(من البيان) بيان لقوله: (ما لم نعلم) ...

===

فإن تفق الأنام وأنت منهم ... فإنّ المسك بعض دم الغزال (?)

والحاصل: أن العطف يشير إلى أن ذلك المعطوف لعظمه أمر آخر مغاير لما عطف عليه، وأنه إنما أفرده بالذكر، ولم يكتف بدخوله تحت العام لعظمه، فكأنه أمر آخر غيره.

(قوله: بيان لقوله: ما لم نعلم) أى: بيان لما من قوله: " ما لم نعلم" لكن لما كانت الصلة والموصول كالشيء الواحد صح ما قاله.

(قوله: ما لم نعلم) أى: فى الزمان السابق على التعليم، وتعليم ذلك البيان الذى كان غير معلوم بخلق علم ضرورى فى أبينا آدم بجميع الأسماء والمسميات من كل لغة، واعترض بأنه لا حاجة لذكر قوله: " ما لم نعلم" للاستغناء عنه بقوله: " علم"؛ لأن التعليم لا يتعلق إلا بغير المعلوم، فغير المعلوم لازم للتعليم، وبذكر الملزوم يعلم اللازم، وأجيب بأن غير المعلوم منه ما هو صعب المأخذ لا ينال بقوتنا واجتهادنا، ومنه ما هو سهل المأخذ بحيث ينال بقوتنا واجتهادنا بحسب العرف، واللازم للتعليم الثانى دون الأول، والمراد هنا فى كلام المصنف الأول، فقوله: " ما لم نعلم" أى:

بقوى أنفسنا واجتهادنا ولو حذف قوله: " ما لم نعلم" لتوهم أن ذلك العلم أمر سهل المأخذ ينال بالاجتهاد والقوى البشرية، حينئذ فالتصريح بقوله: " ما لم نعلم" لدفع ذلك التوهم، وهذا الذى ذكره الشارح مأخوذ من قوله تعالى: وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ (?)، وقد يقال: إن هذا التوهم يدفعه قوله: " من البيان"؛ لأنه لا ينال بالقوة والاجتهاد عرفا، فلو قال: " وعلمنا البيان" لكفى فى دفع ذلك التوهم، فلعل الأحسن أن يقال: إنما أتى بقوله:

" ما لم نعلم" لرعاية السجع أو لدفع توهم التجوز بأن يراد بالتعلم إحضار المذهول عنه وتذكير المنسى، وما قيل: إن فائدته التصريح بأنه تعالى نقلنا من ظلمة الجهل إلى نور العلم، ففيه بحث؛ لأن هذه الفائدة مستفادة من التعليم بلا شبهة ثم إن قوله: " ما لم نعلم" مفعول ثان ل" علم"، والأول محذوف أى: علمنا، إذ ليس" علم" من أفعال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015