وَمَزْجِهِ بِمَاءٍ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يُنْظَرُ إلَى مُجَرَّدِ اسْمِ التُّرَابِ وَإِلَى اسْتِعْمَالِهِ مَمْزُوجًا مَعَ الْمُحَافَظَةِ عَلَى وُجُودِ السَّبْعِ بِالْمَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ حَتَّى لَوْ غَسَلَ بِالْمَاءِ سِتًّا وَالسَّابِعَةَ بِالتُّرَابِ الْمَمْزُوجِ بِمَائِعٍ لَمْ يَكْفِ قَطْعًا، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهُ يَكْفِي فِي وَجْهٍ.

قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: هُوَ خَطَأٌ ظَاهِرٌ، وَحُكِيَ فِي التَّنْقِيحِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يَكْفِي الْمَزْجُ بِمَائِعٍ مَعَ الْغَسْلِ سَبْعًا بِالْمَاءِ دُونَ الْغَسْلِ بِهِ سِتًّا، ثُمَّ صَحَّحَ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ فِي الصُّورَتَيْنِ. وَالْوَاجِبُ مِنْ التُّرَابِ مَا يُكَدِّرُ الْمَاءَ، وَيَصِلُ بِوَاسِطَتِهِ إلَى جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْمَحَلِّ، وَقِيلَ يَكْفِي مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَلَا يَجِبُ اسْتِعْمَالُ التُّرَابِ فِي الْأَرْضِ التُّرَابِيَّةِ إذْ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ وَقِيلَ يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ فِيهَا كَغَيْرِهَا.

(وَمَا نَجُسَ بِبَوْلِ صَبِيٍّ لَمْ يَطْعَمْ غَيْرَ لَبَنٍ نُضِحَ) بِأَنْ يُرَشَّ عَلَيْهِ مَاءٌ يَعُمُّهُ وَيَغْلِبُهُ مِنْ غَيْرِ سَيَلَانٍ بِخِلَافِ الصَّبِيَّةِ، فَلَا بُدَّ فِي بَوْلِهَا مِنْ الْغَسْلِ عَلَى الْأَصْلِ وَيَتَحَقَّقُ بِالسَّيَلَانِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ عَنْ أُمِّ قَيْسٍ «أَنَّهَا جَاءَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ، فَأَجْلَسَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حِجْرِهِ، فَبَالَ عَلَيْهِ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ» . وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَحَسَّنَهُ حَدِيثَ «يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ، وَيَرُشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ» وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الِائْتِلَافَ بِحَمْلِ الصَّبِيِّ أَكْثَرُ فَخُفِّفَ فِي بَوْلِهِ، وَبِأَنَّهُ أَرَقُّ مِنْ بَوْلِهَا فَلَا يَلْصَقُ بِالْمَحَلِّ لُصُوقَ بَوْلِهَا بِهِ. وَقَوْلُهُ لَمْ يَطْعَمْ بِفَتْحِ الْيَاءِ أَيْ لَمْ يَتَنَاوَلْ وَقَوْلُهُ غَيْرَ لَبَنٍ أَيْ لِلتَّغَذِّي مَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، فَلَا يَمْنَعُ النَّضْحَ تَحْنِيكُهُ أَوَّلَ وِلَادَتِهِ بِتَمْرٍ وَنَحْوِهِ وَلَا تَنَاوُلُهُ السَّفُوفَ وَنَحْوَهُ لِلْإِصْلَاحِ.

