أَجْزَائِهَا.
(الثَّانِي: غَسْلُ وَجْهِهِ) قَالَ تَعَالَى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] (وَهُوَ) طُولًا (مَا بَيْنَ مَنَابِتِ) شَعْرِ (رَأْسِهِ غَالِبًا وَمُنْتَهَى لَحْيَيْهِ) أَيْ آخِرِهِمَا وَهُمَا الْعَظْمَانِ اللَّذَانِ عَلَيْهِمَا الْأَسْنَانُ السُّفْلَى، (وَمَا بَيْنَ أُذُنَيْهِ) عَرْضًا لِأَنَّ الْمُوَاجِهَةَ الْمَأْخُوذَ مِنْهَا الْوَجْهُ تَقَعُ بِذَلِكَ. وَالْمُرَادُ ظَاهِرُ مَا ذُكِرَ إذْ لَا يَجِبُ غَسْلُ دَاخِلِ الْعَيْنِ وَلَا يُسْتَحَبُّ، وَمُنْتَهَى اللَّحْيَيْنِ مِنْ الْوَجْهِ وَإِنْ لَمْ تَشْمَلْهُ الْعِبَارَةُ (فَمِنْهُ مَوْضِعُ الْغَمَمِ) وَهُوَ مَا نَبَتَ عَلَيْهِ الشَّعْرُ مِنْ الْجَبْهَةِ، وَلَيْسَ مِنْهُ مَوْضِعُ الصَّلَعِ، وَهُوَ مَا انْحَسَرَ عَنْهُ الشَّعْرُ مِنْ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ، وَعَنْهُ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ غَالِبًا. (وَكَذَا التَّحْذِيفُ) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ مَوْضِعُهُ مِنْ الْوَجْهِ. (فِي الْأَصَحِّ) لِمُحَاذَاتِهِ بَيَاضَ الْوَجْهِ، وَهُوَ مَا يَنْبُتُ عَلَيْهِ الشَّعْرُ الْخَفِيفُ بَيْنَ ابْتِدَاءِ الْعِذَارِ وَالنَّزَعَةِ تَعْتَادُ النِّسَاءُ وَالْأَشْرَافُ تَنْحِيَةَ شَعْرِهِ لِيَتَّسِعَ الْوَجْهُ. (لَا النَّزَعَتَانِ) بِفَتْحِ الزَّايِ (وَهُمَا بَيَاضَانِ يَكْتَنِفَانِ النَّاصِيَةَ) أَيْ لَيْسَتَا مِنْ الْوَجْهِ لِأَنَّهُمَا فِي تَدْوِيرِ الرَّأْسِ. (قُلْت: صَحَّحَ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ مَوْضِعُ التَّحْذِيفِ مِنْ الرَّأْسِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِاتِّصَالِ شَعْرِهِ بِشَعْرِ الرَّأْسِ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ تَرْجِيحَهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، وَتَبِعَ فِي الْمُحَرَّرِ تَرْجِيحَ الْغَزَالِيِّ لِلْأَوَّلِ. (وَيَجِبُ غَسْلُ كُلِّ هُدْبٍ) بِالْمُهْمَلَةِ (وَحَاجِبٍ وَعِذَارٍ) بِالْمُعْجَمَةِ (وَشَارِبٍ وَخَدٍّ وَعَنْفَقَةِ شَعَرٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (وَبَشَرٍ) أَيْ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا سَوَاءٌ خَفَّ الشَّعْرُ أَمْ كَثُفَ لِأَنَّ كَثَافَتَهُ، نَادِرَةٌ، فَأُلْحِقَ
ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَى النِّيَّةِ فِيمَا بَعْدَهُ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ التَّفْرِيقِ لِشُمُولِ النِّيَّةِ لِمَا بَعْدَهُ، وَكُلُّ الْأَعْضَاءِ بَعْدَهُ كَذَلِكَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَهَكَذَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ التَّفْرِيقُ فِي الْعُضْوِ الْوَاحِدِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (كَمَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ أَفْعَالِ الْوُضُوءِ) وَإِنَّمَا لَمْ يَزِدْ لَفْظَ لَهُ كَمَا زَادَهُ فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ لِإِفَادَةِ جَوَازِ التَّفْرِيقِ لِدَائِمِ الْحَدَثِ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَهُ تَفْرِيقُ أَفْعَالِهِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا كَمَا إلَخْ) وَرُدَّ بِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ أَفْعَالِهَا بِنَحْوِ ثَلَاثِ خُطُوَاتٍ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (غَسْلُ وَجْهِهِ) وَإِنْ تَعَدَّدَ إلَّا مَا عُلِمَ زِيَادَتُهُ وَلَيْسَ عَلَى سَمْتِ الْأَصْلِيِّ، وَتَجِبُ النِّيَّةُ عِنْدَ كُلِّ وَجْهٍ إلَّا عِنْدَ الزَّائِدِ يَقِينًا فَلَا تَكْفِي عِنْدَهُ وَإِنْ وَجَبَ غَسْلُهُ، وَلَا بُدَّ مِنْهَا مَعَ كُلِّ مُشْتَبَهٍ وَالْأَيْدِي وَالْأَرْجُلُ كَالْوَجْهِ فِي الْغُسْلُ، وَيَجِبُ فِي الرَّأْسِ مَسْحُ جُزْءٍ مِنْ الْأَصْلِيِّ إنْ عُلِمَ وَمَسْحُ جُزْءٍ مِنْ كُلٍّ مَا اُشْتُبِهَ. . . .
