نَعَمْ وَالْمُسْتَعْمَلُ فِي الْكَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ طَهُورٌ وَقِيلَ طَاهِرٌ فَقَطْ

(وَلَوْ نَجُسَ مَائِعٌ) كَالْخَلِّ وَالدِّبْسِ وَالدُّهْنِ (تَعَذَّرَ) بِالْمُعْجَمَةِ (تَطْهِيرُهُ وَقِيلَ يَطْهُرُ الدُّهْنُ) كَالزَّيْتِ (بِغَسْلِهِ) بِأَنْ يُصَبَّ عَلَيْهِ فِي إنَاءٍ مَاءٌ يَغْلِبُهُ وَيُحَرَّكُ بِخَشَبَةٍ حَتَّى يَصِلَ الْمَاءُ إلَى جَمِيعِ أَجْزَائِهِ، ثُمَّ إذَا سَكَنَ وَعَلَا الدُّهْنُ الْمَاءَ يُفْتَحُ الْإِنَاءُ مِنْ أَسْفَلِهِ لِيَخْرُجَ الْمَاءُ بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِ الْعَصْرِ، وَرُدَّ هَذَا الْوَجْهُ بِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ الْفَأْرَةِ تَمُوتُ فِي السَّمْنِ فَقَالَ إنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ» وَفِي رِوَايَةٍ ذَكَرَهَا الْخَطَّابِيُّ " فَأَرِيقُوهُ " فَلَوْ أَمْكَنَ تَطْهِيرُهُ شَرْعًا لَمْ يَقُلْ فِيهِ ذَلِكَ، وَقَدْ أَعَادَ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ فِي بَابِ الْبَيْعِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــSهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيُحْكَمُ عَلَى بَقَاءِ نَجَاسَةِ الْمَحَلِّ بِنَجَاسَةِ الْغُسَالَةِ وَعَكْسِهِ مُطْلَقًا وَعَلَى طَهَارَةِ الْمَحَلِّ بِطَهَارَةِ الْغُسَالَةِ لَا عَكْسِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَنَجَّسَ مَائِعٌ) أَيْ وَإِنْ جَمَدَ بَعْدَ ذَلِكَ كَعَسَلٍ انْعَقَدَ سُكَّرًا وَلَبَنٍ انْعَقَدَ لَبَأً أَوْ جُبْنًا بِخِلَافِ عَكْسِهِ كَدَقِيقٍ عُجِنَ بِهِ، وَلَوْ انْمَاعَ، فَيَطْهُرُ بِالْغَسْلِ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا نَحْوُ السُّكَّرِ؛ فَإِنْ تَنَجَّسَ بَعْدَ جُمُودِهِ طَهُرَ ظَاهِرُهُ بِالْغَسْلِ أَوْ بِالْكَشْطِ أَوْ حَالَ انْمِيَاعِهِ لَمْ يَطْهُرْ مُطْلَقًا كَالْعَسَلِ كَمَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ ابْنِ قَاسِمٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا مَرَّ، وَمِنْ الْجَامِدِ الزِّئْبَقُ بِكَسْرِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ فَمُوَحَّدَةٌ مَفْتُوحَةٌ فَلَا يَتَنَجَّسُ بِوَضْعِهِ فِي نَحْوِ جِلْدِ كَلْبٍ حَيْثُ لَا رُطُوبَةَ، وَإِلَّا فَيَطْهُرُ بِالْغَسْلِ مُطْلَقًا أَوْ مَعَ التَّتْرِيبِ فِي النَّجَاسَةِ الْكَلْبِيَّةِ مَا لَمْ يَتَفَتَّتْ، وَإِلَّا فَيَتَعَذَّرُ تَطْهِيرُهُ، فَلَوْ مَاتَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ لَمْ تُنَجِّسْهُ، قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ أَيْ حَيْثُ لَا رُطُوبَةَ.