(وَمَا نَجُسَ بِغَيْرِهِمَا) أَيْ بِغَيْرِ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ غَيْرِ بَوْلِ الصَّبِيِّ الْمَذْكُورِ (إنْ لَمْ تَكُنْ عَيْنٌ) مِنْ النَّجَاسَةِ فِيهِ كَبَوْلٍ جَفَّ وَلَمْ يُدْرَكْ لَهُ طَعْمٌ وَلَا لَوْنٌ وَلَا رِيحٌ (كَفَى جَرْيُ الْمَاءِ) عَلَيْهِ مَرَّةً

ـــــــــــــــــــــــــــــSاحْتَاجَ إلَى الْجَوَابِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ إنَّ كَلَامَهُمْ هُنَا لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مِنْ أَنَّ الْعَيْنَ بِمَعْنَى الْجُرْمِ إذَا تَوَقَّفَتْ إزَالَةُ الْأَوْصَافِ بَعْدَهَا عَلَى سِتِّ غَسَلَاتٍ حُسِبَ مَا قَبْلَ هَذِهِ السِّتَّةِ غَسْلَةً وَاحِدَةً فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ بِالْإِنْصَافِ، وَالرُّجُوعُ إلَى الْحَقِّ أَوْلَى مِنْ الِاعْتِسَافِ، وَلَا يَضُرُّ زِيَادَةٌ عَلَى السَّبْعِ بَعْدَ التَّتْرِيبِ. قَوْلُهُ: (فَلَا بُدَّ مِنْ طَهُورِيَّةِ التُّرَابِ) فَلَا يَكْفِي الْمُسْتَعْمَلُ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ أَوْ إزَالَةِ خَبَثٍ كَمَا فِي حَجَرِ الِاسْتِنْجَاءِ، لَكِنْ الْمُسْتَعْمَلُ فِيهِ مَا لَاقَى الْمَحَلَّ فَقَطْ فَلَوْ كَشَطَهُ كَفَى مَا تَحْتَهُ وَلَوْ فِي التَّيَمُّمِ، وَإِنَّمَا اكْتَفَى فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالطَّاهِرِيَّةِ لِوُرُودِهِ بِالْحَجَرِ. قَوْلُهُ: (وَمَزْجِهِ بِمَاءٍ) سَوَاءٌ مَزَجَهُ قَبْلَ وَضْعِهِ فِي الْإِنَاءِ وَهُوَ أَوْلَى أَوْ بَعْدَهُ، وَسَوَاءٌ وَضَعَ التُّرَابَ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ الْمَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ بَاقِيَةً حَالَ الْوَضْعِ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ صَحَّحَ إلَخْ) إنْ أُرِيدَ بِهِ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي الصُّورَتَيْنِ لَزِمَ ذِكْرُهُ لِمَا حُكِمَ بِخَطَئِهِ، فَهُوَ اعْتِرَاضٌ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الِاعْتِمَادُ الَّذِي لَا يُنَافِي الْقَطْعَ فَلَا اعْتِرَاضَ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَرْضِ التُّرَابِيَّةِ) وَلَوْ كَانَ تُرَابُهَا نَجِسًا وَطَارِئًا عَلَيْهَا وَهِيَ حَجَرٌ أَوْ رَمْلٌ، وَلَوْ تَطَايَرَ مِنْهَا شَيْءٌ قَبْلَ تَمَامِ السَّبْعِ وَجَبَ تَتْرِيبُهُ مُطْلَقًا وَغَسْلُهُ سَبْعًا إنْ كَانَ مِنْ الْأُولَى وَإِلَّا فَمَا بَقِيَ مِنْ السَّبْعِ.

وَقَالَ شَيْخُنَا: مَا بَقِيَ مِنْ السَّبْعِ مُطْلَقًا فَيُغْسَلُ فِي الْأُولَى سِتًّا فَقَطْ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِمْ: لَوْ جُمِعَ مَاءُ السَّبْعِ وَتَطَايَرَ مِنْهُ شَيْءٌ وَجَبَ غَسْلُهُ سِتًّا مُطْلَقًا مَعَ تَتْرِيبِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ التُّرَابُ فِي الْأُولَى.

