وَفِعْلُهَا يَوْمَ النَّحْرِ كَمَا تَقَدَّمَ أَفْضَلُ
(وَإِذَا قُلْنَا الْحَلْقُ نُسُكٌ) وَهُوَ الْمَشْهُورُ (فَفَعَلَ اثْنَيْنِ مِنْ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ وَالطَّوَافِ) الْمَتْبُوعِ بِالسَّعْيِ إنْ لَمْ يَفْعَلْ قَبْلُ (حَصَلَ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ) مِنْ تَحَلُّلَيْ الْحَجِّ (وَحَلَّ بِهِ اللُّبْسُ وَالْحَلْقُ) إنْ لَمْ يَفْعَلْ (وَالْقَلْمِ) وَسَتْرُ الرَّأْسِ لِلرَّجُلِ وَالْوَجْهِ لِلْمَرْأَةِ وَذَكَرَ فِي الْمُحَرَّرِ سَتْرَ الرَّأْسِ دُونَ الْحَلْقِ (وَكَذَا الصَّيْدُ وَعَقْدُ النِّكَاحِ) يَحِلَّانِ بِهِ (فِي الْأَظْهَرِ قُلْت) كَمَا نَقَلَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ عَنْ الْأَكْثَرِ (الْأَظْهَرُ لَا يَحِلُّ عَقْدُ النِّكَاحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَكَذَا نُقِلَ عَنْهُمْ فِي الْمُبَاشَرَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ كَالْقُبْلَةِ أَنَّ الْأَظْهَرَ تَحْرِيمُهَا وَرَجَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْحِلَّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَالَ وَفِي التَّطَيُّبِ طَرِيقَانِ أَشْهُرُهُمَا أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَالثَّانِي الْقَطْعُ بِالْحِلِّ وَسَوَاءٌ أَثْبَتنَا الْخِلَافَ أَمْ لَمْ نُثْبِتْهُ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَحِلُّ بَلْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَطَيَّبَ لِحِلِّهِ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «طَيَّبْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ» انْتَهَى. وَالْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِلَفْظِ كُنْت أُطَيِّبُ وَالدَّهْنُ مُلْحَقٌ بِالتَّطَيُّبِ (وَإِذَا فَعَلَ الثَّالِثَ) بَعْدَ الِاثْنَيْنِ (حَصَلَ التَّحَلُّلُ الثَّانِي وَحَلَّ بِهِ بَاقِي الْمُحَرَّمَاتِ) وَهُوَ الْجِمَاعُ وَالْمُبَاشَرَةُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَعَقْدُ النِّكَاحِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَإِذَا قُلْنَا الْحَلْقُ لَيْسَ بِنُسُكٍ حَصَلَ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِوَاحِدٍ مِنْ الرَّمْيِ وَالطَّوَافِ، وَالتَّحَلُّلُ الثَّانِي بِالْآخَرِ. وَرَوَى النَّسَائِيّ وَابْنُ مَاجَهْ حَدِيثَ: «إذَا رَمَيْتُمْ الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ» . وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ حَدِيثَ «إذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ وَفِي رِوَايَةٍ وَذَبَحْتُمْ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ الطِّيبُ وَالثِّيَابُ وَكُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ» . وَضَعَّفَهُ وَالْحِكْمَةُ فِي أَنَّ لِلْحَجِّ تَحَلُّلَيْنِ بِخِلَافِ الْعُمْرَةِ أَنَّهُ يَطُولُ زَمَانُهُ وَتَكْثُرُ أَفْعَالُهُ بِخِلَافِهَا فَأُبِيحَ بَعْضُ مُحَرَّمَاتِهِ فِي وَقْتٍ وَبَعْضُهَا فِي آخَرَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــSوَوُجُوبُ التَّحَلُّلِ عَلَيْهِ لَا لِخُرُوجِ وَقْتِهَا بَلْ لِأَنَّ فِي مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ مَشَقَّةً بِلَا فَائِدَةٍ فَلَا حَاجَةَ لِمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْإِمَامُ السُّبْكِيُّ وَجَوَابُهُ. قَوْلُهُ: (فَفَعَلَ اثْنَيْنِ إلَخْ) وَلَا دَخْلَ لِلذَّبْحِ فِي التَّحَلُّلِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَعْمَالِ يَوْمِ النَّحْرِ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ، وَلَا بُدَّ مِنْ السَّعْيِ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى فِي حُصُولِ التَّحَلُّلِ بِالطَّوَافِ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ بِنُسُكٍ) وَكَذَا لَوْ سَقَطَ لِعَدَمِهِ. قَوْلُهُ: (دُونَ الْحَلْقِ) وَعَدَمُ ذِكْرِهِ أَنْسَبُ لِأَنَّهُ أَحَدُ أَسْبَابِ حِلِّ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا نُقِلَ عَنْهُمْ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْمَذْكُورِ، وَلَا يَحِلُّ الْجِمَاعُ بِالْأَوْلَى مِنْ مُقَدِّمَاتِهِ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَإِذَا فَعَلَ الثَّالِثَ) نَعَمْ لَوْ كَانَ هُوَ الرَّمْيُ وَفَاتَهُ بِفَرَاغِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ تَوَقَّفَ التَّحَلُّلُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِبَدَلِهِ وَلَوْ صَوْمًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَفَارَقَ عَدَمَ تَوَقُّفِ تَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ عَلَى الصَّوْمِ لِأَنَّ لَهُ تَحَلُّلًا وَاحِدًا فَلَوْ اسْتَمَرَّ تَحْرِيمُ جَمِيعِ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَيْهِ، وَلَوْ غَيْرَ الْجِمَاعِ لَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْحَجِّ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْجِمَاعُ إلَخْ) لَكِنْ يُنْدَبُ تَأْخِيرُهُ عَنْ أَيَّامِ مِنًى لِأَنَّهَا مِنْ بَقِيَّةِ أَيَّامِ الْحَجِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي مَسْأَلَتِنَا مَحَلُّهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ فِيمَا يَظْهَرُ لِي وَأَلَّا يَصِيرَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ وَاعْتَرَضَ الْإِسْنَوِيُّ مَقَالَتَهُ بِأَنَّ وَقْتَ الْحَجِّ يَخْرُجُ بِطُلُوعِ فَجْرِ النَّحْرِ، وَالتَّحَلُّلُ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يَجِبُ اتِّفَاقًا بَلْ الْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ عَنْهُ. قَالَ: وَالصَّحِيحُ عِنْدَ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِالنَّافِلَةِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ، ثُمَّ يَمُدُّهَا وَذَلِكَ نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا. قَوْلُهُ: (وَذَكَرَ فِي الْمُحَرَّرِ إلَخْ) أَيْ فَفِي الْمِنْهَاجِ ذَكَرَ مَا تَرَكَهُ وَتَرَكَ مَا ذَكَرَهُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا نُقِلَ عَنْهُمْ فِي الْمُبَاشَرَةِ) اعْلَمْ أَنَّ مَنْ قَالَ بِالتَّحْرِيمِ فِي الْمُبَاشَرَةِ، وَعَقْدِ النِّكَاحِ وَالصَّيْدِ عَلَّلَ الْأَوَّلَيْنِ بِتَعَلُّقِهَا بِالنِّسَاءِ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا رَمَيْتُمْ الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ» ، وَعَلَّلَ الصَّيْدَ بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95] وَمَنْ قَالَ بِالْحِلِّ نَظَرَ إلَى أَنَّهَا مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي لَا يُوجِبُ تَعَاطِيهَا إفْسَادًا فَكَانَتْ كَالْحَلْقِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْجِمَاعُ إلَخْ) لَكِنْ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ الْوَطْءِ عَنْ رَمْيِ بَاقِي الْأَيَّامِ كَذَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ. قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَبِعَالٍ.