(صَحَّ) الْبَيْعُ (فِي مِلْكِهِ) مِنْ الْخَلِّ وَالْعَبْدِ وَحِصَّتُهُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ وَبَطَلَ فِي غَيْرِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) إعْطَاءً لِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ، وَالثَّانِي يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ تَغْلِيبًا لِلْحَرَامِ عَلَى الْحَلَالِ. قَالَ الرَّبِيعُ: وَإِلَيْهِ رَجَعَ الشَّافِعِيُّ آخِرًا وَالْقَوْلَانِ بِالْأَصَالَةِ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ وَطَرْدًا فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ، وَالصِّحَّةُ فِي الْأُولَى دُونَهَا فِي الثَّانِيَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ دُونَهَا فِي الثَّالِثَةِ وَفِي الثَّالِثَةِ دُونَهَا فِي الرَّابِعَةِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ التَّقْدِيرِ فِي الْأُولَيَيْنِ مَعَ فَرْضِ تَغَيُّرِ الْخِلْقَةِ فِي الْأُولَى وَلِمَا فِي الثَّالِثَةِ مِنْ الْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ عَبْدَ الْبَائِعِ بِخِلَافِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ فِي الرَّابِعَةِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ الشَّرِيكُ فِي الْبَيْعِ صَحَّ بَيْعُهُ جَزْمًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ مَالِكُ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ فِي الْأَظْهَرِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِلْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا عِنْدَ الْعَقْدِ، وَالثَّانِي يَكْتَفِي بِالْعِلْمِ بِهِ بَعْدَ تَوْزِيعِ الثَّمَنِ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمَا، وَسَكَتَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ التَّرْجِيحِ فِي ذَلِكَ. (فَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي) بِنَاءً عَلَى الصِّحَّةِ (إنْ جَهِلَ) كَوْنَ بَعْضِ الْمَبِيعِ خَمْرًا أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا ذُكِرَ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ لِتَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ، وَخِيَارُهُ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ. فَإِنْ عُلِمَ ذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى مَعِيبًا يَعْلَمُ عَيْبَهُ وَفِيمَا يَلْزَمُهُ الْخِلَافُ الْآتِي مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSذَلِكَ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ فِي ذَلِكَ. وَكَذَا مَا بَعْدَهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذِكْرِهِ هَذِهِ الْأَمْثِلَةَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْحَرَامُ مَعْلُومًا مَقْصُودًا وَإِلَّا بَطَلَ الْعَقْدُ فِي الْأَوَّلِ فِيهِمَا مَعًا، كَهَذَا الْعَبْدِ وَعَبْدٍ آخَرَ أَوْ الْفُجْلِ رُءُوسِهِ وَوَرَقِهِ، وَصَحَّ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فِي الثَّانِي وَلَا خِيَارَ كَالدَّمِ أَوْ الْحَشَرَاتِ مَعَ الْجَهْلِ أَوْ الْعَمْدِ، نَعَمْ إنْ ذَكَرَ جُمْلَتَيْنِ وَقَدَّمَ الْحَرَامَ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَبْطُلُ فِيهِمَا نَحْوُ هَذَا الْخَمْرُ مَبِيعٌ مِنْك، وَهَذَا الْخَلُّ مَبِيعٌ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ شَيْخُنَا م ر كَالْخَطِيبِ: يَثْبُتُ الْخِيَارُ وَلَا بُدَّ مِنْ دَوَامِ الْوِلَايَةِ حَالَةَ الْعَقْدِ وَكَوْنِ أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ الْآخَرِ، فَيَخْرُجُ بِالْأَوَّلِ إجَارَةُ الرَّاهِنِ الْمَرْهُونَ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى مَحِلِّ الدَّيْنِ وَالنَّاظِرُ الْمَوْقُوفُ زِيَادَةً عَلَى مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ مِنْ مُدَّةٍ أَوْ أُجْرَةٍ وَلَوْ جَاهِلًا بِالشَّرْطِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَالزِّيَادَةُ فِي الرِّبَوِيِّ، وَفِي خِيَارِ الشَّرْطِ عَلَى الْمُدَّةِ وَفِي الْعَرَايَا عَلَى الْخَمْسَةِ أَوْسُقَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ فِي الْجَمِيعِ لِخُرُوجِ الْعَاقِدِ بِذَلِكَ عَنْ الْوِلَايَةِ، وَيَخْرُجُ بِالثَّانِي الْجَمْعَ بَيْنَ أُخْتَيْنِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (أَيْ الشَّرِيكُ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ الْقَوْلَيْنِ جَارِيَانِ فِي عَبْدِ الْغَيْرِ وَإِنْ أَذِنَ كَمَا يَأْتِي فَذِكْرُهُ يُوهِمُ الْقَطْعَ فِيهِ مَعَ الْإِذْنِ كَمَا فِي الشَّرِيكِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (تَغْلِيبًا لِلْحَرَامِ) أَيْ وَاللَّفْظَةُ الْوَاحِدَةُ لَا تَتَجَزَّأُ صِحَّةً وَفَسَادًا وَغَلَبَ الْحَرَامُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ صِحَّتُهُ بِخِلَافِ بُطْلَانِ الْحَلَالِ وَلِأَنَّهُ مَانِعٌ. وَقِيلَ الْعِلَّةُ الْجَهْلُ بِالثَّمَنِ فَيُرَدُّ عَلَيْهَا مَا لَا يَتَأَثَّرُ بِفَسَادِ الْعِوَضِ كَجَمْعِ مُسْلِمَةٍ وَمَجُوسِيَّةٍ فِي عَقْدٍ.
