بِسُكُونِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ بِالْفَتْحِ مَا تُعْلَفُ بِهِ لِلْجَهَالَةِ فِي ذَلِكَ (وَلَا لِيَسْلُخَ) الشَّاةَ (بِالْجِلْدِ وَيَطْحَنَ) الْحِنْطَةَ (بِبَعْضِ الدَّقِيقِ) كَثُلُثِهِ (أَوْ بِالنُّخَالَةِ) لِلْجَهَالَةِ بِثَخَانَةِ الْجِلْدِ وَبِقَدْرِ الدَّقِيقِ وَالنُّخَالَةِ
(وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا) أَيْ الْمَرْأَةَ (لِتُرْضِعَ رَقِيقًا بِبَعْضِهِ فِي الْحَالِ جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ) لِلْعِلْمِ بِهِ، وَالثَّانِي قَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ عَمَلُ الْأَجِيرِ فِي خَالِصِ مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَلَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ بِبَعْضِهِ، بَعْدَ الْفِطَامِ لَمْ تَصِحَّ جَزْمًا لِلْجَهْلِ بِهِ إذْ ذَاكَ.
(وَكَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مُتَقَوِّمَةً) أَيْ لَهُمَا قِيمَةٌ. (فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ بَيَّاعٍ عَلَى كَلِمَةِ لَا تَتْعَبْ وَإِنْ رُوِّجَتْ السِّلْعَةُ) إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا. (وَكَذَا دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ لِلتَّزَيُّنِ وَكَلْبٌ لِصَيْدٍ) أَوْ حِرَاسَةٍ لَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهَا لِمَا ذُكِرَ. (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ التَّزَيُّنَ بِالنَّقْدِ لَا يُقْصَدُ إلَّا نَادِرًا، وَالنَّادِرُ كَالْمَعْدُومِ فَلَا قِيمَةَ لَهُ، وَالْكَلْبُ لَا قِيمَةَ لَعَيْنِهِ فَكَذَا الْمَنْفَعَةُ وَالثَّانِي يُنَازَعُ فِي ذَلِكَ.
(وَكَوْنُ الْمُؤَجِّرِ قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِهَا) أَيْ الْمَنْفَعَةِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا. (فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ آبِقٍ وَمَغْصُوبٍ وَأَعْمَى لِلْحِفْظِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــSمَالِكُ وَأَحْمَدُ الْإِجَارَةَ بِالنَّفَقَةِ أَوْ الْكِسْوَةِ، وَيُحْمَلُ عَلَى الْوَسَطِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (لِلْجَهَالَةِ فِي ذَلِكَ) هُوَ لِلْأَغْلَبِ فِيمَا يُعْلَفُ بِهِ، فَالْمَعْلُومُ فِيهِ كَذَلِكَ لِضَمِّ الْعَمَلِ الْمَجْهُولِ إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَضُمَّ الْعَمَلَ إلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرُوا قَدْرًا مَعْلُومًا وَأَذِنَ لَهُ خَارِجَ الْعَقْدِ بِصَرْفِهِ فِي الْعَلَفِ أَوْ الْعِمَارَةِ جَازَ وَاغْتُفِرَ كَوْنُهُ قَابِضًا وَمُقْبِضًا مِنْ نَفْسِهِ لِوُقُوعِهِ ضِمْنًا، وَمِنْهُ قَبْضُ الْمُسْتَحَقِّ مِنْ مُسْتَأْجِرِ الْوَقْفِ مَا سَوَّغَهُ بِهِ النَّاظِرُ عَلَيْهِ مِنْ مَعْلُومِهِ، وَمِنْهُ إذْنُ رَبِّ الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ فِي إسْلَافِ مَا فِي ذِمَّتِهِ لِفُلَانٍ مَثَلًا، وَمِنْهُ إذْنُ النَّاظِرِ لِمُسْتَأْجِرِ الْوَقْفِ فِي الصَّرْفِ فِي عِمَارَتِهِ. قَالَ شَيْخُنَا م ر: هَذَا إنْ كَانَ الصَّرْفُ مِنْ أُجْرَةٍ عَلَيْهِ، فَإِنْ أُرِيدَ الصَّرْفُ لِيَكُونَ دَيْنًا عَلَى الْوَقْفِ، فَلَا يَكْفِي إذْنُ النَّاظِرِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْقَاضِي.
