رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَلَوْ أَرَادَ الْحَاجُّ الرُّجُوعَ إلَى بَلَدِهِ مِنْ مِنًى لَزِمَهُ دُخُولُ مَكَّةَ لِطَوَافِ الْوَدَاعِ إنْ قُلْنَا هُوَ وَاجِبٌ وَلَوْ طَافَتْ يَوْمَ النَّحْرِ لِلْإِفَاضَةِ ثُمَّ لِلْوَدَاعِ، ثُمَّ أَتَى مِنًى ثُمَّ أَرَادَ النَّفْرَ مِنْهَا فِي وَقْتِهِ إلَى وَطَنِهِ، فَقِيلَ: يُجْزِئُهُ ذَلِكَ الطَّوَافُ، وَقِيلَ: لَا، ذَكَرَهُمَا صَاحِبُ الْبَيَانِ، وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ انْتَهَى. وَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِي نُسُكٍ وَأَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ كَالْمَكِّيِّ يُرِيدُ سَفَرًا وَالْآفَاقِيِّ يُرِيدُ الرُّجُوعَ إلَى وَطَنِهِ طَافَ لِلْوَدَاعِ أَيْضًا فِي الْأَصَحِّ تَعْظِيمًا لِلْحَرَمِ وَتَشْبِيهًا لِاقْتِضَاءِ خُرُوجِهِ الْوَدَاعَ بِاقْتِضَاءِ دُخُولِهِ لِلْإِحْرَامِ، وَالثَّانِي يُحْمَلُ طَوَافُ الْوَدَاعِ مِنْ الْمَنَاسِكِ فَيَخُصُّهُ بِذِي النُّسُكِ، وَمَنْ أَرَادَ الْإِقَامَةَ بِمَكَّةَ بَعْدَ فَرَاغِ النُّسُكِ لَا يُؤْمَرُ بِهِ، وَقَوْلُهُ: أَرَادَ الْخُرُوجَ أَيْ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَدُونَهَا عَلَى الصَّرِيحِ (وَلَا يَمْكُثُ بَعْدَهُ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ السَّابِقِ، فَإِنْ مَكَثَ لِغَيْرِ اشْتِغَالٍ بِأَسْبَابِ الْخُرُوجِ كَشِرَاءِ مَتَاعٍ أَوْ قَضَاءِ دَيْنٍ أَوْ زِيَارَةِ صِدِّيقٍ أَوْ عِيَادَةِ مَرِيضٍ أَعَادَهُ، وَإِنْ اشْتَغَلَ بِأَسْبَابِ الْخُرُوجِ كَشِرَاءِ الزَّادِ وَشَدِّ الرَّحْلِ وَنَحْوِهِمَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى إعَادَتِهِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَوْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّاهَا لَمْ يُعِدْهُ. (وَهُوَ وَاجِبٌ يُجْبَرُ تَرْكُهُ بِدَمٍ) وُجُوبًا (وَفِي قَوْلٍ سُنَّةٌ لَا يُجْبَرُ) أَيْ لَا يَجِبُ جَبْرُهُ وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ. (فَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ فَخَرَجَ بِلَا وَدَاعٍ فَعَادَ قَبْلَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) وَطَافَ (سَقَطَ الدَّمُ) كَمَا لَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرُ مُحْرِمٍ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ (أَوْ) عَادَ إلَيْهِ (بَعْدَهَا) وَطَافَ (فَلَا) يَسْقُطُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِاسْتِقْرَارِهِ. وَالثَّانِي يَسْقُطُ كَالْحَالَةِ الْأُولَى، وَيَجِبُ الْعَوْدُ فِيهَا، وَلَا يَجِبُ فِي الثَّانِيَةِ. (وَلِلْحَائِضِ النَّفْرُ بِلَا) طَوَافِ (وَدَاعٍ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: «أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ» إلَّا أَنَّهُ خَفَّفَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ، فَلَوْ طَهُرَتْ قَبْلَ مُفَارَقَةِ خُطَّةِ مَكَّةَ لَزِمَهَا الْعَوْدُ وَالطَّوَافُ، أَوْ بَعْدَهَا فَلَا، وَالنُّفَسَاءُ كَالْحَائِضِ فِي ذَلِكَ، ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ.

