سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ تَقْرِيبًا (وَفِي قَوْلٍ حَتَّى يَبْلُغَ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. وَسَوَاءٌ التَّفْرِيقُ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْقِسْمَةِ وَنَحْوِهَا. وَلَا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ فِي الْعِتْقِ وَلَا فِي الْوَصِيَّةِ فَلَعَلَّ الْمَوْتَ يَكُونُ بَعْدَ انْقِضَاءِ زَمَانِ التَّحْرِيمِ، وَلَوْ كَانَتْ الْأُمُّ رَقِيقَةً وَالْوَلَدُ حُرًّا أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا مَنْعَ مِنْ بَيْعِ الرَّقِيقِ مِنْهُمَا (وَإِذَا فَرَّقَ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ بَطَلَا فِي الْأَظْهَرِ) لِلْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ شَرْعًا بِالْمَنْعِ مِنْ التَّفْرِيقِ، وَالثَّانِي يَقُولُ الْمَنْعُ مِنْ التَّفْرِيقِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ لَا لِخَلَلٍ فِي الْبَيْعِ وَلَوْ فَرَّقَ بَعْدَ الْبُلُوغِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ صَحَّ قَطْعًا لَكِنْ يُكْرَهُ. وَقَوْلُهُ وَفِي قَوْلٍ مُوَافِقٍ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَفِي الْمُحَرَّرِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْعُرْبُونِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ وَبِضَمِّ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ (بِأَنْ يَشْتَرِيَ وَيُعْطِيَهُ دَرَاهِمَ لِتَكُونَ مِنْ الثَّمَنِ إنْ رَضِيَ السِّلْعَةَ وَإِلَّا فَهِبَةً) بِالنَّصْبِ. رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ» أَيْ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ لُغَةٌ ثَالِثَةُ وَعَدَمُ صِحَّتِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَجْنُونُ وَلَوْ كَبِيرًا وَلَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يَشْمَلَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَلَا يُنَافِيهِ ذِكْرُ التَّمْيِيزِ وَحَمْلُ الشَّارِحِ لَهُ عَلَى الزَّمَنِ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ. وَدَخَلَ فِي الْأُمِّ الْمُسْتَوْلَدَةُ وَغَيْرُهَا وَالْآبِقَةُ وَالْمَجْنُونَةُ إنْ كَانَ لَهَا نَوْعُ تَمْيِيزٍ وَإِلَّا جَازَ فَإِنْ بَاعَهَا ثُمَّ أَفَاقَتْ بَطَلَ الْبَيْعُ.
وَكَذَا الْوَلَدُ وَيَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْكَافِرِ وَالْمُسْلِمِ مِنْهُمَا، وَيَجِبُ إزَالَةُ مِلْكِ كَافِرٍ عَنْ أَمَةٍ مَثَلًا أَسْلَمَتْ وَوَلَدُهَا لِأَنَّهُ يَتْبَعُهَا فِي الدَّوَامِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَتَعَيَّنُ بَيْعُهُمَا لِمُشْتَرٍ وَاحِدٍ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِسَبْعِ سِنِينَ) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ كَابْنِ حَجَرٍ وَشَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ كَذَلِكَ أَنَّ التَّمْيِيزَ الْمُعْتَبَرَ هُنَا بِأَنْ يَأْكُلَ وَحْدَهُ وَيَشْرَبَ وَحْدَهُ وَيَسْتَنْجِيَ وَحْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ سَبْعَ سِنِينَ وَفَارَقَ الصَّلَاةَ حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِيهَا السَّبْعُ مَعَ ذَلِكَ بِأَنَّ فِيهَا نَوْعُ تَكْلِيفٍ، وَاعْتَمَدَ الْخَطِيبُ اعْتِبَارَ السَّبْعِ هُنَا كَالصَّلَاةِ وَاكْتَفَى بَعْضُهُمْ هُنَا بِفَهْمِ الْخِطَابِ وَرَدِّ الْجَوَابِ، وَلَوْ قَبْلَ السَّبْعِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (يَوْمَ الْقِيَامَةِ) قَالَ فِي الزَّوَاجِرِ الْمُرَادُ بِهِ عِنْدَ دُخُولِ الْجَنَّةِ، وَقِيلَ فِي الْمَحْشَرِ، وَقِيلَ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِالْبَيْعِ) نَعَمْ إنْ بَاعَ بَعْضُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُتَسَاوِيًا لِمُشْتَرٍ وَاحِدٍ صَحَّ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَعَلَيْهِ يَجِبُ التَّسْوِيَةُ فِي الْمُهَايَأَةِ إذَا وَقَعَتْ وَكَالْبَيْعِ سَفَرٌ فِيهِ وَحْشَةٌ وَلَوْ مَعَ زَوْجِهَا فَيَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَنَحْوُهَا) أَيْ الْهِبَةُ كَالْإِقَالَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الشِّرَاءِ فِيهِمَا وَرُجُوعُ فَرْضٍ أَوْ فِي لُقَطَةٍ وَنَحْوِهَا كَالْفَلَسِ، نَعَمْ يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِي أَحَدِهِمَا فِي هِبَةِ الْفَرْعِ لِأَنَّ فِي الْمَنْعِ ضَيَاعَهُ بِلَا بَدَلٍ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالذِّمَّةِ، وَبِهَذَا فَارَقَ الْمُقْرِضَ وَنَحْوَهُ.
