والمندوب والمباج فمشكل، وعن التعذي بالعكس لأن النهي عن التعذي في الجواب والمندوب والمباح ظاهر لأنه بمعنى ينبغي أن يكون هذا عملكم، وفي الحرام مشكل لأنّ التعدي عن الحرام واجب وما ذكر في الكشاف من كون منع القربان مبالغة في منع التعدي وكون التعدي عبارة عن ترك الطاعة والعمل بالشرائع وتجاوز حيز الحق إلى حيز الباطل يدفع الإشكالين بتأويل في اللفظ وهو أنّ تلك الأحكام ذوات حدود فلا تقربوها كيلا يؤذي إلى تجاوزها والوقوع في حيز الباطل وهو معنى قوله نهى أن يقرب الحد الحاجز الخ، وقوله: فضلا عن أن يتخلى جواب عما قيل: كيف قيل: فلا تقربوها مع قوله: {فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ} [سورة البقرة، الآية: 229] ومنع تعذي الحد ومنع قربانه متدافعان لأنّ منع التعدي يشعر بجواز القربان فإن منع القربان يفيد مغ التعذي بطريق الأولى فهو أبلغ منه، وقوله لكل " ملك حمى " حديث صحيح وهو من جوامع الكلم وشبه المحارم بالحمى الذي يحميه السلطان عن الرعاة وغيرهم فلا يدخله أحد ثم نهى عما يقرب منه من المشتبهات فإنه يوقع في المحرمات كمن قرب من المرعى المحمى فإنه يخشى عليه من دخوله، ويوشك بمعنى يقرب وهو شاهد للمنع من القرب وان كان المذكور فيه المحارم فقط. قوله: (ويجوز أن يريذ بحدود الله الخ) فيستقيم منع اأمربان من غير تأويل إلا أنه لم يسبق إلا نهي واحد وهو قوله لا تباشروهق فقيل: التعدد باعتبار أن الأوامر السابقة نهى عن أضدادها، وقيل: إنه في أمر الإباحة مشكل فالأوجه أن يراد هذا وأمثاله. قوله: (مثل ذلك التبيين (يحتمل أنّ الإشارة إلى التبيين
السابق أو إلى ما بعده كما مرّ، وقوله: مخالفة الأوامر والنواهي على التفسير الأوّل ظاهر وعلى الثاني تتميم. قوله: (أي لا يكل بعضكم الخ) يعني أنّ هذا ليس من مقابلة الجمع بالجمع كما في اركبوا دوابكم بل المراد نهي كل عن أكل مال الآخرة فقوله بالباطل متعلق بتأكلوا وبينكم أيضا كذلك أو ظرف مستقر حال من الأموال والأدلاء الإلقاء أي إلقاء الأموال إلى الحكام، وفي الأساس أدليت دلوي في البئر أرسلتها ودلوتها نزعتها ومن المجارّ دلوت حاجتي طلبتها ودلوت به إلى فلان تشفعت به إليه وأدلى بحجته أظهرها وأدلى بمال فلان إلى الحكام رفعه وعلى نصبه بإضمار أن معناه لا يكن منكم أكل الأموال والإدلاء ومثله وإن كان للنهي عن الجمع لا ينافي كون كل من الأمرين منهيا، وبها الباء للتعدية متعلق بتدلوا أي ترسلوا بها إلى الحكام أو للسببية وضمير بها للأموال وبالإثم متعلق بتأكلوا والباء للسببية أو للمصاحبة والجار والمجرور حال من فاعل تأكلوا أي ملتبسين بالإثم وكذلك جملة وأنتم تعلمون حالية ومفعوله محذوف كما أشار إليه المصنف رحمه الله. قوله:) روي أن الخ (هذا الحديث أخرجه ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير مرسلاً وامرؤ القيس هذا صحابيئ رضي الله عنه وليس هو الشاعر المشهور لأنه جاهليّ وعبدان بوزن عطشان علم. قوله: (وهو دليل على أن حكم القاضي الخ) هذه المسألة مما اختلف فيه هل حكم الحاكم بحسب ظاهر الشرع إذا لم يكن كذلك في نفس الأمر ينفذ ظاهراً وباطنا أو ظاهراً فقط حتى لا يحل له ما حكم له به وليس الخلاف فيمن ادّعى حقا في يدي رجل وأقام بينة تقتضي أنه له فإنه غير جائز له أخذه وحكم الحاكم لا يبيح له ما كان قبل ذلك محظورا عليه وإنما الخلاف في حكم الحاكم بعقد أو فسخ عقد بشهادة شهود إذا
علم المحكوم له أنهم شهود زور فقال أبو حنيفة رحمه الله: إذا حكم الحاكم ببينة بعقد أو فسخ عقد مما يصح أن يبتدأ فهو نافذ ظاهرا وباطنا ويكون كعقد عقداه بينهما وإن كان الشهود شهود زور كما روي: أنّ رجلا خطب امرأة هو دونها فأبت فاذعى عند عليّ كرّم الله وجهه أنه تزوجها وأقام شاهدين فقالت المرأة إني لم أتزوّجه وطلبت عقد النكاح فقال عليّ رضي الله عنه: قد زوّجك الشاهدان وقال أبو يوسف ومحمد والشافعيّ: لا ينفذ وحكم الحاكم في الظاهر كهو في الباطن والمسألة معروفة في الفروع والأصول ولها تفصيل في أدب القاضي والآية تدلّ على القول الثاني بحسب الظاهر. قوله:) ويؤيده الخ (الحديث المذكور أخرجه الشيخان وألحن أفعل تفضيل من اللحن وهو صرف الكلام عن سننه الجاري إما بلحن أو بجعله تعريضا وقيل: للفطن لحن وكذا القوي على التكلم ومنه ما في الحديث ودلالته لما ذكر ظاهرة ولكنه ليس محل الخلات كما مرّ ومطابقة سبب النزول للآية باعتبار أكل المال