بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكُ الْمَدِينِ مَا فِي ذِمَّتِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ: وَعَلَيْهِ فَيَمْلِكُ الدَّائِنُ، عِبَارَةُ الشَّرْحِ قُبَيْلَ فَصْلِ الطَّرِيقِ النَّافِذِ إلَخْ نَصُّهَا، وَإِنْكَارُ حَقِّ الْغَيْرِ حَرَامٌ فَلَوْ بَذَلَ لِلْمُنْكِرِ مَالًا لِيُقِرَّ فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ بَلْ يَحْرُمُ بَذْلُهُ وَأَخْذُهُ لِذَلِكَ، وَلَا يَكُونُ بِهِ مُقِرًّا كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ كَجٍّ وَغَيْرُهُ وَرَجَّحَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِشَرْطٍ.
قَالَ فِي الْخَادِمِ يَنْبَغِي التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَعْتَقِدَ فَسَادَ الصُّلْحِ فَيَصِحَّ أَوْ يَجْهَلَهُ فَلَا كَمَا فِي نَظَائِرِهِ فِي الْمُنْشَآتِ عَلَى الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ اهـ. أَقُولُ يُمْكِنُ أَنْ يُصَوَّرَ مَا هُنَا بِمَا لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ بِالْمُوَاطَأَةِ مِنْهُمَا قَبْلَ الْعَقْدِ ثُمَّ دَفَعَ ذَلِكَ قَبْلَ الْبَرَاءَةِ أَوْ بَعْدَهَا فَلَوْ قَالَ أَبْرَأْتُكَ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي كَذَا كَانَ كَمَا لَوْ قَالَ صَالَحْتُكَ عَلَى أَنْ تُقِرَّ لِي عَلَى أَنَّ لَك عَلَيَّ كَذَا فَكَمَا قِيلَ فِي ذَلِكَ بِالْبُطْلَانِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الشَّرْطِ يُقَالُ هُنَا كَذَلِكَ لِاشْتِمَالِ الْبَرَاءَةِ عَلَى الشَّرْطِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ.
وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ: وَالِاسْتِغْفَارُ أَيْ لِلْمُغْتَابِ اهـ. حَجّ كَأَنْ يَقُولَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِفُلَانٍ أَوْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ فِي غِيبَةِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ، وَأَمَّا غِيبَةُ الصَّبِيِّ فَهَلْ يُقَالُ فِيهَا بِمِثْلِ ذَلِكَ التَّفْصِيلِ، وَهُوَ أَنَّهَا إذَا بَلَغَتْهُ فَلَا بُدَّ مِنْ بُلُوغِهِ وَذِكْرِهَا لَهُ وَذِكْرِ مَنْ ذُكِرَتْ عِنْدَهُ أَيْضًا بَعْدَ الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّ بَرَاءَتَهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ أَوْ يَكْفِي مُجَرَّدُ الِاسْتِغْفَارِ حَالًّا مُطْلَقًا لِتَعَذُّرِ الِاسْتِحْلَالِ مِنْهُ الْآنَ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ.
وَقَالَ سم عَلَى حَجّ أَطْلَقَ السُّيُوطِيّ فِيمَنْ خَانَ رَجُلًا فِي أَهْلِهِ بِزِنًا وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّوْبَةُ مِنْهُ إلَّا بِالشُّرُوطِ الْأَرْبَعَةِ، وَمِنْهَا اسْتِحْلَالُهُ بَعْدَ أَنْ يُعَرِّفَهُ بِهِ بِعَيْنِهِ ثُمَّ لَهُ حَالَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بِأَنْ أَكْرَهَهَا فَهَذَا كَمَا وَصَفْنَا وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بِأَنْ تَكُونَ مُطَاوِعَةً فَهَذَا قَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ سَارَعَ بِإِزَالَةِ ضَرَرِهِ فِي الْآخِرَةِ بِضَرَرِ الْمَرْأَةِ فِي الدُّنْيَا وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا يَسُوغُ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إخْبَارُهُ بِهِ، وَإِنْ أَدَّى إلَى بَقَاءِ ضَرَرِهِ فِي الْآخِرَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عُذْرًا، وَيَحْكُمُ بِصِحَّةِ تَوْبَتِهِ إذَا عَلِمَ اللَّهُ مِنْهُ حُسْنَ النِّيَّةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُكَلَّفَ الْإِخْبَارَ بِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَلَكِنْ يَذْكُرُ مَعَهُ مَا يَنْفِي الضَّرَرَ عَنْهَا بِأَنْ يَذْكُرَ أَنَّهُ أَكْرَهَهَا، وَيَجُوزُ الْكَذِبُ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَهَذَا فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ لَكِنْ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ عِنْدِي، وَلَوْ خَافَ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ الضَّرَرِ عَلَى نَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ عُذْرًا؛ لِأَنَّ التَّخَلُّصَ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ بِضَرَرِ الدُّنْيَا مَطْلُوبٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ يُعْذَرُ بِذَلِكَ، وَيُرْجَى مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَرْضَى عَنْهُ خَصْمُهُ إذَا عَلِمَ مِنْهُ حُسْنَ نِيَّتِهِ، وَلَوْ لَمْ يَرْضَ صَاحِبُ الْحَقِّ فِي الْغِيبَةِ وَالزِّنَا وَنَحْوهمَا أَنْ يَعْفُوَ إلَّا بِبَذْلِ مَالٍ فَلَهُ بَذْلُهُ سَعْيًا فِي خَلَاصِ ذِمَّتِهِ ثُمَّ رَأَيْتُ الْغَزَالِيَّ قَالَ فِيمَنْ خَانَهُ فِي أَهْلِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ نَحْوِهِ لَا وَجْهَ لِلِاسْتِحْلَالِ وَالْإِظْهَارِ فَإِنَّهُ يُوَلِّدُ فِتْنَةً وَغَيْظًا بَلْ تَفْزَعُ إلَى اللَّهِ لِيُرْضِيَهُ عَنْكَ اهـ. بِاخْتِصَارٍ.
أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ حَتَّى لَوْ أَكْرَهَ الْمَرْأَةَ عَلَى الزِّنَا لَا يَسُوغُ لَهُ ذِكْرُ ذَلِكَ لِزَوْجِهَا إذَا لَمْ يَبْلُغْهُ مِنْ غَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ عِرْضِهَا وَبَقِيَ مَا لَوْ اغْتَابَ ذِمِّيًّا فَهَلْ يَسُوغُ الدُّعَاءُ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ لِيَتَخَلَّصَ هُوَ مِنْ إثْمِ الْغِيبَةِ أَوْ لَا، وَيَكْتَفِي بِالنَّدَمِ لِامْتِنَاعِ الدُّعَاءِ بِالْمَغْفِرَةِ لِلْكَافِرِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ بِمَغْفِرَةِ غَيْرِ الشِّرْكِ أَوْ كَثْرَةِ الْمَالِ أَوْ نَحْوِهِ مَعَ النَّدَمِ وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ أَتَى بَهِيمَةَ غَيْرِهِ فَهَلْ يُخْبِرُهُ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ إظْهَارٌ لِقُبْحِ مَا صَنَعَ أَوْ لَا، وَيَكْفِي النَّدَمُ، فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ أَتَى أَهْلَ غَيْرِهِ حَيْثُ امْتَنَعَ الْإِخْبَارُ بِمَا وَقَعَ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إضْرَارًا لِلْمَرْأَةِ، وَلِأَهْلِهَا فَامْتَنَعَ لِذَلِكَ، وَلَا كَذَلِكَ الْبَهِيمَةُ اهـ. وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ: وَتَعْيِينِ حَاضِرِيهَا هَذَا مِمَّا لَا مَحِيصَ عَنْهُ، وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ بَلَغَتْهُ، وَقَبْلَ الْإِبْرَاءِ مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ إبْرَاءُ وَارِثِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْمَالِ اهـ. م ر اهـ. سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَجْهُولٍ) نَعَمْ لَا أَثَرَ لِجَهْلٍ يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ كَإِبْرَائِهِ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ تِرْكَةِ مُوَرِّثِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ جَهِلَ قَدْرَ حِصَّتِهِ لَكِنْ يَعْلَمُ قَدْرَ التَّرِكَةِ اهـ. شَرْحُ م ر وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْمَجْهُولِ، وَإِنْ أَمْكَنَتْ مَعْرِفَتُهُ فَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِبْرَاءِ، وَلَعَلَّهُ أَنَّ الضَّمَانَ لِكَوْنِهِ إثْبَاتَ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ يُحْتَاطُ لَهُ مَا لَا يُحْتَاطُ لِلْإِبْرَاءِ إذْ قَدْ يَغْلِبُ فِيهِ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكُ الْمَدِينِ إلَخْ) أَيْ فَاشْتُرِطَ عِلْمُهُ بِهِ، وَلَوْ بَنَيْنَا عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ، وَهُوَ أَنَّهُ إسْقَاطٌ لَمْ يُشْتَرَطْ عِلْمُهُ بِالْمُبْرَأِ مِنْهُ، هَذَا وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ قَبُولُ الْمَدِينِ نَظَرًا لِشَائِبَةِ الْإِسْقَاطِ، وَإِنَّمَا غَلَّبُوا فِي عِلْمِهِ شَائِبَةَ التَّمْلِيكِ، وَفِي قَبُولِهِ شَائِبَةَ الْإِسْقَاطِ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ أَدْوَنُ أَلَا تَرَى إلَى اخْتِيَارِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ جَوَازَ الْمُعَاطَاةِ فِي نَحْوِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، وَلَمْ يَخْتَارُوا صِحَّةَ بَيْعِ الْغَائِبِ وَهِبَتِهِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: