كَفَّارَةَ عَلَى مَنْ جَامَعَ عَامِدًا بَعْدَ الْأَكْلِ نَاسِيًا وَظَنَّ أَنَّهُ أَفْطَرَ بِالْأَكْلِ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ غَيْرُ صَائِمٍ.

وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ بُطْلَانَ صَوْمِهِ بِهَذَا الْجِمَاعِ كَمَا لَوْ جَامَعَ عَلَى ظَنِّ بَقَاءِ اللَّيْلِ فَبَانَ خِلَافُهُ، وَلَا عَلَى مُسَافِرٍ أَفْطَرَ بِالزِّنَا مُتَرَخِّصًا لِأَنَّ الْفِطْرَ جَائِزٌ لَهُ وَإِثْمُهُ بِسَبَبِ الزِّنَا لَا بِالصَّوْمِ. تَنْبِيهٌ: قَيَّدَ فِي الرَّوْضَةِ الْجِمَاعَ بِالتَّامِّ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ احْتِرَازًا مِنْ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا تُفْطِرُ بِدُخُولِ شَيْءٍ مِنْ الذَّكَرِ فِي فَرْجِهَا وَلَوْ دُونَ الْحَشَفَةِ، وَزَيَّفُوهُ بِخُرُوجِ ذَلِكَ بِالْجِمَاعِ إذْ الْفَسَادُ فِيهِ بِغَيْرِهِ. وَمَنْ جَامَعَ فِي يَوْمَيْنِ لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَلَا تَتَدَاخَلُ كَفَّارَتَاهُمَا سَوَاءٌ كَفَّرَ عَنْ الْجِمَاعِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الثَّانِي أَمْ لَا كَحَجَّتَيْنِ جَامَعَ فِيهِمَا، فَلَوْ جَامَعَ فِي جَمِيعِ أَيَّامِ رَمَضَانَ لَزِمَهُ كَفَّارَاتٌ بِعَدَدِهَا، فَإِنْ تَكَرَّرَ الْجِمَاعُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَلَا تَعَدُّدَ، وَإِنْ كَانَ بِأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ، وَحُدُوثُ السَّفَرِ وَلَوْ طَوِيلًا بَعْدَ الْجِمَاعِ لَا يُسْقِطُ الْكَفَّارَةَ لِأَنَّ السَّفَرَ الْمُنْشَأَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ لَا يُبِيحُ الْفِطْرَ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيمَا وَجَبَ مِنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا لَوْ ظَنَّ دُخُولَهُ بِلَا اجْتِهَادٍ لِوُجُودِ الشُّبْهَةِ وَهِيَ ظَنُّ دُخُولِ اللَّيْلِ. وَبِهَا يَخْرُجُ أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ " وَلَا كَفَّارَةَ عَلَى مَنْ جَامَعَ إلَخْ " بِدَلِيلِ مَا عَلَّلَ بِهِ، وَكَذَا يَخْرُجُ بِهَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ " كَمَا لَوْ جَامَعَ عَلَى ظَنِّ بَقَاءِ اللَّيْلِ ". وَيُمْكِنُ إخْرَاجُ هَذِهِ بِقَيْدِ الْآثِمِ، ق ل مُلَخَّصًا.

قَوْلُهُ: (فَبَانَ جِمَاعُهُ نَهَارًا) أَيْ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ، وَقَوْلُهُ " لَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ " أَيْ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ. قَوْلُهُ: (مُتَرَخِّصًا) لَيْسَ بِقَيْدٍ، حَتَّى لَوْ لَمْ يَنْوِ التَّرَخُّصَ فَلَا كَفَّارَةَ فَتَعْبِيرُهُمْ بِالتَّرَخُّصِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر أج. وَإِنَّمَا قَيَّدَ الشَّارِحُ بِ " مُتَرَخِّصًا " لِأَجْلِ قَوْلِهِ " وَإِثْمُهُ بِسَبَبِ الزِّنَا " لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ التَّرَخُّصَ فَإِثْمُهُ بِسَبَبِ الزِّنَا وَالْفِطْرِ بِلَا نِيَّةِ التَّرَخُّصِ.

وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ: وَلَا عَلَى مُسَافِرٍ وَطِئَ زِنًا أَوْ لَمْ يَنْوِ تَرَخُّصًا، أَيْ أَوْ وَطِئَ وَطْئًا مُبَاحًا لَكِنْ لَمْ يَنْوِ تَرَخُّصًا لِأَنَّهُ لَمْ يَأْثَمْ بِهِ لِلصَّوْمِ بَلْ لِلزِّنَا أَوْ لِلصَّوْمِ مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ التَّرَخُّصِ؛ وَلِأَنَّ الْإِفْطَارَ مُبَاحٌ لَهُ فَيَصِيرُ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْكَفَّارَةِ اهـ بِحُرُوفِهِ.

قَوْلُهُ: (قَيَّدَ فِي الرَّوْضَةِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْفِطْرِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: " فَإِنَّهَا تُفْطِرُ إلَخْ " فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: لَا حَاجَةَ لِهَذَا، لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا. وَقَوْلُهُ " بِالتَّامِّ " أَيْ لِأَنَّهُ قَالَ مَنْ أَفْسَدَ صَوْمَهُ فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ بِجِمَاعٍ تَامٍّ آثِمٌ بِهِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ. قَوْلُهُ: (احْتِرَازًا مِنْ الْمَرْأَةِ) أَيْ احْتِرَازًا مِنْ جِمَاعِ الْمَرْأَةِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ تَامٍّ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا تُفْطِرُ بِدُخُولِ شَيْءٍ مِنْ الذَّكَرِ فَلَمْ يَأْتِ الْجِمَاعُ التَّامُّ إلَّا وَقَدْ أَفْطَرَتْ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْلُهُ " احْتِرَازًا مِنْ الْمَرْأَةِ " الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تُفْطِرُ بِدُخُولِ بَعْضِ الْحَشَفَةِ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَى الرَّجُلِ فِي هَذِهِ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ لِهَذَا الْقَيْدِ عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ هُوَ أَنَّ الْمَرْأَةَ يَجِبُ عَلَيْهَا كَفَّارَةٌ كَالرَّجُلِ، فَيُقَيِّدُ الْجِمَاعَ بِالتَّامِّ لِإِخْرَاجِ مَا ذَكَرَ، وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِهَذَا أَصْلًا.

قَوْلُهُ: (وَزَيَّفُوهُ) أَيْ هَذَا التَّقْيِيدَ، أَيْ ضَعَّفُوا التَّقْيِيدَ بِأَنْ أَبْطَلُوهُ وَأَظْهَرُوا فَسَادَهُ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرَ، أَيْ مِنْ قَوْلِهِ " إذْ الْفَسَادُ إلَخْ " أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِطْرُ الْمَرْأَةِ بِالْجِمَاعِ لِأَنَّهَا تُفْطِرُ بِدُخُولِ بَعْضِ الْحَشَفَةِ وَهُوَ لَا يُسَمَّى جِمَاعًا. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ: وَزَيَّفُوهُ بِخُرُوجِ هَذِهِ الصُّورَةِ بِالْجِمَاعِ، إذْ الْفَسَادُ فِيهَا بِغَيْرِهِ وَبِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ فَسَادُ صَوْمِهَا بِالْجِمَاعِ بِأَنْ يُولِجَ فِيهَا نَائِمَةً أَوْ نَاسِيَةً أَوْ مُكْرَهَةً ثُمَّ تَسْتَيْقِظَ أَوْ تَتَذَكَّرَ وَتَقْدِرَ عَلَى الدَّفْعِ وَتَسْتَدِيمَ، فَفَسَادُهُ فِيهَا بِالْجِمَاعِ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْجِمَاعِ جِمَاعٌ مَعَ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا فِي الْخَبَرِ إلَّا الرَّجُلُ الْمُوَاقِعُ. وَقَوْلُهُ " بِالْجِمَاعِ " أَيْ لِأَنَّ الْجِمَاعَ لَا يَصْدُقُ إلَّا بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ فَأَكْثَرَ.

قَوْلُهُ: (بِخُرُوجِ ذَلِكَ) أَيْ فِطْرِ الْمَرْأَةِ. قَوْلُهُ: (إذْ الْفَسَادُ فِيهِ) أَيْ فِي صَوْمِ الْمَرْأَةِ؛ وَقَوْلُهُ " بِغَيْرِهِ " أَيْ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ.

قَوْلُهُ: (فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ) وَيَأْثَمُ بِكُلِّ مَرَّةٍ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ. قَوْلُهُ: (وَحُدُوثُ السَّفَرِ إلَخْ) نَعَمْ إنْ سَافَرَ لِبَلَدٍ مَطْلَعُهُمْ مُخَالِفٌ فَرَآهُمْ مُفْطِرِينَ لَزِمَهُ الْفِطْرُ مَعَهُمْ وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ، وَهَذَا خَارِجٌ بِصَوْمِ يَوْمٍ فِي الضَّابِطِ السَّابِقِ ق ل. وَحَيْثُ سَقَطَتْ الْكَفَّارَةُ ثُمَّ عَادَ لِمَحَلِّهِ الَّذِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ الْوُجُوبُ؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ، هَكَذَا نُقِلَ عَنْ تَقْرِيرِ ز ي وَهُوَ ظَاهِرٌ.

قَوْلُهُ: (لَا يُسْقِطُ الْكَفَّارَةَ) وَإِنَّمَا يُسْقِطُهَا أَحَدُ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ: طُرُوُّ الْمَوْتِ أَثْنَاءَ النَّهَارِ، وَطُرُوُّ الْجُنُونِ وَإِنْ تَعَدَّى بِسَبَبِهِ كَأَنْ أَلْقَى نَفْسَهُ مِنْ شَاهِقِ جَبَلٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015