بِخَمْسَةِ أَرْطَالٍ وَثُلُثٍ تَقْرِيبٌ (وَجِنْسُهُ) أَيْ الصَّاعُ الْوَاجِبُ (الْقُوتُ الْمُعَشَّرُ) أَيْ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ. وَكَذَا نِصْفُهُ (وَكَذَا الْأَقِطُ فِي الْأَظْهَرِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ. قَالَ فِي التَّحْرِيرِ: هُوَ لَبَنٌ يَابِسٌ غَيْرُ مَنْزُوعِ الزُّبْدِ. رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «كُنَّا نُخْرِجُ إذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ» وَمَنْشَأُ الْقَوْلَيْنِ التَّرَدُّدُ فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ وَقَدْ صَحَّ، وَلِذَلِكَ قَطَعَ بَعْضُهُمْ بِجَوَازِهِ.

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِجَوَازِهِ لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ. وَفِي مَعْنَاهُ اللَّبَنُ وَالْجُبْنُ فَيُجْزِئَانِ فِي الْأَصَحِّ، وَأَجْزَأَ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ لِمَنْ هُوَ قُوتُهُ، وَلَا يُجْزِئُ الْمَخِيضُ وَالْمَصْلُ وَالسَّمْنُ وَالْجُبْنُ الْمَنْزُوعُ الزُّبْدُ لِانْتِفَاءِ الِاقْتِيَاتِ بِهَا، وَلَا الْمُمَلَّحُ مِنْ الْأَقِطِ الَّذِي أَفْسَدَ كَثْرَةُ الْمِلْحِ جَوْهَرَهُ بِخِلَافِ ظَاهِرِ الْمِلْحِ فَيُجْزِئُ لَكِنْ لَا يُحْسَبُ الْمِلْحُ فَيُخْرِجُ قَدْرًا يَكُونُ مَحْضُ الْأَقِطِ مِنْهُ صَاعًا (وَيَجِبُ) فِي الْبَلَدِ مِنْ قُوتِ بَلَدِهِ وَقِيلَ قُوتُهُ. وَقِيلَ: (يَتَخَيَّرُ بَيْنَ) جَمِيعِ (الْأَقْوَاتِ) لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، إلَى آخِرِهِ وَأَجَابَ الْأَوَّلَانِ بِأَنَّ أَوْ فِيهِ لَيْسَتْ لِلتَّخْيِيرِ بَلْ لِبَيَانِ الْأَنْوَاعِ الَّتِي تُخْرَجُ مِنْهَا، فَلَوْ كَانَ قُوتُ بَلَدِهِ الشَّعِيرَ وَقُوتُهُ الْبُرَّ تَنَعُّمًا تَعَيَّنَ الْبُرُّ عَلَى الثَّانِي وَأَجْزَأَ الشَّعِيرُ عَلَى الْأَوَّلِ وَأَجْزَأَ غَيْرُهُمَا عَلَى الثَّالِثِ، وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا بِغَالِبِ قُوتِهِ وَغَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ (وَيُجْزِئُ) عَلَى الْأَوَّلَيْنِ (الْأَعْلَى عَنْ الْأَدْنَى) وَلَا عَكْسَ (وَالِاعْتِبَارُ فِي الْأَعْلَى وَالْأَدْنَى بِالْقِيمَةِ فِي وَجْهٍ) فَمَا قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْآخَرِ أَعْلَى وَالْآخَرُ أَدْنَى وَيَخْتَلِفُ الْحَالُ عَلَى هَذَا بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ وَالْأَوْقَاتِ إلَّا أَنْ تُعْتَبَرَ زِيَادَةُ الْقِيمَةِ فِي الْأَكْثَرِ (وَبِزِيَادَةِ الِاقْتِيَاتِ فِي الْأَصَحِّ فَالْبُرُّ خَيْرٌ مِنْ التَّمْرِ وَالْأَرُزِّ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالزَّبِيبُ

ـــــــــــــــــــــــــــــSمُعْتَدِلَيْنِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا نِصْفُهُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَلَعَلَّهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ اخْتِصَاصِ مَا يُسْقَى بِغَيْرِ النَّضْجِ فَتَأَمَّلْهُ.