وَقَالَ شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْقَاضِي مُطْلَقًا وَلَا يَكْفِي إذْنُ النَّاظِرِ وَحْدَهُ، وَاكْتَفَى بَعْضُ مَشَايِخِنَا بِإِذْنِ النَّاظِرِ وَحْدَهُ مُطْلَقًا خُصُوصًا إذَا لَزِمَ عَلَى إذْنِ الْقَاضِي غَرَامَةُ مَالٍ. قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ وَجِيهٌ لَا عُدُولَ عَنْهُ وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ آخِرًا وَاعْتَمَدَهُ وَيُصَدَّقُ فِي صَرْفِ الْقَدْرِ اللَّائِقِ، وَتَكْفِي شَهَادَةُ الصُّنَّاعِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُمْ يَعْنُونَ أَنْفُسَهُمْ. قَوْلُهُ: (بِالْجِلْدِ) أَيْ جِلْدِهَا. قَوْلُهُ: (بِبَعَضِ الدَّقِيقِ) أَيْ مِنْهَا وَإِنْ عُيِّنَ قَدْرُهُ كَصَاعٍ مَثَلًا وَالنُّخَالَةُ كَذَلِكَ وَالْعِلَّةُ لِلْأَغْلَبِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُعَلَّلَ بِعَدَمِ الْقُدْرَةِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ حَالَةَ الْعَقْدِ.
قَوْلُهُ: (أَيْ الْمَرْأَةُ) وَمِثْلُهَا الرَّجُلُ وَخَرَجَ بِهِمَا نَحْوُ شَاةٍ فَلَا يَصِحُّ لَهُمْ قُدْرَةُ التَّسْلِيمِ. قَوْلُهُ: (رَقِيقًا) وَمِثْلُهُ الدَّابَّةُ. قَوْلُهُ: (بِبَعْضِهِ) أَيْ الْمُعَيَّنِ بِالْجُزْئِيَّةِ كَرُبْعٍ وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ اسْتَأْجَرْتُك لِإِرْضَاعِ هَذَا الرَّقِيقِ بِرُبْعِهِ الْآنَ فَيَصِحُّ وَيَنْزِلُ عَلَى مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ. قَالَ شَيْخُنَا م ر: وَكَذَا لَوْ قَالَ لِإِرْضَاعِ كُلِّهِ أَوْ جَمِيعِهِ خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي كُتُبِهِ، وَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ كَمَا يَأْتِي فَإِنْ قَالَ لِإِرْضَاعِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ بِرُبْعِهِ أَوْ بِرُبْعِهِ لِإِرْضَاعِ بَاقِيه صَحَّ بِلَا خِلَافٍ، وَمَا هُنَا يَجْرِي فِي الْمُسَاقَاةِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. قَالَ شَيْخُنَا م ر أَيْضًا وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي صُورَةِ الطَّحْنِ السَّابِقَةِ، وَلَعَلَّهُ لَوْ قُلْنَا بِصِحَّتِهَا فَتَأَمَّلْهُ أَوْ الْمُرَادُ بِجُزْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْبُرِّ لَا مِنْ الدَّقِيقِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ
: (مُتَقَوِّمَةُ) أَيْ وَمُبَاحَةٌ وَمَقْدُورٌ عَلَى تَسْلِيمِهَا وَمَقْصُودَةٌ وَمَمْلُوكَةٌ لَهُ وَاقِعَةٌ لِلْمُكْتَرِي وَلَا تَتَضَمَّنُ اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ قَصْدًا وَتَسْتَوْفِي مِنْ الْعَيْنِ مَعَ بَقَائِهَا وَكُلُّ ذَلِكَ يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (لَهَا قِيمَةٌ) فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا مَا قَابَلَ الْمِثْلِيَّةَ. قَوْلُهُ: (عَلَى كَلِمَةِ لَا تَتْعَبْ) وَلَوْ فِي غَيْرِ مُسْتَقِرِّ الْقِيمَةِ وَالضَّرْبَةُ كَالْكَلِمَةِ وَالْمُرَادُ مَا شَأْنُهُ ذَلِكَ وَإِنْ حَصَلَ بِهِ تَعَبٌ، وَالْمُرَادُ بِالْكَلِمَةِ اللُّغَوِيَّةُ.
