تَقْيِيدِهِ لَهُ بِهِ (اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك وَنَسْتَغْفِرُك إلَخْ) تَتِمَّتُهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ «وَنَسْتَهْدِيكَ وَنُؤْمِنُ بِك وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْك وَنُثْنِي عَلَيْك الْخَيْرَ كُلَّهُ نَشْكُرُك وَلَا نَكْفُرُك وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُك اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَك نُصَلِّي وَنَسْجُدُ وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ أَيْ: نُسْرِعُ نَرْجُو رَحْمَتَك وَنَخْشَى عَذَابَك إنَّ عَذَابَك الْجَدَّ بِالْكُفَّارِ مُلْحِقٌ» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِنَحْوِهِ عَنْ فِعْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

وَلَمَّا كَانَ قُنُوتُ الصُّبْحِ ثَابِتًا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُدِّمَ عَلَى هَذَا عَلَى الْأَصَحِّ (ثُمَّ) بَعْدَ الْقُنُوتِ سُنَّ (صَلَاةٌ وَسَلَامٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِخَبَرِ النَّسَائِيّ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ الَّذِي عَلَّمَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَهُوَ مَا مَرَّ مَعَ زِيَادَةِ فَاءٍ فِي إنَّكَ وَوَاوٍ فِي إنَّهُ بِلَفْظِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُلْحِقَ بِهَا الصَّلَاةُ فِي قُنُوتِ الصُّبْحِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQبِأَقْسَامِهِ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ أَيْ: الْأَصْلِ لَهُ أَيْ: لِقَوْلِهِ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك إلَخْ بِهِ أَيْ: بِقُنُوتِ الْوِتْرِ وَالتَّقْيِيدُ الْمَذْكُورُ ذَكَرَهُ فِي بَابِ النَّفْلِ وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ وَيَقُولُ قَبْلَهُ أَيْ: قَبْلَ قُنُوتِ الْوِتْرِ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك إلَخْ ثُمَّ قَالَ قُلْت: الْأَصَحُّ بَعْدَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَتْ أَيْ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ أَيْ: اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك إلَخْ بَعْدَهُ أَيْ: بَعْدَ الْقُنُوتِ الْمَشْهُورِ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك إلَخْ) أَيْ: نَطْلُبُ الْعَوْنَ وَالْهِدَايَةَ وَالْمَغْفِرَةَ؛ لِأَنَّ السِّينَ لِلطَّلَبِ وَقَوْلُهُ وَنُؤْمِنُ أَيْ: نُصَدِّقُ وَقَوْلُهُ وَنَتَوَكَّلُ أَيْ: نَعْتَمِدُ وَنُظْهِرُ الْعَجْزَ وَقَوْلُهُ وَنُثْنِي بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ نَمْدَحُ وَقَوْلُهُ نَشْكُرُك الْمُرَادُ بِالشُّكْرِ هُنَا نَقِيضُ الْكُفْرِ وَهُوَ سَتْرُ النِّعْمَةِ وَقَوْلُهُ وَنَخْلَعُ بِاللَّامِ وَفِي رِوَايَةٍ وَنَخْنَعُ بِالنُّونِ قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ وَنَحْفِدُ بِنُونٍ مَفْتُوحَةٍ وَفَاءٍ مَكْسُورَةٍ وَدَالٍ مُهْمَلَةٍ، وَقَوْلُهُ الْجِدُّ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَهُوَ نَقِيضُ الْهَزْلِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْحَقُّ، وَقَوْلُهُ مُلْحِقٌ بِكَسْرِ الْحَاءِ فِي الْأَشْهَرِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا فَالْفَتْحُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَلْحَقَهُ بِهِمْ فَهُوَ لَاحِقٌ وَالْكَسْرُ عَلَى مَعْنَى لَحِقَ فَهُوَ لَاحِقٌ كَمَا يُقَالُ: أَنْبَتَ الزَّرْعُ بِمَعْنَى نَبَتَ.

وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ هَذَا آخِرُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تَتِمَّتُهُ اللَّهُمَّ عَذِّبْ الْكَفَرَةَ وَالْمُشْرِكِينَ أَعْدَاءَ الدِّينِ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِك وَيُكَذِّبُونَ رُسُلَك وَيُقَاتِلُونَ أَوْلِيَاءَك اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ إنَّك قَرِيبٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ اللَّهُمَّ أَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَاجْعَلْ فِي قُلُوبِهِمْ الْإِيمَانَ وَالْحِكْمَةَ وَثَبِّتْهُمْ عَلَى مِلَّةِ نَبِيِّك وَرَسُولِك وَأَوْزِعْهُمْ أَنْ يُوفُوا بِعَهْدِك الَّذِي عَاهَدْتهمْ عَلَيْهِ وَانْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ وَعَدُوِّك إلَهَ الْحَقِّ وَاجْعَلْنَا مِنْهُمْ، وَسُئِلَ الشَّارِحُ هَلْ هُوَ ثَنَاءٌ فَيُوَافِقُ إمَامَهُ فِيهِ أَوْ دُعَاءٌ فَيُؤَمِّنُ عَلَيْهِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ ثَنَاءٌ فَيُوَافِقُ إمَامَهُ فِيهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ اللَّهُمَّ عَذِّبْ الْكَفَرَةَ إلَخْ فَإِنَّهُ دُعَاءٌ فَيُؤَمِّنُ عَلَى إمَامِهِ فِيهِ.

