اللَّعَّانَيْنِ قَالُوا وَمَا اللَّعَّانَانِ قَالَ: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ» تَسَبُّبًا بِذَلِكَ فِي لَعْنِ النَّاسِ لَهُمَا كَثِيرًا عَادَةً فَنُسِبَ إلَيْهِمَا بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ. وَالْمَعْنَى احْذَرُوا اللَّعْنَ الْمَذْكُورَ. وَأُلْحِقَ بِظِلِّ النَّاسِ فِي الصَّيْفِ مَوْضِعُ اجْتِمَاعِهِمْ فِي الشَّمْسِ فِي الشِّتَاءِ وَشَمِلَهَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مُتَحَدَّثٍ بِفَتْحِ الدَّالِ اسْمُ مَكَانِ التَّحَدُّثِ، وَكَلَامُهُ فِي الْبَوْلِ. وَصَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ بِكَرَاهَتِهِ فِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَمِثْلُهَا الْمُتَحَدَّثُ. أَمَّا التَّغَوُّطُ فَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ فِي الطَّرِيقِ مَكْرُوهٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُحَرَّمًا لِمَا فِيهِ مِنْ إيذَاءِ الْمُسْلِمِينَ. وَنُقِلَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الشَّهَادَاتِ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ أَنَّهُ حَرَامٌ، وَأَقَرَّهُ. وَمِثْلُ الطَّرِيقِ فِي ذَلِكَ الْمُتَحَدَّثُ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ هُنَا كَأَصْلِهَا، وَمِنْهَا أَيْ الْآدَابِ أَنْ لَا يَتَخَلَّى فِي مُتَحَدَّثِ النَّاسِ.

(وَتَحْتَ مُثْمِرَةٍ) صِيَانَةً لِلثَّمَرَةِ الْوَاقِعَةِ عَنْ التَّلْوِيثِ فَتَعَافُّهَا الْأَنْفُسُ، وَالتَّغَوُّطُ كَالْبَوْلِ فَيُكْرَهَانِ.

قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ وَقْتِ الثَّمَرَةِ وَغَيْرِهِ قَالَ: وَلَمْ يَقُولُوا بِالتَّحْرِيمِ لِأَنَّ التَّنَجُّسَ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ. (وَلَا يَتَكَلَّمُ) فِي بَوْلٍ أَوْ تَغَوُّطٍ بِذِكْرٍ أَوْ غَيْرِهِ.

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يُكْرَهُ ذَلِكَ إلَّا لِضَرُورَةٍ فَإِنْ عَطَسَ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى بِقَلْبِهِ، وَلَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ حَدِيثَ النَّهْيِ عَنْ التَّحَدُّثِ عَلَى الْغَائِطِ. (وَلَا يَسْتَنْجِي بِمَاءٍ فِي مَجْلِسِهِ) بَلْ يَنْتَقِلُ عَنْهُ لِئَلَّا يَحْصُلَ لَهُ رَشَّاشٌ يُنَجِّسُهُ.

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إلَّا فِي الْأَخْلِيَةِ الْمُعَدَّةِ لِذَلِكَ فَلَا يَنْتَقِلُ لِأَنَّهُ لَا يَنَالُهُ فِيهَا رَشَّاشٌ، وَلَا يَنْتَقِلُ الْمُسْتَنْجِي بِالْحَجَرِ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى

ـــــــــــــــــــــــــــــSالْكَرَاهَةِ، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا لِحُصُولِ رِيحِ الْغَائِطِ، وَسَوَاءٌ فِي الْمُعَدِّ وَغَيْرِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ مِنْ التَّعَارُضِ هُنَا بِهُبُوبِ الرِّيحِ عَنْ يَمِينِ الْقِبْلَةِ وَشِمَالِهَا مُمْكِنٌ عَقْلًا لَا عَادَةً فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (تَسَبُّبًا إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ كَوْنِهِمَا يَلْعَنَانِ أَنْفُسَهُمَا كَثِيرًا الْمَفْهُومُ مِنْ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَسَكَتَ عَنْ جَوَابِ التَّثْنِيَةِ لِعِلْمِهَا مِنْ تَعَدُّدِ الْمَكَانِ بِالطَّرِيقِ وَالظِّلِّ. قَوْلُهُ: (وَالْمَعْنَى إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ فِي الْحَدِيثِ مُضَافًا مَحْذُوفًا وَهُوَ التَّخَلِّي أَيْ اتَّقُوا التَّخَلِّيَ إلَخْ وَالتَّخَلِّي يَشْمَلُ الْبَوْلَ وَالْغَائِطَ فَهُمَا مَكْرُوهَانِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي الشَّارِحِ، وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ فِي الْحَدِيثِ الْمُبَاحِ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ بَلْ قَدْ يَجِبُ إنْ لَزِمَ عَلَيْهِ دَفْعُ مَعْصِيَةٍ.