قَوْلُهُ: (وَإِلَيْهِ رَجَعَ الشَّافِعِيُّ آخِرًا) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَحِينَئِذٍ فَيَنْظُرُ لِمَاذَا خَالَفَ الْأَصْحَابُ إمَامَهُمْ فِي هَذِهِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الرَّبِيعَ قَالَ ذَلِكَ بِحَسَبِ مَا بَلَغَهُ، وَلَعَلَّ الْأَصْحَابَ اطَّلَعُوا عَلَى خِلَافِهِ أَوْ أَنَّ عِبَارَةَ الرَّبِيعِ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ فَتَصَحَّفَتْ عَلَى النَّاقِلِ بِآخِرِ قَوْلَيْهِ فَعَبَّرَ بِمَا قَالَهُ وَقَوْلُ ابْنِ الْمُنْذِرِ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ الرُّجُوعِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ عَلِمْت بُطْلَانَهُ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّ الْإِمَامَ الشَّافِعِيَّ رَجَعَ فِي الذِّكْرِ لَا فِي الْإِفْتَاءِ لَا يُعْتَبَرُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالصِّحَّةُ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ أَصْلُهَا طُرُقٌ أَحَدُهُمَا: الصِّحَّةُ فِي الْأَخِيرَةِ فَقَطْ، وَيَبْطُلُ غَيْرُهَا قَطْعًا. ثَانِيهِمَا: صِحَّتُهُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ فَقَطْعُهُ يُبْطِلُ غَيْرَهُمَا قَطْعًا. وَثَالِثُهَا: صِحَّتُهُ فِي غَيْرِ الْأَوْلَى وَيَبْطُلُ فِيهَا قَطْعًا. رَابِعُهَا صِحَّتُهُ فِي مِلْكِهِ فِي الْجَمِيعِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ. خَامِسُهَا: الْبُطْلَانُ فِي الْجَمِيعِ، فَتَأَمَّلْ وَسَبَبُ قُوَّةِ الصِّحَّةِ ضُعِّفَ أَنَّ فِي الْأُولَى تَغْيِيرُ ذَاتٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ تَغْيِيرُ وَصْفٍ، وَفِي الثَّالِثَةِ تَنَازُعٌ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (لِلْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا إلَخْ) أَيْ مَعَ التَّنَازُعِ فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ الْمُوَزَّعِ عَلَيْهَا الثَّمَنُ مِنْ الْمَاكِّينَ لَا إلَى غَايَةٍ وَقَدْ يُشَكَّكُ فِيهِ بِأَنَّ الرُّجُوعَ فِي الْقِيَمِ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ. قَوْلُهُ: (لِتَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ) أَيْ مَعَ عُذْرِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا خِيَارَ لَهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَفِيمَا يَلْزَمُهُ) أَيْ حَالَةَ الْعِلْمِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQسَلَّمْنَا، وَلَكِنَّهَا خَرَجَتْ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ الْبُطْلَانَ. قَوْلُهُ: (دُونَهَا فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ لِأَنَّهَا عَلَى الْخِلَافِ فِي الثَّانِيَةِ وَأَوْلَى بِالْبُطْلَانِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الثَّانِيَةِ مَعَ الثَّالِثَةِ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ فَوَجْهُ مَا قَالَهُ أَنَّ فِي الرَّابِعَةِ خِلَافُ الثَّالِثَةِ، وَأَوْلَى بِالصِّحَّةِ وَلِذَا قَالَ الْأَئِمَّةُ يَتَحَصَّلُ مِنْ جُمْلَةِ الطُّرُقِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ الصِّحَّةُ فِيمَا يَمْلِكُهُ مُطْلَقًا عَدَمُهَا مُطْلَقًا يَصِحُّ فِي الْمُشْتَرَكِ فَقَطْ يَصِحُّ فِيهِ، وَفِي مَسْأَلَةِ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ يَصِحُّ فِيهِمَا وَفِي الْمَضْمُومِ إلَى الْحُرِّ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ التَّوْزِيعَ بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ وَفِي تِلْكَ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ. قَوْلُهُ: (لِلْجَهْلِ) اُنْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْن مَا لَوْ انْتَقَى إذْنُ صَاحِبِ الْعَبْدِ حَيْثُ يَصِحُّ فِي عَبْدِ نَفْسِهِ مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ، ثُمَّ رَأَيْت السُّبْكِيَّ وَجَّهَ الْبُطْلَانَ فِي مِثْلِ بِعْنَاك عَبْدَيْنَا بِأَلْفٍ، فَإِنَّ الصَّفْقَةَ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ، وَقَدْ جُهِلَ كُلُّ مِقْدَارِ الثَّمَنِ وَفِيمَا لَوْ بَاعَ وَكِيلٌ عَنْهُمَا الصَّفْقَةَ وَاحِدَةً وَلَكِنَّ الِاتِّحَادَ وَالتَّعَدُّدَ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنْ الْأَحْكَامِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، أَمَّا الشُّرُوطُ فَلِأَنَّ الْوَكِيلَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوَكِّلِ فِيمَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِهِ كَمَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الرُّؤْيَةِ فَكَمَا أَنَّهُمَا إذَا اتَّصَفَا بِحَالِ الْوَكِيلِ مِنْ عَدَمِ الْعِلْمِ لَا