يَوْمٍ مِسْكِينًا» وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَصُومَ عَنْهُ وَلِيُّهُ فِي الْجَدِيدِ لِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ فِي الْحَيَاةِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ كَالصَّلَاةِ. وَفِي الْقَدِيمِ يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَصُومَ عَنْهُ بَلْ يُنْدَبُ لَهُ، وَيَجُوزُ لَهُ الْإِطْعَامُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّدَارُكِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَالْقَدِيمُ هُنَا هُوَ الْأَظْهَرُ الْمُفْتَى بِهِ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» قَالَ النَّوَوِيُّ: وَلَيْسَ لِلْجَدِيدِ حُجَّةٌ مِنْ السُّنَّةِ، وَالْخَبَرُ الْوَارِدُ بِالْإِطْعَامِ ضَعِيفٌ، وَمَعَ ضَعْفِهِ فَالْإِطْعَامُ لَا يَمْتَنِعُ عِنْدَ الْقَائِلِ بِالصَّوْمِ، وَعَلَى الْقَدِيمِ الْوَلِيُّ الَّذِي يَصُومُ عَنْهُ كُلُّ قَرِيبٍ لِلْمَيِّتِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَاصِيًا وَلَا وَارِثًا وَلَا وَلِيَّ مَالٍ عَلَى الْمُخْتَارِ لِمَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ لِامْرَأَةٍ قَالَتْ لَهُ: إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ قَالَ: صُومِي عَنْ أُمِّك» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهَذَا يُبْطِلُ احْتِمَالَ وِلَايَةِ الْمَالِ وَالْعُصُوبَةِ وَقَدْ قِيلَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنْ اتَّفَقَتْ الْوَرَثَةُ عَلَى أَنْ يَصُومَ وَاحِدٌ جَازَ، فَإِنْ تَنَازَعُوا فَفِي فَوَائِدِ الْمُهَذَّبِ لِلْفَارِقِيِّ أَنَّهُ يُقَسَّمُ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ. وَعَلَى الْقَدِيمِ لَوْ صَامَ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنِهِ بِأَنْ أَوْصَى بِهِ أَوْ بِإِذْنِ قَرِيبِهِ صَحَّ قِيَاسًا عَلَى الْحَجِّ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَذْهَبُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ لَوْ صَامَ عَنْهُ ثَلَاثُونَ بِالْإِذْنِ يَوْمًا وَاحِدًا أَجْزَأَهُ. قَالَ وَهُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي اعْتَقَدَهُ، وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْمُسْلِمِ فِيمَا مَرَّ مَا لَوْ ارْتَدَّ وَمَاتَ لَمْ يَصُمْ عَنْهُ، وَيَتَعَيَّنُ الْإِطْعَامُ قَطْعًا كَمَا قَالَهُ فِي الْقُوتِ. وَلَوْ مَاتَ الْمُسْلِمُ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ أَوْ اعْتِكَافٌ لَمْ يُفْعَلْ ذَلِكَ عَنْهُ وَلَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَدِيمِ يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ) مُعْتَمَدٌ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسَائِلِ الَّتِي يُعَوَّلُ عَلَى الْقَدِيمِ فِيهَا.
قَوْلُهُ: (فَلَا بُدَّ مِنْ التَّدَارُكِ) أَيْ إذَا خَلَفَ تَرِكَةً، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.
قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لِلْجَدِيدِ حُجَّةٌ) أَيْ فِي تَعْيِينِ الْإِطْعَامِ، أَيْ حُجَّةٌ صَحِيحَةٌ، فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي ذَلِكَ ضَعِيفٌ.
قَوْلُهُ: (بِالْإِطْعَامِ) أَيْ بِتَعَيُّنِهِ.
قَوْلُهُ: (كُلُّ قَرِيبٍ) أَيْ بَالِغٍ وَلَوْ رَقِيقًا. قَوْلُهُ: (وَلَا وَلِيَّ مَالٍ) كَالْأَبِ وَالْجَدِّ.
