الْمَذْكُورِ. (وَيَسْتَبْرِئُ مِنْ الْبَوْلِ) عِنْدَ انْقِطَاعِهِ بِالتَّنَحْنُحِ وَنَتْرِ الذَّكَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ انْقِطَاعِ الْبَوْلِ عَدَمُ عَوْدِهِ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وُجُوبَهُ، وَيَشْهَدُ لَهُ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ فِي حَدِيثِ الْقَبْرَيْنِ لَا يَسْتَبْرِئُ (وَيَقُولُ عِنْدَ دُخُولِهِ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ، وَعِنْدَ خُرُوجِهِ: غُفْرَانَك الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي) وَذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ فِي الصَّحْرَاءِ وَالْبُنْيَانِ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ.

وَقَدْ رَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ» زَادَ ابْنُ السَّكَنِ وَغَيْرُهُ فِي أَوَّلِهِ: «بِسْمِ اللَّهِ» وَرَوَى أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا خَرَجَ مِنْ الْخَلَاءِ قَالَ: غُفْرَانَك» وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا خَرَجَ مِنْ الْخَلَاءِ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي» وَالْخُبُثُ بِضَمِّ الْخَاءِ وَالْبَاءِ جَمْعُ خَبِيثٍ. وَالْخَبَائِثُ جَمْعُ خَبِيثَةٍ. وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ ذُكُورُ الشَّيَاطِينِ وَإِنَاثُهُمْ كَمَا قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ. وَالِاسْتِعَاذَةُ مِنْهُمْ فِي الْبِنَاءِ الْمُعَدِّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ لِأَنَّهُ مَأْوَاهُمْ، وَفِي الصَّحْرَاءِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَأْوًى لَهُمْ بِخُرُوجِ الْخَارِجِ.

(وَيَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ) إزَالَةً لِلنَّجَاسَةِ (بِمَاءٍ) عَلَى الْأَصْلِ (أَوْ حَجَرٍ) لِأَنَّ الشَّارِعَ جَوَّزَ الِاسْتِنْجَاءَ بِهِ حَيْثُ فَعَلَهُ كَمَا

ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيَسْتَبْرِئُ مِنْ الْبَوْلِ) .

قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَكَذَا مِنْ الْغَائِطِ. قَوْلُهُ: (وَنَتْرِ) هُوَ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ بَعْدَ النُّونِ وَمَعْنَاهُ الْجَذْبُ، وَالْمُرَادُ مَسَحَ بِهِ ذَكَرَهُ بِإِبْهَامِهِ وَسَبَّابَتِهِ مِنْ أَسْفَلِهِ إلَى أَعْلَاهُ، وَفِي الْمَرْأَةِ بِعَصْرِ عَانَتِهَا. قَوْلُهُ: (وَغَيْرِ ذَلِكَ) مِنْهُ الْمَشْيُ أَوْ أَقَلُّهُ كَمَا قِيلَ سَبْعُونَ خُطْوَةً وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ وَأَكْثَرَ مَا قِيلَ فِيهِ سَبْعُونَ خُطْوَةً انْتَهَى، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِعَدَدٍ بَلْ بِمَا يَغْلِبُ بِهِ عَلَى الظَّنِّ انْقِطَاعُهُ بِهِ. قَوْلُهُ: (وُجُوبُهُ) حُمِلَ عَلَى مَا إذَا غَلَبَ عَلَى مَا فِي ظَنِّهِ عَدَمُ انْقِطَاعِهِ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ دُخُولِهِ) أَيْ قُبَيْلَ دُخُولِ مَا يُنْسَبُ لَهُ وَلَوْ مِنْ أَوَّلِ دِهْلِيزٍ طَوِيلٍ وَإِنْ كَانَ دُخُولُهُ لِغَيْرِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِسْمِ اللَّهِ) وَيُكْرَهُ إتْمَامُهَا.