قَوْلُهُ: (بِبَوْلِ صَبِيٍّ) وَلَوْ مُخْتَلِطًا بِأَجْنَبِيٍّ أَوْ مُتَطَايِرًا مِنْ ثَوْبِ أُمِّهِ مَثَلًا، وَخَرَجَ بَقِيَّةُ فَضَلَاتِهِ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى. قَوْلُهُ: (لَبَنٍ) وَلَوْ رَائِبًا أَوْ فِيهِ مِنْفَحَةٌ أَوْ أَقِطًا أَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ وَإِنْ وَجَبَ تَسْبِيعُ فَمِهِ لَا سَمْنِهِ وَجُبْنِهِ وَقِشْطَتِهِ إلَّا قِشْطَةَ لَبَنِ أُمِّهِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (نَضَحَ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ أَوْ مُعْجَمَةٍ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَرُشَّ) بَعْدَ إزَالَةِ أَوْصَافِهِ، وَلَا يَضُرُّ طَرَاوَةُ مَحَلِّهِ بِلَا رُطُوبَةٍ تَنْفَصِلُ، وَيَكْفِي إزَالَةُ الْأَوْصَافِ مَعَ الرَّشِّ.

قَوْلُهُ: (أُمِّ قَيْسٍ) وَاسْمُهَا أُمَيْمَةُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ) أَيْ وَلَمْ يَبْلُغْ حَوْلَيْنِ وَإِلَّا غُسِلَ. قَوْلُهُ: (أَرَقُّ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ مِنْ مَاءٍ وَطِينٍ وَهِيَ مِنْ دَمٍ وَلَحْمٍ مِنْ ضِلْعِ آدَمَ. قَوْلُهُ: (لِلتَّغَذِّي) بِأَنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَلَوْ مَعَ لَبَنٍ مَغْلُوبٍ وَلَوْ مَرَّةً فِي الْحَوْلَيْنِ وَإِنْ عَادَ إلَى اللَّبَنِ. قَوْلُهُ: (لِلْإِصْلَاحِ) وَإِنْ حَصَلَ بِهِ التَّغَذِّي.

قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ تَكُنْ عَيْنٌ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْوَصْفِ كَمَا ذَكَرَهُ وَمِنْهُ عَجْنُ دَقِيقٍ أَوْ طِينٍ بِهِ أَوْ طَبْخُ لَحْمٍ أَوْ صَبْغُ ثَوْبٍ أَوْ سَقْيُ حَدِيدٍ فَيَكْفِي غَسْلُ ذَلِكَ إنْ وَصَلَ الْمَاءُ إلَى جَمِيعِ أَجْزَاءِ نَحْوِ الْعَجِينِ وَلَوْ بِدَقِّهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ إحْمَاءُ الْحَدِيدِ وَلَا طَبْخُ اللَّحْمِ ثَانِيًا. قَوْلُهُ: (جَفَّ) أَيْ بِحَيْثُ لَوْ عُصِرَ لَا يَنْفَصِلُ مِنْهُ مَائِيَّةٌ فَلَا تَضُرُّ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُ الْمَتْنِ: (غَيْرَ لَبَنٍ) أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ وَلَوْ مُغَلَّظًا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فَنَضَحَهُ) .

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: النَّضْخُ بِالْمُعْجَمَةِ مِثْلُ النَّضْحِ بِالْمُهْمَلَةِ سَوَاءٌ انْتَهَى. وَقِيلَ: مَا ثَخُنَ كَالطِّينِ فَبِالْمُعْجَمَةِ وَمَا رَقَّ كَالْمَاءِ فَبِالْمُهْمَلَةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ لِلتَّغَذِّي إلَخْ) عِبَارَةُ ابْنِ يُونُسَ شَارِحُ التَّنْبِيهِ لَمْ يَسْتَقِلْ بِالطَّعَامِ أَيْ يَكْفِيهِ عَنْ اللَّبَنِ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ شَارِحُ التَّعْجِيزِ: الْمُرَادُ بِالْمُسْتَقِلِّ أَنْ يَكُونَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015