(تَنْبِيهٌ) لَا يَطْهُرُ لَبِنٌ بِكَسْرِ الْبَاءِ عُجِنَ بِسَرْجَيْنِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَقَدْ سُئِلَ) شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ عَنْ سُؤَالٍ صُورَتُهُ مَا قَوْلُكُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكُمْ فِي الْجِرَارِ وَالْأَزْيَارِ وَالْإِجَّانَاتِ وَالْقُلَلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَالْبَرَانِيِّ وَالْأَصْحُنِ مِمَّا يُعْجَنُ مِنْ الطِّينِ بِالسَّرْجَيْنِ هَلْ يَصِحُّ بَيْعُهَا وَيُحْكَمُ بِطَهَارَةِ مَا وُضِعَ فِيهَا مِنْ مَائِعٍ أَوْ مَاءٍ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ وَفِي الْجُبْنِ الْمَعْمُولِ بِالْإِنْفَحَةِ الْمُتَنَجِّسَةِ هَلْ يَصِحُّ بَيْعُهُ وَيُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ وَيَجُوزُ أَكْلُهُ حَتَّى لَوْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ بَدَنٍ أَوْ ثَوْبٍ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ، وَكَذَا مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ مِنْ الْمِشِّ الْمَعْمُولِ بِهِ الْكِشْكُ هَلْ يَجُوزُ أَكْلُهُ وَيُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ وَلَا تَجِبُ الْمَضْمَضَةُ مِنْهُ وَلَا غَسْلُ مَا أَصَابَهُ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، وَهَلْ يَجُوزُ بَيْعُ الطُّوبِ الْمَعْجُونِ بِالزِّبْلِ إذَا أُحْرِقَ وَبِنَاءُ الْمَسَاجِدِ بِهِ وَفَرْشُ أَرْضِهَا بِهِ، وَيُصَلِّي عَلَيْهِ بِلَا حَائِلٍ، وَإِذَا اتَّصَلَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ بَدَنِ الْمُصَلِّي أَوْ مَلْبُوسِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ تَصِحُّ صَلَاتُهُ. أَفْتَوْنَا أُثَابكُمْ اللَّهُ الْجَنَّةَ آمِينَ، (فَأَجَابَ) بِمَا صُورَتُهُ بِحُرُوفِهِ مِنْ خَطِّهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ: الْخَزَفُ وَهُوَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ الطِّينِ وَيُضَافُ إلَى الطِّينِ السَّرْجِينُ مِمَّا عَمَّتْ الْبَلْوَى فِي الْبِلَادِ، فَيُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ وَطَهَارَةِ مَا وُضِعَ فِيهِ مِنْ الْمَاءِ وَالْمَائِعَاتِ، لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ، وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إذَا ضَاقَ الْأَمْرُ اتَّسَعَ.

وَالْجُبْنُ الْمَعْمُولُ بِالْإِنْفَحَةِ الْمُتَنَجِّسَةِ مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى أَيْضًا فَيُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ، وَيَصِحُّ بَيْعُهُ وَأَكْلُهُ، وَلَا يَجِبُ تَطْهِيرُ الْفَمِ مِنْهُ، وَإِذَا أَصَابَ شَيْءٌ مِنْهُ ثَوْبَ الْآكِلِ أَوْ بَدَنَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ تَطْهِيرُهُ لِلْمَشَقَّةِ. وَأَمَّا الْآجُرُّ الْمَعْجُونُ بِالسَّرْجَيْنِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَبِنَاءُ الْمَسَاجِدِ بِهِ، وَفَرْشُ أَرْضِهَا بِهِ، وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِلَا حَائِلٍ، حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ بِنَاءُ الْكَعْبَةِ بِهِ. وَالْمِشُّ الْمُنْفَصِلُ عَنْ الْجُبْنِ الْمَعْمُولِ بِالْإِنْفَحَةِ طَاهِرٌ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ حَتَّى لَوْ أَصَابَ شَيْءٌ مِنْهُ بَدَنًا أَوْ ثَوْبًا لَمْ يَجِبْ تَطْهِيرُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَكَتَبَهُ عَلِيٌّ الزِّيَادِيُّ الشَّافِعِيُّ.

ثُمَّ سَأَلْت شَيْخَنَا الْمَذْكُورَ فِي دَرْسِهِ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: قُلْته مِنْ عِنْدِي وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَلَمْ أَرَ لِأَحَدٍ تَصْرِيحًا بِهِ، وَإِنَّمَا خَرَّجْته عَلَى قَوَاعِدِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ثُمَّ رَأَيْت مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ الْعِمَادِ وَشَرْحِهَا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي بِأَنَّ لَهَا حُكْمَ الْمَحَلِّ قَبْلَ الْوُرُودِ وَعَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ لَهَا حُكْمَ الْمَحَلِّ بَعْدَ الْوُرُودِ، وَعَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ يَنْبَنِي حُكْمُ الْمُتَطَايِرِ مِنْ غَسَلَاتِ الْكَلْبِ، فَلَوْ تَطَايَرَ مِنْ الْأُولَى فَعَلَى الْأَظْهَرِ يُغْسَلُ سِتًّا، وَعَلَى الثَّانِي سَبْعًا، وَعَلَى الْقَدِيمِ لَا شَيْءَ.

قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَالْخَلِّ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: أَمَّا غَيْرُ الدُّهْنِ فَبِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا الدُّهْنُ فَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ فِيمَا إذَا تَنَجَّسَ الدُّهْنُ بِبَوْلٍ أَوْ خَمْرٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا دُهْنِيَّةَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُنَجَّسُ لَهُ وَدَكُ الْمَيْتَةِ لَمْ يَطْهُرْ بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ عَصَى الشَّخْصُ بِإِصَابَتِهِ النَّجَاسَةَ كَأَنْ ضَمَّخَ بِهَا ثَوْبَهُ أَوْ بَدَنَهُ وَجَبَ إزَالَتُهَا عَلَى الْفَوْرِ وَإِلَّا فَلَا نَظِيرَ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ نَقْلًا عَنْ الرَّوْضَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا الْعَاصِي بِالْجَنَابَةِ فَيَحْتَمِلُ إلْحَاقَهُ بِذَلِكَ، وَالْمُتَّجِهُ خِلَافُهُ لِأَنَّ مَا عُصِيَ بِهِ فِي النَّجَاسَةِ بَاقٍ بِخِلَافِ الْجُنُبِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015