فِيهِ قَبْلَ تَبَارَكْت وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْت قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَقَدْ جَاءَتْ فِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ وَالتَّصْرِيحُ بِكَوْنِ قُنُوتِ النَّازِلَةِ فِي اعْتِدَالِ آخِرَةٍ صَلَاتُهَا مِنْ زِيَادَتِي وَفِي قَوْلِي آخِرَةٌ تَغْلِيبٌ بِالنِّسْبَةِ لِآخِرَةِ الْوِتْرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ فَلَا تَكُونُ آخِرَتَهُ (وَ) أَنْ يَأْتِيَ بِهِ (إمَامٌ بِلَفْظِ جَمْعٍ) فَيَقُولُ اهْدِنَا وَهَكَذَا؛ لِأَنَّ الْبَيْهَقِيَّ رَوَاهُ كَذَلِكَ فَحَمَلَ عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَّلَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ تَخْصِيصُ نَفْسِهِ بِالدُّعَاءِ لِخَبَرِ «لَا يَؤُمُّ عَبْدٌ قَوْمًا فَيَخُصُّ نَفْسَهُ بِدَعْوَةٍ دُونَهُمْ فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ خَانَهُمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ كَخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ نَقِّنِي اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي» الدُّعَاءَ الْمَعْرُوفَ (وَ) أَنْ (يَزِيدَ) فِيهِ (مَنْ مَرَّ) أَيْ: الْمُنْفَرِدُ وَإِمَامُ قَوْمٍ مَحْصُورِينَ رَضُوا بِالتَّطْوِيلِ، وَالتَّقْيِيدُ بِمَنْ مَرَّ مِنْ زِيَادَتِي وَتَرْكِي لِلتَّقْيِيدِ بِقُنُوتِ الْوِتْرِ أَوْلَى مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQشَرَفِ الْمُصْطَفَى «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أُصِيبَ أَهْلُ بِئْرِ مَعُونَةَ جَاءَتْ الْحُمَّى إلَيْهِ فَقَالَ لَهَا: اذْهَبِي إلَى رَعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ» فَأَتَتْهُمْ فَقَتَلَتْ مِنْهُمْ سَبْعَمِائَةِ رَجُلٍ بِكُلِّ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَشَرَةٌ، قَالَ شَيْخُنَا: وَإِنَّمَا لَمْ يُخْبِرْهُ اللَّهُ تَعَالَى بِمَا وَقَعَ لَهُمْ قَبْلَ خُرُوجِهِمْ كَمَا أَخْبَرَهُ بِنَظِيرِ ذَلِكَ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ؛ لِأَنَّهُ سَبَقَ فِي عِلْمِهِ تَعَالَى إكْرَامُهُمْ بِالشَّهَادَةِ اهـ شَارِحُهَا.
(قَوْلُهُ وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْت) أَيْ: لَا تَقُومُ عِزَّةٌ بِمَنْ عَادَيْته وَأَبْعَدْته عَنْ رَحْمَتِك وَغَضِبْت عَلَيْهِ اهـ شَيْخُنَا وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَمْ يَسْتَحْسِنْهَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ؛ لِأَنَّ الْعَدَاوَةَ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُضَافَ إلَيْهِ تَعَالَى وَرُدَّ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ، وَقَدْ يُجَابُ بِالْفَرْقِ بَيْنَ اسْتِعْمَالِ الشَّارِعِ وَغَيْرِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَحْسُنُ الْحَلِفُ بِغَيْرِهِ تَعَالَى مَعَ كَثْرَتِهِ فِي الْقُرْآنِ قَالَ شَيْخُنَا الشبراملسي: وَهَذَا الْجَوَابُ لَا يُجْدِي نَفْعًا وَهُوَ بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَوْ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ وَقَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ: إنَّهُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ مَعَ فَتْحِ الْيَاءِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَاللُّغَةِ وَالتَّصْرِيفِ قَالَ: وَأَلَّفْت فِي ذَلِكَ مُؤَلَّفًا وَقُلْت فِي آخِرِهِ نَظْمًا
عَزَّ الْمُضَاعَفُ يَأْتِي فِي مُضَارِعِهِ ... تَثْلِيثُ عَيْنٍ بِفَرْقٍ جَاءَ مَشْهُورَا
فَمَا كَقَلَّ وَضِدِّ الذُّلِّ مَعَ عِظَمٍ ... كَذَا كَرَّمْت عَلَيْنَا جَاءَ مَكْسُورَا
وَمَا كَعَزَّ عَلَيْنَا الْحَالُ أَيْ صَعَّبْت ... فَافْتَحْ مُضَارِعَهُ إنْ كُنْت نِحْرِيرَا
وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ الْأَفْعَالُ لَازِمَةٌ ... وَاضْمُمْ مُضَارِعَ فِعْلٍ لَيْسَ مَقْصُورَا
عَزَزْت زَيْدًا بِمَعْنَى قَدْ غَلَبْت كَذَا ... أَعَنْته فَكُلًّا ذَا جَاءَ مَأْثُورَا
وَقُلْ إذَا كُنْت فِي ذِكْرِ الْقُنُوتِ لَا ... يَعِزُّ يَا رَبُّ مَنْ عَادَيْت مَكْسُورَا