قَوْلُهُ: (فِي الْعِتْقِ) وَلَوْ ضِمْنِيًّا وَالْوَقْفُ كَالْعِتْقِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَخَرَجَ بِالْعَقْدِ بَيْعُهُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ فَلَا يَصِحُّ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (فَلَعَلَّ الْمَوْتَ إلَخْ) فَإِنْ مَاتَ الْمُوصِي قَبْلَ زَمَنِ التَّمْيِيزِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَتْ الْأُمُّ رَقِيقَةً وَالْوَلَدُ حُرًّا أَوْ بِالْعَكْسِ) أَوْ كَانَا حُرَّيْنِ فَلَا مَنْعَ مِنْ التَّفْرِيقِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ. وَكَذَا لَا يَحْرُمُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مَمْلُوكًا لِغَيْرِ الْآخَرِ.
تَنْبِيهٌ: الْأَبُ وَإِنْ عَلَا وَلَوْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ كَالْأُمِّ عِنْدَ عَدَمِهَا وَالْجَدَّةُ كَذَلِكَ، وَتَقَدُّمُ الْجَدَّةُ مِنْ الْأُمِّ عَلَيْهَا مِنْ الْأَبِ إذَا اجْتَمَعَتَا فَيَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ، وَإِذَا اجْتَمَعَ الْأَبُ وَإِنْ عَلَا وَالْجَدَّةُ وَلَوْ مِنْ الْأُمِّ وَإِنْ عَلَتْ فَهُمَا سَوَاءٌ فَيُبَاعُ مَعَ أَيِّهِمَا، وَلَا يُقَدَّمُ أَبٌ مِنْ الْأُمِّ عَلَيْهِ مِنْ الْأَبِ. وَخَالَفَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فِيهِ، وَلَا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ فِي بَقِيَّةِ الْمَحَارِمِ. قَوْلُهُ: (مُوَافِقٌ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ الصَّوَابُ.
قَوْلُهُ: (وَبِضَمِّ الْعَيْنِ إلَخْ) وَأَمَّا الْفَتْحُ مَعَ الْإِسْكَانِ فَلَحْنٌ لَمْ تَتَكَلَّم بِهِ الْعَرَبُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَرْعٌ: لَوْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٌ وَلَهَا وَلَدٌ رَقِيقٌ سَابِقٌ عَلَى الْإِيلَادِ وَرَكِبَتْ الدُّيُونُ السَّيِّدَ فَهَلْ يَحِلُّ بَيْعُ الْوَلَدِ وَيُغْتَفَرُ التَّفْرِيقُ أَمْ يَمْتَنِعُ هُوَ مَحَلُّ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (الرَّقِيقُ الصَّغِيرُ) مِثْلُهُ الْمَجْنُونُ الْبَالِغُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَتَّى يُمَيِّزَ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَسْتَغْنِي عَنْ التَّعَهُّدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ حَتَّى يَبْلُغَ) لِحَدِيثٍ وَرَدَ فِيهِ وَضَعِيفٌ وَأَيْضًا فَمِنْ أَدِلَّتِهِ ضَعْفُ الْوَلَدِ قَبْلَهُ بِدَلِيلِ جَوَازِ الِالْتِقَاطِ وَأَيْضًا عُمُومُ الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوُهَا) كَالْقَرْضِ وَالْأُجْرَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ إلَخْ) لَوْ كَانَ التَّفْرِيقُ بِرُجُوعِ الْمُقْرِضُ أَوْ الْوَاهِبُ أَوْ صَاحِبِ اللُّقَطَةِ فَفِيهِ نَظَرٌ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْمُتَّجَهُ الْمَنْعُ فِي الْقَرْضِ وَاللُّقَطَةِ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِمَا ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ. فَإِذَا تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ فِي الْعَيْنِ رَجَعَ فِي غَيْرِهِمَا بِخِلَافِ الْهِبَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَطَلَا) الْأَحْسَنُ بَطَلَ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) إنْ قُلْنَا بِهَذَا فَلَا نُقِرُّهُمَا عَلَى دَوَامِ التَّفْرِيقِ بَلْ إنْ تَرَاضَيَا عَلَى ضَمِّ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ اسْتَمَرَّ الْبَيْعُ وَإِلَّا فُسِخَ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ: وَالْمُرَادُ الضَّمُّ وَلَوْ بِغَيْرِ بَيْعٌ هَكَذَا أَظْهَرَ لِي ثُمَّ الْخِلَافُ مَحِلَّهُ بَعْدَ سَقْيِ الْوَلَدِ اللِّبَأَ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ يُكْرَهُ) خَالَفَ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