وَعَلَى شُرُوطٍ تَأْتِي فِي بَابِهَا. (أَرْكَانُهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ) بِجَعْلِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي مَحَالِّهَا الْأَرْبَعَةِ هَيْئَةً تَابِعَةً لِلرُّكْنِ وَفِي الرَّوْضَةِ سَبْعَةَ عَشَرَ بَعْدَ الطُّمَأْنِينَةِ فِي مَحَالِّهَا أَرْكَانًا وَهُوَ اخْتِلَافٌ لَفْظِيٌّ وَبِعَدِّ الْمُصَلِّي رُكْنًا عَلَى قِيَاسِ عَدِّ الصَّائِمِ وَالْعَاقِدِ فِي الصَّوْمِ وَالْبَيْعِ رُكْنَيْنِ تَكُونُ الْجُمْلَةُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ. أَحَدُهَا. (نِيَّةٌ) لِمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ، وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ هُنَا وَفِي سَائِرِ الْأَبْوَابِ. (بِقَلْبٍ) فَلَا يَكْفِي النُّطْقُ مَعَ غَفْلَتِهِ وَلَا يَضُرُّ النُّطْقُ بِخِلَافِ مَا فِيهِ كَأَنْ نَوَى الظُّهْرَ فَسَبَقَ لِسَانُهُ إلَى غَيْرِهَا. (لِفِعْلِهَا)
ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّذِي يَشْتَمِلُ عَلَى الصِّفَةِ لَا الْعَكْسُ، وَهُنَا بِخِلَافِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْكَيْفِيَّةَ الَّتِي هِيَ الصِّفَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى الْفُرُوضِ وَالسُّنَنِ إلَخْ قُلْتُ مَعْنَى اشْتِمَالِ الصِّفَةِ عَلَى الْمَوْصُوفِ مُلَابَسَتُهَا لَهُ أَيْ: تَعَلُّقُهَا بِهِ لَا الِاشْتِمَالُ الْحَقِيقِيُّ شَيْخُنَا وَبِهِ يُجَابُ عَنْ قَوْلِ ع ش فِي جَعْلِهَا مُشْتَمِلَةً عَلَى الشُّرُوطِ تَسَمُّحٌ إذْ الشَّرْطُ مَا كَانَ خَارِجَ الْمَاهِيَّةِ؛ اهـ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالِاشْتِمَالِ التَّعَلُّقُ، وَالسُّؤَالُ لَا يَرِدُ بَعْدَ تَفْسِيرِ الصِّفَةِ بِالْكَيْفِيَّةِ، وَكَذَا إنْ رَجَعَ الضَّمِيرُ لِلصَّلَاةِ وَلَمَّا كَانَتْ الشُّرُوطُ مُقَارِنَةً لَهَا كَانَتْ كَأَجْزَائِهَا فَصَحَّ اشْتِمَالُهَا عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَعَلَى شُرُوطٍ) لَكَ أَنْ تَقُولَ لَوْ أَرَادَ بِالصِّفَةِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الشُّرُوطَ لَتَرْجَمَ لِلشُّرُوطِ بِفَصْلٍ أَوْ نَحْوِهِ وَلَمْ يُتَرْجِمْ لَهَا بِبَابٍ عَلَى أَنَّا نَمْنَعُ كَوْنَ الشَّرْطِ الْخَارِجِ عَنْ الْمَاهِيَّةِ مِنْ جُمْلَةِ الْكَيْفِيَّةِ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: هَيْئَةً) أَيْ: صِفَةً وَقَوْلُهُ: تَابِعَةً لِلرُّكْنِ أَيْ: فِي الْوُجُوبِ وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرُوهُ فِي التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ عَنْ الْإِمَامِ أَيْ: مِنْ عَدَمِ حُسْبَانِهَا رُكْنًا. (قَوْلُهُ: وَفِي الرَّوْضَةِ) أَيْ: وَعَدَّهَا فِي الرَّوْضَةِ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ اخْتِلَافٌ لَفْظِيٌّ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُوجِبُ الْإِتْيَانَ بِهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي السُّجُودِ فِي طُمَأْنِينَةِ الِاعْتِدَالِ مَثَلًا وَجَبَ التَّدَارُكُ بِأَنْ يَعُودَ لِلِاعْتِدَالِ فَوْرًا وَيَطْمَئِنَّ فِيهِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا هَيْئَةٌ تَابِعَةٌ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: بِعَدَمِ وُجُوبِ التَّدَارُكِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا هَيْئَةٌ تَابِعَةٌ وَبِوُجُوبِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ تَابِعَةٍ بَلْ مَقْصُودَةٌ وَبَنَى عَلَى ذَلِكَ كَوْنَ الْخِلَافِ مَعْنَوِيًّا وَقَاسَ ذَلِكَ عَلَى الشَّكِّ فِي بَعْضِ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ قِرَاءَتِهَا وَفِيهَا مِنْ أَصْلِهَا بَعْدَ الرُّكُوعِ حَيْثُ يُتَدَارَكُ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَرُدَّ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الطُّمَأْنِينَةِ وَبَعْضِ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ بِأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا الشَّكَّ فِيهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ قِرَاءَتِهَا لِكَثْرَةِ تِلْكَ الْحُرُوفِ وَغَلَبَةِ الشَّكِّ فِيهَا عَلَى أَنَّهُ لَا جَامِعَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ حُرُوفَ الْفَاتِحَةِ لَيْسَتْ صِفَةً تَابِعَةً لِلْمَوْصُوفِ كَالطُّمَأْنِينَةِ، بَلْ هِيَ جُزْءٌ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَالْجُزْءُ لَيْسَ تَابِعًا لِلْكُلِّ، وَقَدْ يُقَالُ كَانَ الْقِيَاسُ تَنْزِيلَ الْهَيْئَةِ مَنْزِلَةَ الْجُزْءِ بِالْأَوْلَى ح ل. (قَوْلُهُ: وَبِعَدِّ الْمُصَلِّي إلَخْ) قَالَ: شَيْخُنَا قَدْ يُقَالُ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْعَاقِدَ إنَّمَا جُعِلَ رُكْنًا فِي الْبَيْعِ نَظَرًا لِلْعَقْدِ الْمُتَرَتِّبِ وُجُودُهُ عَلَيْهِ كَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا كَانَ التَّحْقِيقُ أَنَّهُمَا أَيْ: الْعَاقِدَ وَالْمَعْقُودَ عَلَيْهِ شَرْطَانِ؛ لِأَنَّهُمَا خَارِجَانِ عَنْهُ وَفِي الصَّوْمِ رُكْنٌ؛ لِأَنَّ مَاهِيَّتَه غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِي الْخَارِجِ، وَإِنَّمَا تَتَعَقَّلُ بِتَعَقُّلِ الْفَاعِلِ فَجُعِلَ رُكْنًا لِتَكُونَ تَابِعَةً لَهُ بِخِلَافِ نَحْوِ الصَّلَاةِ تُوجَدُ خَارِجًا بِدُونِ فَاعِلٍ فَلَمْ يَحْتَجْ لِلنَّظَرِ لِفَاعِلِهَا شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» ع ش، وَهَذَا لَا يُنْتِجُ كَوْنَهَا رُكْنًا بِخُصُوصِهِ، وَإِنَّمَا يُنْتِجُ وُجُوبَهَا فِي الصَّلَاةِ، وَعِبَارَةُ م ر لِمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ إلَى أَنْ قَالَ: وَلِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي بَعْضِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ أَوَّلُهَا لَا فِي جَمِيعِهَا فَكَانَتْ رُكْنًا كَالتَّكْبِيرِ وَالرُّكُوعِ وَمَا شُرِعَ لِلصَّلَاةِ إنْ وَجَبَ لَهَا فَشَرْطٌ أَوْ فِيهَا فَرُكْنٌ أَوْ سُنَّ وَجُبِرَ فَبَعْضٌ، وَإِلَّا فَهَيْئَةٌ اهـ وَقِيلَ: إنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ إلَّا بِآخِرِهَا. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ بِآخِرِهَا تَبَيَّنَ دُخُولُهُ فِيهَا بِأَوَّلِهَا. (قَوْلُهُ: وَهِيَ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ بِقَلْبٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ. (قَوْلُهُ: بِقَلْبٍ) قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تَكُونُ إلَّا بِهِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقُيُودِ بَيَانُ الْمَاهِيَّةِ وَأَيْضًا ذِكْرُهُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَشْتَرِطُ اللَّفْظَ فِيهَا لَا يُقَالُ: لَا يُنَافِي هَذَا جَعْلَهُ فَلَا يَكْفِي النُّطْقُ إلَخْ مُفَرَّعًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَهُوَ النِّيَّةُ مَعَ قَيْدِهِ، وَتَفْرِيعِهِ حِينَئِذٍ ظَاهِرٌ لَا خَفَاءَ فِيهِ وَقَوْلُهُ: بَعْدُ وَلَا يَضُرُّ إلَخْ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَيْدِ وَحْدَهُ، وَهُوَ بَيِّنٌ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ، وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ لِمَحَلِّهَا هُنَا دُونَ غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَبْوَابِ الْمُفْتَقِرَةِ لِلنِّيَّةِ مَعَ أَنَّ الْقَلْبَ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْكُلِّ اهْتِمَامًا بِالصَّلَاةِ ح ف. (قَوْلُهُ: فَسَبَقَ لِسَانُهُ) أَيْ: أَوْ تَعَمَّدَ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهُ وَقَصَدَ مَا نَوَاهُ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لِفِعْلِهَا) أَيْ: إيقَاعِهَا، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُكَلَّفَ بِهِ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ كَمَا قَالَهُ سم: وَقَالَ غَيْرُهُ: الْمُكَلَّفُ بِهِ الْمَعْنَى الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ.
فَإِنْ قُلْتَ: النِّيَّةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهَا قَصْدُ الشَّيْءِ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ لِفِعْلِهَا. أُجِيبُ بِأَنَّهُ جَرَّدَ النِّيَّةَ عَنْ بَعْضِ مَعْنَاهَا، وَهُوَ الْفِعْلُ