النَّاسَ بِصِيَامِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ
(وَفِي قَوْلٍ) يُشْتَرَطُ فِي ثُبُوتِ رُؤْيَتِهِ (عَدْلَانِ) كَغَيْرِهِ مِنْ الشُّهُورِ (وَشَرْطُ الْوَاحِدِ صِفَةُ الْعُدُولِ فِي الْأَصَحِّ لَا عَبْدٌ وَامْرَأَةٌ) فَلَيْسَا مِنْ الْعُدُولِ فِي الشَّهَادَةِ وَإِطْلَاقُ الْعُدُولِ يَنْصَرِفُ إلَيْهَا بِخِلَافِ إطْلَاقِ الْعَدْلِ فَيُصَدَّقُ بِهَا وَبِالرِّوَايَةِ، وَالْمَرْأَةُ لَا تُقْبَلُ فِي الشَّهَادَةِ وَحْدَهَا، وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الثُّبُوتَ بِالْوَاحِدِ شَهَادَةٌ أَوْ رِوَايَةٌ، فَلَا يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْأَوَّلِ، وَيَثْبُتُ بِهِ عَلَى الثَّانِي، وَيُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا، وَهِيَ شَهَادَةُ حِسْبَةٍ.
وَفِي اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ فِيهِ وَهِيَ الَّتِي يَرْجِعُ فِيهَا إلَى أَقْوَالِ الْمُزَكِّينَ وَجْهَانِ، وَيُشْتَرَطُ عَلَى قَوْلِ الْعَدْلَيْنِ جَزْمًا، وَعَلَيْهِ لَا مَدْخَلَ لِشَهَادَةِ النِّسَاءِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِ الْعَبِيدِ جَزْمًا، وَلَا فَرْقَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً أَوْ مُغَيِّمَةً. وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ الْبَغَوِيّ: لَا نُوقِعُ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ الْمُعَلَّقَيْنِ بِهِلَالِ رَمَضَانَ، وَلَا نَحْكُمُ بِحُلُولِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ إلَيْهِ. وَعَلَى أَنَّهُ رِوَايَةٌ قَالَ الْإِمَامُ وَابْنُ الصَّبَّاغِ: إذَا أَخْبَرَهُ مَوْثُوقٌ بِهِ بِالرُّؤْيَةِ لَزِمَ قَبُولُهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ عِنْدَ الْقَاضِي وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ الْبَغَوِيّ قَالُوا: يَجِبُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSالْقَاضِي) وَلَا بُدَّ مِنْ قَوْلِهِ ثَبَتَ عِنْدِي أَوْ حَكَمْت بِهِ وَقَوْلِ بَعْضِهِمْ لَيْسَ هَذَا حُكْمًا حَقِيقَةً لِأَنَّهُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا وَقَعَ بِوُجُودِ الْهِلَالِ، وَلُزُومُ الصَّوْمِ نَاشِئٌ عَنْهُ وَتَابِعٌ لَهُ وَلَا يَحْكُمُ قَاضِي الضَّرُورَةِ بِعِلْمِهِ، بَلْ يَشْهَدُ عِنْدَ غَيْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
قَوْلُهُ: (وَثُبُوتُ رُؤْيَتِهِ) لِلصَّوْمِ وَكَذَا لِلْفِطْرِ وَالْحَجِّ وَالنَّذْرِ وَكُلِّ عِبَادَةٍ، وَتَجْهِيزِ مَيِّتٍ كَافِرٍ شَهِدَ عَدْلٌ بِإِسْلَامِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَصَلَّى عَلَيْهِ بَعْدَ غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ، وَيُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ. وَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ لِلْإِرْثِ مِنْهُ لَا نَحْوُ عِتْقٍ وَطَلَاقٍ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (بِعَدْلٍ) لِإِفَادَتِهِ الظَّنَّ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَوَالِدِهِ وَشَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: فَكُلُّ مَا أَفَادَ الظَّنَّ كَذَلِكَ فِي الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ، وَمِنْهُ خَبَرُ غَيْرِ الْعَدْلِ، وَلَوْ عَنْ الْعَدْلِ لِمَنْ وَثِقَ بِهِ أَوْ صَدَّقَهُ وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ فَاسِقًا. وَمِنْهُ حِسَابُ الْمُنَجِّمِ لِنَفْسِهِ وَلِمَنْ صَدَّقَهُ، بَلْ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ: إنَّهُ إذَا دَلَّ الْحِسَابُ الْقَطْعِيُّ عَلَى عَدَمِ رُؤْيَتِهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْعَدْلِ لِرُؤْيَتِهِ، وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُمْ بِهَا انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ وَلَا يَجُوزُ الصَّوْمُ حِينَئِذٍ وَمُخَالَفَةُ ذَلِكَ مُعَانَدَةٌ وَمُكَابَرَةٌ، وَمِنْ الظَّنِّ الِاجْتِهَادُ فِي نَحْوِ أَسِيرٍ أَوْ مَحْبُوسٍ لَا فِي أَهْلِ بَلَدٍ قَرُبَ عَهْدُهُمْ بِالْإِسْلَامِ مَثَلًا فَلَا بُدَّ فِيهِمْ مِنْ رُؤْيَةٍ أَوْ بَيِّنَةٍ، وَيَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْ هَؤُلَاءِ الْفِطْرُ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ مِنْ صَوْمِهِمْ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ وَإِنْ لَمْ يَرَ الْهِلَالَ وَلَوْ فِي الصَّحْوِ مَا لَمْ يَقْطَعْ بِعَدَمِهِ. وَمِنْهُ سَمَاعُ الطُّبُولِ وَضَرْبِ الدُّفُوفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُعْتَادُ فِعْلُهُ أَوَّلَ الشَّهْرِ وَآخِرَهُ، وَمِنْهُ رُؤْيَةُ الْقَنَادِيلِ الْمُعْتَادَةِ فَإِنْ طَفِئَتْ بَعْدَ النِّيَّةِ ثُمَّ أُعِيدَتْ كَمَا يَقَعُ عِنْدَ التَّرَدُّدِ فِي ثُبُوتِهِ صَحَّ صَوْمُ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِزَوَالِهَا أَوْ عَلِمَ بِهِ وَنَوَى بَعْدَ إعَادَتِهَا وَإِلَّا فَلَا.