لِأَنَّ أَوْقَاتَهَا مُسْتَغْرَقَةٌ بِحَقِّهِ وَالثَّانِي يَصِحُّ وَلِلزَّوْجِ فَسْخُهُ حِفْظًا لَحَقِّهِ، وَبِإِذْنِهِ يَصِحُّ جَزْمًا، وَالْكَلَامُ فِي الْحُرَّةِ أَمَّا الْأُمَّةُ الْمُزَوَّجَةُ، فَلِلسَّيِّدِ إيجَارُهَا قَطْعًا؛ لِأَنَّ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِهَا.

(وَيَجُوزُ تَأْجِيل الْمَنْفَعَةِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ كَأَلْزَمْت ذِمَّتَك الْحَمْلَ) لِكَذَا (إلَى مَكَّةَ أَوَّلَ شَهْرِ كَذَا) أَيْ مُسْتَهَلِّهِ كَالسَّلَمِ الْمُؤَجَّلِ

(وَلَا يَجُوزُ إجَارَةُ عَيْنٍ لِمَنْفَعَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ) كَإِجَارَةِ الدَّارِ السَّنَةَ الْآتِيَةَ (فَلَوْ أَجَرَ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ لِمُسْتَأْجِرِ الْأُولَى قَبْلَ انْقِضَائِهَا جَازَ فِي الْأَصَحِّ) وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِمَّا قَبْلَهُ لِاتِّصَالِ الْمُدَّتَيْنِ، وَالثَّانِي لَا يَسْتَثْنِيه

(وَيَجُوزُ كِرَاءُ الْعَقِبِ) أَيْ الثَّوْبِ (فِي الْأَصَحِّ وَهُوَ أَنْ يُؤَجِّرَ دَابَّةً رَجُلًا لِيَرْكَبَهَا بَعْضَ الطَّرِيقِ) أَيْ وَالْمُؤَجِّرُ يَرْكَبُهَا الْبَعْضَ الْآخَرَ عَلَى التَّنَاوُبِ (أَوْ) يُؤَجِّرَهَا (رَجُلَيْنِ لِيَرْكَبَ هَذَا أَيَّامًا وَذَا أَيَّامًا) عَلَى التَّنَاوُبِ (وَيُبَيِّنُ الْبَعْضَيْنِ) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ (ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ)

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (لِأَنَّ أَوْقَاتَهَا إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا وَظَاهِرٌ فِي زَوْجٍ حَاضِرٍ يُمْكِنُ اسْتِمْتَاعُهُ وَإِلَّا كَغَائِبٍ وَصَغِيرٍ، فَلَهَا الْإِجَارَةُ مُدَّةَ غَيْبَتِهِ أَوْ عَدَمِ تَمَكُّنِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ حَضَرَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ انْفَسَخَتْ فِيمَا بَقِيَ.

قَوْلُهُ: (وَبِإِذْنِهِ يَصِحُّ) كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا هُوَ لِخِدْمَتِهِ مَثَلًا، وَيَنْبَغِي سُقُوطُ نَفَقَتِهَا كَمَا لَوْ سَافَرَتْ لِغَرَضِهَا فَرَاجِعْهُ وَلِلْمَرْأَةِ اسْتِئْجَارُ زَوْجِهَا، وَلَهَا مَنْعُهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا وَقْتَ الْعَمَلِ لَكِنْ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا.

قَوْلُهُ: (أَمَّا الْأَمَةُ) أَيْ غَيْرُ الْمُكَاتَبَةِ؛ لِأَنَّهَا كَالْحُرَّةِ.

تَنْبِيهٌ: لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَنْعُ الزَّوْجِ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً. قَالَ بَعْضُهُمْ: إلَّا فِي وَقْتٍ يُعَطِّلُ عَلَيْهِ الْمَنْفَعَةَ. قَوْلُهُ:

(أَيْ مُسْتَهَلَّهُ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِأَوَّلِهِ أَيْ يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ عَيْنٍ لِمَنْفَعَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ) وَجَوَّزَهَا الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ. قَوْلُهُ: (كَإِجَارَةِ الدَّارِ إلَخْ) وَمِثْلُهَا دَارٌ لَا يُمْكِنُ تَفْرِيغُهَا إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ، إلَّا إنْ كَانَتْ الْأَمْتِعَةُ لِلْمُسْتَأْجِرِ. قَوْلُهُ: (لِمُسْتَأْجِرِ الْأُولَى) أَيْ لِمُسْتَحِقِّ مَنْفَعَتِهَا آخِرَ السَّنَةِ الْأُولَى، وَلَوْ غَيْرَ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ كَأَنْ آجَرَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ نِصْفَ السَّنَةِ الْآخَرِ لِمُسْتَأْجِرٍ آخَرَ، فَتُصْبِحُ الْإِجَارَةُ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ تَفْرُغْ مُدَّةَ الْأَوَّلِ إنْ أَمْكَنَ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ إجَارَةُ الْمَمْلُوكِ وَالْمَوْرُوثِ وَالْمَوْقُوفِ مِنْ النَّاظِرِ أَوْ غَيْرِهِ نَعَمْ إنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ مَثَلًا، لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مَا لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَيْهِ كَأَنْ تَتَوَقَّفْ عِمَارَتُهُ عَلَى أَكْثَرَ فَيَجُوزُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا، وَلَوْ تَقَابَلَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُؤَجِّرُ فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ لَمْ يَبْطُلْ الثَّانِي.

