أَيْ حِفْظِ الْمَتَاعِ. (وَأَرْضٍ لِلزِّرَاعَةِ لَا مَاءَ لَهَا دَائِمٌ، وَلَا يَكْفِيهَا الْمَطَرُ الْمُعْتَادُ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَلَا تُسْقَى بِمَاءٍ غَالِبِ الْحُصُولِ مِنْ الْجَبَلِ، وَإِنْ أَمْكَنَ زَرْعُهَا بِإِصَابَةِ مَطَرٍ عَظِيمٍ أَوْ سَيْلٍ نَادِرٍ. (وَيَجُوزُ إنْ كَانَ لَهَا مَاءٌ دَائِمٌ) مِنْ نَهْرٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ بِئْرٍ. (وَكَذَا إنْ كَفَاهَا الْمَطَرُ الْمُعْتَادُ أَوْ مَاءُ الثُّلُوجِ الْمُجْتَمِعَةِ وَالْغَالِبُ حُصُولُهَا فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِحُصُولِ مَا ذُكِرَ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي أَرْضِ مِصْرَ الَّتِي تُرْوَى مِنْ زِيَادَةِ النِّيلِ غَالِبًا قَبْلَ رَيِّهَا.

(وَالِامْتِنَاعُ الشَّرْعِيُّ) لِلتَّسْلِيمِ (كَالْحِسِّيِّ) الْمُتَقَدِّمِ (فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارٌ لِقَلْعِ سِنٍّ صَحِيحَةٍ) بِخِلَافِ الْوَجِعَةِ (وَلَا حَائِضَ لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ) لِحُرْمَةِ الْمُكْثِ (وَكَذَا مَنْكُوحَةٌ لِرَضَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ فِي الْأَصَحِّ)

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (آبِقٍ) وَمَنْذُورِ الْعِتْقِ وَمُشْتَرًى بِشَرْطِ الْعِتْقِ، وَمَغْصُوبٍ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ وَغَيْرِ قَادِرٍ عَلَى انْتِزَاعِهِ حَالًا، وَمِنْهُ كَوْنُ الدَّارِ مَسْكَنَ الْجِنِّ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (لِلْحِفْظِ) أَيْ بِالْبَصَرِ وَالْإِجَارَةِ عَلَى عَيْنِهِ وَمِثْلُهُ غَيْرُ قَارِئٍ لِتَعْلِيمِ الْقِرَاءَةِ وَإِنْ اتَّسَعَ الزَّمَنُ بِقَدْرِ أَنْ يَتَعَلَّمَ وَيُعَلِّمَ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْعَيْنِ لَا تَتَأَخَّرُ.

قَوْلُهُ: (وَأَرْضٍ) وَمِثْلُهَا الْحَمَّامُ. قَوْلُهُ (لِلزِّرَاعَةِ) قَيْدٌ لِاعْتِبَارِ الْمَاءِ وَعَدَمِهِ الْمَذْكُورِ فَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِغَيْرِ الزِّرَاعَةِ صَحَّتْ حَيْثُ أَمْكَنَ فِيهَا مَا اسْتَأْجَرَهَا لَهُ، وَلَوْ آجَرَهَا مَقِيلًا وَمَرَاحًا أَوْ عَمَّمَ كَقَوْلِهِ لِتَنْتَفِعَ بِمَا شِئْت صَحَّ، وَيَنْتَفِعُ فِيهَا بِمَا اُعْتِيدَ، وَلَوْ بِالزِّرَاعَةِ لَا بِغَرْسٍ وَبِنَاءٍ، فَإِنْ قَالَ مَقِيلًا وَمَرَاحًا وَلِلزِّرَاعَةِ إنْ أَمْكَنَ صَحَّ إنْ أَرَادَ التَّعْمِيمَ، أَوْ بَيَّنَ مَا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا بَطَلَ.

قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) ذَكَرَهُ لِيُفِيدَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاعْتِيَادِ الْغَالِبُ، فَلَا يَكْفِي مَعَ احْتِمَالِ التَّسَاوِي أَوْ النُّدُورِ. قَوْلُهُ: (نَادِرٌ) أَيْ غَيْرُ غَالِبٍ وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَطَرٍ وَسَيْلٍ.

قَوْلُهُ: (دَائِمٌ) أَيْ يَحْصُلُ فِي وَقْتِ إرَادَةِ حُصُولِهِ عَلَى الدَّوَامِ وَتَصِحُّ إجَارَتُهَا قَبْلَ حُصُولِهِ، وَحَالَ وُجُودِهِ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَرْئِيَّةً؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِهَا أَوْ بَعْدَ انْحِسَارِهِ عَنْهَا وَلَوْ لَمْ تُرْوَ أَوْ لَمْ يَنْحَسِرْ الْمَاءُ عَنْهَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ، أَوْ عَنْ بَعْضِهَا أَوْ لَمْ يُرْوَ بَعْضُهَا انْفَسَخَتْ فِيهِ وَثَبَتَ الْخِيَارُ فِي الْبَاقِي فَوْرًا.

قَوْلُهُ: (مِنْ نَهْرٍ إلَخْ) أَيْ مَوْجُودٍ حَالَةَ الْعَقْدِ أَوْ الْتَزَمَ الْمُؤَجِّرُ إيجَادَهُ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ. قَوْلُهُ: (وَالْغَالِبُ إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى الْمَطَرِ وَالثُّلُوجِ كَمَا مَرَّ.

