وَعَلَيْهِ صِيَامٌ) مِنْ رَمَضَانَ أَوْ نَذْرٌ أَوْ كَفَّارَةٌ قَبْلَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ بِأَنْ اسْتَمَرَّ مَرَضُهُ أَوْ سَفَرُهُ الْمُبَاحُ إلَى مَوْتِهِ فَلَا تَدَارُكَ لِلْفَائِتِ بِالْفِدْيَةِ وَلَا بِالْقَضَاءِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ، وَلَا إثْمَ بِهِ لِأَنَّهُ فَرْضٌ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ إلَى الْمَوْتِ فَسَقَطَ حُكْمُهُ كَالْحَجِّ هَذَا إذَا كَانَ الْفَوَاتُ بِعُذْرٍ كَمَرَضٍ، وَسَوَاءٌ اسْتَمَرَّ إلَى الْمَوْتِ أَمْ حَصَلَ الْمَوْتُ فِي رَمَضَانَ وَلَوْ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ، أَمَّا غَيْرُ الْمَعْذُورِ وَهُوَ الْمُتَعَدِّي بِالْفِطْرِ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ وَيَتَدَارَكُ عَنْهُ بِالْفِدْيَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ النَّذْرِ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْقَضَاءِ وَلَمْ يَقْضِ (أَطْعَمَ عَنْهُ وَلِيُّهُ) مِنْ تَرِكَتِهِ (لِكُلِّ يَوْمٍ) فَاتَهُ صَوْمُهُ (مُدَّ طَعَامٍ) وَهُوَ رِطْلٌ وَثُلُثٌ بِالرِّطْلِ الْبَغْدَادِيِّ كَمَا مَرَّ وَبِالْكَيْلِ الْمِصْرِيِّ نِصْفُ قَدَحٍ مِنْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِهِ لِخَبَرِ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ فَلْيُطْعِمْ عَنْهُ وَلِيُّهُ مَكَانَ كُلِّ

ـــــــــــــــــــــــــــــQفَالْجَوَابُ إنَّمَا شُرِعَتْ لِكَوْنِ الْمُجَامِعِ خَالَفَ أَمَرَ رَبِّهِ وَقَدَّمَ شَهْوَتَهُ عَلَى رِضَا رَبِّهِ عَلَيْهِ وَتَعَرَّضَ بِذَلِكَ لِنُزُولِ الْبَلَاءِ عَلَيْهِ فَكَانَتْ الْكَفَّارَةُ مَانِعَةً مِنْ وُصُولِ الْعُقُوبَةِ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي سَائِرِ الْكَفَّارَاتِ مِنْ ظِهَارٍ وَقَتْلٍ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْجِنَايَاتِ عَلَى الدِّينِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الصَّائِمَ قَدْ تَخَلَّقَ بِاسْمِ صِفَةِ الْحَقِّ تَعَالَى مِنْ عَدَمِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَلَا يَلِيقُ بِهِ النِّكَاحُ الَّذِي تَنَزَّهَ الْبَارِي جَلَّ وَعَلَا عَنْهُ، اهـ ذَكَرَهُ الشَّعْرَانِيُّ فِي الْمِيزَانِ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ مَاتَ) أَيْ بَعْدَ الْبُلُوغِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى حُرٍّ أَوْ رَقِيقٍ، وَإِنْ كَانَ قَوْلُ الْمَتْنِ " مِنْ تَرِكَتِهِ " لَا يُنَاسِبُ إلَّا الْحُرَّ. وَالتَّعْمِيمُ يُسْتَفَادُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِ " عَلَى " فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: " وَعَلَيْهِ صِيَامٌ ".

قَوْلُهُ: (مُسْلِمًا) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ الْقَدِيمَ وَالْجَدِيدَ الْآتِيَيْنِ يَجْرِيَانِ فِيهِ. وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَيَجْرِي فِيهِ الْقَوْلُ الْجَدِيدُ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَإِذَا نَظَرَ لِلْمَتْنِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ لَا يَحْتَاجُ لِهَذَا الْقَيْدِ لِأَنَّهُ إذَا مَاتَ مُرْتَدًّا يُطْعَمُ عَنْهُ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (فِي الْقُوتِ) هُوَ شَرْحٌ عَلَى الْمِنْهَاجِ لِلْأَذْرَعِيِّ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ اسْتَمَرَّ مَرَضُهُ) أَيْ الْمَرْجُوُّ بُرْؤُهُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمَرِيضَ يُفْطِرُ وَيُطْعِمُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مُدًّا إذْ ذَاكَ فِي مَرِيضٍ غَيْرِ مَرْجُوٍّ بُرْؤُهُ فَهُوَ مُخَاطَبٌ بِالْفِدْيَةِ ابْتِدَاءً، وَأَمَّا الْمَرِيضُ الْمَذْكُورُ هُنَا فَهُوَ مُخَاطَبٌ بِالصَّوْمِ ابْتِدَاءً؛ وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ الْفِطْرُ لِعَجْزِهِ فَإِذَا مَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ فَلَا تَدَارُكَ عَنْهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَفُوتَ بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ الْقَضَاءِ أَوْ لَا؛ وَالتَّدَارُكُ فِي ثَلَاثَةٍ إذَا فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ مُطْلَقًا، وَكَذَا بِعُذْرٍ وَتَمَكَّنَ مِنْ الْقَضَاءِ وَلَمْ يَقْضِ؛ فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ يَحْتَمِلُهَا كَلَامُ الْمَتْنِ.

