آخِرِ يَوْمِ النَّحْرِ) رَوَى الْبُخَارِيُّ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنِّي رَمَيْت بَعْدَمَا أَمْسَيْت قَالَ: لَا حَرَجَ» وَالْمَسَاءُ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ (وَلَا يَخْتَصُّ الذَّبْحُ) لِلْهَدْيِ (بِزَمَنٍ، قُلْت الصَّحِيحُ اخْتِصَاصُهُ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ بَابِ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ عَلَى الصَّوَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ وَوَقْتُهُ وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا سَبَقَ تَقَرُّبًا بِاَللَّهِ تَعَالَى.
وَفِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ الْأُضْحِيَّةِ أَنَّهَا تُسْتَحَبُّ لِلْحَاجِّ بِمِنًى مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ.
وَقَالَ الْعَبْدَرِيُّ: لَا أُضْحِيَّةَ فِي حَقِّهِ كَمَا لَا يُخَاطَبُ بِصَلَاةِ الْعِيدِ مَنْ أَحَلَّ حَجَّهُ انْتَهَى.
وَفِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ عَنْ الْإِمَامِ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ اسْتِحْبَابُ صَلَاةِ الْعِيدِ لِلْحَاجِّ بِمِنًى (وَالْحَلْقُ وَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ) إنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ (لَا آخِرَ لِوَقْتِهَا)
ـــــــــــــــــــــــــــــSلِأَنَّهُ لِضَرُورَةِ الزَّمَنِ لَا أَنَّهُ شَرْطٌ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ قَبْلَ النِّصْفِ فَلَوْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ قَبْلَ الْوُقُوفِ، وَلَوْ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَجَبَتْ إعَادَتُهُ بَعْدَهُ، وَلَوْ فَاتَ الْوُقُوفُ فَاتَتْ. وَلِذَلِكَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ التَّرْتِيبُ هُنَا رُكْنًا، كَمَا فِي الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ بِأَنْ يُقَدَّمَ الْإِحْرَامُ عَلَى غَيْرِهِ، ثُمَّ الْوُقُوفُ ثُمَّ الطَّوَافُ، وَإِزَالَةُ الشَّعْرِ ثُمَّ الطَّوَافُ عَلَى السَّعْيِ عَلَى مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيَبْقَى وَقْتُ الرَّمْيِ) أَيْ الِاخْتِيَارِيِّ. وَأَمَّا وَقْتُ الْفَضِيلَةِ فَمِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ كَمَا مَرَّ. وَأَمَّا وَقْتُ الْجَوَازِ فَمَا قَبْلَ ذَلِكَ وَبَعْدَهُ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ. قَوْلُهُ: (الصَّحِيحُ اخْتِصَاصُهُ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ) فِيهِ نَظَرٌ فِيمَنْ اعْتَمَرَ فِي أَثْنَاءِ الْعَامِ وَمَعَهُ هَدْيٌ لِاقْتِضَائِهِ وُجُوبَ تَأْخِيرِهِ لِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ. وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُ
أَخَّرَ هَدْيَهُ فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَلَا فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ لِذَلِكَ الْوَقْتِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ مُشْكِلٌ عَلَى الْمَذْهَبِ. كَذَا فِي الْبُرُلُّسِيِّ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، وَلَا وَجْهَ لَهُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ دَمَ الْهَدْيِ الَّذِي يُسَاقُ تَقَرُّبًا مِنْ الْحَلَالِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَجِّ أَوْ مِنْ الْمُعْتَمِرِ. كَذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِوَقْتٍ، وَأَنَّ دَمَ الْجُبْرَانِ الْمَذْكُورِ هُنَا كَذَلِكَ. وَقَدْ «نَحَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحُدَيْبِيَةِ وَقْتَ حَصْرٍ» ، وَأَمَّا هَدْيُ التَّقَرُّبِ مِنْ الْحَاجِّ فَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي) أَيْ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَتُهُ) أَيْ الرَّافِعِيِّ. