وَلَوْ مَنْفَعَةً فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِعَيْنٍ وَلَا بِمَنْفَعَتِهَا وَلَوْ مَضْمُونَةً كَمَغْصُوبَةٍ وَمُعَارَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِغَرَضِ الرَّهْنِ عِنْدَ الْبَيْعِ وَفَارَقَ صِحَّةَ ضَمَانِهَا لِتَرُدَّ وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي التَّوَثُّقِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ مَنْفَعَةً) أَيْ مَنْفَعَةً مُتَعَلِّقَةً بِالذِّمَّةِ كَأَنْ أَلْزَمَ ذِمَّتَهُ حَمْلَهُ إلَى مَكَّةَ فَيَصِحُّ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَرْهَنُ عَلَى هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ وَقَوْلُهُ وَلَا بِمَنْفَعَتِهَا كَأَنْ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ هَذِهِ الدَّارَ سَنَةً فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَرْتَهِنَ عَلَى مَنْفَعَتِهَا وَهِيَ سُكْنَى السَّنَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِعَيْنٍ) أَيْ عَلَى عَيْنٍ بِأَنْ يُعِيرَهُ عَيْنًا وَيَأْخُذَ عَلَيْهَا رَهْنًا وَقَوْلُهُ وَلَا بِمَنْفَعَتِهَا أَيْ وَلَا عَلَى مَنْفَعَتِهَا فَالْبَاءُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِمَعْنَى عَلَى كَأَنْ يُؤَجِّرَهُ دَابَّةً وَيَأْخُذَ الْمُكْتَرِي مِنْهُ رَهْنًا عَلَى مَنْفَعَتِهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْعَيْنِ الْمُعَيَّنَةِ لَيْسَتْ دَيْنًا اهـ بَشَّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا) أَيْ الْعَيْنَ وَمِثْلُهَا مَنْفَعَتُهَا وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّهُمَا؛ إذْ الْمُدَّعَى عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي الْعَيْنِ وَمَنْفَعَتِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا) أَيْ الْعَيْنَ وَمِثْلُهَا مَنْفَعَتُهَا وَقَوْلُهُ لَا تُسْتَوْفَى أَيْ؛ لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ وَلَا يُقَالُ قَدْ تَتْلَفُ وَيُسْتَوْفَى قِيمَتُهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ قِيمَتُهَا حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ الْعَقْدِ لَمْ تَثْبُتْ فَهُوَ رَهْنٌ عَلَى مَا لَمْ يَثْبُتْ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تُسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ) لَا يُقَالُ فِيهِ أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ مِنْ جِنْسِ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ كَدِينَارٍ مَغْصُوبٍ فَيُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهَا مِنْ ثَمَنِهِ وَإِنَّ الدَّيْنَ قَدْ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ ثَمَنِهِ كَالْحَيَوَانِ الثَّابِتِ فِي الذِّمَّةِ بِقَرْضٍ أَوْ سَلَمٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمَعْنَى الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ إنَّمَا هُوَ الْعَيْنُ الْمَوْجُودَةُ الْمَخْصُوصَةُ وَلَا يَضُرُّنَا أَخْذُهَا مِنْ الثَّمَنِ وَلَوْ مِنْ جِنْسِهَا فَلَا يَرِدُ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سم

(قَوْلُهُ: وَفَارَقَ صِحَّةَ ضَمَانِهَا إلَخْ) غَرَضُهُ بِهَذَا الرَّدُّ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِصِحَّةِ الرَّهْنِ كَالضَّمَانِ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالثَّانِي يَصِحُّ كَضَمَانِهَا وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الضَّامِنَ لِلْعَيْنِ يُقْدَرُ عَلَى تَحْصِيلِهَا فَيَحْصُلُ الْمَطْلُوبُ بِالضَّمَانِ وَحُصُولُ الْعَيْنِ مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ لَا يُتَصَوَّرُ وَبِهَذَا يُعْلَمُ بُطْلَانُ مَا اُعْتِيدَ مِنْ أَخْذِ رَهْنٍ مِنْ مُسْتَعِيرِ كِتَابٍ مَوْقُوفٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ مِنْ لُزُومِ شَرْطِ الْوَاقِفِ ذَلِكَ وَالْعَمَلُ بِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ رَهْنٌ بِالْعَيْنِ لَا سِيَّمَا وَهِيَ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ لَوْ تَلِفَتْ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ وَبِأَنَّ الرَّاهِنَ بَعْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ وَالرَّاهِنُ لَا يَكُونُ مُسْتَحِقًّا وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنْ عَيَّنَ الرَّهْنَ الشَّرْعِيَّ فَبَاطِلٌ أَوْ اللُّغَوِيَّ وَأَرَادَ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ تَذْكِرَةً صَحَّ وَإِنْ جَهِلَ مُرَادَهُ احْتَمَلَ بُطْلَانَ الشَّرْطِ حَمْلًا عَلَى الشَّرْعِ فَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ بِرَهْنٍ لِتَعَذُّرِهِ وَلَا بِغَيْرِهِ لِمُخَالَفَتِهِ الشَّرْطَ أَوْ لِفَسَادِ الِاسْتِثْنَاءِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا يَخْرُجُ مُطْلَقًا وَشَرْطُ هَذَا صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُ مَظِنَّةُ ضَيَاعِهِ وَاحْتُمِلَ صِحَّتُهُ حَمْلًا عَلَى اللُّغَوِيِّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ تَصْحِيحًا لِلْكَلَامِ مَا أَمْكَنَ اهـ. وَاعْتَرَضَ الزَّرْكَشِيُّ تَرْجِيحَهُ بِأَنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ لَا تَتْبَعُ اللُّغَةَ وَكَيْفَ يَحْكُمُ بِالصِّحَّةِ مَعَ امْتِنَاعِ حَبْسِهِ شَرْعًا فَلَا فَائِدَةَ لَهَا.

وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا عَمِلَ بِشَرْطِهِ مَعَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ إلَّا بِإِعْطَاءِ الْآخِذِ وَثِيقَةً عَلَى إعَادَتِهِ وَتَذَكُّرِهِ بِهِ حَتَّى لَا يَنْسَاهُ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً؛ لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ قَدْ يَتَبَاطَأُ فِي رَدِّهِ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ وَيَبْعَثُ النَّاظِرَ عَلَى طَلَبِهِ؛ لِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ مُرَاعَاتُهَا وَإِذَا قُلْنَا بِهَذَا فَالشَّرْطُ بُلُوغُهَا ثَمَنُهُ لَوْ أَمْكَنَ بَيْعُهُ عَلَى مَا بُحِثَ؛ إذْ لَا يَبْعَثُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا حِينَئِذٍ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ اعْتِبَارِ عَدَمِ إخْرَاجِهِ وَإِنْ أَلْغَيْنَا شَرْطَ الرَّهْنِ مَا لَمْ يَتَيَسَّرْ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَإِلَّا جَازَ إخْرَاجُهُ مِنْهُ لِمَوْثُوقٍ بِهِ يَنْتَفِعُ بِهِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَيَرُدُّهُ لِمَحَلِّهِ عِنْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ: مِنْ مُسْتَعِيرٍ فِيهِ تَجَوُّزٌ فَإِنْ أَخَذَهُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ لَا يُسَمَّى اسْتِعَارَةً فَإِنَّ النَّاظِرَ مَثَلًا لَا يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ حَتَّى يُعِيرَ اهـ. وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ وَقَالَ السُّبْكِيُّ قَالَ سم عَلَى حَجّ.

وَالْمُعْتَمَدُ بُطْلَانُ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مُطْلَقًا وَلَا مُعَوَّلَ عَلَى مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ نَعَمْ يَنْبَغِي امْتِنَاعُ إخْرَاجِ الْكِتَابِ مِنْ مَحَلِّهِ حَيْثُ تَأَتَّى الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا يَتَضَمَّنُ مَنْعَ الْوَاقِفِ إخْرَاجُهُ فَيَعْمَلُ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ اهـ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَلَوْ بَعِيدًا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِبَلَدِ مَا شَرَطَ عَدَمُ إخْرَاجِهِ مِنْهُ رِعَايَةً لِغَرَضِ الْوَاقِفِ مَا أَمْكَنَ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِي رِعَايَةِ غَرَضِهِ جَوَازُ إخْرَاجِهِ لِمَا يَقْرُبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ، وَقَدْ يَشْهَدُ لَهُ مَا لَوْ انْهَدَمَ مَسْجِدٌ وَتَعَطَّلَ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَلَمْ يَرْجُ عَوْدَهُ حَيْثُ قَالُوا بِصَرْفِ غَلَّتِهِ لِأَقْرَبِ مَسْجِدٍ إلَيْهِ وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ رِعَايَةِ الْمَصْلَحَةِ فَيُرَاعَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي إخْرَاجِ الْكُتُبِ مِنْ إخْرَاجِ نَحْوِ كُرَّاسَةٍ لِيَنْتَفِعَ بِهَا وَيُعِيدَهَا ثُمَّ يَأْخُذَ بَدَلَهَا فَلَا يَجُوزُ إعْطَاءُ الْكِتَابِ بِتَمَامِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ مَحْبُوكًا فَيَنْبَغِي جَوَازُ فَكِّ الْحَبْكَةِ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْ إخْرَاجِ جُمْلَتِهِ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ لِضَيَاعِهِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالِانْتِفَاعِ بِجُمْلَتِهِ كَالْمُصْحَفِ جَازَ إخْرَاجُهُ وَعَلَى النَّاظِرِ تَعَهُّدُهُ فِي طَلَبِ رَدِّهِ أَوْ نَقْلِهِ إلَى مَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ وَعَدَمُ قَصْرِهِ عَلَى وَاحِدٍ دُونَ غَيْرِهِ وَمِثْلُ الْمُصْحَفِ كُتُبُ اللُّغَةِ الَّتِي يَحْتَاجُ مَنْ يُطَالِعُ كِتَابَهُ إلَى مُرَاجَعَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015