فَرْعٌ: لَوْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِتَكَرُّرِ الزَّرْعِ لَمْ يُكَرَّرْ وَإِنْ بَقِيَتْ الْمُدَّةُ بَعْدَ حَصَادِهِ مَثَلًا، فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَتْهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَلَوْ تَأَخَّرَ أَوَانُ الزَّرْعِ بِلَا تَقْصِيرٍ لَزِمَ الْمُؤَجِّرَ إبْقَاؤُهُ بِلَا أُجْرَةٍ أَوْ بِتَقْصِيرٍ لَزِمَ الْمُسْتَأْجِرَ أُجْرَةُ مَا زَادَ، وَلَوْ أَكَلَهُ نَحْوُ جَرَادٍ لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ، وَلَوْ نَبَتَ ثَانِيًا أَبْقَى إلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ وَلَهُ زَرْعُ غَيْرِهِ بَعْدَ تَلَفِهِ إنْ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مَا يَسَعُهُ.

قَوْلُهُ: (سِنٍّ صَحِيحَةٍ) أَيْ لِغَيْرِ قَوْدٍ وَنَحْوِهِ.

قَوْلُهُ: (لِوَجِعَةٍ) أَيْ هِيَ أَوْ مَا تَحْتَهَا بِحَيْثُ يَقُولُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِزَوَالِ الْأَلَمِ بِقَلْعِهَا وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِتَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ وَمُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِ الْقَلْعِ وَإِنْ مَنَعَهُ مِنْهُ أَوْ سَقَطَتْ لِإِمْكَانِ الْإِبْدَالِ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ بِسُقُوطِ الْأُجْرَةِ وَرَدِّهَا لَوْ أَخَذَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفِي بِهِ وَهُوَ مَرْجُوحٌ كَمَا سَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: (وَلَا حَائِضٍ لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ) إجَارَةَ عَيْنٍ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ، أَوْ فِي زَمَنِ مَنْ تَحِيضُ فِيهِ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ قَدْرًا لَا تَحِيضُ فِيهِ صَحَّتْ فَإِنْ حَاضَتْ فِيهَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ وَالْكَلَامُ فِي الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ بِخِلَافِ الْكَافِرَةِ، لِجَوَازِ تَمْكِينِهَا مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ مَعَ أَمْنِ التَّلْوِيثِ.

كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَالْوَجْهُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِالْأَمْنِ الْمَذْكُورِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِحُرْمَةِ الْمُكْثِ) وَلَا تَسْتَحِقُّ أُجْرَةً لَوْ خَدَمَتْ، وَمِثْلُ ذَلِكَ كُلُّ مُحَرَّمٍ كَذِي سَلَسٍ وَجِرَاحَةٍ نَضَّاحَةٍ وَتَعْلِيمِ تَوْرَاةٍ وَإِنْجِيلٍ وَسِحْرٍ وَفُحْشٍ وَتَنْجِيمٍ وَرَمْلٍ وَحَمْلِ مُسْكِرٍ لِغَيْرِ إرَاقَتِهِ، وَتَصْوِيرِ حَيَوَانٍ وَنِيَاحَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ بَذْلُ مَالٍ فِيهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَمِثْلُهُ أَيْضًا اسْتِئْجَارُ كَافِرٍ مُسْلِمًا لِبِنَاءِ نَحْوَ كَنِيسَةٍ، وَإِنْ أَقَرُّوا عَلَيْهَا لِحُرْمَتِهِ وَمَا نُقِلَ عَنْ الزَّرْكَشِيّ مِنْ جَوَازِهِ مَحْمُولٌ عَلَى كَنِيسَةٍ لِلْمَارَّةِ، وَمِثْلُهُ اسْتِئْجَارُ أَجْنَبِيٍّ أَجْنَبِيَّةً لِخِدْمَتِهِ، وَلَوْ أَمَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ النَّظَرِ غَالِبًا. قَالَ شَيْخُنَا وَهَذَا فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ فَرَاجَعَهُ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (وَلَا تُسْقَى بِمَاءٍ غَالِبِ الْحُصُولِ إلَخْ) لَوْ قَالَ الْمُكْرِي: أَنَا أُحْفَرُ بِئْرًا أَسُوقُ مِنْهَا الْمَاءَ لَك أَوْ أَسُوقُهُ مِنْ مَكَانٍ آخَرَ صَحَّ، قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ.

فَرْعٌ: لَوْ أَجَرَهَا وَالْمَاءُ عَلَيْهَا صَحَّ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَرَهَا قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِهَا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارٌ لِقَلْعِ سِنٍّ صَحِيحَةٍ إلَخْ) وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَجْنَبِيٌّ أَمَةً تَخْدُمُهُ فَوَجْهَانِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ التَّحْرِيمَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ النَّظَرِ غَالِبًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا مَنْكُوحَةٌ لِرَضَاعٍ إلَخْ) .

فَرْعٌ: امْرَأَةٌ خَلِيَّةٌ أَجَّرَتْ نَفْسَهَا لِتُرْضِعَ صَبِيًّا، ثُمَّ أَجَّرَتْ نَفْسَهَا مَرَّةً أُخْرَى فَالثَّانِيَةُ بَاطِلَةٌ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَعَلَّلَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ فِي الرَّضَاعِ، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِعَدَمِ صِحَّةِ اسْتِئْجَارِ الْعَكَّامِينَ لِلْحَجِّ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ وَقَعَتْ عَلَى عَيْنِهِمْ فَكَيْفَ يُسْتَأْجَرُونَ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْحَجِّ؟ وَنَظَرَ فِيهِ الْعِرَاقِيُّ وَقَالَ: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَا تَنَافِي بَيْنَهُمَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015