والمعنى لا يختلف وكفاك دليلا قوله: أول ما يبدو من الفجر المعترض في تفسير الخيط الأبيض، وقول بعضهم الصحيح الأوّل مردود لفظاً ومعنى وجوز أن يرجع إلى الغبش على أنّ الفجر عبارة عن النور والظلمة بعضه أي جزؤه لا جزء منه وهو خلاف الظاهر لقوله: وأوّله وحينئذ يكون وزانه وزان من في قولك جاءتي العالم من القوم، والاعتراض! بأنه إذ ذاك من تتمة الأبيض فوجب أن لا يفصل بينهما بالخيط الأسود غير قادج لأنه في المعنى بيان له أيضاً لأنّ محله النصب على الحالية تبينا كان أو تبعيضا فحقه التأخير عما هو في صلة التبيين، ولو قيل إن الفجر عبارة عن مجموع الخيطين لقول الطائي:

وأزرق الفجر يبدو قبل أبيضه

فيكون بيانا لهما على وزان قولك حتى يتميز العالم من الجاهل ويكون وقت التبيين عبارة

عن الفجر الصادق على أنّ الخيط إشارة إليه لكان وجهاً، ثم إنهم سكتوا في وجه التبعيض عن الحقيقة والمجاز والظاهر من كلام الكشاف أنه حقيقة وفيه تأمّل، وقوله: فإن ما يبدو بعض الفجر إذ هو مجموع البياض والسواد وعلى الأوّل هو البياض فقط أو مجموعهما وجعله بيانا لأنّ بيان الجزء بيان الكل أو إنّ فيه تقديراً أي من بعض الفجر والظاهر الأوّل لأنه لو سلم الثاني كان بياناً لهما من غير تقدير كما في الكشف ولم يكن فرق بين البيان والتبعيض. قوله: (وما روي أنها نزلت الخ) هذا صحيح مذكور في البخاري فلا ينبغي أن يقولي إن صح ولما كان تأخير البيان على القول به لا يجوز عن وقت الحاجة على الصحيح أوّله بأن نزوله كان قبل رمضان وهو غير دافع لأنهم محتاجون إليه في صوم التنفل فالأولى الاقتصار على ما بعده، قال

سعد.

الكرمانيّ: كان استعمال الخيطين فيهما شائعا غير محتاج إلى البيان فاشتبه على بعضهم فحملوه على العقالين، وقال النووي: فعله من لم يكن مخالطا لرسول الله! ي! من الأعراب ومن لا فقه عنده أو لم يكن في لغته استعماله فيهما ورجح هذا بعضهم وقال إنه كان معروفا في لغة قريش ومن جاورهم قال أبو داود:

فلما أضاءت لنا سدفة ولاج من الصبح خيط أنارا

وقال آخر:

قد كان يبدو وبدت تباشره وسدف الخيط البهيم ساتره

وعدي بن حاتم لم يكن ذلك من لغته. قوله:) وفي تجويز المباشرة إلى الصبح الخ (لأنه

لما أباح المباشرة إلى تبين الفجر تبين أنّ الغسل فيما بعده وأما دلالته على جواز النية بالنهار فلا ولدا لم يذكره كما في الكشاف لأنه ثابت بدليل آخر. قوله: (بيان آخر وقته الخ (ونفى صوم الوصال وفي نسخة فينتفي صرم الوصال وهي أولى وهو أن يصوم يومين فأكثر من غير أن يفطر الليل قيل إنّ النبيّ لمجيئ استنبط هدّا منها كما أخرجه أحمد ووجهه أنه جعل الليل غاية للصوم وغاية الشيء منقطعه ومنتهاه وما بعد الغاية مخالف ما قبله وإنما يكون كذلك إذا لم يبق بعده صوم، وأما احتمال كون الغاية للوجوب فمع أنه خلاف الظاهر لا ينفي احتماله مع بيان المراد بالحديث الصحيح. قوله: (والاعتكاف الخ) أصل معنى العكوف في اللغة الملازمة على سبيل التعظيم ثم نقل في الشرع إلى الاحتباس في المسجد على سبيل القربة وأما دلالته على ما ذكر فلأنه معنى الاعتكاف شرعا كما قدمه، وأما كونه لا يخص مسجداً فظاهر فلا يرد

أنه ربما يذعي دلالته على أنّ الاعتكاف يكون في غير المسجد دمالا لما كان للتقييد فائدة وقوله: وأنّ الوطء يحرم فيه راجع للاعتكاف بقرينة قوله: ويفسده، وأما المجامعة في المسجد مطلقا فلا تدل الآية على حرمتها، وقال ابن الهمام رحمه الله: التحريم يحتمل أن يكون للاعتكاف وأن يكون للمسجد فتكون ظنية الدلالة وبمثلها تثبت كراهة التحريم لا التحريم فهي مكروهة كراهة تحريم على الأصح كما في شرح الكنز. قوله: (أي الأحكام التي ذكرت الخ) أي الأحكام المذكورة من باشروا وابتغوا وكلوا واشربوا للإباحة وأتموا الصيام للإيجاب ولا تباشروهت لتحريم حدود الله، والنهي عن الإتيان والقربان في الحرام ظاهر وأما في الواجب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015