[فصل أركان الحج]

فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ خَمْسَةٌ: الْإِحْرَامُ بِهِ أَيْ نِيَّةُ الدُّخُولِ فِيهِ (وَالْوُقُوفُ) بِعَرَفَةَ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ «الْحَجُّ عَرَفَةَ» (وَالطَّوَافُ) قَالَ تَعَالَى {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] (وَالسَّعْيُ) رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَقْبَلَ النَّاسَ فِي الْمَسْعَى، وَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اسْعَوْا فَإِنَّ السَّعْيَ قَدْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ» . (وَالْحَلْقُ إذَا جَعَلْنَاهُ نُسُكًا) وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا تَقَدَّمَ لِتَوَقُّفِ التَّحَلُّلِ عَلَيْهِ كَالطَّوَافِ. (وَلَا تُجْبَرُ) هَذِهِ الْخَمْسَةُ أَيْ لَا مَدْخَلَ لِلْجُبْرَانِ فِيهَا بِحَالٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يُجْبَرُ بِالدَّمِ وَيُسَمَّى بَعْضًا وَغَيْرُهُ يُسَمَّى هَيْئَةً، (وَمَا سِوَى الْوُقُوفِ أَرْكَانٌ فِي الْعُمْرَةِ أَيْضًا) لِشُمُولِ الْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ لَهَا.

(وَيُؤَدِّي النُّسُكَيْنِ عَلَى أَوْجُهٍ) بِأَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا مَعًا وَيَبْدَأَ بِالْحَجِّ، أَوْ بِالْعُمْرَةِ، «قَالَتْ عَائِشَةُ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ» . رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. (أَحَدُهَا الْإِفْرَادُ بِأَنْ يَحُجَّ ثُمَّ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ كَإِحْرَامِ الْمَكِّيِّ) بِأَنْ يَخْرُجَ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ فَيُحْرِمَ بِهَا. (وَيَأْتِي بِعَمَلِهَا) هَذِهِ الصُّورَةُ الْأَصْلِيَّةُ لِلْإِفْرَادِ، وَيُضَمُّ إلَيْهَا صُوَرُ فَوَاتِ الشُّرُوطِ الْآتِيَةِ فِي التَّمَتُّعِ عَلَى وَجْهٍ (الثَّانِي الْقِرَانُ بِأَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا) مَعًا (مِنْ الْمِيقَاتِ وَيَعْمَلَ عَمَلَ الْحَجِّ فَيَحْمِلَانِ) هَذِهِ الصُّورَةَ الْأَصْلِيَّةَ لِلْقِرَانِ (وَلَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لَمْ يَحُجَّ قَبْلَ الطَّوَافِ كَانَ قَارِنًا) يَكْفِيهِ عَمَلُ

ـــــــــــــــــــــــــــــSوَارْزُقْنَا الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَرُدَّنَا إلَى أَهْلِنَا سَالِمِينَ غَانِمِينَ، وَيَنْصَرِفُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَلَا يَمْشِي الْقَهْقَرَى كَمَا يَفْعَلُهُ الْعَوَامُّ.

تَنْبِيهٌ: يُكْرَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً فِي حَالِ الزِّيَارَةِ أَوْ غَيْرِهَا أَنْ يُلْصِقَ ظَهْرَهُ أَوْ بَطْنَهُ بِجِدَارِ الْقَبْرِ الشَّرِيفِ أَوْ يَمْسَحَهُ بِالْيَدِ وَيُقَبِّلَهَا أَوْ يُقَبِّلَهُ، وَلْيَحْذَرْ مِنْ الطَّوَافِ بِالْقَبْرِ وَالصَّلَاةِ دَاخِلَ الْحُجْرَةِ بِقَصْدِ تَعْظِيمِهِ أَوْ اسْتِقْبَالِهِ بِالصَّلَاةِ.