قَوْلُهُ: (وَهَذَا يُبْطِلُ احْتِمَالَ) لِأَنَّ الْبِنْتَ لَيْسَتْ عَاصِبَةً وَلَا وَلِيَّةَ مَالٍ لَكِنَّهَا وَارِثَةٌ. وَالدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْإِرْثِ حَدِيثٌ آخَرُ، فَفِي شَرْحِ م ر: وَمِمَّا يُبْطِلُ اشْتِرَاطَ الْإِرْثِ خَبَرُ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد: «أَنَّ امْرَأَةً رَكِبَتْ الْبَحْرَ فَنَذَرَتْ إنْ نَجَّاهَا اللَّهُ أَنْ تَصُومَ شَهْرًا، فَلَمْ تَصُمْ حَتَّى مَاتَتْ، فَجَاءَتْ قَرِيبَةٌ لَهَا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ لَهَا: صُومِي عَنْهَا» فَعَدَمُ اسْتِفْصَالِهِ عَنْ إرْثِهَا وَعَدَمِهِ يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ اهـ م ر ع ش.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَنَازَعُوا) بِأَنْ قَالَ كُلٌّ: لَا أَصُومُ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمْ: أَنَا أَصُومُ، صَامَ الْجَمِيعُ وَلَا يَقْسِمُ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ. وَقَوْلُهُ " بِأَنْ قَالَ كُلٌّ: لَا أَصُومُ " فِي كَوْنِ هَذَا تَنَازُعًا مُسَامَحَةٌ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: هُوَ تَنَازُعٌ فِي عَدَمِ الصَّوْمِ، فَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: نُطْعِمُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَصُومُ؛ قُدِّمَ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ الْقَدِيمُ وَالْجَدِيدُ.
قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يُقْسَمُ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ) أَيْ حِصَصِهِمْ مِنْ الْإِرْثِ وَيُكْمِلُ الْمُنْكَسِرَ، فَإِذَا مَاتَ وَخَلَفَ ابْنًا وَبِنْتًا وَعَلَيْهِ رَمَضَانُ صَامَ الِابْنُ عِشْرِينَ وَالْبِنْتُ عَشَرَةً، وَإِذَا خَلَفَ عَشَرَةَ أَوْلَادٍ وَعَلَيْهِ صَوْمُ يَوْمٍ صَامَ كُلُّ وَلَدٍ يَوْمًا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَخُصُّهُ عُشْرُةُ.
قَوْلُهُ: (قِيَاسًا عَلَى الْحَجِّ) أَيْ النَّفْلِ، أَمَّا الْحَجُّ الْفَرْضُ فَلَا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى إذْنٍ كَوَفَاءِ الدَّيْنِ م د. قَالَ سم. وَكَأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّوْمِ أَنَّ الْحَجَّ أَوْسَعُ بَابًا مِنْ الصَّوْمِ، وَلِهَذَا صَحَّ مَعَ الْمَعْضُوبِ الِاسْتِنَابَةُ فِيهِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَتَمَحَّضْ عِبَادَةً بَدَنِيَّةً، وَقَالَ الْمَرْحُومِيُّ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْحَجَّ أَشْبَهَ الدُّيُونَ فَأُعْطِيَ حُكْمَهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَمَذْهَبُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ) وَهُوَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ، أَيْ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوَاعِدِ الشَّافِعِيِّ فَهُوَ مَذْهَبٌ لَهُ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (بِالْإِذْنِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ إلَّا فِي الْأَجْنَبِيِّ.
قَوْلُهُ: (وَيَتَعَيَّنُ الْإِطْعَامُ) أَيْ فِي الصَّوْمِ الَّذِي فَاتَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ، وَإِلَّا فَمَالُهُ فَيْءٌ، فَلَا صَوْمَ عَنْهُ وَلَا إطْعَامَ حِينَئِذٍ قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَاتَ الْمُسْلِمُ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ إلَخْ) عِبَارَةُ التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ مِنْ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ: وَلَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَلَوَاتٌ فَائِتَةٌ وَأَوْصَى بِالْكَفَّارَةِ يُعْطَى لِكُلِّ صَلَاةٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ كَالْفِطْرَةِ، وَكَذَا حُكْمُ الْوِتْرِ وَالصَّوْمِ، وَيُعْطَى مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ؛ وَلَوْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا اسْتَقْرَضَ مِنْ وَارِثِهِ نِصْفَ صَاعٍ مَثَلًا وَيَدْفَعُهُ لِفَقِيرٍ ثُمَّ يَدْفَعُهُ الْفَقِيرُ لِلْوَارِثِ ثُمَّ وَثُمَّ حَتَّى يُتِمَّ مَا عَلَيْهِ، وَلَوْ قَضَاهَا وَرَثَتُهُ بِأَمْرِهِ لَمْ يَجُزْ بِخِلَافِ الْحَجِّ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ، وَلَوْ أَدَّى لِلْفَقِيرِ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ صَاعٍ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