(وَإِنْ كَانَتْ) عَيْنٌ مِنْهَا فِيهِ (وَجَبَ إزَالَةُ الطَّعْمِ) وَمُحَاوَلَةُ غَيْرِهِ (وَلَا يَضُرُّ بَقَاءُ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ عَسُرَ زَوَالُهُ) كَلَوْنِ الدَّمِ وَرِيحِ الْخَمْرِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَهُلَ فَيَضُرُّ (وَفِي الرِّيحِ قَوْلٌ) أَنَّهُ يَضُرُّ بَقَاؤُهُ فِي طُهْرِ الْمَحَلِّ وَفِي اللَّوْنِ وَجْهٌ كَذَلِكَ فَتُرْتَكَبُ الْمَشَقَّةُ فِي زَوَالِهِمَا (قُلْت) : كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (فَإِنْ بَقِيَا مَعًا ضَرَّا عَلَى الصَّحِيحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِقُوَّةِ دَلَالَتِهِمَا عَلَى بَقَاءِ الْعَيْنِ، وَالثَّانِي لَا لِلْمَشَقَّةِ فِي زَوَالِهِمَا كَمَا لَوْ كَانَا فِي مَحَلَّيْنِ، وَلَا تَجِبُ الِاسْتِعَانَةُ فِي زَوَالِ الْأَثَرِ بِغَيْرِ الْمَاءِ، وَقِيلَ: تَجِبُ، وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّحْقِيقِ وَالتَّنْقِيحِ (وَيُشْتَرَطُ وُرُودُ الْمَاءِ) عَلَى الْمَحَلِّ (لَا الْعَصْرُ) لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) فِيهِمَا وَمُقَابِلُهُ فِي الْأَوْلَى قَوْلُ ابْنُ سُرَيْجٍ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ إذَا أُورِدَ عَلَيْهِ الْمَحَلُّ النَّجِسُ لِيُطَهِّرَهُ كَالثَّوْبِ يُغْمَسُ فِي إجَّانَةِ مَاءٍ، كَذَلِكَ أَنَّهُ يُطَهِّرُهُ كَمَا لَوْ كَانَ وَارِدًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فِيهِ فَيُنَجَّسُ بِهِ، وَالْخِلَافُ فِي الثَّانِيَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي فِي طَهَارَةِ الْغَسَالَةِ إنْ قُلْنَا بِطَهَارَتِهَا وَهُوَ الْأَظْهَرُ، فَلَا يُشْتَرَطُ الْعَصْرُ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ وَيَقُومُ مَقَامَهُ الْجَفَافُ فِي الْأَصَحِّ (وَالْأَظْهَرُ طَهَارَةُ غُسَالَةٍ تَنْفَصِلُ بِلَا تَغَيُّرٍ وَقَدْ طَهُرَ الْمَحَلُّ) لِأَنَّ الْمُنْفَصِلَ بَعْضُ مَا كَانَ مُتَّصِلًا بِهِ وَقَدْ فُرِضَ طُهْرُهُ، وَالثَّانِي أَنَّهَا نَجَاسَةٌ لِانْتِقَالِ الْمَنْعِ إلَيْهَا كَمَا فِي الْمُسْتَعْمَلِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ، وَمِنْهُ خَرَجَ، وَفِي الْقَدِيمِ أَنَّهَا مُطَهِّرَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُسْتَعْمَلِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ، فَإِنْ انْفَصَلَتْ مُتَغَيِّرَةً أَوْ غَيْرَ مُتَغَيِّرَةٍ وَلَمْ يَطْهُرْ الْمَحَلُّ فَنَجِسَةٌ قَطْعًا. وَزِيَادَةُ وَزْنِهَا بَعْدَ اعْتِبَارِ مَا يَأْخُذُهُ الْمَحَلُّ كَالتَّغَيُّرِ فِي الْأَصَحِّ وَهَلْ يُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ الْمَحَلِّ فِيمَا إذَا انْفَصَلَتْ مُتَغَيِّرَةً أَوْ زَائِدَةَ الْوَزْنِ وَلَا أَثَرَ بِهِ يُدْرَكُ، وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي التَّتِمَّةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSطَرَاوَتُهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ إزَالَةُ الطَّعْمِ) وَيَجُوزُ ذَوْقُ مَحَلِّهِ لِمَعْرِفَةِ بَقَائِهِ فَإِنْ عَسُرَ بِأَنْ لَمْ يَزُلْ بِحَتٍّ بِالْفَوْقِيَّةِ أَوْ قَرْصٍ بِالْمُهْمَلَةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عُفِيَ عَنْهُ مَا دَامَ الْعُسْرُ، وَيَجِبُ إزَالَتُهُ إذَا قَدَرَ، وَلَا يُعِيدُ مَا صَلَّاهُ مَثَلًا بِالْأَوَّلِ، وَلَا يَجِبُ قَطْعُ الثَّوْبِ، وَلَا يَنْجُسُ مَا أَصَابَهُ مَعَ رُطُوبَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ بَقَاءٌ أَوْ رِيحٌ عَسُرَ) وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ فَيُعْفَى عَنْهُ، وَقِيلَ يَطْهُرُ،، وَيَرُدُّهُ قَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بِوُجُوبِ إزَالَتِهِ إذَا قَدَرَ عَلَيْهَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ بَقِيَا مَعًا) أَيْ مِنْ نَجَاسَةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، وَهَذِهِ زِيَادَةٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ أَوْ اسْتِدْرَاكٌ بِجَعْلِ أَوْ مَانِعَةَ خُلُوٍّ أَوْ جَمْعٍ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ تَجِبُ الِاسْتِعَانَةُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَطْعًا فِي الطَّعْمِ وَعَلَى الْأَصَحِّ فِي غَيْرِهِ إنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ بِمَا يَجِبُ تَحْصِيلُ الْمَاءِ بِهِ لِلطَّهَارَةِ، وَإِذَا عَسُرَ فَفِيهِ مَا مَرَّ.