. قَوْلُهُ: (الْمَأْخُوذَ مِنْهَا الْوَجْهُ) أَيْ الَّذِي هِيَ سَبَبٌ فِي تَسْمِيَتِهِ بِذَلِكَ لَا بِمَعْنَى الِاشْتِقَاقِ النَّحْوِيِّ، وَلَا حَاجَةَ لِمَا شَنَّعَ بِهِ بَعْضُهُمْ هُنَا. قَوْلُهُ: (إذْ لَا يَجِبُ غَسْلُ دَاخِلِ الْعَيْنِ) وَلَا شَعْرٍ نَبَتَ فِيهِ وَمِثْلُهُ دَاخِلُ الْفَمِ وَالْأَنْفِ وَإِنْ ظَهَرَ بِقَطْعِ مَا سَتَرَهُ، نَعَمْ يَجِبُ أَنْ يَغْسِلَ مِمَّا ظَهَرَ بِالْقَطْعِ مَا كَانَ مُحَاذِيًا لِلظَّاهِرِ، وَيَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِ نَحْوِ أَنْفٍ مِنْ نَقْدٍ وَتَكْفِي النِّيَّةُ عِنْدَهُ، وَلَا يَنْقُضُ لَمْسُهُ، وَيَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِ مَا ذَكَرَ عَنْ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُسْتَحَبُّ) أَيْ بَلْ يُكْرَهُ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ مَوْضِعُ الْغَمَمِ، فَالْغَمَمُ اسْمٌ لِلشَّعْرِ الْمَذْكُورِ وَيُقَالُ لِشَعْرِ الْقَفَا أَيْضًا، وَالْعَرَبُ تَذُمُّ بِكُلٍّ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْبَلَادَةِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَضِدُّهُ الْأَنْزَعُ، وَلِذَلِكَ يُمْتَدَحُ بِهِ كَقَوْلِ الْقَائِلِ:
وَلَا تَنْكِحِي إنْ فَرَّقَ الدَّهْرُ بَيْنَنَا ... أَغَمَّ الْقَفَا وَالْوَجْهِ لَيْسَ بِأَنْزَعَا
قَوْلُهُ: (التَّحْذِيفِ) مِنْ الْحَذْفِ لِأَنَّهُ يُزَالُ كَمَا يَأْتِي، وَالْعَامَّةُ تُبَدَّلُ الذَّالَ بِالْفَاءِ، وَهُوَ اسْمٌ لِلشَّعْرِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَفْسِيرِهِ. قَوْلُهُ: (بَيْنَ ابْتِدَاءٍ إلَخْ) سَيَأْتِي ضَبْطُهُ. قَوْلُهُ: (لَا النَّزْعَتَانِ) وَلَا الصُّدْغَانِ. قَوْلُهُ: (لِاتِّصَالِ شَعْرِهِ إلَخْ) الْأَوْلَى لِأَنَّهُ فِي تَدْوِيرِ الرَّأْسِ لِئَلَّا يَرِدَ الْغَمَمُ. قَوْلُهُ: (هُدْبٍ) بِفَتْحِ أَوَّلَيْهِ مَعًا، أَوْ ضَمِّهِمَا مَعًا، أَوْ ضَمٍّ فَسُكُونٍ. قَوْلُهُ: (وَحَاجِبٍ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِحَجْبِهِ عَنْ الْعَيْنِ مَا يُؤْذِيهَا، وَجَمْعُهُ حَوَاجِبُ، وَحَاجِبُ السُّلْطَانِ جَمْعُهُ حُجَّابٌ بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ وَضَمِّ أَوَّلِهِ. قَوْلُهُ: (وَعِذَارٍ) وَهُوَ مَا حَاذَى الْأُذُنَ.
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: هُوَ مَا نَبَتَ عَلَى الْعَظْمِ النَّاتِئِ فَوْقَ الْعَارِضِ، وَهَذَا نَاظِرٌ لِلْمُتَعَارَفِ، وَاَلَّذِي تُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَتُهُمْ أَنَّهُ إذَا جُعِلَ خَيْطٌ مُسْتَقِيمٌ عَلَى أَعْلَى الْأُذُنِ وَأَعْلَى الْجَبْهَةِ فَمَا تَحْتَ ذَلِكَ الْخَيْطِ مِنْ الْمُلَاصِقِ لِلْأُذُنِ الْمُحَاذِي لِلْعَارِضِ هُوَ الْعِذَارُ، وَمَا تَحْتَهُ أَيْضًا مِمَّا بَيْنَ الْعِذَارِ وَالنَّزْعَةِ هُوَ التَّحْذِيفُ، وَمَا فَوْقَهُ مِمَّا حَاذَى الْعِذَارَ وَالتَّحْذِيفَ هُوَ الصُّدْغُ، فَابْتِدَاءُ الْعِذَارِ هُوَ أَوَّلُهُ الْمُلَاصِقُ لِلتَّحْذِيفِ تَحْتَ الصُّدْغِ، وَالْجَبِينُ وَهُوَ مَا حَاذَى الْجَبْهَةَ فَوْقَ الصُّدْغِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (وَخَدٍّ) أَيْ شَعْرُهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ ظَاهِرًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .