بِالْغَالِبِ (وَقِيلَ لَا يَجِبُ بَاطِنُ عَنْفَقَةِ كَثِيفَةٍ) بِالْمُثَلَّثَةِ، وَقِيلَ: لَا يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِ الْكَثِيفِ فِي الْجَمِيعِ، لِأَنَّ كَثَافَتَهُ مَانِعَةٌ مِنْ رُؤْيَةِ بَاطِنِهِ، فَلَا تَقَعُ بِهِ الْمُوَاجَهَةُ. (وَاللِّحْيَةُ إنْ خَفَّتْ كَهُدْبٍ) فَيَجِبُ غَسْلُهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (وَإِلَّا) بِأَنْ كَثُفَتْ (فَلْيَغْسِلْ ظَاهِرَهَا) وَلَا يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِهَا لِعُسْرِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِ، وَغَسْلُ بَعْضِهَا الْخَارِجِ عَنْ الْوَجْهِ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لَهُ لِحُصُولِ الْمُوَاجَهَةِ بِهِ أَيْضًا (وَفِي قَوْلٍ لَا يَجِبُ غَسْلُ خَارِجٍ عَنْ الْوَجْهِ) مِنْ اللِّحْيَةِ وَغَيْرِهَا كَالْعِذَارِ خَفِيفًا كَانَ أَوْ كَثِيفًا لَا بَاطِنًا وَلَا ظَاهِرًا لِخُرُوجِهِ عَنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ. وَمَا ذُكِرَ مِنْ حِكَايَةِ الْقَوْلَيْنِ فِي وُجُوبِ غَسْلِ الْخَارِجِ الْخَفِيفِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ جَمَاعَةٍ، وَصَوَّبَهُ، وَحَمَلَ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ فِي حِكَايَةِ الْقَوْلَيْنِ فِي وُجُوبِ غَسْلِ ظَاهِرِ الْخَارِجِ، وَأَنَّ بَاطِنَهُ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ قَوْلًا وَاحِدًا عَلَى الْكَثِيفِ، وَأَسْقَطَ مِنْ الرَّوْضَةِ الْكَلَامَ فِي بَاطِنِ الْخَارِجِ، وَزَادَهُ مَعَ غَيْرِهِ هُنَا عَلَى الْمُحَرَّرِ وَعِبَارَتُهُ. وَأَمَّا اللِّحْيَةُ الْكَثِيفَةُ فَيَكْفِي غَسْلُ ظَاهِرِ مَا فِي حَدِّ الْوَجْهِ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ خَفِيفَةً فَهِيَ كَالشُّعُورِ الْخَفِيفَةِ غَالِبًا.
وَيَجِبُ أَيْضًا غَسْلُ ظَاهِرِ الْخَارِجِ مِنْ اللِّحْيَةِ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ، انْتَهَى. وَالْخَفِيفُ مَا تُرَى الْبَشَرَةُ مِنْ خِلَالِهِ فِي مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ وَالْكَثِيفُ مَا يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ.
(الثَّالِثُ غَسْلُ يَدَيْهِ) مِنْ الْكَفَّيْنِ وَالذِّرَاعَيْنِ (مَعَ مِرْفَقَيْهِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَبِالْعَكْسِ، قَالَ تَعَالَى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6]
ـــــــــــــــــــــــــــــSوَبَاطِنًا) هُمَا تَفْسِيرٌ لِلشَّعْرِ وَالْبَشَرَةِ، فَالْمُرَادُ بِهَا الْبَاطِنُ مِنْ الشَّعْرِ لَا مَحَلُّهُ لِدُخُولِهِ فِي حَدِّ الْوَجْهِ السَّابِقِ، وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِمَا خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا يَجِبُ إلَخْ) هُوَ وَجْهٌ ثَالِثٌ سَكَتَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ فَاقْتَضَى كَلَامُهُ الْقَطْعَ بِغَسْلِ بَاطِنِ الْكَثِيفِ مِنْ غَيْرِ الْعَنْفَقَةِ. قَوْلُهُ: (وَاللِّحْيَةُ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْعَارِضَيْنِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ سِيدَهْ، وَكَلَامُهُ يَشْمَلُ الرَّجُلَ وَغَيْرَهُ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ.
قَوْلُهُ: (وَأَسْقَطَ مِنْ الرَّوْضَةِ إلَخْ) فَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ وُجُوبِ غَسْلِ بَاطِنِ اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ وَبَاطِنِ الْخَارِجِ الْكَثِيفِ، وَكَانَ الْمُنَاسِبُ لِلشَّارِحِ أَنْ يَحْمِلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ وَالْمُحَرَّرِ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ وَلَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ، إذْ الِاعْتِرَاضُ بِالْحَمْلِ أَخَفُّ مِنْهُ بِثُبُوتِ حُكْمٍ فَاسِدٍ، بَلْ حُكْمُ الشَّارِحِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ زَادَهُ مَعَ إطْلَاقِ عِبَارَتِهِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَتَأَمَّلْ، وَالْحَاصِلُ الْمُعْتَمَدُ فِي الشُّعُورِ أَنْ يُقَالَ لِحْيَةُ الرَّجُلِ وَعَارِضَاهُ وَمَا خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ مُطْلَقًا يَجِبُ غَسْلُهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إنْ كَانَ خَفِيفًا وَظَاهِرًا فَقَطْ إنْ كَانَ كَثِيفًا، وَمَا عَدَا ذَلِكَ يَجِبُ غَسْلُهُ مُطْلَقًا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا خَفِيفًا وَكَثِيفًا مِنْ رَجُلٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْخَارِجِ مَا جَاوَزَ حَدَّ الْوَجْهِ مِنْ جِهَةِ اسْتِرْسَالِهِ، وَبِالظَّاهِرِ فِي اللِّحْيَةِ وَنَحْوِهَا الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا الْمُوَاجِهَةُ لِلْمُخَاطَبِ لَا مَا وَاجَهَ وَلَا مَا بَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ غَسْلُ الصَّدْرِ بِالْكَثِيفِ الْخَارِجِ مِنْ الشُّعُورِ لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِ بِخُرُوجِهِ عَنْ الْمُوَاجِهَةِ الْحَقِيقِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَالْخَفِيفُ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي جَانِبٍ وَحْدَهُ وَجَبَ غَسْلُ الْجَمِيعِ، وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ مِمَّا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ.
(تَنْبِيهٌ) يَجْرِي هُنَا مَا سَيَأْتِي فِي الْغُسْلِ مِنْ أَنَّهُ يُعْفَى عَمَّا تَحْتَ طُبُوعٍ عَسُرَ زَوَالُهُ وَإِنْ كَثُرَ، وَتَجِبُ إزَالَتُهُ مَعَ الشَّعْرِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُثْلَةٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (يَدَيْهِ) أَيْ كُلِّ يَدٍ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَعُلِمَتْ زِيَادَتُهَا مَعَ الْمُسَامَتَةِ كَمَا مَرَّ، وَإِنْ زَادَ طُولُ الْمُسَامَتَةِ عَلَى الْأَصْلِيَّةِ وَسَوَاءٌ بَقِيَتْ الْأَصْلِيَّةُ أَوْ قُطِعَتْ، وَخَالَفَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ غُسْلَهَا كَانَ لِلتَّبَعِيَّةِ وَقَدْ زَالَتْ، وَالْكَلَامُ فِي يَدٍ نَبَتَتْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ، وَإِلَّا فَيَجِبُ غَسْلُهَا مُطْلَقًا، وَالْجِلْدَةُ يُعْتَبَرُ فِيهَا مَحَلُّ انْتِهَائِهَا، فَإِنْ ثَبَتَ طَرَفَاهَا فَكَأَصْلِهَا، وَفَارَقَتْ اعْتِبَارَ الِابْتِدَاءِ فِي شَجَرٍ نُقِلَ مِنْ الْحَرَمِ أَوْ عَكْسِهِ، لِأَنَّ النَّظَرَ فِيهِ إلَى الْوَصْفِ بِكَوْنِهِ حَرَمِيًّا أَوْ لَا، وَيَجِبُ غَسْلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُ الشَّارِحِ: (فِي وُجُوبِ غَسْلِ ظَاهِرِ الْخَارِجِ) هَذَا بِعُمُومِهِ يَشْمَلُ الْخَارِجَ مِنْ اللِّحْيَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الشُّعُورِ النَّادِرَةِ الْكَثَافَةِ، فَتَسْتَفِيدُ مِنْهُ أَنَّ بَاطِنَ الْخَارِجِ الْكَثِيفَ وَلَوْ مِنْ عَذَارٍ وَنَحْوِهِ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ قَطْعًا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، فَيَكُونُ مَقَالُ الْمِنْهَاجِ وَفِي قَوْلٍ بِالنَّظَرِ لِلْكَثِيفِ إيجَابَ غَسْلِ ظَاهِرِهِ فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَفِي قَوْلٍ إلَخْ يَأْبَى ذَلِكَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَزَادَهُ مَعَ غَيْرِهِ) هُوَ حُكْمُ ظَاهِرِ الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ اللِّحْيَةِ.