(تَنْبِيهٌ) الصَّدُّ الْمَنْعُ وَالْأَوْلِيَاءُ الْأَنْصَارُ وَذَاتُ بَيْنِهِمْ أَيْ: أُمُورِهِمْ وَمُوَاصَلَاتِهِمْ وَأَلِّفْ أَيْ اجْمَعْ وَالْحِكْمَةُ كُلُّ مَا مَنَعَ الْقَبِيحَ وَأَصْلُهُ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي مَحَلِّهِ، وَأَوْزِعْهُمْ أَيْ أَلْهِمْهُمْ، وَالْعَهْدُ كُلُّ مَا أَكْرَمَ اللَّهُ بِهِ خَلْقَهُ مِنْ الْقِيَامِ بِأَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَنُثْنِي عَلَيْك إلَخْ) كَأَنَّ الْمُرَادَ نُثْنِي عَلَيْك بِكُلِّ مَا يَلِيقُ بِك أَيْ: نَذْكُرُك بِالْخَيْرِ بِقَدْرِ الِاسْتِطَاعَةِ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُثْنِيَ عَلَيْهِ بِكُلِّ خَيْرٍ اهـ عَزِيزِيٌّ.

(قَوْلُهُ الْخَيْرَ) إمَّا مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَيْ: الثَّنَاءَ الْخَيْرَ أَوْ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ: بِالْخَيْرِ اهـ عَزِيزِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَلَا نَكْفُرُك) أَيْ: لَا نَجْحَدُ نِعَمَك بِعَدَمِ الشُّكْرِ عَلَيْهَا بِدَلِيلِ الْمُقَابَلَةِ وَقَوْلُهُ وَنَتْرُكُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَقَوْلُهُ وَلَك نُصَلِّي عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ وَنَصَّ عَلَيْهَا اهْتِمَامًا بِشَأْنِهَا، وَقَوْلُهُ: " وَنَسْجُدُ " عَطْفُ جُزْءٍ عَلَى كُلٍّ إنْ أُرِيدَ سُجُودُ الصَّلَاةِ وَعَامٌّ عَلَى خَاصٍّ إنْ أُرِيدَ بِهِ مَا يَشْمَلُ سُجُودَ الشُّكْرِ اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ: وَنَخْلَعُ أَيْ: نَتْرُكُ فَقَوْلُهُ: وَنَتْرُكُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ اهـ شَيْخُنَا وَفِي الْمِصْبَاحِ خَلَعْت النَّعْلَ وَغَيْرَهُ خَلْعًا مِنْ بَابِ قَطَعَ نَزَعْته وَفِي الدُّعَاءِ وَنَخْلَعُ وَنَهْجُرُ مَنْ يَكْفُرُك أَيْ نُبْغِضُهُ وَنَتَبَرَّأُ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ وَنَحْفِدُ) بِالْحَاءِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَكَسْرِ الْفَاءِ وَلِلسُّيُوطِيِّ مُؤَلَّفٌ فِي ذَلِكَ لَمَّا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ هَلْ هُوَ بِالْمُهْمَلَةِ أَيْ بِالْمُعْجَمَةِ؟ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ بِالْمُهْمَلَةِ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: " وَنَحْفِدُ " يَجُوزُ فِيهِ فَتْحُ النُّونِ وَضَمُّهَا اهـ إيعَابٌ وَهُوَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ انْتَهَتْ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ حَفَدَ حَفْدًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ أَسْرَعَ وَفِي الدُّعَاءِ وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ أَيْ: نُسْرِعُ فِي الطَّاعَةِ وَأَحْفَدَ إحْفَادًا مِثْلُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ إنَّ عَذَابَك الْجَدُّ) أَيْ: الْحَقُّ اهـ ح ل قَالَ ابْنُ مَالِكٍ فِي مُثَلَّثَتِهِ: الْجِدُّ بِالْفَتْحِ مِنْ النَّسَبِ مَعْرُوفٌ وَهُوَ أَيْضًا الْعَظَمَةُ وَالْحَظُّ وَبِالْكَسْرِ نَقِيضُ الْهَزْلِ وَبِالضَّمِّ الرَّجُلُ الْعَظِيمُ اهـ ز ي.

(قَوْلُهُ قَدَّمَ عَلَى هَذَا) أَيْ قَدَّمَ عَلَيْهِ فِي الذِّكْرِ وَالْإِتْيَانِ بِهِ أَيْ: أَنَّ الْمُصَلِّيَ إذَا أَرَادَ الْجَمْعَ بَيْنَ الْقَنُوتَيْنِ فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ الثَّابِتِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ اللَّهُمَّ اهْدِنَا إلَخْ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ الْعِبَارَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: عَلَى الْأَصَحِّ؛ إذْ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي أَفْضَلِيَّةِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَقَدْ عَلِمْته مِنْ عِبَارَةِ الْأَصْلِ الْمَنْقُولَةِ مِنْ بَابِ النَّفْلِ اهـ لِكَاتِبِهِ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ بَعْدَ الْقُنُوتِ سُنَّ صَلَاةٌ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا تُسَنُّ بَلْ لَا تَجُوزُ حَتَّى تَبْطُلَ الصَّلَاةُ بِفِعْلِهَا عَلَى وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ نَقَلَ رُكْنًا قَوْلِيًّا إلَى غَيْرِ مَوْضِعِهِ اهـ شَرْحُ م ر وَمَا وَرَدَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَجْعَلُونِي كَقَدَحِ الرَّاكِبِ اجْعَلُونِي أَوَّلَ كُلِّ شَيْءٍ» إلَخْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ فِيهِ كَمَا هُنَا الْمَعْنَى لَا تَجْعَلُونِي خَلْفَ ظُهُورِكُمْ لَا تَذْكُرُونِي إلَّا عِنْدَ حَاجَتِكُمْ كَمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015