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ عَلِمَ غَيْرُ الْقَاضِي فَسَقَ الشَّاهِدُ عِنْدَهُ أَيْ أَوْ كَذَّبَهُ فِي رُؤْيَتِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الصَّوْمُ بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ قَالَ: وَالْمُحَكِّمُ كَالْحَاكِمِ لِمَنْ رَضِيَ بِهِ، وَلَوْ رَجَعَ الْعَدْلُ عَنْ الشَّهَادَةِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ أَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي الصَّوْمِ وَلَا الْفِطْرِ آخِرًا، وَإِنْ لَمْ يَرَ الْهِلَالَ وَكَانَ صَحْوًا وَقَبْلَهُمَا يُؤَثِّرُ فَلَا يَصِحُّ. وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَدْلِ فِي أَثْنَاءِ رَمَضَانَ كَأَوَّلِهِ. قَوْلُهُ: (وَإِطْلَاقُ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ مَا قِيلَ إنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَشَرْطُ الْوَاحِدِ إلَخْ لِأَنَّ فِي ذِكْرِ الْعَدْلِ غُنْيَةً عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمَرْأَةُ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ تَوَهَّمَ شُمُولِ الْعُدُولِ لَهَا لِقَبُولِ شَهَادَتِهَا فِي الْجُمْلَةِ. قَوْلُهُ: (وَحْدَهَا) أَيْ بِخِلَافِ الرَّجُلِ وَضَمُّ الْيَمِينِ إلَيْهِ مُؤَكَّدٌ لَا شَاهِدَ آخَرُ. قَوْلُهُ: (الشَّهَادَةُ حِسْبَةٌ) أَيْ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى دَعْوَى وَإِنْ اخْتَصَّتْ بِأَنْ تَكُونَ عِنْدَ قَاضٍ يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَلَوْ ضَرُورَةً. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا لَا تُشْتَرَطُ احْتِيَاطًا لِلصَّوْمِ وَلَا يَكْفِي قَوْلُ الْعَدْلِ: إنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ إلَّا إنْ عُلِمَ أَنَّ مُسْتَنَدَهُ الرُّؤْيَةُ.
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: لَا يَكْفِي مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (لَا مَدْخَلَ لِشَهَادَةِ النِّسَاءِ وَلَا اعْتِبَارَ) غَايَرَ بَيْنَهُمَا لِقَبُولِ شَهَادَةِ الْمَرْأَةِ فِي الْجُمْلَةِ.
فَرْعٌ: تَكْفِي الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَةِ الشَّاهِدِ أَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: (الْمُعَلَّقَيْنِ) أَيْ بِغَيْرِ الثُّبُوتِ وَتَقَدَّمَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُ الْمَتْنِ: (بِعَدْلٍ) لَوْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ ثَبَتَ بِعَدْلٍ أَيْضًا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ.
قَوْلُهُ: (وَإِطْلَاقُ الْعُدُولِ إلَخْ) رَدٌّ لِمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ الْعَدْلَ أَيْضًا يُغْنِي عَنْ الْعُدُولِ آخِرًا. قَوْلُهُ: (وَالْمَرْأَةُ لَا تُقْبَلُ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُقَالُ فِيهَا صِفَةُ الشُّهُودِ، فَإِنْ قُلْت وَكَذَا الرَّجُلُ لَا يُقْبَلُ وَحْدَهُ، قُلْت مُرَادُهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ فِي الشَّهَادَةِ وَحْدَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى شَاهِدٍ آخَرَ، وَأَمَّا الْيَمِينُ فَلَيْسَتْ شَهَادَةً فَصُدِّقَ أَنَّهُ قُبِلَ فِي الشَّهَادَةِ وَحْدَهُ، وَلَا كَذَلِكَ الْمَرْأَةُ فَإِنَّهَا تَتَوَقَّفُ عَلَى شَهَادَةٍ أُخْرَى وَلَا يَكْفِي مَعَهَا يَمِينٌ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) رَجَّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَبُولَ الْمَسْتُورِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الصَّحِيحَ هُنَا أَنَّهَا شَهَادَةٌ اهـ. قَالَ الْإِمَامُ: وَإِذَا صُمْنَا ثَلَاثِينَ وَلَمْ نَرَهُ فَلَا بُدَّ الْآنَ مِنْ الْبَحْثِ عَنْ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ. قَالَ فَتَأَمَّلُوا تَرْشُدُوا اهـ قَوْلُهُ: (لَا مَدْخَلَ وَلَا اعْتِبَارَ) غَايَرَ بَيْنَهُمَا فِيمَا ذُكِرَ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا فِي الْجُمْلَةِ. قَوْلُهُ: (لَا نُوقِعُ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ) لَوْ صَدَرَ التَّعْلِيقُ وَنَحْوُهُ