وَالرَّابِعَةُ: إذَا فَاتَ بِعُذْرٍ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ قَضَائِهِ فَلَا تَدَارُكَ عَنْهُ، وَالشَّارِحُ جَعَلَ كَلَامَ الْمَتْنِ مَفْرُوضًا فِيمَا إذَا فَاتَ بِعُذْرٍ وَتَمَكَّنَ وَجَعَلَ حُكْمَ مَا إذَا فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ مُسْتَفَادًا مِنْ خَارِجٍ، فَفِيهِ مُسَامَحَةٌ.

قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ اسْتَمَرَّ) أَيْ الْمَرَضُ أَوْ السَّفَرُ.

قَوْلُهُ: (أَمْ حَصَلَ الْمَوْتُ) بِأَنْ شُفِيَ فِي أَثْنَاءِ رَمَضَانَ فَصَامَ الْبَاقِيَ مِنْهُ ثُمَّ مَاتَ عَقِبَهُ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ) الْمَطْوِيِّ تَحْتَ الْغَايَةِ مَا لَوْ حَصَلَ الْمَوْتُ قَبْلَ زَوَالِ الْعُذْرِ وَصَرِيحُ الْغَايَةِ مَا إذَا حَصَلَ زَوَالُ الْعُذْرِ ثُمَّ حَصَلَ الْمَوْتُ بَعْدَهُ فِي رَمَضَانَ، وَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ لِهَذِهِ الْغَايَةِ لِأَنَّ مَا أَفَادَتْهُ هُوَ عَيْنُ الصُّورَتَيْنِ قَبْلَهَا فِي التَّعْمِيمِ.

قَوْلُهُ: (وَيَتَدَارَكُ عَنْهُ) سَوَاءٌ أَمْكَنَهُ الْقَضَاءُ أَمْ لَا.

قَوْلُهُ: (بِالْفِدْيَةِ) أَيْ أَوْ بِالصَّوْمِ كَمَا يَأْتِي ق ل.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْقَضَاءِ إلَخْ) هَذَا تَقْيِيدٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ، فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ، وَهُوَ مُقَابِلُ قَوْلِهِ " قَبْلَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ " قَالَ ق ل: لَوْ قَالَ وَمَنْ وَجَبَ التَّدَارُكُ عَنْهُ أَطْعَمَ عَنْهُ وَلِيُّهُ إلَخْ لَكَانَ مُسْتَقِيمًا اهـ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ لَا يَشْمَلُ غَيْرَ الْمَعْذُورِ، أَيْ مَنْ فَاتَهُ بِلَا عُذْرٍ وَمَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ، بِخِلَافِ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ.

قَوْلُهُ: (أَطْعَمَ إلَخْ) فِي نُسْخَةٍ أُطْعِمَ عَنْهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، فَيَشْمَلُ غَيْرَ الْوَلِيِّ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ قَضَاءِ دَيْنِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَقَوْلُهُ " وَلِيُّهُ لَيْسَ قَيْدًا " بَلْ مِثْلُهُ الْأَجْنَبِيُّ.

قَوْلُهُ: (مِنْ تِرْكَتِهِ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ لَمْ يَلْزَمْ الْوَلِيَّ إطْعَامٌ وَلَا صَوْمٌ، بَلْ يُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي م ر. وَعِبَارَةُ ق ل: صَرِيحُ هَذَا أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْحُرِّ، وَهُوَ غَيْرُ قَيْدٍ كَمَا مَرَّ أَيْ لِأَنَّ الرَّقِيقَ يُنْدَبُ لِسَيِّدِهِ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ؛ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِالتَّرِكَةِ لِأَجْلِ لُزُومِ الْإِطْعَامِ. قَوْلُهُ: (فَلْيُطْعِمْ عَنْهُ إلَخْ) فِيهِ إقَامَةُ الْجَارِ وَالْمَجْرُورِ مَعَ وُجُودِ الْمَفْعُولِ بِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ.

قَوْلُهُ: (وَفِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015