قَوْلُهُ: (وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى إلَخْ) وَمِنْهُ إجَارَةُ الْأَرْضِ قَبْلَ أَوَانِ الزَّرْعِ كَمَا مَرَّ، وَمِنْهُ الْإِجَارَةُ لِلْحَجِّ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِهِ لَكِنْ فِي وَقْتِ خُرُوجِ أَهْلِ بَلَدِهِ لَا قَبْلَهُ، وَتَصِحُّ إجَارَةُ نَحْوِ جِمَالِ وَعِكَامِ حَجٍّ؛ لِأَنَّ شَغْلَهُ لَيْسَ مَانِعًا مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ، وَمِنْهُ كِرَاءُ الْعَقِبِ الْآتِي.

قَوْلُهُ: (الْعَقِبِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَعْقُبُ صَاحِبَهُ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ.

قَوْلُهُ: (دَابَّةً) وَمِنْهَا الرَّقِيقُ لِلْخِدْمَةِ مَثَلًا، وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُهَا لِعَمَلِ اللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ أَوْ عَكْسِهِ وَلَا يَجُوزُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي نَحْوِ الدَّارِ فَيُشْتَرَطُ اتِّصَالُ الْمُدَّةِ فِيهَا وَالْفَرْقُ عَدَمُ قُدْرَةِ الْأَوَّلَيْنِ عَلَى التَّوَاصُلِ. قَوْلُهُ: (بَعْضَ الطَّرِيقِ) الْمُرَادُ بِالْبَعْضِ هُنَا وَفِيمَا بَعْدَهُ زَمَنٌ مُقَدَّرٌ تَحْتَمِلُهُ الدَّابَّةُ بِلَا مَشَقَّةٍ فَذِكْرُ الْأَيَّامِ فِي كَلَامِهِ لَيْسَ مُرَادًا.

قَوْلُهُ: (فِي الْأُولَى) وَيَجِب فِيهَا تَقْدِيمُ نَوْبَةِ الْمُكْتَرِي عَلَى الْمُكْرِي لِأَجْلِ اتِّصَالِ الْمَنْفَعَةِ بِالْعَقْدِ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ الْوَجْهِ الثَّالِثِ الْمُقَابِلِ فِي الشَّرْحِ مَا يُصَرِّحُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ تَقْدِيمَ الْمَالِكِ مَوْرِدَ الْخِلَافِ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَالْمُؤَجِّرُ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِقَوْلِهِ يَقْتَسِمَانِ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ صِحَّةُ إكْرَاهِ اللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ مَثَلًا وَالرُّكُوبُ غَيْرُ لَازِمٍ.

قَوْلُهُ: (الْبَعْضَيْنِ) فِيهِ تَثْنِيَةُ لَفْظِ بَعْضٍ وَإِدْخَالُ " أَلْ " عَلَيْهِ وَقَدْ مَنَعَهُ جُمْهُورُ النُّحَاةِ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الْعَقْدِ تَعْيِينُ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ الرَّاكِبَيْنِ، فَيُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا بِتَرَاضِيهِمَا أَوْ بِقُرْعَةٍ إنْ تَنَازَعَا وَإِنْ شَرَطَاهُ عُمِلَ بِهِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَجُوزُ تَأْجِيلُ الْمَنْفَعَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَقْبَلُ التَّأْجِيلَ. قَوْلُهُ: (أَيْ مُسْتَهَلَّهُ) يُرَدُّ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَإِلَّا فَقَدْ قَالُوا فِي السَّلَمِ: لَا يَصِحُّ أَنْ يَجْعَلَ مَحَلَّهُ أَوَّلَ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ بِجَمِيعِ النِّصْفِ الْأَوَّلِ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ، حَيْثُ قَالَ بِالصِّحَّةِ، وَيُحْمَلُ عَلَى مُسْتَهَلِّهِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَجُوزُ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْبَيْعِ.

قَوْلُهُ: (لِاتِّصَالِ الْمُدَّتَيْنِ) نَظِيرُ ذَلِكَ بَيْعُ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ، يَصِحُّ مِنْ صَاحِبِ الشَّجَرَةِ دُونَ غَيْرِهِ، وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ فَأُجِّرَ سِتًّا فِي عَقْدَيْنِ، أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلصِّحَّةِ فِي إجَارَةِ مُدَّةٍ تَلِي مُدَّةً فِي غَيْرِ الْوَقْفِ اتِّصَالُ الْمُدَّتَيْنِ، وَكَوْنُهُمَا فِي مَعْنَى الْعَقْدِ الْوَاحِدِ. وَهَذَا الْمَعْنَى يَقْتَضِي الْمَنْعَ فِي الْوَقْفِ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ، وَخَالَفَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ نَظَرًا إلَى مُطَابِقَةِ اللَّفْظِ لِلْحَقِيقَةِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (كِرَاءُ الْعَقِبِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَعْقُبُ صَاحِبَهُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (دَابَّةً) فِي مَعْنَاهَا الْعَبْدُ، وَخَرَجَ الدَّارُ وَالثَّوْبُ إذَا اسْتَأْجَرَهُمَا لِلِانْتِفَاعِ لَيْلًا فَقَطْ، مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَوَّلَيْنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015