قَوْلُهُ: (اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك) أَيْ أَسْتَجِيرُ وَأَعْتَصِمُ بِك فَإِنْ كَانَ دُخُولُهُ بِطِفْلٍ قَالَ إنَّهُ يَعُوذُ أَوْ إنِّي أُعِيذُهُ، وَقُدِّمَتْ الْبَسْمَلَةُ عَلَى الِاسْتِعَاذَةِ هُنَا عَكْسُ الْقِرَاءَةِ لِمُنَاسِبَةِ مَا بَعْدَهُمَا. قَوْلُهُ: (خُرُوجِهِ) أَيْ بَعْدَ تَمَامِهِ وَإِنْ بَعُدَ كَدِهْلِيزٍ طَوِيلٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (غُفْرَانَك) وَيُنْدَبُ تَكَرُّرُهُ ثَلَاثًا، وَسَبَبُ سُؤَالِهِ خَوْفُ تَقْصِيرِهِ فِي شُكْرِ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى، حَيْثُ أَطْعَمَهُ وَسَقَاهُ ثُمَّ هَضَمَهُ، ثُمَّ سَهَّلَ خُرُوجَهُ أَوْ لِتَرْكِهِ الذِّكْرَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَإِنْ طُلِبَ تَرْكُهُ خُصُوصًا إنْ صَحِبَهُ تَرْكٌ قَلْبِيٌّ، وَغُفْرَانَك مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَوْ مَفْعُولٌ بِهِ. قَوْلُهُ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي إلَخْ) هَذَا لِقَاضِي الْحَاجَةِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَقُولُ مَا يُنَاسِبُ. قَوْلُهُ: (بِضَمِّ الْخَاءِ وَالْبَاءِ) .

قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: وَيَجُوزُ إسْكَانُ الْبَاءِ، وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ إنَّهُ بِالضَّمِّ خَاصٌّ بِمَا هُنَا، وَبِالْإِسْكَانِ يُطْلَقُ عَلَى هَذَا وَعَلَى الشِّدَّةِ وَالْمَكْرُوهِ وَالْكُفْرِ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الشَّارِحِ، وَالْمُرَادُ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ) أَيْ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِيَّةِ، وَإِنَّمَا عَبَّرُوا بِالْوُجُوبِ مُرَاعَاةً لِرَدِّ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْمُزَنِيِّ مِنْ أَئِمَّتِنَا بِعَدَمِ وُجُوبِهِ، وَهُوَ بِالْمَاءِ يُقَالُ لَهُ اسْتِطَابَةٌ وَبِالْحَجَرِ اسْتِجْمَارٌ، وَقِيلَ الِاسْتِطَابَةُ كَالِاسْتِنْجَاءِ، وَهُوَ لُغَةً الْقَطْعُ مِنْ نَجَوْت الشَّيْءَ قَطَعْته لِقَطْعِ الْمُسْتَنْجِي الْأَذَى عَنْ نَفْسِهِ بِهِ، وَعُرْفًا إزَالَةُ الْخَارِجِ مِنْ الْفَرْجِ عَنْ الْفَرْجِ بِمَاءٍ أَوْ حَجَرٍ بِشَرْطِهِ أَيْ الْمَاءِ بِكَوْنِهِ مُطْلَقًا وَالْحَجَرُ بِمَا يَأْتِي، أَوْ بِشَرْطِ الْحَجَرِ الْمَذْكُورِ.

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَتُعْتَبَرُ بِهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ، أَيْ بِحَسَبِ عَوَارِضِهِ لِأَنَّ أَصْلَهُ الْإِبَاحَةُ، ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى الْوُجُوبِ، وَقَدْ يُنْدَبُ كَجَمْعِ الْحَجَرِ مَعَ الْمَاءِ، كَذَا قَالَ، وَفِيهِ بَحْثٌ، وَالْوَجْهُ تَمْثِيلُهُ بِغَيْرِ الْمُلَوَّثِ كَمَا يَأْتِي، وَقَدْ يُكْرَهُ كَمَا فِي نَحْوِ مَاءِ زَمْزَمَ، وَسَيَأْتِي عَنْ شَيْخِنَا أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَالْأَوْلَى تَمْثِيلُ الْكَرَاهَةِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (فَائِدَةٌ) يُكْرَهُ حَشْوُ الذَّكَرِ بِقُطْنٍ وَنَحْوِهِ.

قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ انْقِطَاعِ الْبَوْلِ عَدَمُ عَوْدِهِ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ) زَادَ فِي الْكِفَايَةِ أَيْضًا: وَلِأَنَّ الْمَاءَ يَقْطَعُ الْبَوْلَ عَلَى مَا قَدْ قِيلَ.

قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالْخُبُثُ بِضَمِّ الْخَاءِ وَالْبَاءِ) قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ بِإِسْكَانِ الْبَاءِ، فَقِيلَ: هُوَ الْمَكْرُوهُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: الشَّرُّ، وَقِيلَ: الْكُفْرُ، وَقِيلَ: الشَّيْطَانُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ) خَالَفَ فِي هَذَا أَبُو حَنِيفَةَ وَالْمُزَنِيِّ قِيَاسًا عَلَى الْأَثَرِ الْبَاقِي بَعْدَ اسْتِعْمَالِ الْحَجَرِ، وَذَهَبَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إلَى أَنَّ الْحَجَرَ لَا يُجْزِئُ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ، وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إلَى تَعَيُّنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015