(تَنْبِيهٌ) لَا يُحْكَمُ بِالنَّجَاسَةِ بِغَيْرِ تَحَقُّقِ سَبَبِهَا فَالْمَاءُ الْمَنْقُولُ مِنْ الْبَحْرِ لِلْأَزْيَارِ فِي الْبُيُوتِ مَثَلًا إذَا وُجِدَ فِيهِ وَصْفُ النَّجَاسَةِ مَحْكُومٌ بِطَهَارَتِهِ لِلشَّكِّ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَأَجَابَ عَمَّا نُقِلَ عَنْ وَالِدِهِ مِنْ الْحُكْمِ بِالنَّجَاسَةِ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا وُجِدَ سَبَبُهَا، وَيَجِبُ غَسْلُ مُصْحَفٍ تَنَجَّسَ وَإِنْ تَلِفَ وَكَانَ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ، وَلَا بُدَّ مِنْ صَفَاءِ غُسَالَةِ ثَوْبٍ صُبِغَ بِنَجَسٍ، وَيَكْفِي غَمْرُ مَا صُبِغَ بِمُتَنَجِّسٍ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ أَوْ صَبُّ مَاءٍ قَلِيلٍ عَلَيْهِ كَذَلِكَ، فَيَطْهُرُ هُوَ وَصِبْغُهُ.
قَوْلُهُ: (عَلَى الْمَحَلِّ) كَإِنَاءٍ مُتَنَجِّسٍ كُلِّهِ فَوُضِعَ فِيهِ مَاءٌ وَأُدِيرَ عَلَيْهِ فَيَطْهُرُ كُلُّهُ مَا لَمْ تَكُنْ فِيهِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ وَلَوْ مَائِعَةً، وَاجْتَمَعَتْ مَعَ الْمَاءِ وَلَوْ مَعْفُوًّا عَنْهَا، وَلِذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَافَتَاءُ بَعْضِهِمْ بِطَهَارَةِ مَاءٍ صُبَّ عَلَى بَوْلِ فِي إجَابَةِ مَحْمُولٍ عَلَى بَوْلٍ لَا جُرْمَ لَهُ، وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ: إنَّهُ إذَا اضْمَحَلَّ يَطْهُرُ طَرِيقَةٌ ضَعِيفَةٌ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ التَّفْصِيلَ فِي الْغُسَالَةِ مَحَلُّهُ فِيمَا لَا جُرْمَ لِلنَّجَاسَةِ فِيهَا، لَكِنَّ قَوْلَهُمْ: لَوْ صُبَّ مَاءٌ عَلَى نَحْوِ دَمِ بَرَاغِيثَ فَزَالَتْ عَيْنُهُ طَهُرَ الْمَحَلُّ وَالْغُسَالَةُ بِشَرْطِهِ يُنَازَعُ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (قَطْعًا) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ لَعَلَّهُ بِنَاءٌ عَلَى الْأَظْهَرِ. قَوْلُهُ: (وَزِيَادَةُ وَزْنِهَا) هُوَ فِي الْغُسَالَةِ الْقَلِيلَةِ، وَلَا يَضُرُّ فِي الْكَثِيرَةِ إلَّا التَّغَيُّرُ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا فِي التَّتِمَّةِ نَعَمْ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرَ اللَّبَنِ غَالِبًا فِي غِذَائِهِ، انْتَهَى.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَضُرُّ بَقَاءُ لَوْنٍ إلَى آخِرِهِ) أَيْ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ خَوْلَةَ بِنْتَ يَسَارٍ أَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ لَيْسَ لِي إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَأَنَا أَحِيضُ فِيهِ فَكَيْفَ أَصْنَعُ فَقَالَ: إذَا تَطَهَّرَتْ فَاغْسِلِيهِ ثُمَّ صَلِّي فِيهِ قَالَتْ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ الدَّمُ؟ قَالَ: يَكْفِيك الْمَاءُ وَلَا يَضُرُّك أَثَرُهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَلَكِنْ فِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، مُخْتَلَفٌ فِيهِ.
قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَلَوْنِ الدَّمِ وَرِيحِ الْخَمْرِ) خَصَّهُمَا بِالتَّمْثِيلِ لِأَنَّ لَنَا وَجْهًا بِالْعَفْوِ عَنْ لَوْنِ الدَّمِ دُونَ غَيْرِهِ وَوَجْهًا بِالْعَفْوِ عَنْ رِيحِ الْخَمْرِ دُونَ غَيْرِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَفِي اللَّوْنِ وَجْهٌ) عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ تُفِيدُهُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَمَا فِي الْمُسْتَعْمَلِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ) نَظِيرٌ لِقَوْلِهِ لِانْتِقَالِ الْمَنْعِ إلَيْهَا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَفِي الْقَدِيمِ أَنَّهَا مَطْهَرَةٌ) يُعَبَّرُ عَنْ هَذَا بِأَنَّ لِلْغُسَالَةِ حُكْمَ نَفْسِهَا قَبْلَ الْوُرُودِ، وَعَنْ