناه أكثروا ذكر الله ودعاءه فإنّ الناس من بين مقل لا يطلب بذكر الله إلا أعراض الدنيا ومكثر يطلب خير الدارين فكونوا من المكثرين.

(وههنا فائدة) وهي أنّ من بين تستعمل للتقسيم استعمالاً فصيحا كما في عبارة الزمخشريّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015