قَوْلُهُ: (مِنْ إيذَاءِ الْمُسْلِمِينَ) وَدُفِعَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ، وَالْمُرَادُ بِالطَّرِيقِ مَحَلُّ مُرُورِ النَّاسِ الْجَائِزِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا مَرَّ. نَعَمْ لَا كَرَاهَةَ فِي مَمْلُوكٍ لَهُ. قَوْلُهُ: (إنَّهُ حَرَامٌ) هُوَ مَرْجُوحٌ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِي عَدَمِ الْحُرْمَةِ نَظَرٌ إذْ مُقْتَضَاهُ جَوَازُ لَعْنِ آكِلِ الْبَصَلِ وَنَحْوِهِ كَالثُّومِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (صِيَانَةً لِلثَّمَرَةِ الْوَاقِعَةِ) سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ مَأْكُولٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ لِشَمٍّ أَوْ نَحْوِ تَدَاوٍ كَوَرَقِ وَرْدٍ وَقَرَظٍ لِدَبْغٍ وَسِدْرٍ لِغُسْلٍ وَغَيْرِهَا.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ الْعَبَّادِيُّ وَسَقْيُ الشَّجَرِ بِالْمَاءِ النَّجَسِ كَالْبَوْلِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَيُكْرَهَانِ) مِنْ حَيْثُ الْبَوْلُ وَإِنْ حُرِّمَا مِنْ كَوْنِ الْأَرْضِ مِلْكًا لِغَيْرِهِ.

قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَالْغَائِطُ أَشَدُّ كَرَاهَةً، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (وَقْتِ الثَّمَرِ وَغَيْرِهِ) مِمَّا قَبْلَ إثْمَارِهِ حَيْثُ ظَنَّ بَقَاءَ النَّجَاسَةِ إلَى وَقْتِهِ وَلَوْ نَحْوَ وَدْيٍ، فَإِنْ ظَنَّ وُجُودَ مَاءٍ يَطْهُرُ بِهِ الْمَحَلُّ قَبْلَ وَقْتِ الثَّمَرِ فَلَا كَرَاهَةَ، وَيَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْبَوْلِ فَتَأَمَّلْهُ.

(فَرْعٌ) يُكْرَهُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ فِي الصَّفَّا وَالْمَرْوَةِ وَمِنًى وَعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ وَقُزَحٍ وَمَحَلِّ الرَّمْيِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَمَاكِنِ اجْتِمَاعِ الْحَاجِّ، وَالْقَوْلُ بِالْحُرْمَةِ مَرْجُوحٌ، وَيَحْرُمُ ذَلِكَ فِي مَسْجِدٍ وَلَوْ فِي إنَاءٍ بِخِلَافِ الْقَصْدِ فِيهِ، لِلْعَفْوِ عَنْ جِنْسِ الدَّمِ، وَيَحْرُمُ فِي مَقْبَرَةٍ مَنْبُوشَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ تَنَجُّسِ أَجْزَاءِ الْمَيِّتِ وَلَوْ صَدِيدًا وَعَلَى قَبْرٍ مُطْلَقًا، وَبِقُرْبِ قَبْرِ نَبِيٍّ، وَيُكْرَهُ بِقُرْبِ قَبْرِ غَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَتَكَلَّمُ) عَطْفٌ عَلَى يُقَدِّمُ بِأَنْ يَتَلَفَّظَ بِهِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ بِالْفِعْلِ وَلَوْ كَانَ سَمْعُهُ مُعْتَدِلًا. قَوْلُهُ: (فِي بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ) أَيْ فِي مَحَلِّهِمَا سَوَاءٌ قَبْلَهُمَا وَبَعْدَهُمَا وَحَالَيْهِمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِالظَّرْفِيَّةِ دُونَ عَلَى خِلَافًا لِلْخَطِيبِ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ. قَوْلُهُ: (بِذِكْرٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَقُرْآنٍ وَكَلَامٍ عُرْفِيٍّ. قَوْلُهُ: (إلَّا لِضَرُورَةٍ) فَلَا يُكْرَهُ بَلْ يَجِبُ أَوْ لِحَاجَةٍ فَيُنْدَبُ. قَوْلُهُ: (حَمِدَ اللَّهَ بِقَلْبِهِ) وَمِثْلُهُ الذِّكْرُ الْمَطْلُوبُ لَوْ نَسِيَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَأَذْكَارُ الْوُضُوءِ لَوْ تَوَضَّأَ فِيهِ، وَالذِّكْرُ بَعْدَهُ وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ وَيُقَدِّمُ عَلَيْهِ الذِّكْرَ الْمُتَعَلِّقَ بِالْخَلَاءِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَنْتَقِلُ الْمُسْتَنْجِي بِالْحَجَرِ) أَيْ نَدْبًا، بَلْ لَا يَجِبُ لِمُتَيَمِّمٍ مَعَهُ مَاءٌ لَا يَكْفِيهِ أَوْ عَلِمَ عَدَمَ وُجُودِ الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ. قَوْلُهُ:

ـــــــــــــــــــــــــــــQيَنْظُرُ أَيْنَ مَجْرَاهَا فَلَا يَسْتَقْبِلُهَا لِئَلَّا يَعُودَ عَلَيْهِ الْبَوْلُ، لَكِنْ يَسْتَدْبِرُهَا انْتَهَى، وَنَازَعَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ فِي ذَلِكَ لِمَا فِي الِاسْتِدْبَارِ مِنْ عَوْدِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ إلَى آخِرِهِ) هَذَا مُفْرَدٌ وَاللَّعَّانَانِ مَثْنًى، فَلَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلٍ، وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ مَثْنًى فِي الْمَعْنَى بِاعْتِبَارِ الطَّرِيقِ وَالظِّلِّ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَحْتَ مُثْمِرَةٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُبَاحَةُ وَالْمَمْلُوكَةُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يُكْرَهُ ذَلِكَ إلَّا لِضَرُورَةٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِرَدِّ السَّلَامِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَسْتَبْرِئُ) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015