وَقَالَ السَّنْبَاطِيُّ: يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ إذَا كَانَ فِيهَا تَعَبٌ، نَعَمْ إنْ كَانَتْ مَعَ تَأَمُّلٍ كَضَرْبَةٍ لِتَقْوِيمِ نَحْوِ سَيْفٍ أَوْ فَصْدٍ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ فَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ) بِخِلَافِ الْحُلِيِّ فَيَصِحُّ إجَارَتُهُ.
قَوْلُهُ: (لِلتَّزْيِينِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَوْ لِلضَّرْبِ عَلَى صُورَتِهَا فَلَا تَصِحَّ الْإِجَارَةُ فِيهِمَا وَإِنَّمَا صَحَّتْ الْإِعَارَةُ فِيهَا لِعَدَمِ الْمَالِ، وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ لِلضَّرْبِ الْمَذْكُورِ كَالْعَارِيَّةِ لَهُ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ فِيهَا مَا لَمْ يَكُنْ لَهَا عُرًى وَلَوْ مِنْهَا وَإِلَّا صَحَّتْ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَالْحُلِيِّ.
قَوْلُهُ: (لَا قِيمَةَ لَعَيْنِهِ) فَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ نَحْوَ هِرَّةٍ لِصَيْدِ فَأْرٍ وَفَهْدٍ، لِصَيْدٍ وَقِرْدٍ لِحِرَاسَةٍ وَطَاوُسٍ لِلَوْنِهِ، وَطَيْرٍ كَعَنْدَلِيبِ لِصَوْتِهِ، وَشَجَرَةٍ لِظِلِّهَا أَوْ لِرَبْطِ دَابَّةٍ بِهَا وَمِسْكٍ لِشَمِّهِ، وَتُفَّاحٍ كَثِيرٍ كَذَلِكَ لَا تُفَّاحَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ تَافِهٌ فِيهَا، وَالشَّبَكَةِ لِصَيْدٍ وَحَبْلٍ لِنَشْرِ ثِيَابٍ عَلَيْهِ، وَحَجَرٍ لِسَدِّ كُوَّةِ وَحْشٍ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ، وَبُسْتَانٍ لِلتَّفَرُّجِ فِيهِ، وَكُتُبٍ مُبَاحَةٍ لَا فُحْشَ فِيهَا لِقِرَاءَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ، وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْقِسِيِّ وَالرِّمَاحِ لَا النُّشَّابِ إلَّا تَبَعًا لِلْقِسِيِّ عَلَى الْأَوْجَهِ.
قَوْلُهُ: (قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِهَا) وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ مَحَلَّهَا كَمُسْتَأْجِرٍ وَمَا أَقْطَعَهُ الْإِمَامُ وَمِنْهُ نَحْوُ أَرَاضِي مِصْرٍ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ، فَإِنْ حُمِلَ عَلَى مَنْ مَنَعَهُ الْإِمَامُ فَوَاضِحٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ إلَى صِحَّةِ اسْتِئْجَارِ الْأَجِيرِ بِنَفَقَتِهِ وَكُسْوَتِهِ، وَتُحْمَلُ عَلَى الْوَسَطِ.
قَوْلُهُ: (أَيْ لَهَا قِيمَةٌ) لَيْسَ الْمُرَادُ مُقَابِلَ الْمِثْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ بَيَّاعٍ إلَخْ) وَنَظِيرُهُ عَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِ حَبَّةِ الْحِنْطَةِ.
قَوْلُهُ: (يُنَازِعُ فِي ذَلِكَ) أَيْ وَيَقُولُ هِيَ مَنَافِعُ تُسْتَبَاحُ بِالْإِعَارَةِ فَاسْتُحِقَّتْ بِالْإِجَارَةِ.
فَرْعٌ: إجَارَةُ الشَّمْعِ لِلْإِيقَادِ فَاسِدَةٌ، وَهَذِهِ مِمَّا عَمَّتْ بِهَا الْبَلْوَى.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى تَسْلِيمِهَا) كَالْبَيْعِ، قِيلَ الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ: الْقُدْرَةُ عَلَى تَسَلُّمِهَا.
فَرْعٌ: الْإِقْطَاعُ أَفْتَى النَّوَوِيُّ بِأَنَّ الْمُقْطَعَ يُؤَجَّرُ، وَخَالَفَهُ الشَّيْخُ الْفَزَارِيّ وَوَلَدُهُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَفَصَلَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ اطِّرَادِ عَادَةٍ، وَبَيْنَ غَيْرِ ذَلِكَ.