لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطِ الرَّدِّ وَالْهِبَةِ إنْ لَمْ يَرْضَ السِّلْعَةَ. وَقَدْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ هُنَا، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ قِسْمِ الْمَنَاهِي الْأَوَّلِ وَقَدَّمَهُ فِي الرَّوْضَةِ إلَى مَحَلِّهِ، فَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ هُنَا أَيْضًا وَتَقْدِيمُ مَسْأَلَةِ التَّفْرِيقِ لِلْبُطْلَانِ فِيهَا.
فَصْلٌ: بَاعَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ (خَلًّا وَخَمْرًا أَوْ عَبْدَهُ وَحُرًّا أَوْ) عَبْدَهُ (وَعَبْدَ غَيْرِهِ أَوْ مُشْتَرَكًا بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ) أَيْ الشَّرِيكِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (بِالنَّصْبِ) خَصَّهُ لِكَوْنِهِ أَظْهَرَ فِي جَمْعِ الْعَاقِدِ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ، فَيَجُوزُ الرَّفْعُ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَوْ خَلَتْ الصِّيغَةُ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ قَبْلُ. قَوْلُهُ: (لُغَةٌ ثَالِثَةٌ) وَتُبْدَلُ الْعَيْنُ هَمْزَةً فِي اللُّغَاتِ الثَّلَاثِ. قَوْلُهُ: (عَلَى شَرْطِ الرَّدِّ وَالْهِبَةِ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهُمَا مُفْسِدَانِ. وَلِذَلِكَ سَكَتَ فِي الرَّوْضِ عَنْ شَرْطِ الرَّدِّ، وَمَا قِيلَ إنَّ سُكُوتَهُ عَنْهُ لِكَوْنِهِ مِنْ مُقْتَضَيَاتِهِ مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ هُنَا مَذْكُورٌ لِلتَّشَهِّي، عَلَى أَنَّ شَيْخَنَا الرَّمْلِيَّ صَرَّحَ بِأَنَّ إنْ رَضِيت بِتَاءِ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ الْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ الْمُفْسِدِ لِلْعَقْدِ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ لِاشْتِمَالِهِ إلَخْ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ) وَأَجَابَ عَنْهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُخْتَلِفًا فِي الْبُطْلَانِ بِالتَّفْرِيقِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْعُرْبُونِ نَهْيٌ كَانَا نَوْعًا ثَالِثًا، وَأَخَّرَهُمَا عَنْ النَّوْعَيْنِ قَبْلَهُمَا لِذَلِكَ اهـ. أَوْ يُقَالُ: لَمَّا كَانَ يَعْتَرِيهِمَا الصِّحَّةُ تَارَةً وَالْفَسَادُ أُخْرَى كَانَا نَوْعًا مُسْتَقِلًّا وَهَذَا أَظْهَرُ فَرَاجِعْهُ.
تَنْبِيهٌ: اعْلَمْ أَنَّ الْبَيْعَ تَعْتَرِيه الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ فَيَجِبُ فِي نَحْوِ اضْطِرَادٍ وَمَالِ مُفْلِسٍ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ، وَيُنْدَبُ فِي نَحْوِ زَمَنِ الْغَلَاءِ وَفِي الْمُحَابَاةِ لِلْعَالِمِ بِهَا وَإِلَّا لَمْ يَثِبْ، وَيُكْرَهُ فِي نَحْوِ بَيْعِ مُصْحَفٍ وَدُورِ مَكَّةَ وَفِي سُوقٍ اخْتَلَطَ فِيهِ الْحَرَامُ بِغَيْرِهِ وَمِمَّنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ. وَفِي خُرُوجٍ مِنْ حَرَامٍ بِحِيلَةٍ كَنَحْوِ رِبًا وَيَحْرُمُ فِي بَيْعِ نَحْوِ الْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ كَمَا مَرَّ. وَيَجُوزُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ وَمِمَّا يَجِبُ بَيْعُ مَا زَادَ عَلَى قُوتِهِ سَنَةً إذَا احْتَاجَ النَّاسُ إلَيْهِ وَيَجْبُرُهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ، وَلَا يُكْرَهُ إمْسَاكُهُ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ. وَمِمَّا يَحْرُمُ التَّسْعِيرُ عَلَى الْحَاكِمِ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَطْعُومَاتِ، وَلَا يَحْرُمُ الْبَيْعُ بِخِلَافِهِ لَكِنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُعَزِّرَ مَنْ خَالَفَ إذَا بَلَغَهُ لِشَقِّ الْعَصَا فَهُوَ مِنْ التَّعْزِيرِ عَلَى الْجَائِزِ وَقِيلَ: يَحْرُمُ وَمِمَّا يَحْرُمُ الِاحْتِكَارُ وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ قُوتًا لَا غَيْرَهُ فِي زَمَنِ الْغَلَاءِ بِقَصْدِ أَنْ يَبِيعَهُ بِأَغْلَى فَخَرَجَ بِالشِّرَاءِ مَا لَوْ أَمْسَكَ غَلَّةَ ضَيْعَتِهِ لِيَبِيعَهُ فِي زَمَنِ الْغَلَاءِ كَأَنْ اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِيَنْقُلَهُ إلَى مَكَّةَ لِيَبِيعَهُ بِأَغْلَى، أَوْ مِنْ أَحَدِ طَرَفَيْ الْبَلَدِ إلَى طَرَفِهَا الْآخَرِ لِذَلِكَ فَلَا حُرْمَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ فِي بَعْضِ ذَلِكَ.
فَصْلٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَتَعَدُّدِهَا
وَتَفْرِيقُهَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ لِأَنَّ إمَّا فِي الِابْتِدَاءِ وَضَابِطُهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ عَيْنَيْنِ يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْأُخْرَى، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ خَلًّا وَخَمْرًا إلَى آخِرِهِ وَأَمَّا فِي الدَّوَامِ وَضَابِطُهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ عَيْنَيْنِ يُفْرَدُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْعَقْدِ وَتَتْلَفُ إحْدَاهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ بَاعَ عَبْدَيْنِ إلَخْ. وَأَمَّا فِي اخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ وَضَابِطُهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ عَقْدَيْنِ لَازِمَيْنِ أَوْ جَائِزَيْنِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ جَمَعَ فِي صَفْقَةٍ إلَخْ. وَفِي إدْخَالِ هَذَا فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ تَجُوزُ لِأَنَّهُ إمَّا صَحِيحٌ فِيهِمَا أَوْ بَاطِلٌ فِيهِمَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ نَظَرُ الْجَرَيَانِ قَوْلَيْ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ فِيهِمَا، وَتَعَدُّدِهَا ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ أَيْضًا لِأَنَّهُ إمَّا بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ أَوْ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ أَوْ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي، وَيَدْخُلُ فِيهِ تَعَدُّدُهُمَا مَعًا بِجَعْلٍ أَوْ مَانِعَةِ خُلُوٍّ أَوْ يُقَالُ بِتَعَدُّدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا. قَوْلُهُ: (بَاعَ) خَصَّهُ لِكَوْنِهِ مَوْضُوعَ الْبَحْثِ وَإِلَّا فَالْإِجَارَةُ وَالتَّزْوِيجُ وَغَيْرُهُمَا كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (خَلًّا وَخَمْرًا) سَوَاءٌ قَالَ فِي صِيغَتِهِ بِعْتُك الْخَلَّ وَالْخَمْرَ أَوْ عَكْسَهُ أَوْ الْخَلَّيْنِ أَوْ الْخَمْرَيْنِ أَوْ غَيْرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالتَّحْرِيمِ: لِنَاقِصَةِ السَّبْيِ الَّذِي كَانَ فِيهِ امْرَأَةٌ لَهَا بِنْتٌ جَمِيلَةٌ أَصَابَهَا سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، ثُمَّ أَخَذَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَعَثَ بِهَا إلَى مَكَّةَ فَفَدَى بِهَا نَاسًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَنَظَرَ فِيهِ السُّبْكِيُّ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا وَاقِعَةً حَالَ يَتَطَرَّقُ لَهَا الِاحْتِمَالُ مِنْ جِهَةُ أَنَّهَا أَنْ تَكُونَ مَاتَتْ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (بِالنَّصْبِ) أَيْ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الَّذِي شُرِطَ فِي الْبَيْعِ.
[فَصْلٌ بَاعَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ خَلًّا وَخَمْرًا]
فَصْلٌ: بَاعَ خَلًّا إلَخْ
قَوْلُهُ: (أَيْ الشَّرِيكِ) سَيَظْهَرُ لَك حِكْمَةُ التَّقْيِيدِ بِالشَّرِيكِ وَهِيَ الْبُطْلَانُ فِي عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ مَعَ الْإِذْنِ، لَكِنْ لَك أَنْ تَقُولَ