فُرُوعٌ: يُنْدَبُ الصِّيَامُ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ وَالْمُجَاوَرَةُ بِهَا مِمَّنْ لَمْ تَسْقُطْ حُرْمَتُهَا عِنْدَهُ، وَالتَّصَدُّقُ عَلَى أَهْلِهَا خُصُوصًا الْمَاكِثِينَ بِالْحَرَمِ النَّبَوِيِّ وَالْغُرَبَاءِ، وَمِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ تَقَرُّبُ الْعَوَامّ بِأَكْلِ التَّمْرِ الصَّيْحَانِيِّ فِي الرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ عَلَى صَاحِبِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ.

فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ النُّسُكِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا قَوْلُهُ: (خَمْسَةٌ) سَكَتَ عَنْ عَدِّ التَّرْتِيبِ رُكْنًا سَادِسًا كَمَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْحَجِّ إلَّا فِي جَوَازِ تَقْدِيمِ السَّعْيِ وَالْحَلْقِ عَلَى مَا يَأْتِي. وَفِي الْعُمْرَةِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (أَيْ نِيَّةُ الدُّخُولِ فِيهِ) أَيْ قَصْدُ أَفْعَالِهِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ. وَقَدْ مَرَّ تَفْسِيرُ الْإِحْرَامِ بِالدُّخُولِ أَيْضًا وَلَمْ يَجْعَلْهُ هُنَاكَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ الرُّكْنِيَّةَ الْمَذْكُورَةَ هُنَا. قَوْلُهُ: (كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى السُّبْكِيّ بِقَوْلِهِ: إنَّ النَّوَوِيَّ ضَعَّفَ هَذَا الْحَدِيثَ.

قَوْلُهُ: (وَيُؤَدِّي النُّسُكَيْنِ) أَمَّا أَحَدُهُمَا فَيُؤَدَّى عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَالْحَجِّ وَحْدَهُ وَالْعُمْرَةِ وَحْدَهَا. قَوْلُهُ: (عَلَى أَوْجُهٍ) أَيْ ثَلَاثَةٍ، وَالْإِطْلَاقُ لَا يَخْرُجُ عَنْهَا عِنْدَ صَرْفِهِ. قَوْلُهُ: (فَيَحْصُلَانِ) وَيَكْفِيَانِهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَعُمْرَتِهِ وَالْأَعْمَالُ الَّتِي أَتَى بِهَا قِيلَ لِلْحَجِّ، وَإِنَّ الْعُمْرَةَ انْغَمَرَتْ فِيهِ كَالْحَدَثِ الْأَصْغَرِ مَعَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ]

ِّ إلَخْ

قَوْلُهُ: (أَيْ نِيَّةُ الدُّخُولِ) قَدْ فَسَّرَهُ فِيمَا سَلَفَ بِالدُّخُولِ فِي النُّسُكِ، وَعَدَلَ هُنَا إلَى نِيَّةِ الدُّخُولِ لِأَنَّهُ الْمُلَائِمُ لِلرُّكْنِيَّةِ. قَوْلُهُ: (لِتَوَقُّفِ التَّحَلُّلِ عَلَيْهِ) أَيْ مَعَ عَدَمِ جَبْرٍ بِالدَّمِ فَلَا يَرُدُّ الرَّمْيَ. قَوْلُهُ: (شُمُولِ الْأَدِلَّةِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: بَدَّلَهُ قِيَاسًا عَلَى الْحَجِّ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى أَوْجُهٍ) هُوَ جَمْعُ قِلَّةٍ لِأَنَّ الْكَيْفِيَّاتِ ثَلَاثٌ. قَوْلُهُ: (عَلَى وَجْهٍ) مُتَعَلِّقٍ بِقَوْلِهِ يُضَمُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا مَعًا) أَيْ فَإِنْ كَانَ مَكِّيًّا أَحْرَمَ بِهِمَا مَعًا مِنْ مَكَّةَ تَغْلِيبًا لِمِيقَاتِ الْحَجِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَعْمَلُ عَمَلَ الْحَجِّ) خَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فَاشْتَرَطَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015