(وَيُسَنُّ شُرْبُ مَاءِ زَمْزَمَ) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَرَوَى مُسْلِمٌ حَدِيثَ «إنَّهَا مُبَارَكَةٌ إنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ» زَادَ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــSعَنْهُ طَوَافُ الرُّكْنِ لَوْ أَخَّرَهُ إلَى خُرُوجِهِ وَلَا يَلْزَمُ إلَّا جَبْرٌ عَنْ مُسْتَأْجِرِهِ، وَلَا يُحَطُّ مِنْ الْأُجْرَةِ شَيْءٌ بِتَرْكِهِ وَلَا يَلْزَمُ الْوَلِيَّ أَنْ يَطُوفَ عَنْ طِفْلِهِ وَلَا بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَلُزُومُ الدَّمِ بِتَرْكِهِ لِتَبَعِيَّتِهِ لِلْمَنَاسِكِ وَشَبَهِهِ بِهَا صُورَةً، وَيَلْزَمُ الْمُحْرِمَ بَعْدَهُ وَالْحَلَالَ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (أَيْ الطَّوَافُ) هُوَ بَيَانٌ لِمُتَعَلِّقِ الْجَارِّ وَهُوَ إمَّا اسْمُ كَانَ أَوْ خَبَرُهَا. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ دُخُولُ مَكَّةَ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: (وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ) أَيْ سَوَاءٌ أَرَادَ الْإِقَامَةَ أَوْ لَا إلَى وَطَنِهِ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (وَدُونَهَا عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ إنْ كَانَ إلَى وَطَنِهِ أَوْ قَصَدَ إقَامَةً تَقْطَعُ السَّفَرَ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ وَالْمَسَافَةُ مُعْتَبَرَةٌ مِنْ مَكَّةَ لَا مِنْ الْحَرَمِ، كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَكَثَ بَعْدَهُ) أَيْ فِي مَحَلٍّ لَا يَجُوزُ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (لِغَيْرِ اشْتِغَالِ إلَخْ) وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ جُنَّ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى عَدَمِ الْخُرُوجِ لَمْ تَجِبْ إعَادَتُهُ لَا إنْ تَمَكَّنَ بِأَنْ مَكَثَ بَعْدَ زَوَالِ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا. نَعَمْ يُغْتَفَرُ هُنَا مَا يُغْتَفَرُ فِي الِاعْتِكَافِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: أَوْ عِيَادَةُ مَرِيضٍ، وَيُغْتَفَرُ فِعْلُ مَا نُدِبَ فِعْلُهُ كَدُخُولِ الْبَيْتِ وَالصَّلَاةِ فِيهِ وَالْتِزَامِ الْمُلْتَزِمِ وَالدُّعَاءِ فِيهِ، وَشُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ مِنْهَا وَمِنْ سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَيَنْصَرِفُ بَعْدَ ذَلِكَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَلَا يَمْشِي الْقَهْقَرَى كَمَا يَفْعَلُهُ الْعَوَامُّ. قَوْلُهُ: (يُجْبَرُ تَرْكُهُ) وَلَوْ بِتَرْكِ بَعْضِهِ وَسَوَاءٌ تَرَكَهُ عَامِدًا أَوْ عَالِمًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا. فَقَوْلُهُ فِي الْمَنْهَجِ لِتَرْكِهِ نُسُكًا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْمَنَاسِكِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) أَيْ وَقَبْلَ وَطَنِهِ أَوْ مَحَلِّ إقَامَتِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَطَافَ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ) وَالْإِثْمُ فَإِنْ لَمْ يَطُفْ كَأَنْ مَاتَ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَلِلْحَائِضِ تَرْكُهُ) نَعَمْ لِلْمُتَحَيِّرَةِ فِعْلُهُ وَلَا دَمَ لَوْ تَرَكَتْهُ لِلشَّكِّ فِي طُهْرِهَا وَكَالْحَائِضِ مَنْ خَافَ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ أَوْ تَخَلُّفِهِ عَنْ رُفْقَةٍ. قَوْلُهُ: (خُطَّةِ مَكَّةَ) أَيْ أَبْنِيَتِهَا لَا بَعْدَهَا، وَلَوْ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْحَرَمِ فَلَا عَوْدَ عَلَيْهَا.

قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ شُرْبُ مَاءٍ زَمْزَمَ) وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجٍّ

ـــــــــــــــــــــــــــــQيُغْنِ ذَلِكَ عَنْ الْوَدَاعِ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (هُوَ وَاجِبٌ) أَيْ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَوْلُهُ وَفِي قَوْلٍ سُنَّةٌ اسْتَدَلَّ لَهُ، بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَوَجَبَ جَبْرُهُ عَلَى الْحَائِضِ، لِأَنَّ الْفِدَاءَ لَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ فِيهِ بَيْنَ الْمَعْذُورِ وَغَيْرِهِ، كَمَا فِي تَرْكِ الرَّمْيِ قَالَ السُّبْكِيُّ: لَا أَظُنُّ أَحَدًا يَقُولُ بِأَنَّهُ يُجْبَرُ إذَا لَمْ نَجْعَلْهُ نُسُكًا، فَإِنْ قِيلَ بِهِ فَهُوَ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ، وَاخْتَارَ أَنَّهُ مِنْ الْمَنَاسِكِ لِذَلِكَ، وَأَجَابَ عَنْ عَدَمِ طَلَبِهِ مِنْ الْمُقِيمِ بِمَكَّةَ بِأَنَّ شَرْطَهُ إرَادَةُ فِرَاقِهَا، وَلَمْ تُوجَدْ وَحُمِلَ النُّسُكُ فِي حَدِيثِ الْمُهَاجِرِ عَلَى غَيْرِ التَّابِعِ. قَوْلُهُ: (مَا لَوْ عَادَ) وَمَاتَ مَثَلًا قَبْلَ الطَّوَافِ فَإِنَّ الدَّمَ لَا يَسْقُطُ.

. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسَنُّ) أَيْ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ لَا عَقِبَ طَوَافِ الْوَدَاعِ خَاصَّةً،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015