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ إلَخْ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ دَمَ الْجُبْرَانِ يُسَمَّى هَدْيًا، وَعَلَى هَذَا فَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ صَحِيحٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. وَاعْتِرَاضُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ مِنْ أَنَّ الْهَدْيَ هُنَا مَا سَاقَهُ الْحَاجُّ تَقَرُّبًا لِأَنَّهُ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (إنَّهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةُ تُسْتَحَبُّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (كَمَا لَا يُخَاطَبُ) أَيْ نَدْبًا بِصَلَاةِ الْعِيدِ أَيْ جَمَاعَةً. وَكَلَامُ الْإِمَامِ مَحْمُولٌ عَلَى طَلَبِهَا فُرَادَى فَلَا مُخَالَفَةَ. قَوْلُهُ: (لَا آخِرَ لِوَقْتِهَا) أَيْ الثَّلَاثَةِ يَعْنِي الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ وَالْحَلْقَ وَلَوْ لِمَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِمَكَّةَ، وَأَعَادَ بِأَصْحَابِهِ بِمِنًى، أَقُولُ: قَضِيَّةُ الْجَمْعِ اسْتِحْبَابُ فِعْلِهَا بِمَكَّةَ، وَهُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَخْتَصُّ الذَّبْحُ بِزَمَنٍ) أَيْ وَلَكِنْ يَخْتَصُّ بِالْحَرَمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ) أَيْ فَوَقْتُهُ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ اُنْظُرْ كَيْفَ هَذَا فِيمَنْ اعْتَمَرَ أَثْنَاءَ الْعَامِ، وَسَاقَ هَدْيًا كَيْفَ يَجِبُ تَأْخِيرُهُ بِمَكَّةَ لِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ، وَاَلَّذِي سَاقَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ، هَلْ كَانَ يُرِيدُ تَأْخِيرَهُ إلَى وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ، وَكَذَا عُمْرَةُ الْقَضَاءِ لَا بُدَّ أَنَّهُ سَاقَ فِيهَا وَفِي حَدّ طر أَنَّهُ نَحَرَ بِالْمَرْوَةِ وَلَمْ يُؤَخِّرْهُ لِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُشْكِلٌ عَلَى الْمَذْهَبِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَسَيَأْتِي إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اخْتَلَفَ، وَالصَّوَابُ الْأَخِيرُ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْهَدْيُ يُطْلَقُ عَلَى دِمَاءِ الْجُبْرَانَاتِ وَالْمَحْظُورَاتِ، وَعَلَى مَا يُسَاقُ تَقَرُّبًا فَالْأَوَّلُ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَنٍ، وَالثَّانِي يَخْتَصُّ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ، فَالْأَوَّلُ أَرَادَهُ الْمُحَرَّرُ وَالثَّانِي أَرَادَهُ فِيمَا يَأْتِي قَالَ: وَقَدْ أَوْضَحَ الرَّافِعِيُّ ذَلِكَ فِي آخِرِ بَابِ الْهَدْيِ مِنْ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. غَايَةُ الْأَمْرِ، أَنَّهُ لَمْ يُفْصِحْ فِي الْمُحَرَّرِ عَنْ الْمُرَادِ فَظَنَّ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْمَسْأَلَةَ وَاحِدَةٌ، فَاعْتَرَضَ فِي هَذَا الْبَابِ هُنَا فِي الرَّوْضَةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الصَّوَابِ) أَيْ فِي كَلَامِهِ الْمُخْتَصَرِ فِي الْمُحَرَّرِ. قَوْلُهُ: (مَا سِيقَ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ لَا دِمَاءُ الْجُبْرَانَاتِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا آخِرَ لِوَقْتِهَا) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّأْقِيتِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا عَنْ يَوْمِ النَّحْرِ، وَعَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَشَدُّ كَرَاهَةٍ. قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَاسْتَشْكَلَ الْإِسْنَوِيُّ بَقَاءَهُ مُحْرِمًا دَائِمًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ. قَالَ: لِأَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ مَنَعُوهُ مِنْ ذَلِكَ، لِأَنَّ ذَلِكَ كَابْتِدَاءِ الْإِحْرَامِ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ قَالَ مَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