وَدَخَلَ فِيهِ الْعَدَسُ وَالْمَاشُّ وَالْحِمَّصُ. قَوْلُهُ: (هُوَ لَبَنٌ) أَيْ الْأَقِطُ أَيْ وَلَوْ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ كَإِبِلٍ، خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِالْكَيْلِ إنْ تَيَسَّرَ وَإِلَّا فَالْوَزْنُ. وَيُعْتَبَرُ فِي إخْرَاجِ اللَّبَنِ أَنْ يَبْلُغَ قَدْرَ صَاعِ أَقِطٍ. كَمَا فِي الْعُبَابِ. وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ كَابْنِ حَجَرٍ وَفِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ خُصُوصًا مَعَ اعْتِبَارِ الْوَزْنِ فِيهِ وَمِعْيَارُ الْجُبْنِ كَالْأَقِطِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُجْزِئُ الْمَخِيضُ إلَخْ) وَكَذَا اللَّحْمُ وَإِنْ اقْتَاتُوهُ. قَوْلُهُ: (بَلَدِهِ) أَيْ مَحَلِّهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَلَدًا. قَوْلُهُ: (بِغَالِبِ قُوتِهِ) عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ وَغَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ عَلَى الْوَجْهِ الرَّاجِحِ وَالْمُرَادُ بِهِ بَلَدُ الْمُؤَدَّى عَنْهُ وَالْمُرَادُ غَلَبَتُهُ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ بِأَنْ يَكُونَ الْمَضْمُومُ إلَيْهِ دُونَهُ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ أَوْ يَكُونُ اسْتِعْمَالُهُ فِي أَكْثَرِ أَيَّامِهَا، فَلَوْ تَسَاوَى مَعَ غَيْرِهِ تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ اخْتَلَطَ مِنْ جِنْسَيْنِ كَبُرٍّ وَشَعِيرٍ فَإِنْ كَانَ حَبَّاتُ الشَّعِيرِ أَكْثَرَ أَوْ مُسَاوِيَةً لِحَبَّاتِ الْبُرِّ تَخَيَّرَ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا. وَهُوَ وَاضِحٌ فِي الثَّانِيَةِ وَمُخَالِفٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَلِلْقَاعِدَةِ فِي الْأُولَى، فَالْوَجْهُ فِيهَا اعْتِبَارُ الشَّعِيرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ إخْرَاجَ الْأَعْلَى عَمَّا دُونَهُ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ حَبَّاتُ الْبُرِّ أَكْثَرَ تَعَيَّنَ الْبُرُّ. وَيُجْزِئُ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْمُخْتَلِطِ فِي الْأَوَّلَيْنِ دُونَ الثَّالِثَةِ إلَّا إنْ كَانَ خَالِصُ الْبُرِّ مِنْهُ قَدْرَ الْوَاجِبِ.

وَيُعْتَبَرُ قُوتُ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَى بَلَدٍ عُدِمَ فِيهِ الْقُوتُ فَإِنْ اسْتَوَى إلَيْهِ بَلَدَانِ وَاخْتَلَفَ جِنْسُ قُوتِهِمَا تَخَيَّرَ، وَالْأَعْلَى أَكْمَلُ. قَوْلُهُ: (وَيُجْزِئُ الْأَعْلَى عَنْ الْأَدْنَى) قَالَ شَيْخُنَا: وَيُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ فَرَاجِعْهُ. وَفَارَقَ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ فِي زَكَاةِ الْمَالِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQتَلَفِهِ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَقُولُ إلَخْ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الرَّقَبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ.

قَوْلُهُ: (هُوَ لَبَنٌ يَابِسٌ) قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: يُعْمَلُ مِنْ أَلْبَانِ الْإِبِلِ خَاصَّةً، وَعَلَّلَهُ فِي الْكِفَايَةِ بِأَنَّهُ مُقْتَاتٌ عَمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَمُكْتَالٌ فَيُجْزِئُ كَالْحُبُوبِ، وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِ عَدَمُ إجْزَاءِ الْمُتَّخَذِ مِنْ غَيْرِ الزَّكَوِيِّ، كَالْمُتَّخَذِ مِنْ لَبَنِ الظَّبْيَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَصْلُ) قِيلَ: هُوَ مَاءُ الْأَقِطِ، قَالَهُ فِي الْمُجْمَلِ وَغَيْرِهِ.

وَفِي الْبَيَانِ هُوَ لَبَنٌ مَنْزُوعُ الزُّبْدِ، وَفِي النِّهَايَةِ هُوَ الْمَخِيضُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ قُوتُهُ) أَيْ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْمُؤْنَةِ وَوَاجِبَةٌ فِي الْفَاضِلِ عَنْهَا فَكَانَتْ مِنْهَا، وَالْأَوَّلُ قَاسَ عَلَى ثَمَنِ الْمَبِيعِ. قَوْلُهُ: (لِبَيَانِ الْأَنْوَاعِ) أَيْ وَتَعَدُّدُهَا بِاعْتِبَارِ تَعَدُّدِ النَّوَاحِي الْمُخْرَجِ مِنْهَا فِي زَمَنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُجْزِئُ الْأَعْلَى إلَخْ) خُولِفَ ذَلِكَ فِي الزَّكَاةِ فَلَمْ يَجُزْ إخْرَاجُ الذَّهَبِ عَنْ الْفِضَّةِ مَثَلًا قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّ الزَّكَوَاتِ الْمَالِيَّةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَالِ فَأُمِرَ أَنْ يُوَاسِيَ الْفُقَرَاءَ بِمَا وَاسَاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ. وَالْفِطْرَةُ زَكَاةُ الْبَدَنِ فَوَقَعَ النَّظَرُ فِيهَا لِمَا هُوَ غِذَاءُ الْبَدَنِ، وَالْأَعْلَى يَحْصُلُ هَذَا الْغَرَضُ وَزِيَادَةً.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالِاعْتِبَارُ بِالْقِيمَةِ إلَخْ) لِأَنَّهُ أَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ. قَوْلُهُ: (وَيَخْتَلِفُ إلَخْ) لَمْ يُذْكَرْ مِثْلُ هَذَا فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015