الثاني على ما فيه من التكلف ليس بمراد له لمن تأمّله حق التأمّل، ثم إنه كان الظاهر على هذا أو بدل الواو كأنه وقع في نسخته كذلك كما وجدناه. قوله: (واختاروا الصلاة إلخ) تقدم تفسيره، وأن المختار أنه مع ما قبله وجه واحد. وفي عدم ذكره الإستبدال في بيان المعنى المراد إشارة إلى أنه غير مقصود بالذات، وأنّ ما! معنى اشتروا اختاروا الضلالة على الهدى والاستبدال ملحوظ في معناه الأصلي ليتعلق به باعتباره الباء، ولذا أخره في التفسير ولم يعطفه بأو إلا أنه بقي ههنا أمور.
(مئها) أنّ حقيقة الإشتراء استبدال عين بعين على جهة العوضية المعروفة فلو تجوز به
ابتداء عن اختيار أمر على آخر لأنه لازم له أو مشابه له من غير توسيع للدائرة، وتطويل للمسافة كما فعله الزمخشريّ. كان أهون وأحسن.
(ومنها) أنه وقع في بعض شروح الكشاف كلمات واهية كما قيل إنّ جواب الفطرة لا يطابق السؤال، وهو أنّ المنافقين لم يكونوا على هدى فكيف استبدلوا الضلالة به، والمراد بالفطرة السلامة عن الاعتقادات الفاسدة والتهيؤ لقبول الحق، وأجيب بأنّ المراد أنّ مآل الفطرة إلى الهدى فهي على نهج أعصر خمرا، وفيما قدمناه لك غنية عما ذكر فتدبر.
(ومنها) أنه قيل هنا إن حمل الهدى على الفطرة الأصلية الحاصلة لكل أحد يأباه أنّ إضاعتها غير مختصة بهؤلاء، ولثن حملت على الإضاعة التامّة الواصلة إلى حدّ الختم على القلوب المختصة بهم فليس في إضاعتها قط من الشناعة ما في إضاعتها مع ما يؤيدها من المؤيدات العقلية، والنقلية على أنّ ذلك يفضي إلى كون ما فصل في أوّل السورة إلى ههنا ضائعا، وأبعد منه حمل اشتروا الضلالة بالهدى على مجرّد اختارها عليه من غير اعتبار كونها في أيديهم بناء على أنه يستعمل اتساعا في إيثار أحد الشيئين الكائنين في شرف الوقوع على الآخر فإنه مع خلوّه عن المزايا المذكورة مخل برونق الترشيح الآني.
(أقول) قد ذكر قبل هذا بعد تقرير التجوّز تقريب ما ذكروه أنه ليس المراد بما تعلق به الاشتراء ههنا جن! الضلالة الشاملة لجميع أصناف الكفر حتى تكون حاصلة لهم من قبل بل
هو فردها الكامل الخاص بهؤلاء على أنّ اللام للعهد، وهو عمههم المقرون بالمد في الطغيان المترتب على ما حكي عنهم من القبائح، وذلك إنما يحصل لهم عند اليأس عن اهتدائهم والختم على قلوبهم، وكذا ليس المراد في حيز الثمن نفس الهدى بل التمكن التامّ منه بتعاضد الأسباب، وبأخذ المقدمات المستتبعة له بطريق الاستعارة كأنه نفس الهدى بجامع المشاركة في استتباع الجدوى ولا مرية في أنّ هذه المرتبة من التمكن، كانت حاصلة لهم بما شاهدوه من الآيات الباهرة والمعجزات القاهرة من جهة الرسول صلّى الله عليه وسلّم وبما سمعوه من صالح المؤمنين التي من جملتها ما حكي من النهي عن الإفساد في الأرض والأمر بالإيمان الصحيح، وقد نبذوها وراء ظهووهم وأخذوا بدلها الضلالة الهائلة التي هي العمه في تيه الطغيان، وهو كما قيل:
قعاقع) 1) ماتحتهاطائل! نها! مر أبي ورد
وهو على طرف الثمام لأنه ناشىء من الغفلة عن معنى الإشارة فإنها تقتضي ملاحظتهم لجميع ما مز من الصفات والمعنى أنّ الموصوفين بالنفاق المذكور هم الذين ضيعوا الفطرة أشد تضييع بتهويد الأبناء، ثم بعدماظ فروا بها أضاعوها بالنفاق مع تحريضهم على المحافظة عليها، ونصحهم شفاهاً ونحوه مما لا يوجد في غيرهم كما يشير إليه تعريف الطرفين وأقي تضييع للمزايا وكل ما ذكرونا موجود في كلامهم بغير إسهاب ممل، وأمّا الترشيح المذكور فيكفي له وجود لفظ الإشتراء، وان كان المعنى المقصود غير مرشح به كما هو العادة في أمثاله. قوله: (ترشيح للمجارّ إلخ) أصل معنى الترشيح وحقيقته الوضعية خروج البلل والقطر الصغار مما يشتمل على شيء مائع ماء كان أو لا وعاء كان أو غيره كالضرع، وفي المثل: وكل إناء بالذي فيه يرشح
ولا يختص بالجلد من الحيوان كرشح الجبين ورشح الفرب، وإن كان في بعض كتب
اللغة ما يوهمه، ثم إنّ العرب كنوا به عن تربية الأمّ ولدها لأنها ترشحه بلبنها قليلا قليلا فقالوا رشحت الغزالة ولدها إذا عودته المشي معها، ورشحت الأمّ ولدها باللبن إذا جعلته في فيه شيثا فثيثا حتى يقوى على مصه، ثم تجوّزوا به تجوّزا مبنيا على الكناية عن مطلق التربية، والتهيئة لأمر مّا فقالوا فلان ترشح للوزارة إذا تأهل لها، ثم نقله أهل