وَاعْتَرَضَ عَلَى الرَّافِعِيِّ حَيْثُ نَسَبَ الزِّيَادَةَ لِلْعُلَمَاءِ مَعَ أَنَّهَا وَرَدَتْ كَذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَقَدْ جَاءَتْ فِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ) وَجَاءَ أَيْضًا بَعْدَ وَتَعَالَيْت فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا قَضَيْت أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْك زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا: لَا بَأْسَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَآخَرُونَ مُسْتَحَبَّةٌ وَعَبَّرَ عَنْهُ فِي تَحْقِيقِهِ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ اهـ شَرْحُ م ر وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ يَقُولُ فِي قُنُوتِهِ اللَّهُمَّ لَا تَعُقْنَا عَنْ الْعِلْمِ بِعَائِقٍ وَلَا تَمْنَعْنَا عَنْهُ بِمَانِعٍ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِكَوْنِ قُنُوتِ النَّازِلَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ وَشُرِعَ الْقُنُوتُ فِي سَائِرِ الْمَكْتُوبَاتِ لِلنَّازِلَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ انْتَهَتْ قَالَ م ر وَالثَّانِي يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْقُنُوتِ وَتَرْكِهِ اهـ وَظَاهِرُ صَنِيعِ الشَّارِحِ أَنَّ الْأَصْلَ ذَكَرَ قُنُوتَ الْوِتْرِ هُنَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ذَكَرَهُ فِي بَابِ صَلَاةِ النَّفْلِ فَكَانَ عَلَيْهِ كَعَادَتِهِ أَنَّهُ يُنَبِّهُ عَلَى ذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ: وَالْأَصْلُ ذَكَرَ قُنُوتَ الْوِتْرِ فِي بَابِ النَّفْلِ وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ وَيُنْدَبُ الْقُنُوتُ آخِرَ الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ وَقِيلَ كُلِّ السَّنَةِ وَهُوَ كَقُنُوتِ الصُّبْحِ وَيَقُولُ قَبْلَهُ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك وَنَسْتَغْفِرُك إلَخْ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَعَلَّلَهُ) أَيْ: عَلَّلَ كَوْنَهُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ لِخَبَرِ لَا يَؤُمُّ عَبْدٌ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ مَا وَرَدَ فِيهِ نَصٌّ يُتْبَعُ وَمَا لَا نَصَّ فِيهِ يَأْتِي بِهِ الْإِمَامُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِ " نَقِّنِي وَاغْسِلْنِي " بَلْ كُلُّ شَيْءٍ وَرَدَ فِيهِ نَصٌّ فَإِنَّهُ يُتْبَعُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ خَانَهُمْ) أَيْ بِتَفْوِيتِهِ مَا طُلِبَ لَهُمْ فَكُرِهَ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ فَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْقُنُوتِ فَهَلْ يَطْلُبُ مِنْ الْمَأْمُومِينَ التَّأْمِينَ حِينَئِذٍ أَوْ الْقُنُوتَ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ وَارِدٌ قَصْرَ الْإِمَامِ بِتَخْصِيصِهِ وَلَا مَانِعَ مِنْ أَنَّ اللَّهَ يُثَبِّتُ الْمُؤْمِنَ بِمَا يَزِيدُ عَلَى مَا يَحْصُلُ إلَيْهِ مِنْ دُعَاءِ الْإِمَامِ لَهُمْ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا) أَيْ: مِنْ كَرَاهَةِ التَّخْصِيصِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَالتَّذْكِيرُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا حُكْمٌ مِنْ الْأَحْكَامِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ الدُّعَاءُ الْمَعْرُوفُ) أَيْ: فِي دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَهُوَ اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَوَرَدَ أَيْضًا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْت بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَفِي رِوَايَةٍ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَيَزِيدُ مَنْ مَرَّ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك إلَخْ) وَيُؤَخِّرُ هَذَا الْمَزِيدَ عَنْ الْقُنُوتِ الْمَذْكُورِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر، وَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَلَمَّا كَانَ قُنُوتُ الصُّبْحِ إلَخْ اهـ لِكَاتِبِهِ.
(قَوْلُهُ وَتَرْكِي لِلتَّقْيِيدِ) أَيْ: تَقْيِيدُ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك إلَخْ بِقُنُوتِ الْوِتْرِ أَيْ: فَتَرْكُ التَّقْيِيدِ يُفِيدُ طَلَبَ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْقُنُوتِ