لَا رِيحٍ وَطَعْمٍ مِنْ ظَاهِرٍ (فِي مَنْفَذٍ مَفْتُوحٍ جَوْفَ مَنْ مَرَّ) أَيْ غَيْرَ جَاهِلٍ مَعْذُورٍ ذَاكِرًا مُخْتَارًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْجَوْفِ قُوَّةٌ تُحِيلُ الْغِذَاءَ أَوْ الدَّوَاءَ كَحَلْقٍ وَدِمَاغٍ وَبَاطِنِ أُذُنٍ وَبَطْنٍ وَإِحْلِيلٍ وَمَثَانَةٍ بِمُثَلَّثَةٍ وَهِيَ مَجْمَعُ الْبَوْلِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى سَبِيلِ الْكَرَامَةِ مِنْ طَعَامِ الْجَنَّةِ وَشَرَابِهَا لَا تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُكَلَّفِينَ فِيهِ كَمَا فِي غَسْلِ صَدْرِهِ الشَّرِيفِ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَعَ أَنَّ اسْتِعْمَالَ أَوَانِي الذَّهَبِ الدُّنْيَوِيِّ حَرَامٌ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ أَيْ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ الَّذِي يُفَطِّرُ شَرْعًا إنَّمَا هُوَ الطَّعَامُ الْمُعْتَادُ وَأَمَّا الْخَارِقُ لِلْعَادَةِ كَالْمُحْضَرِ مِنْ الْجَنَّةِ فَعَلَى غَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى وَلَيْسَ تَعَاطِيهِ مِنْ جِنْسِ الْأَعْمَالِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الثَّوَابِ كَأَكْلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ، وَالْكَرَامَةُ لَا تُبْطِلُ الْعَادَةَ اهـ. بِحُرُوفِهِ ع ش عَلَى م ر
(فَرْعٌ)
يَنْبَغِي الِاحْتِرَازُ حَالَةَ الِاسْتِنْجَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى أَدْخَلَ طَرَفَ أُصْبُعِهِ دُبُرَهُ أَفْطَرَ وَمِثْلُهُ فَرْجُ الْأُنْثَى وَلَوْ طَعَنَ نَفْسَهُ أَوْ طَعَنَهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ فَوَصَلَ السِّكِّينُ جَوْفَهُ أَوْ أَدْخَلَ فِي أُذُنِهِ أَوْ فِي إحْلِيلِهِ عُودًا أَوْ نَحْوَهُ فَوَصَلَ إلَى الْبَاطِنِ أَفْطَرَ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: دُبُرَهُ أَيْ بِأَنْ جَاوَزَ بِهِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ الدُّبُرِ، وَقُبُلِ الْمَرْأَةِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: بِإِذْنِهِ أَمَّا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يُفْطِرُ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ دَفْعِ مَنْ طَعَنَهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: لَا رِيحٌ) أَيْ وَلَوْ مِنْ نَجَسٍ وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ وَصَلَ بِالشَّمِّ إلَى دِمَاغِهِ وَلَوْ رِيحَ الْبَخُورِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَيْنًا وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ وُصُولَ الدُّخَانِ الَّذِي فِيهِ رَائِحَةُ الْبَخُورِ أَوْ غَيْرُهُ إلَى جَوْفِهِ لَا يَضُرُّ وَإِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبِهِ أَفْتَى الشَّمْسُ الْبِرْمَاوِيُّ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الرَّائِحَةَ لَيْسَتْ عَيْنًا أَيْ عُرْفًا إذْ الْمَدَارُ هُنَا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ مُلْحَقَةً بِالْعَيْنِ فِي بَابِ الْإِحْرَامِ أَلَا تَرَى أَنَّ ظُهُورَ الرِّيحِ، وَالطَّعْمِ مُلْحَقٌ بِالْعَيْنِ فِيهِ لَا هُنَا وَقَدْ عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ انْفِصَالُ عَيْنٍ هُنَا أَيْ بِوَاسِطَةِ الدُّخَانِ اهـ. حَلَبِيٌّ (قَوْلُهُ: مِنْ ظَاهِرٍ) مُتَعَلِّقٌ بِوُصُولٍ وَيَخْرُجُ بِهِ وُصُولُهَا مِنْ الْبَاطِنِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ بِقَوْلِهِ أَوْ رِيقٌ طَاهِرٌ فَعُدَّ مِنْ الْبَاطِنِ وَإِنْ جُعِلَ فِي النَّجَاسَةِ مِنْ الظَّاهِرِ فَلَمَّا ذَكَرَ الْمَتْنُ الْخَارِجَ احْتَاجَ الشَّارِحُ لِذِكْرِ الْقَيْدِ الَّذِي يَخْرُجُ بِهِ اهـ. شَيْخُنَا أَوْ يُقَالُ خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ وَصَلَ إلَى جَوْفِهِ عَيْنٌ مِنْ بَاطِنِهِ كَمَا فِي النُّخَامَةِ فَإِنَّ فِيهِ التَّفْصِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِيمَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ. وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ جَعْلِهِ احْتِرَازًا عَنْ الرِّيقِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الرِّيقَ مِنْ الْحَنَكِ وَقَدْ جَعَلُوهُ مِنْ قِسْمِ الظَّاهِرِ فَالْأَحْسَنُ أَنَّ الرِّيقَ مُسْتَثْنًى تَأَمَّلْ.
وَالْمُرَادُ بِالظَّاهِرِ ظَاهِرُ الْبَدَنِ فَيَشْمَلُ الثُّقْبَ فِي دِمَاغِهِ أَوْ فِي صَدْرِهِ مَثَلًا وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الرِّيقِ مِنْ مَعِدَتِهِ كَمَا سَيَأْتِي فَإِنَّهُ يَصِلُ مِنْ الْبَاطِنِ فَإِنَّ الْفَمَ يُقَالُ لَهُ بَاطِنٌ هَذَا وَإِنْ كَانَ يُقَالُ لَهُ ظَاهِرٌ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ لِغِلَظِ أَمْرِهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُهُ إذَا تَنَجَّسَ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فِي مَنْفَذٍ) أَيْ مِنْ مَنْفَذٍ. اهـ شَيْخُنَا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا لَوْ وَصَلَتْ مِنْ غَيْرِ مَنْفَذٍ لَمْ يَضُرَّ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ طُعِنَ بِرُمْحٍ فِي بَطْنِهِ حَيْثُ يُفْطِرُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ م ر فَإِنَّ الرُّمْحَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ يَصِلْ مِنْ مَنْفَذٍ تَأَمَّلْ.
وَالْمَنْفَذُ بِفَتْحِ الْفَاءِ كَمَا ضَبَطَهُ الْمُصَنِّفُ كَالْمَدْخَلِ وَالْمَخْرَجِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: جَوْفَ مَنْ مَرَّ) خَرَجَ بِالْجَوْفِ مَا لَوْ دَاوَى جُرْحَهُ عَلَى لَحْمِ السَّاقِ أَوْ الْفَخِذِ فَوَصَلَ الدَّوَاءُ إلَى دَاخِلِ الْمُخِّ، أَوْ اللَّحْمِ أَوْ غَرَزَ فِيهِ حَدِيدَةً فَإِنَّهُ لَا يُفْطِرُ لِانْتِفَاءِ الْجَوْفِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْجَوْفِ قُوَّةٌ) رَدٌّ عَلَى الضَّعِيفِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي الْجَوْفِ قُوَّةٌ تُحِيلُ الْغِذَاءَ بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ أَوْ الدَّوَاءِ بِالْمَدِّ إذْ مَا لَا يُحِيلُهُ لَا تَتَغَذَّى النَّفْسُ بِهِ وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْبَدَنُ فَأَشْبَهَ الْوَاصِلَ إلَى غَيْرِ الْجَوْفِ فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ بَاطِنُ الدِّمَاغِ، وَالْبَطْنُ، وَالْأَمْعَاءُ أَيْ الْمَصَارِينُ، وَالْمَثَانَةُ مُفْطِرٌ وَقَوْلُهُ: بِالْإِسْعَاطِ رَجَعَ لِلدِّمَاغِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الْأَكْلِ رَاجِعٌ لِلْبَطْنِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الْحُقْنَةِ أَيْ الِاحْتِقَانِ رَاجِعٌ لِلْأَمْعَاءِ، وَالْمَثَانَةِ، وَالتَّقْطِيرُ فِي بَاطِنِ الْأُذُنِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى الدِّمَاغِ وَبَاطِنُ الْإِحْلِيلِ وَهُوَ مَخْرَجُ الْبَوْلِ مِنْ الذَّكَرِ، وَاللَّبَنِ مِنْ الثَّدْيِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْمَثَانَةِ وَلَمْ يُجَاوِزْ الْحَلَمَةَ أَوْ الْحَشَفَةَ مُفْطِرٌ فِي الْأَصَحِّ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مُسَمَّى الْجَوْفِ، وَالثَّانِي لَا يُفْطِرُ اعْتِبَارًا بِالْإِحَالَةِ، وَالْحَلْقُ مُلْحَقٌ بِالْجَوْفِ عَلَى الْأَصَحِّ انْتَهَتْ فَيُعْلَمُ مِنْهَا أَنَّ أَمْثِلَةَ الشَّارِحِ السِّتَّةَ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا لِلْمُحِيلِ وَثَلَاثَةٌ لِغَيْرِهِ فَالدِّمَاغُ، وَالْبَطْنُ، وَالْمَثَانَةُ مُحِيلَةٌ وَالْحَلْقُ وَبَاطِنُ الْأُذُنِ، وَالْإِحْلِيلُ غَيْرُ مُحِيلَةٍ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَبَاطِنِ أُذُنٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ؛ لِأَنَّهُ نَافِذٌ إلَى دَاخِلِ قِحْفِ الرَّأْسِ. اهـ.
ثُمَّ قَالَ: وَالْقِحْفُ بِالْكَسْرِ الْعَظْمُ فَوْقَ الدِّمَاغِ وَمَا انْفَلَقَ مِنْ الْجُمْجُمَةِ فَبَانَ وَلَا يُدْعَى قِحْفًا حَتَّى يَبِينَ وَيَنْكَسِرَ مِنْهُ شَيْءٌ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَإِحْلِيلٍ) وَهُوَ مَخْرَجُ الْبَوْلِ مِنْ الذَّكَرِ، وَاللَّبَنِ مِنْ الثَّدْيِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْمَثَانَةِ وَلَمْ يُجَاوِزْ الْحَلَمَةَ أَوْ الْحَشَفَةَ اهـ. شَرْحُ م ر كَشَرْحِ الرَّوْضِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: وَالْإِحْلِيلُ مَخْرَجُ الْبَوْلِ وَمَخْرَجُ اللَّبَنِ مِنْ الضَّرْعِ، وَالثَّدْيِ اهـ.